الغديوي: الجزائر ما تزال معقلا للثوار    مولودية وهران تسقط في فخ التعادل    مولوجي ترافق الفرق المختصة    قرعة استثنائية للحج    جبهة المستقبل تحذّر من تكالب متزايد ومتواصل:"أبواق التاريخ الأليم لفرنسا يحاولون المساس بتاريخ وحاضر الجزائر"    الجزائر تحتضن الدورة الأولى ليوم الريف : جمهورية الريف تحوز الشرعية والمشروعية لاستعادة ما سلب منها    المحترف للتزييف وقع في شر أعماله : مسرحية فرنسية شريرة… وصنصال دمية مناسبة    تلمسان: تتويج فنانين من الجزائر وباكستان في المسابقة الدولية للمنمنمات وفن الزخرفة    مذكرات اعتقال مسؤولين صهاينة: هيومن رايتس ووتش تدعو المجتمع الدولي إلى دعم المحكمة الجنائية الدولية    المديرية العامة للاتصال برئاسة الجمهورية تعزي عائلة الفقيد    قرار الجنائية الدولية سيعزل نتنياهو وغالانت دوليا    المديرية العامة للاتصال برئاسة الجمهورية تعزي في وفاة الصحفي محمد إسماعين    التعبئة الوطنية لمواجهة أبواق التاريخ الأليم لفرنسا    الجزائر محطة مهمة في كفاح ياسر عرفات من أجل فلسطين    الجزائر مستهدفة نتيجة مواقفها الثابتة    مخطط التسيير المندمج للمناطق الساحلية بسكيكدة    حجز 4 كلغ من الكيف المعالج بزرالدة    45 مليار لتجسيد 35 مشروعا تنمويا خلال 2025    47 قتيلا و246 جريح خلال أسبوع    دورة للتأهيل الجامعي بداية من 3 ديسمبر المقبل    تعزيز روح المبادرة لدى الشباب لتجسيد مشاريع استثمارية    نيوكاستل الإنجليزي يصر على ضم إبراهيم مازة    السباعي الجزائري في المنعرج الأخير من التدريبات    سيدات الجزائر ضمن مجموعة صعبة رفقة تونس    البطولة العربية للكانوي كاياك والباراكانوي: ابراهيم قندوز يمنح الجزائر الميدالية الذهبية التاسعة    4 أفلام جزائرية في الدورة 35    "السريالي المعتوه".. محاولة لتقفي العالم من منظور خرق    ملتقى "سردية الشعر الجزائري المعاصر من الحس الجمالي إلى الحس الصوفي"    الشروع في أشغال الحفر ومخطط مروري لتحويل السير    حادث مرور خطير بأولاد عاشور    السلطات تتحرّك لزيادة الصّادرات    بورصة الجزائر : إطلاق بوابة الكترونية ونافذة للسوق المالي في الجزائر    إلغاء رحلتين نحو باريس    البُنّ متوفر بكمّيات كافية.. وبالسعر المسقّف    وزارة الداخلية: إطلاق حملة وطنية تحسيسية لمرافقة عملية تثبيت كواشف أحادي أكسيد الكربون    مجلس حقوق الإنسان يُثمّن التزام الجزائر    مشاريع تنموية لفائدة دائرتي الشهبونية وعين بوسيف    اللواء فضيل قائداً للناحية الثالثة    المحكمة الدستورية تقول كلمتها..    المغرب: لوبي الفساد يتجه نحو تسييج المجتمع بالخوف ويسعى لفرض الامر الواقع    الأمين العام لوزارة الفلاحة : التمور الجزائرية تصدر نحو أزيد من 90 بلدا عبر القارات    دعوى قضائية ضد كمال داود    تيسمسيلت..