بوريل: مذكرات الجنائية الدولية ملزمة ويجب أن تحترم    الفريق أول شنقريحة يشرف على مراسم التنصيب الرسمي لقائد الناحية العسكرية الثالثة    توقرت.. 15 عارضا في معرض التمور بتماسين    الأسبوع العالمي للمقاولاتية بورقلة : عرض نماذج ناجحة لمؤسسات ناشئة في مجال المقاولاتية    قريبا.. إدراج أول مؤسسة ناشئة في بورصة الجزائر    رئيس الجمهورية يتلقى رسالة خطية من نظيره الصومالي    اجتماع تنسيقي لأعضاء الوفد البرلماني لمجلس الأمة تحضيرا للمشاركة في الندوة ال48 للتنسيقية الأوروبية للجان التضامن مع الشعب الصحراوي    تيميمون..إحياء الذكرى ال67 لمعركة حاسي غمبو بالعرق الغربي الكبير    أدرار.. إجراء أزيد من 860 فحص طبي لفائدة مرضى من عدة ولايات بالجنوب    سايحي يبرز التقدم الذي أحرزته الجزائر في مجال مكافحة مقاومة مضادات الميكروبات    انطلاق الدورة ال38 للجنة نقاط الاتصال للآلية الإفريقية للتقييم من قبل النظراء بالجزائر    الجزائر ترحب "أيما ترحيب" بإصدار محكمة الجنايات الدولية لمذكرتي اعتقال في حق مسؤولين في الكيان الصهيوني    بوغالي يترأس اجتماعا لهيئة التنسيق    سوناطراك تجري محادثات مع جون كوكريل    عطاف يتلقى اتصالا من عراقجي    هذه حقيقة دفع رسم المرور عبر الطريق السيّار    مكتسبات كبيرة للجزائر في مجال حقوق الطفل    حوادث المرور: وفاة 11 شخصا وإصابة 418 آخرين بجروح بالمناطق الحضرية خلال أسبوع    توقيف 4 أشخاص متورطين في قضية سرقة    الجزائر العاصمة.. وجهة لا يمكن تفويتها    توقيف 55 تاجر مخدرات خلال أسبوع    التأكيد على ضرورة تحسين الخدمات الصحية بالجنوب    السيد ربيقة يستقبل الأمين العام للمنظمة الوطنية للمجاهدين    رفع دعوى قضائية ضد الكاتب كمال داود    غزة: ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 44056 شهيدا و 104268 جريحا    المجلس الأعلى للشباب ينظم الأحد المقبل يوما دراسيا إحياء للأسبوع العالمي للمقاولاتية    صناعة غذائية: التكنولوجيا في خدمة الأمن الغذائي وصحة الإنسان    منظمة "اليونسكو" تحذر من المساس بالمواقع المشمولة بالحماية المعززة في لبنان    كرة القدم/ سيدات: نسعى للحفاظ على نفس الديناميكية من اجل التحضير جيدا لكان 2025    غزة: 66 شهيدا و100 جريح في قصف الاحتلال مربعا سكنيا ببيت لاهيا شمال القطاع    حملات مُكثّفة للحد من انتشار السكّري    الجزائر تتابع بقلق عميق الأزمة في ليبيا    الرئيس تبون يمنح حصة اضافية من دفاتر الحج للمسجلين في قرعة 2025    الجزائر متمسّكة بالدفاع عن القضايا العادلة والحقوق المشروعة للشعوب    خارطة طريق لتحسين الحضري بالخروب    بين تعويض شايل وتأكيد حجار    ارتفاع عروض العمل ب40% في 2024    40 مليارا لتجسيد 30 مشروعا بابن باديس    طبعة ثالثة للأيام السينمائية للفيلم القصير الأحد المقبل    3233 مؤسسة وفرت 30 ألف منصب شغل جديد    الشريعة تحتضن سباق الأبطال    قمة مثيرة في قسنطينة