من ثورة 25 جانفي المصرية (قل لي من خَلَفّك، أقول لك، من نسفك) قاعدة عامة تكشف بأنه ملامح كل فاعل لفعل ما قابلة للتجلي وللوضوح والتجسد الذي يختزله سؤال أمني تقليدي مفاده من المستفيد من الوضع الجديد؟ فبحجم الاستفادة تتشكل صورة من وقف ومن "هندس" ومن أنتج هذا الفعل دون غيره ، وبغض النظر على أن الزمن سلاح كفيل بإزالة أي غموض عالق وناعق ،فإن ترتيب الأوراق وفق قاعدة "قل لي من خلفك،، أقول لك من نسفك" يمكنه أن يزيل اللبس عما يجري من عملية تخدير أمريكي للشعوب العربية بالنفخ في "بطولات" مزيفة ومصطنعة، أظهرت ساحة تونس وساحة مصر بأنها قابلة للترويج لأنفلونزا أن "القاعدة" الشعبية في البلدان العربية امتلكت بين "نوّمة" وضحاها القدرة والقوة والتأطير المحلي والعالمي للإطاحة بأي "قمة" و"قامة" مهما كانت درجة تحالفاتها وتموقعها وعطائها وحضورها الدولي، فيكفي أن تعتصم "مليون" حنجرة للصراخ في ميدان عمومي حتى ينتهي نظام ويولد نظام آخر، فمن يقف وراء "خرافة" أن الثورة تولد من "رحم" الشعوب؟ وكيف لإرادة الشيطان الذي تمثله الآلة الأمريكية أن تتقاطع مع إرادة الله التي يمثلها عباده المقهورين دون أن يثير ذلك اختلالا وجدلا في طبيعة الكون، وفي طفو أسئلة حول ماذا يريد الشيطان أو إلى ماذا تسعى أمريكا من خلال نصرتها لعبيد الله المستضعفين؟؟ من حرب "القاعدة" إلى حلب "القاعدة": لا اختلاف بأن أمريكا بوجهها "الحالي" والخالي من أي اعتبار جغرافي أو "سيادي" و حدودي لأي دولة وأي قطر كان قد ولدت من رحم انهيار برجي التجارة العالميين في أحداث 11 سبتمبر، فقبل أن تتطوع "القاعدة" تحت عباءة "بن لادن" في قطع تأشيرة مجانية للوبي النفط الأمريكي لفرض وصايته على السقاية البترولية بالعراق وبدول الخليج، كانت "الماما" أمريكا، في سابق عهدها، تمارس التدخل والتحكم والقرصنة بشكل دبلوماسي تطبعه صورة المراودة والإغراء و تبادل التجارب والقبل والأهداف والمصالح الحميمية بين أبناء "الجنس"الواحد، لكن بعد انهيار برجي "التجارة" العالمية، قلب "بن لادن" ، وليس بوش الإبن،الحاجيات والأولويات الأمريكية رأس على عقب، فالاقتصاد الأمريكي الذي فقد برجيه العالميين، والذي أثبت المحللون أن انهيارهما كان أكثر من ضرورة اقتصادية مُلحة"؟؟" للخروج من مأزق الإفلاس الاقتصادي الأمريكي"؟؟" كان لا بد له من أبراج جديدة، ومن على ظهر مطاردة القاعدة في أفغانستان وتعقب "بن لادن" بمغارات تورا بورا استفاد أقطاب النظام العالمي الجديد الذي تؤمه أمريكا من "فيتو" وسجل تجاري مفتوح للسيطرة والوصاية على منابع الثروة المؤممة والمؤبدة وكانت البداية أن أهدت قاعدة "بن لادن" بمعية طالبان "الملا عمر" لجورج بوش مخزون من الموارد الطبيعية التي لا تجف ولا تنضب وهي المطامع التي تجلت وظهرت ملامحها لتفسر كل ما سبق عن "فزاعة" القاعدة والطالبان والتي تمكنت أمريكا عبرها من الاستحواذ على ثروة نفطية تم الإعلان عن حجمها الخرافي بتاريخ 15/8/2010 بعدما تم اكتشاف ،عن طريق الصدفة أو "السُلّفة" طبعا "؟؟" لحقل نفط في شمال كابول يقدر احتياطيه بحوالي 1.8 مليار برميل، كما قدرت وزارة الدفاع الأمريكية، وليست وزارة التجارة "؟؟"، قيمة الموارد المعدنية المكتشفة حديثا في أفغانستان بحوالي 1 تريليون دولار تم العثور عليها عن طريق لعبة "الحظ" التي مكنت بوش من اختيار أفغانستان دونا عن العالم كله لتحريرها من "ظلامية" الطالبان ومن خطر القاعدة كما تمكن بوش تحت نفس المظلة من تحرير العراق بالاستحواذ على ثالث أكبر احتياط نفطي عالمي يقدر ب112 مليار برميل مقابل إسقاط الديكتاتور صدام حسين الذي شكل تغريده خارج المزرعة الأمريكية خطرا على خطة قديمة قاعدتها : انه النفط يا غبي أو "It's the Oil, Stupid.."