اختتام فعاليات الطبعة الثالثة للمنتدى الوطني للريشة الذهبي    الخضر مُطالبون بالفوز على تونس    الشباب يهزم المولودية    سباق الأبطال البليدة-الشريعة: مشاركة أكثر من 600 متسابق من 27 ولاية ومن دول اجنبية    وزيرة التضامن ترافق الفرق المختصة في البحث والتكفل بالأشخاص دون مأوى    النعامة: ملتقى حول "دور المؤسسات ذات الاختصاص في النهوض باللغة العربية"    العدوان الصهيوني: الأوضاع الإنسانية في غزة تزداد سوء والكارثة تجاوزت التوقعات    الذكرى 70 لاندلاع الثورة: تقديم العرض الأولي لمسرحية "تهاقرت .. ملحمة الرمال" بالجزائر العاصمة    سايحي يبرز التقدم الذي أحرزته الجزائر في مجال مكافحة مقاومة مضادات الميكروبات    التأكيد على ضرورة تحسين الخدمات الصحية بالجنوب    الرئيس تبون يمنح حصة اضافية من دفاتر الحج للمسجلين في قرعة 2025    هكذا ناظر الشافعي أهل العلم في طفولته    الاسْتِخارة.. سُنَّة نبَوية    الأمل في الله.. إيمان وحياة    المخدرات وراء ضياع الدين والأعمار والجرائم    نوفمبر زلزال ضرب فرنسا..!؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الجنرال بلونيس ...بين الخديعة والمؤامرة ... شهادات تُنشر لأول مرة ( الجزء الثاني )
نشر في الجلفة إنفو يوم 15 - 07 - 2011


ظروف تأسيس المنطقة التاسعة للولاية الخامسة
كثيرة هي الشهادات التي حاولت التطرق لما يعرف بقضية بلونيس ، الرجل الذي خاض حربا ضروسا ضد جبهة التحرير الوطني باسم الحركة الوطنية الجزائرية التي نشأت على أنقاض حركة انتصار الحريات الديمقراطية التي كان مسؤولها الروحي أبو الوطنية الجزائرية المرحوم مصالي الحاج ..
هنا محاولة لفهم ما جرى من خلال ربط الوقائع التي حدثت في منطقة دار الشيوخ التي شهدت الفصل الأكبر من هذه المؤامرة...
قبل الحديث عن أهم الوقائع التي حدثت من جراء المؤامرة الدنيئة التي حاكها بلونيس وزبانيته يجب التطرق لأحوال المنطقة التي كانت تعيش جوا ثوري نظيف كباقي مناطق الوطن (1) ونحاول تقديم لمحة عن هذه الفترة كالآتي:
لما توسعت الثورة في النواحي المتاخمة للأوراس وامتدت جذورها وتكاثر عدد المجاهدين واتسعت رقعة الكفاح، حيث توجه عمر إدريس مبعوثا من طرف عبد السلام الحسين بن عبد الباقي، إلى ناحية بوكحيل بفوج من المجاهدين الأوائل أين إلتحق بالمجاهد رويني لخضر في شهر جوان 1955، الذي سبقه إلى هذه الناحية بتوجيه من طرف بلقاسم محمد بلمسعود مسؤول ناحية "مشونش" كما التحق به المجاهد هاني محمد بن الهادي، وتمركزوا بالمكان المسمى (فم الخزرة) قرب الصفيصفية (بجبل بوكحيل) (2) إلى غاية إطلاق سراح زيان عاشور من السجن في شهر جويلية 1955، حيث إستأنف هذا الأخير نشاطه الثوري، ولما علم بوجود عمر إدريس بناحية بوكحيل، نظم معه لقاء بأولاد جلال وتم التنسيق بينهما والاتفاق على أن يدعمه بالرجال والسلاح، وفي أواخر سنة 1955 (3) تلقي زيان عاشور أمرا مكتوبا من طرف مصطفى بن بولعيد، قائد منطقة الأوراس يقضي بتعيينه قائد للوحدات الموجودة بالجهة التي كانت تحت قيادة عمر إدريس.