و"الوفاق" يتحدى "أقبو"    90 رخصة جديدة لحفر الآبار    الوكالة الوطنية للأمن الصحي ومنظمة الصحة العالمية : التوقيع على مخطط عمل مشترك    دعوة إلى تجديد دور النشر لسبل ترويج كُتّابها    مصادرة 3750 قرص مهلوس    فنانون يستذكرون الراحلة وردة هذا الأحد    رياضة (منشطات/ ملتقى دولي): الجزائر تطابق تشريعاتها مع اللوائح والقوانين الدولية    خلال المهرجان الثقافي الدولي للفن المعاصر : لقاء "فن المقاومة الفلسطينية" بمشاركة فنانين فلسطينيين مرموقين    الملتقى الوطني" أدب المقاومة في الجزائر " : إبراز أهمية أدب المقاومة في مواجهة الاستعمار وأثره في إثراء الثقافة الوطنية    ماندي الأكثر مشاركة    الجزائر ثانيةً في أولمبياد الرياضيات    هتافات باسم القذافي!    هكذا ناظر الشافعي أهل العلم في طفولته    الاسْتِخارة.. سُنَّة نبَوية    الأمل في الله.. إيمان وحياة    المخدرات وراء ضياع الدين والأعمار والجرائم    نوفمبر زلزال ضرب فرنسا..!؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الجنرال بلونيس... بين الخديعة والمؤامرة... شهادات تنشر لأول مرة ( الجزء الثالث)
نشر في الجلفة إنفو يوم 31 - 07 - 2011


جانب من جيش الجنرال بلونيس
القيادة العامة للجنرال بلونيس
مع مطلع نوفمبر 1957 استطاعت قوات بلونيس السيطرة على المنطقة الممتدة عبر إقليم الجلفة وبوسعادة، وأصبح قانونه هو السائد وارتفع تعداد جنوده إلى حدود 3000 شخص، فأعيدت هيكلة هذا الجيش وأصبح يسمى بالجيش الوطني للشعب الجزائري، بمطلع نوفمبر كانت الهيكلة كالتالي:
القيادة العامة:
سي مقري نائب بلونيس: مكلف بالعتاد والإدارة ( موضح في الصورة على يمين بلونيس)
سي محمد: مستشار سياسي.
العربي قبايلي: مستشار عسكري وقائد قوات التدخل.
سي الحسين حجيجي ( الاسم الحقيقي هو العربي عبدالقادر(1) ) : ضابط مكلف بالاتصالات مع الفرقة 11 للمظليين.
سي محمود: أمين المال.
يضاف إليهم 8 حراس شخصيين لبلونيس و5 كتاب وفرقة الحراسة من 58 شخصا (2)
حدود المنطقة المسموح بها لبلونيس من طرف الفرنسيين:
أما مفتاح فقد أسندت له قيادة منطقة الجنوب الغربي وآفلو الجلفة، الأغواط وتحت قيادته كتيبتان إحداهما يقدوها عبد الله السلمي ب200 جندي وأخرى عبد السلام 200 جندي، وفرقة بقصر الحيران بتعداد 40 جنديا، المجموع العام 440 جندي.
وعلى غرار مفتاح فقد أسندت قيادة منطقة الوسط (دار الشيوخ) لعبد القادر، سالم البشير 80 جنديا، وبلقاسم الموستاش، ورابح البرادي 100 جندي لكل منهما، فضلا عن مركز جمال للتدريب به 400 فرد، المجموع .1230
منطقة الشمال: أومال (سور الغزلان) والزاقز الشرقي القائد العام حسني ولديه 4 كتائب، عمر الوهراني 180 جندي، سعيد مايو 200 جندي، سليمان جندي، 100 جندي، المبارك 80 جنديا، المجموع 560 جندي.
منطقة الجنوب الشرقي يقودها عبد القادر لطرش وتحت قيادته 4 كتاب.. بلقاسم 110 ، بدري عمر 250 ، سعدان 110 جقلاف 100 ، المجموع 570 جندي(3).
