من بين الحقائق التي كشفتها لنا الإنتخابات الأخيرة هي أن النظام الحاكم في البلاد يعرف جيدا كيف يزوّر النتائج، حتى قبل أن تصدع بها الصناديق التي اختير لها أن تكون شفافة هذه المرة، و كأن المشكلة في لون الصندوق ... التزوير هذه المرة كان بالشرعية القانونية المتمثلة في نسبة ال 5% من الأصوات المعبر عنها. أما الحقيقة الثانية التي كشفتها لنا انتخابات العاشر ماي، هي أن 45 حزبا و قائمة مترشحة في ولاية الجلفة يجهلون تمام الجهل القانون العضوي للانتخابات ... ليس في شقه الخاص بالانتهاكات التي ارتكبوها (الدعاية التجارية، اللصق العشوائي،...) و لكن السادة المترشحين كانوا يجهلون تمام الجهل أن هذا القانون العضوي قد أجهز على الخاسرين في نسبة الخمسة بالمائة المطلوبة، و الباقي قام به معالي وزير الداخلية عندما قام بتمييع و تمييه الساحة السياسية الوطنية عندما منح 25 اعتمادا لأحزاب جديدة ... حتى صارت إمكانية الحصول على نسبة ال 5% مثل إمكانية صيد الأسماك في واد ملاح !! إن نسبة المقاطعة الكبيرة بولاية الجلفة "58%" و نسبة الامتناع جعلتا جميع المترشحين – بمن فيهم الفائزون- يشعرون و كأنهم سقطوا من سفينة نوح "عليه السلام" !! أو لعلهم يشعرون الآن و كأن حوت يونس "عليه السلام" قد أكلهم فهم ماكثون في ظلمات جوفه !! و لا شك أن النواب الذين فشلوا في التجديد أصبح فؤادهم خاويا كفؤاد أم موسى !! أو لعلهم صاروا كأعجاز نخل خاوية !! لقد كان بعضهم يعول على وصفة أبناء العمومة مع "شوية" خطاب ديني و "قندورة" خضراء و لكنهم نسوا أن البرلمان الذي تنعموا بملايينه طيلة خمس سنوات ... هو نفس البرلمان الذي شرّع الإقصاء النسبي في النظام الانتخابي الذي اقترحته الحكومة ... و هي نفس الحكومة التي هادنوها طيلة خمس سنوات و لا نعتقد أنهم سيعارضونها معارضة شرسة تفضي الى استقالة نوابهم من برلمانها ... ما اصعب فراق 30 مليون سنتيم و ملحقاتها !! و الأكيد أنهم أولئك القوم سيبقون يجترون ذكريات مجدهم الذي ولّى !! إنها مصيبة كبيرة هاته التي ألمّت بهم خاصة أولئك الذين اشتروا بذلات (كوستيم بالعربية) غالية الثمن من مبلغ مساكنهم و سياراتهم التي باعوها!! لن ينسى "اليوتيوب و الفايسبوك" كلامهم و وعودهم أثناء الحملة الانتخابية، و هي التي أوحت إلينا و كأنهم بصدد إتيان الخوارق مثل الفراعنة الذين بنوا أهرامات غاية في الدقة، و اخترعوا أول لغة مكتوبة و قدموا للبشرية أول تقويم شمسي مازلنا نسير عليه إلى اليوم ... و لكنهم – أي الفراعنة- تَفَّهُوا كل ذلك بأن عبدوا الأصنام و الموتى و التماسيح و القطط السوداء و تركوا اله هارون و موسى !! نفس الأمر ينطبق على من زكى الباطل أو سكت عنه و قال "نحن في الحكومة و لسنا في الحكم" !! ربما المترشحون الآن يلعنون الحظ أو يلعنون الصندوق الشفاف بل و يلعنوننا أيضا (نحن جماعة 58) لأننا اخترنا البقاء خارج الملعب يوم مباراتهم النهائية، و كان الأجدر بهم أن يلعنوا أنفسهم لأنهم اختاروا القفز من الشجرة التي كانوا آمنين فيها إلى قاع البئر. ترى هل هناك بقية في نبع خرافاتِهم أم تراه قد نضب؟ أم تراه سيفيض في الإنتخابات القادمة و يسيل يومها الكذب من فمهم مع اللعاب؟ ها نحن نتمثل أحدهم و هو يعدنا بمليون شركة ... كل شركة تدر ما بين 50 إلى 250 منصب عمل !! هاهي قائمة نخبوية "جدا جدا" تدنس الجدران في كل مكان ... و كأن "كرطونة" الدكتوراه و الماجستير تعني أن صاحبها يملك الشجاعة الأدبية و سيقول كلمة "الطز" في وجه سلطان جائر !! ها هو أحدهم كان يحدثنا بالأمس و يقول من بين أسنانه "التغيير ضرورة" أو عندما حصر "مشاكل الجلفة في المنطقة الصناعية" أو عندما قال أحد أنصاره " نحن من جلبنا مشروع حمام المصران" !! هاهي صورة أحدهم مازالت معلقة على الجدران يظهر فيها ضاحكا بلا سبب "تقول كاش من يدقدق فيه" !! الجميع يتذكر كيف أن المترشحين "شخنبوا" في الوعود و أطنبوا في الكلام و قراءة العنتريات و كيف لبسوا ابتساماتهم في وجوهنا و وضعوا على أعينهم نظارات الإشفاق و الحنان !! فعلا هيستيريا ضحك جنوني تصيب المرء كلما تذكر تلك "الهملة" الانتخابية أو شاهد بعضا من مقاطعها في أرشيف اليوتيوب. نصيحة إلى المترشحين المفجوعين من نسبة المقاطعة: افتحوا المصحف الشريف و اقرؤوا سورة "فاطر"... "وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ * وَلَا الظُّلُمَاتُ وَلَا النُّورُ * وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ * وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاء وَلَا الْأَمْوَاتُ إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَن يَشَاءُ وَمَا أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِي الْقُبُورِ "الآيات 19-22. مسك الختام ... إذا كنتم فعلا تحبون الجلفة فاستثمروا فيها ... ابنوا مصانعا و استثمروا في الفلاحة. لا نريد مقاولاتكم التي تبقى تنتظر الميزانيات و المخصصات المالية للمشاريع المبرمجة. لا تكذبوا علينا و تقولوا لنا أن تنمية الجلفة ستكون من القاعات المكيفة في العاصمة أو من تحت قبة مبنى "زيغود يوسف". لا نريد تجارتكم و بازارتكم و محلاتكم التي تجعل من الجلفة مجرد سوق لرواج منتجات الولايات الصناعية الأخرى. لا نريد كلامكم المعسول ... نريد أفعالا ... و غير ذلك تيقنوا أنكم لن تنجحوا سوى في شيء واحد ... رفع نسبة المقاطعة !! إذا كنتم تحبون الجلفة فلا تسعوا إلى قبر منجزاتها ... و هاهو تخصص "الفنون الدرامية" بجامعة الجلفة أحسن مثال على ذلك ... التخصص الوحيد على المستوى الوطني و يريدون قتله في المهد !!؟؟