وبموجب هذا الأمر اكتسى عمله الصبغة الشرعية لثورة التحرير، وتولى الإشراف على منطقة شاسعة من الصحراء وجبال أولاد نايل (4) ولم يستثن الشيخ زيان عاشور من حساباته هذه المنطقة نظرا لأهميتها الإستراتيجية عندما شرع في تكوين المجالس، وتوسيع رقعة الكفاح بهذه الربوع، لذا أوفد مبعوثيه إلى المنطقة، وبعث برسائل إلى بعض أعيان الجهة قصد التحضير للثورة واحتضانها من طرف الشعب، وكان بجبل مناعة شرف السبق بعد مجاهدي الرعيل الأول ضد عساكر الاستعمار الفرنسي مبددة الصمت الرهيب المطبق على جبال المنطقة وتردد صداها بجنباته معلنة عن بداية حرب بالجهة لا تتوقف حتى يغادر المحتل لأراضينا إلى غير رجعة.
وكانت أهم المعارك هي معركة "قعيقع" الشهيرة في 10 جوان 1956 التي كانت تحت قيادة عمر إدريس ورفيقه عبد الرحمن بالهادي دامت يوما كاملا استعمل فيها العدو كل عدته وعتاده وعلى رأسهم المجندون الأفارقة (السنيغال) والحركة.
ومن أسباب هذه المعركة أن القائد "سي عمر إدريس"أراد أن يتحدى العدو وفضل أن يعطيه درسا ليبرهن بأن أبطال جيش التحرير متواجدون وبقوة وقادرين على الضرب في أي مكان وفي الوقت الذي يقررونه ويختارونه، مع العلم أنه كان في إمكان القائد عمر إدريس التنقل وجيشه إلى مكان آخر بعيدا عن تلك المنطقة إلا انه أبى أن يلقن العدو درسا لن ينساه أبدا كما أن عمر إدريس استطاع أن يقنع 13 مسلحا من رجال الخيالة التابعين للعدو (السبايس) للانضمام إلى جيش التحرير مما جعل العدو يفقد صوابه لما لحقه من هزائم فحشد كل قواه وقام بالهجوم على المنطقة (قعيقع) لكنه أنهزم مرة أخرى هزيمة نكراء خسر فيها الجيش الفرنسي طائرة كما انه فقد العديد من مقاتليه، أما جيش التحرير فأستشهد له ثلاثة مجاهدين وأربعة مسبلين وبهذا عاشت المنطقة نشاطا ثوريا منقطع النظير (5) لكن شاءت الأقدار أن تعيش المنطقة ظروفا صعبة وحرجة جدا، وهي استشهاد القائد زيان عاشور في 07 نوفمبر 1956 الذي ترك فراغا رهيبا كادت ان يقضي على المنطقة بأكملها .
كان جيش الشهيد القائد زيان عاشور آنذاك قد تجاوز الألف مقاتل ..فقرر البطل سي عمر إدريس العودة ، وفي "ثنية القمح " قرب عين الريش عقد اجتماع لقادة الأفواج ، حيث واجه محاولة تمرد قادها كل من محمد بلكحل ، عبد القادر جغلاف ، العربي مزيان – القبائلي ، عبد القادر لطرش الذين ناوروا جهدهم في محاولة لمنع اختيار المجاهدين له قائدا خلفا للشهيد زيان عاشور ، لكن إرادة الله ، و نزاهة المجاهدين المخلصين وقفت حائلا دون محاولاتهم ، و تم اختيار عمر إدريس قائدا للجيش رفقة نائبه الطيب فرحات ( احميدة) (6) ورغم خلافته للقائد زيان عاشور لم يكن من السهل السيطرة على المنطقة ، خاصة وان بلونيس بدأ يتقدم نحو دار الشيوخ حيث حط الرحال في حاسي العش حينها قام عمر ادريس باختيار نائبه الظابط حاشي عبد الرحمان لما له من هيبة ووقار لدى المجاهدين ،وحمله رسالة الى بلونيس وأمره بالتوجه إليه نحو حاسي العش وقبل انطلاقه اختار حاشي عبد الرحمان رفقة له تمثلت في المجاهد بوبكر هتهات الذي سيكون احد الشهود العيان الذي سيروي لنا قصة لقاءهم بلونيس