خريطة توضح المجال المسموح لانتشار قوات بلونيس تحت وصاية القوات الفرنسية

وسائل الدعاية لحركة الجنرال بلونيس بدار الشيوخ :
الاعتماد على الروح الوطنية التي كانت سائدة في المنطقة كون أن أصحابها قبل تفجير الثورة كانوا من أنصار الحركة الوطنية، لكن بعد نوفمبر 1954 أصبحت المنطقة تحت لواء جيش التحرير... هذا الجانب الوطني اعتمد عليه بلونيس من خلال جمع الأطفال ومحاولة تعليمهم الأناشيد الوطنية التي تمجد مصالي الحاج
رفع العلم الوطني حيث أن بلونيس أوهم أبناء المنطقة بان الجزائر أخذت الاستقلال وإنهم سينعمون بالحرية هذا ما جعل الكثير منهم ينخدع بأفكاره
استعمال النياشين التي وضعت على ألبسة جنوده مكتوب فيها ( فتح من الله ونصر قريب)
الشعارات المكتوبة على أكتاف ألبسة جنود الجنرال بلونيس - نصر من الله وفتح قريب
وكانت هذه الطريقة من أهم الطرق التي استقطبت أهل المنطقة حيث استغل حبهم للدين الإسلامي وللجهاد في سبيل الله كما أن بلونيس ضرب على الوتر الحساس من خلال إدراكه أن أهل بلدة حوش النعاس أهل زاوية في زمن ما كان يضرب بها المثل، في تخريج الشيوخ وأئمة والعلماء.
أهم السجون والمعتقلات
حوش البراردة (لاروكات )
رأس الضبع (سيدي عامر)
حوش القراير (حد الصحاري ام الرانب)
روس لخراط جبل مناعة (دار الشيوخ)
معتقل تامسة (أمجدل)(4)

أساليب الجنرال بلونيس القمعية في حق المدنيين من خلال الشهادات الحية
شهادة المجاهد بن سالم الشريف ( شهادة حصرية تنشر لأول مرة )
وفي هذه الشهادة، أردنا أن نعيش معكم الأحداث الدامية التي راح ضحيتها خيرة أبناء المنطقة حيث أن صاحبها عايش تلك المرحلة غداة سجنه عند أتباع بلونيس ، كونه اضطرته الظروف أن يعمل ممرضا لدى أحد أعوانه، ثم سائقا عنده رغم انفه، فقد كانت بداية دخوله السجن من خلال الانقلاب الذي قام به بلونيس على حاشي عبد الرحمان، الذي استغل ختمه لاستدعاء الكتائب... وقد كان في إحدى هذه الكتائب وهي كتيبة عبد القادر لطرش، فعند عودة هذه الكتيبة قام العربي القبايلي وجنوده بالقبض على أتباع جيش التحرير الوطني أو من يوالونهم "وكان الشريف من بين الذين ألقي عليهم القبض، وكان عددهم بالضبط 75 جنديا فيهم الطبيب عبد المالك والمختار عبد اللطيف (5) حيث تم نقلهم إلى سجن "البراردة" (6) وهناك التقوا بلونيس، حيث أخبره جنوده بأنهم أتوه بهدية وهي أتباع جيش التحرير"والعجيب في الأمر أن الذين اقتادوهم إلى السجن هم أصحابهم الذين كانوا معهم " وقد تغيرت المعاملة اتجاههم وأصبحوا يضربونهم ويبصقون عليهم ، وذلك من خلال الأوامر التي كانت تأتيهم من بلونيس
وبعد هذه المعانات تم توزيعهم إلى قاعات السجن وكان ومعه 36 فردا، وكان من بين المجاهدين (بن شونان محمد والنعاس والزباش وعبد القادر بن نوار، وبوبكر هتهات الذي تلقى كل أنواع العذاب من طرف أتباع بلونيس (7) .
وبعد أن قضى المساجين أياما عسيرة في سجن البراردة، تم نقلهم إلى رأس الضبع وبالضبط بحوش الحاج كراش" (8) وهناك كان اللقاء مع الجلاد جمال (9). الذي قام بإدخالهم إلى منزل وأمرهم بالجلوس في زاويته، ونبّههم إلى شيء قائلا لولا سماعي بأن بلونيس حي لقتلكم، ولم يدم مكوثهم في رأس الضبع طويلا حيث انتقلوا إلى سجن "حوش القراير".