التي اعتمدها المندوب السامي البريطاني السير بيرسي كوكس Sir Percy Cox الذي عقد بنفس التاريخ وكان موضوعه الوحيد اعتماد حدود كل من العراق والكويت والسعودية.. كخريطة طريق طويلة الأمد بتاريخ 2 ديسمبر 1922 على هامش ما يسمى بمؤتمر "العقير" قاعدة. It's the Oil, Stupid.: بعد ستة أيام من الجدل ومن "النقاش" والتفاوض و المشاحنة والتنابز بالألقاب وربما بالأيادي بين سلطان نجد حينها "عبدالعزيز بن سعود" و"صبيح بك" وزير المواصلات والأشغال العراقي أنذاك وجون مور الوكيل السياسي البريطاني على الكويت في ذلك الوقت، على كيفية رسم الحدود بين العراق والكويت والسعودية، نفذ صبر السير بيرسي كوكس وقد كان يشغل حينها وظيفة المندوب السامي البريطاني المشرف على مؤتمر "العقير" والذي عقد لرسم الحدود بين الدول الثلاث في 2 ديسمبر 1922 ليحمل المندوب البريطاني السامي ،بعدما اشتد "وطيس" الخلاف البليد، قلما أحمر ويضع خطوط حمراء فوق الخريطة الموضوعة في خيمة كبيرة احتضنت إشغال المؤتمر ، حيث اعتمدت الخطوط التي رسمها السير بيرسي كوكس كحدود بين الأقاليم الثلاث وقد تقرر بناء على ذلك إنشاء منطقتين محايدتين الأولى بين السعودية والعراق والثانية بين السعودية والكويت،ليقطع الاتفاق و"الوفاق" سؤالا من أحد المشاركين "الأعراب" مستفسرا عن دواعي وجود مناطق محايدة فكان الرد انفجار من المندوب البريطاني السامي على غباوة السائل وذلك عبر عبارة اختزلت الحمق و"البله" والسذاجة العربية منذ ذلك الحين وحتى الآن مفادها أي العبارة : It's the Oil, Stupid وترجمتها البسيطة..إنه النفط يا غبي..!! عبارة تبدو في سياق زمنها عادية جدا، لكن إسقاطها على ما يجري الآن وما جرى بالأمس "الغريب" والقريب يكشف أن الحياة والعبارات عند الآخرين برامج تتجاوز اللحظة الصادرة فيها، كما تفسر ذات العبارة النفطية علاقة الحال المضطردة والمتكاملة بين تنظيم "القاعدة" وحقول البترول، سواء المعروفة منها أو من هي قيد الاكتشاف والتشخيص، فقد أصبح من "العاري" والبديهي جدا أنه كلما كان هناك نفطا قابلته بالضرورة قاعدة و"بن لادن" يبرران و"يؤطران" التدخل الأمريكي ويدعمان تواجده ،فالقاعدة كتنظيم فعال وفاعل لا تتجلى ملامحها إلا بجوار الآبار النفطية ،ومن العراق إلى أفغانستان مرورا بكل بقعة بترولية هي قيد الاستحواذ فإن "القاعدة" واحدة وأمريكا واحدة والهدف مشترك بين القواعد المنظمة لمبادئ العرض والطلب الأمريكي على النفط وعلى "شفط" ثروات الأمم المستضعفة، ولكي نكتشف ملامح الحروب "النفطية" التي قادتها أمريكا بوش بشكل مفضوح ،والتي تقودها أمريكا أوباما الآن بشكل "خجل"، يكفي أن نعود إلى الحقائق التي تناولها الكاتب الايرلندي "جوزيف كليفورد" في جريدة الايريش تايمز Irish Times سنة 2005 في مقال مطول استعار عنوانه من مؤتمر "العقير" و بالذات من عبارة السير بيرسي كوكس : أنه النفط يا غبي؟ حيث كشف الكاتب الإبر لندي من خلال مقاله حقائق مرعبة أهمها إن كوندوليزا رايس وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة كانت موظفه في شركة شيفرون Chevron النفطية الأمريكية الشهيرة، وان تلك الشركة لشدة امتنانها من السيدة رايس قد أطلقت اسم احدى ناقلاتها العملاقة للنفط Supertanker باسم Condoleeza، وان الحملة العسكرية الأمريكية في أفغانستان ضد حكومة طالبان كان سببها ان حكومة طالبان رفضت اعطاء امتياز بناء خط أنابيب Pipeline عبر أفغانستان للشركة النفطية الأمريكية يونوكال Unocal بعدما أعطت حكومة طالبان الامتياز لشركة نفط أرجنتينية سنة 1999 وطلبت من موظفي يونوكال الخروج من الأراضي الأفغانية وان قرضاي "الرئيس الحالي لأفغانستان كان احد هؤلاء الموظفين الذي خرج منها طريدا فعاد رئيسا أو "مندوبا" أمريكيا مكلف بالتنقيب عن الآبار النفطية وعن المعادن الثمينة التي ظهر أنها لا تستعمل فقط للزينة ولكنها مواد ضرورية وأساسية في تكنولوجيا الأسلحة النووية وكذا الغواصات والسفن الفضائية وعلى سبيل المثال لا الحصر فإن معدن "البريليوم" عنصر إستراتيجي في صناعة سفن الفضاء والطاقة والسيارات والإلكترونيات بالإضافة إلى الصناعات العسكرية والنووية ، وهو ما يفسر لماذا أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية عن اكتشاف ثروة المعادن الطبيعية المقدرة ب1 تريليون دولار ولم تعلن عنها وزارة المالية أو التجارة أو حتى وزارة مستحدثة للمتاجرة في الذهب و"الياقوت" الأزرق الذي ظهر كذلك أنه يستخدم في احدث نظم توجيه الليزر في الطائرات المقاتلة الأمريكية المعروفة باسم "القناص". ..إنها وزارة الدفاع أي وزارة السلاح والأمر لا يحتاج إلى تفسير ولا إلى تعليق"؟؟" واهم وساذج من يعتقد بأنه يوجد في قاموس أمريكا شيء اسمه عنصر الصدفة أو المفاجاءة..فكل شيء بقدر مخطط له، وإذا كان هذا هو الحال مع ما هو تحت الأرض من مغانم لم تكن لتخطر على بال أحد، فترى كيف هو الحال مع ما هو فوق الأرض من "شعوب" وكائنات عدد أنفاسها ونبضاتها وأمراضها مسطرة في "كمبيوتر" معلوم ، ورغم ذلك يفرض على بعضنا و"كلنا" أن نبتلع بأن "أوباما" ومن وراءه أجهزة رصده لدبيب النمل قد فوجئوا وتأثروا بسقوط "تونس" ومصر وغيرها من اللواحق القادمة تحت ضربات شعبية مباغته أبهرت أمريكا ودفعتها رغما عن انفها وعلاقتها الحميمية مع المتهاوين من على عروشهم لاختيار صف الشعوب على صف من سلطتهم و أرضعتهم و"سمنتهم" لسنين لكي يكونوا سيفها على رقاب ذات الشعوب حتى لا تفكر فما بالنا أن تنتفض وتصنع ثورة خارج إرادة من عرف أن معدن "الياقوت" النووي موجود في تورا بورا قبل أكثر من نصف قرن من اكتشافه ؟ من "قاعدة" بن لادن إلى "قاعدة" الشعوب..الرهان واحد؟ من انتفاضة تونس إلى ثورة مصر مرورا بالبحرين واليمن ووصولا إلى ليبيا القذافي، يطرح السؤال التالي، كيف لسيدة العالم أمريكا أن تراهن على التخلي عمن تعرف من زعماء ورق تتحكم حتى في "بطانيات" غرف نومهم، مقابل أن تحتضن مجهولا صادر عن ثورات شعوب يمكنه أن يحبل بعمر المختار في ليبيا وبعبدالناصر في مصر وبعقبة بن نافع في القيروان؟ كيف؟ وأين الخلل ؟ هل هو في أمريكا التي تعرف نوع الجنين قبل أن تُسَبّل أمه عيونها لمن سيكون "ذكرها" القادم ،كما تعرف بأن للخنازير ، وليست للحمير أو للقطط ،أنفلونزا موسمية تدر لقاحا بالملايير على منتجيه؟ أم أن الخلل كل الخلل في شعوب أوهموها بعد قرون من الاستعباد أنه يكفي أن تجتمع في ميدان "تحرير" وتصرخ وتنام وتأكل و"تتعاشق" ثم تتزوج كذلك في نفس الميدان حتى يسقط "مبارك" لم يستطع حتى الرصاص إسقاطه في أديس بابا ؟؟ أمريكا أوباما غير أمريكا بوش، ليس من حيث الأهداف،ولكن من حيث طريقة الأكل وطريقة طبخ نفس الوجبة بعقاقير وتوابل مختلفة فكما لم تتعرض السفارة الإسرائيلية و لو لبصقة في عهدة بوش حينما كان "مبارك" مصر رجله المفضل والمفدى، فإن نفس السفارة لم تتعرض ولو للوم شعبي من طوفان شعبي يقال بأنه جرف "العمارة" ونسى "السفارة" لتظل النجمة السداسية في راية السفارة تفضح أي كلام على أن "الشعوب" تثور وتغير، فلا شيء تغير، فقط بوش راهن على "قاعدة" بن لادن للتنقيب عن الآبار والمعادن النفيسة في حرب مفترضة كانت مبررا للتدخل في شؤون وخصوصيات الدول المارقة، أما خليفته أوباما فقد راهن كذلك على "القاعدة" لكنها ليست قاعدة بن لادن وإنما"قاعدة" الشعوب وكل ذلك حتى يوفر ويحافظ على استقرار ما تم اكتشافه من ثروات ومن فتوحات اقتصادية عظيمة، وبدلا من أن يغتصب أوباما فتاة أغرم بها عن طريق الخطف كسابقه بوش فإن رجل أمريكا النحيف غازل القاعدة الشعبية حتى توفر له سرير أثير لاغتصاب شرعي يباركه الشارع من خلال الأعراس الشعبية المقامة باسم الثورة والثوار..وهي أذكى خطة تورط فيها الشارع العربي حينما صدق أن "أمريكا" انبهرت بثوراته رغم أن ما هو متوفر الآن أن تونس طردت منها ليلى ومعها بن علي أما البقية من "غنوشي" ومن "مبزغ" ومن "بوليس" تاب و أناب لازالوا في أمكانهم وكراسيهم مرابطين يحمون ويحصنون مقدمة المصالح الأمريكية، حالهم من حال العزيزة مصر التي أطاحت ب "حسني مبارك" لترفع إلى سدة الحكم "حسين طنطاوي" لا يخفى على أحد من بسطاء مصر بأنه رجل "مأمور" وأن كل ما لديه من تاريخ أنه كان ظل مبارك ومظلته في حماية "السلام" و السلم الإسرائيليين من خلال اتفاقية كامب ديفيد التي سارع "طنطاوي" بمجرد أن اعتلى العرش للتأكيد على أنها من مرتبة الكتب السماوية في التقديس، فهل هناك من لازال يظن بأن أمريكا تلعب في "الكوتشينة" ولا تعلم من يجب أن يكون الرئيس بعد انتفاضة مواطني "العيش"..؟؟ اللعبة أعمق و"أعرق" من أن تكون وليدة صدفة أو لحظة احتراق لبوعزيري مغمور أحرق نفسه فاحترقت بسببه عروش..ويكفي أن نقرأ هذه العبارة من فيه "بيل كلينتون" حتى نعرف بأنه لا وجود لصدفة ميلاد الثورات وميلاد الشعوب: "الازدهار الأمريكي يعتمد على الاستقرار في المناطق الرئيسية التي نتاجر معها أو نستورد منها السلع الحيوية مثل النفط والغازالطبيعي" هي كلمة لرئيس أمريكي من خطاب مذاع و"مباع" وخاتمة القول أن الثورات الشعبية التي تستثني من حريقها أي كلام عن إسرائيل وعن اللوبي الصهيوني، ثورات تحتاج للبحث عن مؤطرها ومؤجج صراخها وكما انفجر بها المندوب البريطاني السامي السير بيرسي كوكس بتاريخ 2 ديسمبر1922 في وجه البلاهة العربية مرددا: It's the Oil, Stupid ، نردد الآن : It's the economy, stupid وبترجمة بسيطة: انه الاقتصاد يا غبي..! وحالة جنوب السودان أو "جوبا" عاصمة الدويلة النفطية الجديد دليل مادي على أن أمريكا اليوم انتهت إلى خطة "التربيت" على أكتاف الشعوب بدلا من صفعها على وجهها بأيدي حكام استنفذوا كل عطاياهم ولم يعد لديهم ما يقدمون والخطة المفترضة أنه كما نجحت "الديمقراطية" "؟؟" في العراق، حيث لكل عراقي حزبه و"حربه" الداخلية وصحيفته الخاصة به ولسانه الطويل و"رشاشه" الفعال ، فإن "عرّقنة" الديمقراطية العربية تحولت إلى إستراتجية عامة أرادت عبرها أمريكا أن تقايض استقرار مصالحها مقابل الأخذ بيد الشعوب لكي تمارس دورها الكامل في انتخاب حكام جدد تعرف أمريكا أنهم لن يكونوا إلا من "عينتهم" ورسمتهم سلفا في ديمقراطية:إننا نعرف ماذا ينقص تلك الشعوب العظيمة"؟؟"...