بلونيس .... حكم على نفسه بالخيانة
شهادة المجاهد بوبكر هتهات - تنشر حصرياً لاول مرة -
انطلقنا أنا والضابط إلى قبالة حاسي العش وبالضبط في حوش المسعود بن جلالة استقبلنا بلونيس حيث قدم له حاشي عبد الرحمان رسالة كان فحواها إما أن تقرر الانضمام إلى صفوف جيش التحرير وإما أن تعود أدراجك وتغادر المنطقة ، فما كان من بلونيس إلا أن بدأ يعدد مناقب الشيخ زيان عاشور وبدا عليه الغضب لأنهم لم يستخلفوه على قيادة الجيش ،وقال بأنني الوحيد الذي بقيت من قدماء الحركة الوطنية ومن المفروض استشارتي في كل صغيرة وكبيرة، وبقي يتحدث طويلا فمن خلال حديثه استوقفتنا قصة رواها وهي ( انه في إحدى المرات وهو يتجول وكتيبته في مشتة من مشاتي القبائل صادف احد البيوت كانت تسكن به عجوز فسألته من أنت فقال لها أنا بلونيس ومعي كتيبتي فأكرمت نزلهم وأحضرت لهم القهوة والفطائر فيقول بلونيس عندما هممت بأكل الفطيرة انتابني الشك بان الفطائر مسمومة فرميت بإحداها لقط كان بجواري فما إن أكل منها حتى سقط ميتا .
. فيقول ...فانتفضت وقلت لها لماذا تريدين قتلي
فقالت أنا عجوز ابلغ من العمر 80 سنة يكفيني شرفا أن اقتل خائنا مثلك
والملاحظ هنا أن بلونيس حكم على نفسه بالخيانة من خلال سرده لهذه القصة ولا عجب من رجل استباح دماء الأبرياء من بني جلدته أن يحكم على نفسه بهكذا حكم .
ويكمل المجاهد بوبكر هتهات الحوار الذي دار بين بلونيس وعبد الرحمان حاشي هذا الأخير الذي أعاد له السؤال ما موقفه اتجاه جيش التحرير الوطني ..
فختم بلونيس قائلا وبكل عنجهية أنا ذاهب " ويعجلكم تكونوا رجالة"
رجع الضابط حاشي عبد الرحمان ورفاقه إلى قائدهم عمر إدريس الذي أمرهم بتجهيز أنفسهم للرد على أية محاولة استباقية من بلونيس وقواته (7) -انتهت الشهادة-.
وفي هذه الأثناء ، وفي بداية شهر ماي ، انتقل عمر إدريس إلى الولاية الخامسة لمواصلة المساعي التي بدأها في خريف 1956، حيث وبعد جهد كبير تمكن من مقابلة قائد المنطقة الثامنة من الولاية الخامسة سي لطفي ، و حضرا معا مضمون اتفاق بينهما ، ثم قررا السفر معا إلى المغرب ، حيث وصلوا إلى وجدة في أوائل جوان ، و التقوا عبد الحفيظ بوصوف قائد الولاية الخامسة الذي رسّم الاتفاق الذي كانا يحملانه معهما ، والذي يقضي بإنشاء منطقة تاسعة يكون على رأسها القائد عمر إدريس باسم "فيصل" ، ونائبه الطيب فرحات باسم "شوقي" (8).
وفي غياب عمر ادريس، واستشهاد زيان عاشور، تعرضت المنطقة إلى هزة أخرى عنيفة عمقها التنافس على القيادة، والردة لبعض قادة الكتائب أمثال (عبد القادر جغلاف، مفتاح، عبد الله السلمي، وعبد القادر الأطرش) الذين كانوا يتمتعون بسلطة بين جيوشهم وأعراشهم، إضافة إلى الإشاعة التي روجها (العربي مزيان القبائلي) بأن عمر ادريس أعدمته جبهة التحرير والوفد المرافق له وذلك تمهيدا التنفيذ لمؤامرة الدنيئة.