وأول ما قام به جمال وجنوده هو المجيء برجل قيل أنه جاء من فرنسا وأنه من أتباع جيش التحرير الوطني، والتهمة الرئيسية التي لفقت إليه انه استولى على أملاك ليست له، حيث قام الجنود بضربه ضربا مبرحا بالأعمدة الخشبية، وأتوه بقربة ماء أفرغوها في فمه بالقوة حتى امتلأ بطنه وداسوا عليه بنعالهم، وبعدها جاؤوا بالأسلاك التي توضع في نهاية قربة الماء (10) وقالوا له أخبرنا عن المجاهدين، لكنه نفى معرفته بهم، فقاموا بغرس تلك الأسلاك في رقبته حتى فاضت روحه إلى بارئها.
وفي يوم الغد ادخلوا شخصين أحدهما يسمى شقرة بن صالح والثاني يسمى احمد السياسي وقاموا بضربهما حتى ماتا تحت ضرب الأرجل. وبعد برهة اتو بشخصين أخرين وهما "محاد بن الهادي والطيب الملوزي وأنهالوا عليهما الضرب حتى كادا أن يموتا، وكانت تلك الليلة من أسوء الليالي في السجن...
وفي اليوم الموالي ادخلوا سجينين آخرين وهما "بابي وإسماعيل" (11) و قد قام جمال بوضع ألواح على شكل صليب ووثقهما عليهما ، وسألهما عن جيش التحرير، فما كان إلا أن بصقا على وجهه، وقالوا يحيى جيش التحرير الوطني وبذلك اتضحت الصورة لأتباع بلونيس أن الحل هو الرصاص فقام أفراد بلونيس بإطلاق وابل من الرصاص عليهما وكان هذا أمام أنظار الجميع ...
وبعد أيام غيرت الوجهة إلى عين الروص (12) وهناك أمر المساجين بالمشي على أرجلهم حفاة ، لدرجة أنهم لم يستطيعوا السير لطول المسافة، وبعد مدة صدرت الأوامر من بلونيس بأن يستبدل جمال بشخص أشد دموية منه وهو فرحات، ففي صبيحة أحد الأيام قاموا بإخراجهم إلى الساحة ، واختاروا حوالي 14 فردا منهم قيادات مثل أحمد بالصحراوي (13) والمختار عبد اللطيف وأعطوهم أدوات مثل الفؤوس والمناشير وأمروهم بنزع الأشجار لأن سي بلونيس سيأتي، وكان ذلك في فصل الشتاء حتى أن هناك أشخاص لم يستطيعوا العمل لشدة البرد القارس أمثال الشيوخ، ووصل عدد المساجين في ذلك المعتقل حوالي 80 سجينا ، ذاقوا كل أنواع العذاب على يد السفاح فرحات الذي استباح دماءهم حيث انه وجنود في صبيحة احد الأيام، أتوا بشخص لا يدرون من أين جيء به ، وإذا بهم يحضرون مجمرة أي نارا مشتعلة ووضعوا جنب هذا الشخص عليها فتشوهت خلقته وذلك أمام مرأى من الجميع، دون أن يعلم أحد الدواعي أو الأسباب، ومن ثم قاموا بقلبه على الجانب الآخر، وبعد ذلك ادخلوه معهم مدة ثلاثة أيام وهو يتألم من شدة الحروق التي أصبحت تطلق رائحة كريهة، وفي اليوم الثالث دخل فرحات إليهم مع جنوده ووجهوا، إليهم أسلحتهم وأمروهم بأن يخرجوا هذا الرجل خارج الدار، و يقوموا بدفنه وهو حيا، في بادئ الأمر لم يكون ليصدق احد ، لكن فرحات هددهم بالقتل، وما كان منهم الا دفنوه حيا (14)، مرت بهم الأيام في ذلك السجن الذي لقوا فيه كل أساليب التعذيب، الذي بدا جليا للعيان من خلال ابتكار وسائل التعذيب وهذا نظرا للطريقة التي طبقت على شخص يسمى محاد بن الشلالي المدعو "المكّاس" فقد كانت تهمته أنه باع جيش بلونيس في عهد الحسين القنطري، ورغم إنكاره للتهم الموجهة إليه إلا أن فرحات وجنوده قاموا بتسخين سكين حتى أحمرت ووضعوها على جنبه حتى رأوا عظامه" (15) .
