الفيضانات تدلّ على غياب السدود والتصحر يدلّ على غياب التشجير ... في ظل هذه البديهية المعروفة عالميا جاءت احتفالية "اليوم الدولي للغابات" بالجلفة، وكالعادة، الرسميون يقدمون أرقاما تطمينية عن التشجير وآفاقه إلى درجة الحديث عن مضاعفة المساحة الغابية خَمس مرات أي من خُمُس مليون إلى 01.024 مليون هكتار ... بينما في الواقع تُرى أخطار فعلية من قبيل دودة الصندل التي أهلكت مساحات واسعة من غابات عاصمة السهوب وكذلك عصابات الحطب التي تُقطّع كما تشاء بدليل أرقام الهيآت الرسمية ... وأخيرا وليس آخرا ظاهرة التصحر الى درجة أن صارت تشكّل كثيّبات صغيرة داخل الطرقات الوطنية !! المسؤولون اليوم، من سلطات تنفيذية ومنتخبة وعسكرية وأمنية ومعهم الجمعيات، خرجوا إلى منطقة "المعلبة"، 10 كم شرق عاصمة الولاية وبمحاذاة الطريق الوطني رقم 46، أين تم الإشراف على حملة تشجير تم بموجبها غرس 7000 شُجيرة ... فكانت الفرصة للقاء الوالي الذي قدّم أرقاما عن غابات الجلفة وآفاق التشجير!! الوالي "علي بن ساعد" قدّم رقما مُهما جدا في قوله أن مصالح الغابات قد غرست حوالي 800 ألف شُجيرة لمحاربة ظاهرة التصحّر وزحف الرمال خلال السنة الماضية ... ويبدو أن الطبيعة تردّ بطريقتها على الأرقام الرسمية للوالي ومحافظ الغابات حين شاهد الجميع الأسبوع الماضي كيف أن الرمال تملأ الطريق الوطني رقم 01 أ والطريق الوطني رقم 01 (شمال عين وسّارة) وفي جُلّ طرقات ولاية الجلفة... وهي الظاهرة التي تحدّث عنها حتى وزير الأشغال العمومية في زيارته منذ شهرين وأمر بإيجاد الحلول لها ولكن دون جدوى الى اليوم!! الوالي قال بأن هناك دراسة لغرس الأشجار المثمرة لتكون موردا اقتصاديا وأنه قد غُرس خلال الأشهر الأولى لسنة 2022 ما مجموعه 50 ألف شجرة ... ليضيف بأن هناك آفاقا لمضاعفة المساحة الغابية بمقدار خَمس مرات لتصبح 1024000 هكتار وهنا قال الوالي بأن المساحة الحالية تُقدّر ب 210 ألف هكتار ... وهو رقم يختلف عن الرقم الذي قدمته مونوغرافيا الولاية في 2014 حين ضبطته ب 219544 هكتار فكيف يستقيم تصريح الوالي مع الأرقام الرسمية التي تنشرها مصالحه؟ ثم كيف يمكن تصديق المسؤولين حول التشجير وحماية الغابات بعاصمة السهوب بينما هُم يقولون أن المساحة الغابية الطبيعية كانت تُقدّر ب 152 753,06 هكتار سنة 2015 (من مجموع 209552 هكتار) ثم صارت 184590,07 هكتار (من مجموع 209772 هكتار) في سنة 2017؟ فهل صارت غابات ولاية الجلفة تتوسع طبيعيا بمقدار 30 ألف هكتار كل سنتين دون الحاجة إلى التشجير؟ ورغم هذه المساحة المعتبرة لغابات ولاية الجلفة وأهميتها الوطنية بالنسبة لولايات الشمال والمتيجة وكونها تعتبر أول حاجز في وجه زحف رمال الصحراء، إلا أن الوزارة الوصية والمديرية العامة للغابات تتعاملان بمنطق التجاهل وتعفين الوضع الإيكولوجي أكثر مما هو متعفن ... بدءا من عدم وجود حظيرتين وطنيتين على الأقل بولاية الجلفة ومرورا بنقص الموارد البشرية في قطاع الغابات (لمحاربة جرائم الاحتطاب العشوائي والرعي الجائر ورمي النفايات) ووصولا إلى شح الأغلفة المالية الموجهة للحماية والصيانة ومعالجة أمراض الأشجار وبرامج غرس الأشجار!! ولعل أبرز مثال هنا هو فضيحة دودة الصندل في مارس 2016 حين أتت على مساحات شاسعة من غابات الجلفة لا سيما منها غابات المشروع البائس "السد الأخضر" ... ووقتها ردّت محافظة الغابات بالجلفة على "الجلفة إنفو" بالقول أن الولاية استفادت من مشروع لمعالجة 11 ألف هكتار وهو برنامج لا يغطي أكثر من 10% من المساحة المُشجّرة !! ويبقى التحدي مرفوعا في مواجهة الوزارة والمديرية العامة للغابات لتقديم أرقام توزيع مواردها البشرية وهياكلها لا سيما منها الحظائر الوطنية ليعرف الجزائريون فعلا حجم اهتمام الدولة بغابات ولاية الجلفة مقارنة بغابات الشمال ... والأرقام تجلي الحقيقة وتعطي السياق للتساؤلات حول مدى جدية السلطات المركزية في تجسيد أوامر الرئيس بإعادة بعث مشروع السد الأخضر ورفع مساحته من 03.7 مليون هكتار إلى 04.7 مليون هكتار بينما هي لا توفر التكفل النوعي لغابات ولاية الجلفة ... فمساحة غابات ولاية الجلفة تمثل نسبة 07% من المساحة الكلية لها وتمثل أيضا نسبة 62% من المساحة الكلية لولاية تيزي وزو و71% من بجاية و26% من المدية و51% من البويرة و193% من الجزائر العاصمة و106% من تيبازة و25% من تلمسان و57% من سكيكدة ... علما أن جُل هذه الولايات هي ضمن حظائر غابية وطنية !! بقية تصريح والي ولاية الجلفة تحدث فيها عن المساعي "لإنشاء قطب استثمار ومساحات غابية ذات جودة مؤكدا على أهمية الشجرة والغابة التي تعد مسؤولية الجميع". وفي ذات المناسبة "تم تسليم 10 رخص صيد لفائدة الصيادين وأطلقت في نفس السياق محافظة الغابات لسنة 2021 ثمانية دورات تكوينية تم تسليم رخص الصيد ل 425 صياد إلى جانب تقديم الرتل المتحرك لمكافحة حرائق الغابات الجديد المستلم من طرف مديرية الغابات" حسب مصالح الولاية. للبقاء على اطلاع دائم بالأخبار عبر جريدتكم "الجلفة إنفو" الإلكترونية و تلقي الإشعارات، قم بتحميل تطبيق الجلفة انفو