حيث ألقي القبض على نائب عمر ادريس الضابط حاشي عبد الرحمن وأستدرج باقي الضابط والمسؤولين المخلصين إلى مقر القيادة وذلك بإستغلال ختمه الخاص الذي كان بحوزة كاتبه و أحد أقربائه ، ومن ثم توجيه استدعاءات للمجاهدين باسم عبد الرحمن حاشي بعد تزوير إمضائه ..وتم اعتقال أكثر من 80 مجاهد من خيرة القادة والمجاهدين ، هؤلاء تم تعذيبهم وإعدامهم جميعا ..ولم ينج من المجزرة سوى محمد بن الهادي الذي تمكن من الفرار مقيدا و الرصاص يتهاطل عليه في تلك الأثناء كان الاتفاق بين الجنرال صالان و بلونيس قد أصبح محل تنفيذ ..وتمكنت المخابرات الفرنسية بالتنسيق مع بلونيس من اختراق جيش القائد عمر إدريس (9).
وهنا نقف عند إحدى الشهادات المهمة التي تكون إضافة مهمة للتاريخ المخزي للخائن بلونيس وهي شهادة المجاهد الشريف بن سالم (10) الذي كان احد ضحايا المؤامرة الدنيئة التي حاك خيوطها بلونيس ونفذها العربي القبايلي
دار الشيوخ من مقر للقيادة ........إلى معتقل للإبادة
شهادة المجاهد الشريف بن سالم - تنشر حصرياً لاول مرة -
كنت ضمن الكتيبة التي كان قائدها عبد القادر لطرش، هذا الأخير الذي جاءته الأوامر بإرجاع الكتيبة إلى منطقة "قعيقع"، وبالفعل رجعنا لكن المفاجئة كانت كبيرة حيث وجدنا العلم الجزائري مرفوع بدار الشيوخ في بادئ الأمر لم نفهم شيئا، ثم أمرنا بوضع السلاح، وقيل لنا أننا أخذنا الاستقلال، وفي منطقة "قعيقع" نصب مكتب يهتم بتسجيل الأسماء وما هذه إلا خطة من اجل القبض عن مناضلي جيش التحرير وكنت احد الذين قبض عليهم، وقد أعدم بلونيس حوالي 80 إطار بين مسؤول عسكري وسياسي، ولم ينجو من هذه المؤامرة سوى الضابط (محمد بن الهادي والمختار عبد اللطيف) (11)، وبتنفيذه لهذه المؤامرة أعلن بلونيس نفسه جنرالا رسميا على رأس فرقة انظم إليها بعض العملاء والمندسين في صفوف الجيش من ضعاف النفوس بعد تصفية قادتهم (12). ولقد أثرت هذه الواقعة تأثيرا كبيرا في صفوف جيش التحرير الوطني، وفي قواعده النضالية من تنظيمات وخلايا وشبكات طرق التموين، وكادت أن تعصف بالنظام في المنطقة.
وتعد سنة 1957 سنة سوداء في عمر الثورة بالولاية السادسة (13).
في حوش النعاس (دار الشيوخ)، نصب بلونيس إدارته رغم أنف الجميع، وبدأ أتباعه يتجمعون تحت شعار (الإستقلال الذاتي) وشرع في بسط نفوذه على كل المناطق وحكم الناس بيد من حديد يساعده في ذلك أعوانه ورجال" لاصاص" (14) وتمكن خلال هذه الفترة من تضليل العديد من أبناء الشعب فضمهم إلى صفوفه (15).