إن ما تفضل به الشريف بن سالم لا يعدو إلا أن يكون إحدى التجارب المريرة التي عايشها المجاهدون في تلك الحقبة العصيبة والتي كادت أن تعصف بالثورة في الولاية السادسة، لولا لطف الله و سواعد الرجال أمثال الشهيد عمر إدريس والشهيد حاشي عبد الرحمن، وثامر بن عمران وغيرهم من أبطال الصحراء.
تنفيذ حكم الإعدام في حق الشهيد بدر الدين محمد المدعو البوسعادي
أصبح بلونيس همه الوحيد هو متابعة الوطنيين وملاحقة المخلصين العسكريين كانوا أم مدنيين للزج بهم في سجونه ومعتقلاته
وزاد اهتمام السلطات الفرنسية بتجربة بلونيس التي أطلقوا عليها عملية الزيتونة (Opération Olivier)، التي أطروها بضباط معروفين بحنكتهم وتمرسهم في حرب العصابات بالهند الصينية (فرقة التدخل السريع) (16).
و أمام هذا الوضع الخطير وضعت قيادة جبهة وجيش التحرير الوطني إستراتيجية سياسية وعسكرية لمواجهة حركة بلونيس والقضاء عليها في مطلع 1958.
كان من نتائج هذه الخطة التي وضعتها القيادة أن ظهر بلونيس على حقيقته للشعب كخائن ومظلل، وتنامى شعور الجماهير بضرورة مناصرة قادة جيش التحرير(17).
لذلك شعرت عيون بلونيس والاستعمار الفرنسي بخطورة الموقف لاسيما بعد المعارك العنيفة التي تلقي فيها أتباعه هزائم وفقد عدد كبيرا من أعوانه وكميات هائلة من أسلحته، وتأكدت تلك المخاوف بعد اكتشاف عدد من الرسائل التي سربها القائد عمر إدريس إلى مقر قيادة بلونيس (18) بدار الشيوخ، وكانت هذه الرسائل موجهة إلى إطارات مدنية وعسكرية وقد أحدثت إحدى الرسائل الموجهة إلى مقر القيادة بلبلة واضطرابا بين السكان (19). هذا ما جعل بلونيس يقدم على جمع سكان دار الشيوخ في السوق الأسبوعية، وكان ذلك يوم السبت، وأمر الناس بوضع أيديهم على رؤوسهم مدة 36 ساعة، وقد قام بإخراج أعيان من البلدة بالسياط والمعاملة السيئة، وقام بإعدام العديد منهم (20)...
وهنا اروي شهادة حية كانت حاضرة لأطوار تلك الأحداث الدامية والتي اعدم فيها خيرة أبناء دار الشيوخ المخلصين واعتبر هذه الشهادة عربون وفاء للشهداء الأبرار.
شهادة المجاهد حاشي عبد الحميد ­( شهادة حصرية تنشر لاول مرة )
المجاهد من مواليد 1942 بمدينة مسعد، يعتبر من الشخصيات القلائل الذين بقوا على قيد الحياة ، حيث أن الأقدار أرادت أن يكون حاضرا في دار الشيوخ ربيع 1958، ويكون شاهدا على تلك الأحداث المؤلمة التي وقعت في حوش النعاس، والتي راح ضحيتها العديد من الشهداء، واعتقل فيها الكثير من الشرفاء على غرار عمه عبد الرحمان حاشي الذي جاءه برسالة إلى دار الشيوخ في إحدى المرات، لا يعلم محتواها وقد كان اختياره لان يكون مرسولا نظرا لصغر سنه فلم يكن يتجاوز السادسة عشرة من عمره ، و ما إن وصل إلى أبواب الثكنة بدار الشيوخ حتى اعترضه جنود بلونيس ونهره احدهم، وقال له بنبرة حادة توقف تحت هذه الشجرة ، طال به الوقوف وهو ينتظر من الساعة 8 صباحا إلى أن أسدل الليل ظلامه الحالك، وهو لا يزال على حالته الأولى لا يحرك ساكنا بعد هذا العناء جاء العربي مزيان القبايلي، ومعه شخص يدعى سليمان لبيض، وسأله العربي ما الذي جاء بك قال له جئت لعمي عبد الرحمان حاشي بعدها مباشرة أمرهم بان يقتادوه للسجن، عند دخوله وجد قاعة كبيرة مملوءة بالمساجين ، كان عددهم أكثر من 300 سجين في حين كان عمه عبد الرحمان معه 80 سجين ، وقد رحب به السجناء وللعلم انه كان اصغر المساجين، وهناك التقى أشخاص كثيرين أمثال الطاهر بلوعل ، الطاهر الدمدي ، قاسم محاد الصغير الجبار ، حسن نعاس بن لمرابط، والشريف بن عبد القادر خبيزي وكان أكثر المساجين من دار الشيوخ وسيدي بايزيد .
