منحت الشريعة الإسلامية للزوجين حق الطلاق إذا ما وصلت الحياة بينهما الى اللاتعايش ، كما حددت الحقوق و الواجبات لكل منهما حال الوصول الى هذا النوع من الحلول ، و من خلال الواقع المعاش لا ينكر أحد أن المرأة في أحيان كثيرة تتحمل و لوحدها نتيجة الطلاق الذي صنفه المجتمع الشرقي كذنب على المرأة حمله ، و لان الجزائر ليست بمنأى عن هذا المجتمع فان الطلاق ظاهرة استفحلت بين الأسر الجزائرية و تعد ولاية الجلفة من الولايات التي عرفت فيها ظاهرة الطلاق انتشارا واسعا و كل هذا تبقى المرأة وحدها تدفع ضريبة ما يترتب عن هذا الطلاق . لا أحب أن ألقب بالمطلقة ... و أتمنى أن يعود زوجي "نصيرة" مطلقة تبلغ من العمر 37 سنة ، عاملة نظافة بإحدى المؤسسات التعليمية ، دامت حياتها الزوجية حوالي 6 سنوات أثمرت بابنتين و ولد، تحكي "نصيرة" و هي تتأسف على الحال التي آلت إليه رغم أنها لم تكن تعيش حياة زوجية مثالية لان زوجها كان شخصا سكيرا يتعامل معها بالضرب و الصراخ و رغم ذلك كانت تساعده على حمل أعباء الأسرة لأنه لم يكن ينفق عليها و لا على أولادها ، و يعود سبب الطلاق تقول نصيرة أن زوجها السابق و هو عامل في حاسي مسعود قد تزوج عليها سرا و بعد كشفها له أخبرها بالحقيقة، و رغم ذلك بقيت تسايره لكن وصل الحال بها الى عدم الاحتمال كونه لم يكن يعدل بينها و بين زوجته الثانية فلم ترى غير الطلاق حلا و ذلك بعد رفع عليه قضية تعدي بالضرب ليتم الطلاق بعد جلسة تراض . و في سؤالنا لنصيرة عن عدم مرافقة زوجها الى مكان عمله ذكرت " لم يكن ممكنا هذا لأني اقتات من عملي لأصرف على نفسي و أولادي و هو نفسه العمل الذي أعيش منه بعد طلاقي الآن ". "نصيرة" اليوم تعيش في شقة كراء مع أولادها و أخوها ، و تذكر أنها لا تحب أن يلقبها الناس بالمطلقة لان هذا يزعجها خاصة بعدما تعرضت لبعض المضايقات و التحرشات من قبل شخص مجهول كان يتصل بها عبر الهاتف فاضطرها ذلك للجوء الى الشرطة لحماية نفسها مؤكدة بأن طليقها كان وراء هذا الفعل كنوع من التجسس على سلوكها و رغم هذا تتمنى أن يعود لها زوجها لان العيش باسم رجل أرحم بكثير من هذه الوضعية . أريد الخروج للتعلم لكن أهلي يرفضون لأني مطلقة... و إذا كانت "نصيرة" مطلقة عاملة تقتات من عملها لتعيش فإن "نوال" أسوأ حالا منها ، هي مطلقة تبلغ من العمر 26 سنة وصلت في تعليمها مستوى الثالثة ابتدائي ، و تزوجت زواجا تقليديا جدا بعامل بناء و دامت فترة زواجها سنتين فقط أنجبت فيها ابنها الذي تريد الخروج و التعلم من أجله حتى يتسنى لها تدريسه و تعليمه في المستقبل ، "نوال" تعيش اليوم مع أسرتها بعد طلاقها من زوجها الذي كان يضربها طوال الوقت أمام أهله كما كان يبيع لها بعضا من صياغتها البسيطة التي كانت تملكها ، تذكر أنها تعاني ضغطا كبيرا و هي بين والديها و إخوتها حيث طلبت منهم لأكثر من مرة السماح لها بالخروج للتعلم لكن كان طلبها يقابل بالرفض كونها مطلقة بل أنها حرمت من زيارة إحدى صديقاتها لها حيث كانت إحداهن تساعدها على التعلم فكان من والدها أن طردها و تضيف انه يحرمها من النفقة التي يرسلها طليقها لأنها تعيش هي و ابنها معها و بالتالي عليها دفع حق المأكل و المشرب . تقضي "نوال" يومياتها بين والديها و إخوتها و هي تحتاج الى ابسط أمور الحياة للعيش فقد وصل بها الحال الى بيع بعض من ألبستها الصالحة للاستعمال بثمن بخس لشراء متطلبات ابنها إذ أن والداها يحاسبانها حتى على جرعة الحليب التي يطلبها . و يبقى السؤال هنا مطروحا للأسباب التي جعلت من المرأة المطلقة في أحيانا كثيرة نشازا في المجتمع الذي تعيش فيه لتحرم من أبسط حقوقها في الحياة و إذا ما حاولنا مقارنة وضعها بالرجل المطلق فإنها ستخسر الرهان لأنه لا مجال للمقارنة في نظر مجتمعنا . يتبع...