وبدأ بذلك معاركه ضد جيش التحرير الوطني،وكانت أول معركة هي معركة دلاج، "جبل تفارة" في 02 جويلية 1957، فقد جرت وقائع وأحداث هذه المعركة على إثر الكمين الذي نصبته الكتيبة المرابطة بين الجلفة ومسعد بقيادة زيان البوهالي بأمر من قائد الناحية العربي مزياني، الذي كان على صلة بالعميل بلونيس، وقد زج بهذه الكتيبة في كمين مع بداية المعركة دون توفر شروط نجاحه، وتحولت إلى معركة تواصلت طوال باقي النهار بالمكان المسمى دلاج. ولم يتمكن الجنود من أخذ مواقعهم المناسبة للقتال مما تسبب في سقوط عدد كبير من الضحايا حوالي 72 شهيدا، وأكثر من 15 جريحا، وفي صفوف قوات بلونيس تم تسجيل خسائر معتبرة بين أفراده (16).
بلونيس لم يتوقف عند هذا الحد بل قام بعدة عمليات من بينها عملية بوذيب بالقرب من تاوزرة حيث شارك في هذه العملية أبرز قادته، وتعتبر هذه العملية أول صدام مسلح بين جماعات بلونيس، وجيش التحرير الوطني بحدود منطقة العمليات رقم (09) بالولاية الخامسة، وجيش التحرير كان بقيادة عمر إدريس الذي قام بالهجوم على قوات بلونيس يوم 24 سبتمبر 1957.
وقد دامت المعركة ثلاثة أيام في اشتباكات متقطعة وفي أماكن مختلفة وقد أسفر هذا القتال على تسجيل العديد من الإصابات في صفوف قوات بلونيس بينما نال الشهادة مجاهدين إثنين (17). استمرت هجومات قوات بلونيس على جيش التحرير الوطني وكان الهجوم هذه المرة بمنطقة الضحيحيكة (بحرارة) في 18 جانفي 1958 ، فعلى إثر ذلك قامت قوات بلونيس بمهاجمة الكتيبة الثانية وهي في طريقها نحو جبل أمساعد شرقا ولكن اصطدموا بالرد العنيف من أسلحة القناصة التابعين لجيش التحرير، فتفرق المهاجمون تحت وابل من الرصاص وفسح المجال أمام تقدم الكتيبة وسط العواصف الثلجية بعدما غنموا سلاح رشاش وبندقية (18).
لم تتراجع قوات بلونيس إلى هذا الحد بل قامت بملاحقة جيش التحرير الوطني إلى جبل مناعة وذلك لإلقاء القبض على عمر ادريس، لكنهم لم يكونوا يتوقعوا رد قوات جيش التحرير الذي كان قويا، ودارت بذلك معركة يومي 28 و 29 جانفي 1958 والتي سميت بمعركة "العريقيب"، حاول فيها بلونيس وجيشه إحداث ثغرة في صفوف الكتيبة، ولكن دون جدوى مما اضطرهم إلى الانسحاب، فاسحين المجال للفليق الفرنسي لتطويق المنطقة خلال الليلة الثانية، ولكن جيش عمر إدريس خرج من الحصار تحت جناح الظلام والضباب الكثيف.
(يتبع)
(*) قاسم سليمان/ رئيس فرع جمعية أول نوفمبر بدار الشيوخ
http://facebook.com/sliman.gacem
المراجع والمصادر
1- جمعية أول نوفمبر 1954، لتخليد وحماية مآثر الثورة بالجلفة، إحياء مآثر الثورة بدائرة دار الشيوخ لمؤسسة الحياة للصحافة،الجلفة، ص10.
2- جمعية أول نوفمبر 1954، لتخليد وحماية مآثر الثورة بالجلفة، تخليد مآثر الثورة بتراب بلدية سيدي بايزيد (بمناسبة عيد المجاهد 20اوت) الأوراسية، الجلفة2006.
3- المنظمة الوطنية للمجاهدين، الملتقى الجهوي لكتابة تاريخ الثورة، إنعقد بمدينة الجلفة من01 إلى 03 ماي 1983.
4- المنظمة الوطنية للمجاهدين، التقرير الجهوي المقدم للملتقى الثاني لتاريخ الثورة ببسكرة 1985.