ناموا تلك الليلة، وفي يوم الغد تم نقلهم إلى حوش لقراد وهناك تم قتل محاد بلهادي وفي يوم الموالي تم تحويلهم إلى الشمال الشرقي لدار الشيوخ وبالضبط في قعيقع ...وهناك بدأت مأساة أخرى من خلال الإعدامات التي كانت تطال العديد من المساجين أمثال خير الدين وشخص آخر من سيدي عيسى ...
وأثناء تواجدهم في قعيقع حدث ما لم يكن في الحسبان حيث أن العربي أعطى أوامره لجنوده بإعدام جميع السجناء، حيث قاموا بإخراج جميع المساجين وقسّموهم إلى قسمين جنود ومدنيين، وصوبوا سلاحين كبيرين اتجاههم وكان احد الذين يحملون السلاح يدعى لمبارك المقني، وقد كان من بين الذين تم اخراجهم اعيان دار الشيوخ منهم حسن نعاس بن لمرابط ، وقاسم محاد الصغير والشريف بن عبد القادر الخبيزي حيث كانو يبكون ويرددون شهادة ان لااله الا الله محمد رسول الله ... و اصدرت الأوامر حيث تم تجريد الجميع من ملابسهم عدا ما يستر عورتهم ودقت ساعة الحسم... وفي تلك اللحظات العصيبة ، يأتي جيش آخر تابع لبلونيس تحت قيادة سعيد من عين الملح، حيث أن هذا الاخير دخل في مشادات كلامية مع لمبارك المقني، قائلا له من أمرك بان تعذب المساجين، فرد عليه امرنا العربي القبايلي بان نعذبهم و نعدمهم وهنا غيّر سعيد الأوامر ...وانتهت حلقة من حلقات المأساة في قعيقع، ولولا قدرة الله لكانوا في عداد الأموات...و بعد مرور تلك الأيام قاموا بإرجاعهم إلى دار الشيوخ مقر قيادة بلونيس .
في دار الشيوخ وقعت حادثة رهيبة حيث بدأت تصفية أبناءها على خلفية الاتصالات التي وقعت بين عمر ادريس وابناء المنطقة والتي تم اكتشاف أمرها، هذا ما جعل بلونيس يقوم بقتل العديد منهم على غرار الشهيد عرعار بن علية بن النبي، حيث ان جنود بلونيس قاموا بإدخاله إلى قاعة كبيرة الحجم ممتلئة بالمساجين وانهالوا عليه بالضرب مدة يومين حتى مات، وابقو على جثته مدة ثلاثة أيام، وفي الليلة الثالثة دخل الجنود إلى السجن في ذلك الظلام الحالك، وهم يحملون مصابيح ، وبدأوا في اختيار الأشخاص صغار السن وكان عبد الحميد حاشي منهم ، فقد أمرهم الجنود أن يخرجوا جثة بنعلية ويضعوها في شاحنة وكانت من نوع ( اوتشكيس) ومن ثم انطلقوا غير بعيد عن دار الشيوخ في مكان تنتشر فيه أشجار العرعار والطاقة ، توقفت الشاحنة ونزل من على متنها عبد الحميد وأصحابه ووضعوا الجثة وأعطيت لهم معاول و أمروا بان يحفرو قبرا وما كان منهم إلا أن نفذو الأوامر وحفر القبر الذي كان المثوى الأخير للشهيد عرعار بن علية بن النبي رحمه الله ... ولم يكن بنعلية هو الضحية الوحيد فقط بل شمل الإعدام كل من الشهيد طيباوي الطيب بن بلوط والشهيد محمدي بلقاسم بن عمر والشهيد مبخوتة عبدالله والشهيد احمد مبخوتة (21) .
إن شهادة المجاهد حاشي عبد الحميد ماهي الا فيض من غيض عن الأعمال الإجرامية التي قام بها بلونيس وأتباعه في حق المدنيين العزل من أبناء المنطقة، الذين رووا بدمائهم الزكية ارض دار الشيوخ الطاهرة التي انجبت خيرة المجاهدين امثال نايل علي وبوبكر هتهات وغيرهم ممن دوى صوت رصاصهم بين جنبات الجبال الشامخات مناعة و قعيقع.
يتبع.....
(*) قاسم سليمان/ رئيس فرع جمعية أول نوفمبر بدار الشيوخ
http://facebook.com/sliman.gacem
المراجع والمصادر:
1. مقابلة أجرتها جمعية أول نوفمبر 1954 مع المجاهد الشريف بن سالم أفريل 2007 بمقر سكناه بدار الشيوخ
2. Philippe Gaillard L'Alliance. La guerre d'Algérie du eneral Bellounis (1957-1958)”
Les tribulations d'un eneral p 109.110
3-Philippe Gaillard.op cit.p 110
4. جمعية أول نوفمبر 1954 ولاية الجلفة، إحياء مآثر الثورة بدار الشيوخ
5. المختار عبد اللطيف: طالب جامعي كان أحد المخول لهم قبل الإنقلاب أن يكون قائد كتيبة لكون مستواه الجامعي.
6. سجن البراردة يقع بالضبط بعين الحجل (ولاية المسيلة).
7. أكد بوبكر هتهات هذه الحادثة من خلال لقاءنا به يوم10 جويلية 2006، بمقر جمعية أول نوفمبر 1954، بالجلفة.
8. رأس الضبع بقع بالضبط في سيدي عامر (ولاية المسيلة)
9. جمال: مسؤول عن المساجين في فترة بلونيس، قام بقتله محمد بلعيساوي الذي كان مبعوثا من قبل جيش التحرير الوطني
10. الشخص الذي دفناه رحمه الله أصبح يسمى منذ ذلك الوقت "بالقط المشوك"نظرا لكثرة حروقه وتشوه جسمه.
11. بابي وإسماعيل أصلهما من ولاية سكيكدة.
12. حوش القراير بالضبط حد الصحاري ولاية الجلفة.
13. أحمد بالصحراوي أحد قادة الكتائب التابعة لعمر إدريس
14. الشخص الذي دفناه رحمه الله أصبح يسمى منذ ذلك الوقت "بالقط المشوك" نظرا لكثرة حروقه وتشوه جسمه
15. مقابلة أجرتها جمعية أول نوفمبر 1954 مع المجاهد الشريف بن سالم أفريل 2007 بمقر سكناه بدار الشيوخ، سرد فيها أنواع التعذيب التي تعرض لها من قبل بلونيس وأتباعه، مصدر سابق
16. مقابلة شخصية مع المجاهد بوبكر هتهات، يوم 10جويلية2006، على الساعة 11:00 صباحا، أجريت هذه المقابلة بمقر جمعية أول نوفمبر 1954، بالجلفة، يوجد محتواها عند (قاسم سليمان).
17. الهادي درواز، مرجع سابق،
18. وقعت إحدى هذه الرسائل في أيدي أتباع بلونيس، التي كانت سببا لتسليط التعذيب على سكان دار الشيوخ من قبل بلونيس، شهادة الشريف بن سالم، لقاء مع جمعية أول نوفمبر 1954بالجلفة يوم 30أفريل 2007.
19. جمعية أول نوفمبر 1954 ولاية الجلفة، إحياء مآثر الثورة بدار الشيوخ، مرجع سابق، ص18.
20. مقابلة شخصية مع المجاهد بوبكر هتهات، يوم 10جويلية2006، على الساعة 11:00 صباحا، أجريت هذه المقابلة بمقر جمعية أول نوفمبر 1954، بالجلفة، يوجد محتواها عند (قاسم سليمان).
21. مقابلة مع المجاهد حاشي عبد الحميد أجرتها جمعية أول نوفمبر لتخليد وحماية مآثر الثورة بالجلفة – فرع دار الشيوخ ، خلال إقامة مخيم بمنطقة قعيقع يوم 19 ماي 2009 على الساعة 9:00 صباحا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.