5- مقابلة شخصية مع المجاهد يحي بختي، يوم 30 سبتمبر 2006، على الساعة 11:00 صباحا، سجلت هذه المقابلة في شريط فيديو الشريط عند (قاسم سليمان، قياش أحمد)
6- المنظمة الوطنية للمجاهدين، ملتقى حول ذكرى إستشهاد عمر ادريس يوم 18 جوان 2007بدار الشيوخ الشخصية الثورية عمر ادريس كما يصفها رفيقه الرائد زكريا (الطيب فرحات).
7- مقابلة مع المجاهد بوبكر هتهات حول حركة بلونيس في حوش النعاس يوم 10 جويلية 2006 بمقر جمعية أول نوفمبر بالجلفة يوجد محتواها عند السيد (قاسم سليمان ) .
8- المنظمة الوطنية للمجاهدين، تقارير ملتقى الحركات المناوئة للثورة (حركة بلونيس) 18و17 جوان1995، الجلفة
9- حاشي عبد الرحمن: ولد سنة 1917 ببلدية مسعد (الجلفة)، حفظ القرآن على يده جده ثم أرسله إلى زاوية الهامل حيث تعلم الفقه واللغة والأداب على يد شيخه بن عزوز القاسمي الهاملي ،واصبح من أهل الفتوى في ربوع هذه البلاد، عند إندلاع الثورة كان أول الملتحقين بها ففي شهر جوان 1956 إلتقى الشيخ زيان عاشور الذي توسم فيه الإخلاص فاسند إليه أمانة السر لكن تشاء الاقدار أن يستشهد زيان عاشور ويخلفه عمر إدريس الذي أصبح نائبه فيما بعد، لكن عند ذهاب عمر إدريس إلى الغرب الأقصى في شهر جوان 1957 استغل بلونيس والعربي القبايلي غيابه وقام بالإنقلاب على حاشي عبد الرحمن وإستولو على وثائقه وختمه ونكلو به وعذبوه بشتى أنواع التعذيب بعدما رفض السير في ركب لخيانة رغم محاولات الترغيب والترهيب ولما يئسوا من أمره، نفذ فيه العربي القبايلي حكم الإعدام في شهر جوان 1958 بالقرب من دار الشيوخ .
10- الشريف بن سالم: ولد بدار الشيوخ سنة 1933، قامت القوات الفرنسية بتجنيده إجباريا في الجيش الذي كان متوجها للحرب في الهند الصينية وبعد مجيئه من الفيتنام إلتحق بالثورة سنة 1956 وتشاء الاقدار أن يكون حاضرا في المؤامرة التي دبرها بلونيس وجماعته ويكون احد مساجينه وأحد الذين عايشوا المأساة من خلال رؤيته لطرق التعذيب التي كان يقوم بها أتباع بلونيس أمثال جمال وفرحات.
11- مقابلة مع المجاهد بن سالم الشريف يوم 30 أفريل 2007، اجريت هذه المقابلة جمعية أول نوفمبر 1954 على الساعة 11:00 صباحا في منزله بدار الشيوخ.
12- المنظمة الوطنية للمجاهدين، تقاير ملتقى المعارك الكبرى الولاية السادسة،مسعد الجلفة، 18-19 سبتمبر 1998
الهادي درواز، مرجع سابق، ص123
13- جمعية أول نوفمبر 1954، إحياء مآثر الثورة بدار الشيوخ (مؤسسة الحياة)2007، نفس المرجع، ص-ص17.انظر الملحق رقم08
14- Mohamed teguia L'Algérie en guerre, Opu, Alger, 1988, P174.
15- جمعية أول نوفمبر 1954 لتخليد وحماية مآثرها الثورة، تخليد وحماية مآثر الثورة ببلدية فيض البطمة ولاية الجلفة (سبتمبر 2004)، ص07.
16- التقرير الولائي لكتابة تاريخ الثورة، الجلفة في 3 سبتمبر 1986، مرجع سابق.
17- جمعية أول نوفمبر 1954 لتخليد وحماية مآثر الثورة، من مآثر جيش التحرير بالولاية السادسة (نوفمبر 2004)
18- مرجع سابق ، ص04


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.