المواطن: ألا تعتقد أنك بحاجة إلى جلسة رقية على يد الشيخ "فساد قف"؟ العواو: لا، لست بحاجة إلى ذلك ... رغم يقيني بأن حسّادي قد كثروا مؤخرا، و صرت أخاف أن تصيبني "عين" أحدهم. المواطن: يعني أنك قد تتأثر بالعين رغم كونك عواوا؟ العواو: فعلا، و لا تنس "العين" الكبيرة التي أصابت مشروع القرن الذي أشرف عليه، حتى صار يراوح مكانه منذ أكثر من عشر سنوات. و لكن هذا لا يصلح إلا في حال بلادكم، فأنتم معروفون بالمؤامرات العلمية و التصحيحية و التقويمية و التصويبية و الانشقاقات ... و هي ليست من أعراض صراع الأفكار بل من أعراض العين و الحسد على نعيم الدنيا و الحظوة عند السلطان. المواطن: الانتهازيون هم المعروفون بما ذكرت أما نحن المواطنون البسطاء فلا حول لنا و لا قوة ... و لكن ما الذي ستحسد عليه؟ العواو: أنا أتصدر الجرائد كل يوم و الصحافيون يتحدثون عن حزبي الجديد و يتوقون إلى مجرد تصريح بسيط مني. و الآلاف من السياسيين يتمسحون ببابي آناء الليل و أطراف النهار، و يدعونني بالغداة و العشي يريدون العضوية في حزبي ... حتى قبل أن أشرع في إجراءات إنشائه. المواطن: ماذا ستسمي هذا المولود الجديد؟ العواو : "الجزائر للجميع" ..."L'Algérie Pour Tout" ... "L'APT" اختصارا. المواطن: و الله حزبك يبدو مثيرا للشفقة و مثيرا للشهية ... من تسميته و حتى قبل اعتماده. العواو: ماذا تقصد؟ المواطن: مثير للشفقة لأنه وُجِد ليخدم النظام و لأن مختصره بالفرنسية ينطق بنفس كلمة شفقة ( l'APT= la pitié)، و مثير أيضا لشهية الانتهازيين الذين يتمسّحون ببابك ... لاحظ (l'APT= l'appétit). العواو: يبدو أنك أنت أيضا من حسادي ... تبحثون في الأسماء و تتركون المسميات !! حسنا سوف أغير هذا الاسم. المواطن: و ماهو هذا الاسم الجديد؟ العواو: أممم ... قررت أن أسميه "تجمع أمل الجزائر" ... أي "تاج" اختصارا كما اقترح علي أحد الإخوة... و أرجو أن لا تنتقد هذه التسمية أيضا مثلما انتقدت سابقتها. المواطن: أعتقد أنك لا تقرأ التاريخ أيها العواو ... فكلمة "تاج" تحيلنا مباشرة إلى عملية "التاج" أو "لاكورون" التي نفذتها قوات الإستدمار الفرنسي في فيفري 1959 في الولاية الخامسة و جزء من الولاية الرابعة التاريخية التي تنتمي عائلتك إلى إحدى مناطقها. فهل تريد أن تخلد المجازر التي ارتكبها 30 ألف جندي فرنسي جنّدهم الإستدمار في عملية "التاج"؟ أم تريد أن تتذكّر صاحبة "التاج" التي كرّمت المرتدّ سلمان رشدي؟ العواو: هذه هي مشكلتك يا هذا ... البحث في الأسماء دون المسمّيات ... لن أعقب على ملاحظتك هذه لأنها تنبع من الحسد. المواطن: كلما طرحت عليك سؤالا صريحا إلا و اتهمتني بالحسد ... ما قصتك مع الحسد أيها العواو؟ العواو: ربما يعود ذلك إلى تأثري الشديد بأنشودة "The Ghost of Jealousy" للمنشد الراحل مايكل جاكسون. المواطن: أنشودة !! منشد !! ... حسنا، ما الذي سأجنيه كمواطن إذا حسدتك؟ هل تريدني أن أتغاضى عن أخطائك و أستفيد من نفوذك؟ ثم ألا تعتقد معي أنه من طبع الجن و الغيلان الهروب إذا حل بالمكان أحد الرقاة المتمكّنين مثل الشيخ "فساد قف"؟ العواو: آه، كم هو مسكين ذلك الشيخ ... لقد فقد بوصلته و لم يعد يملك زمام الأمور منذ أن ارتبط بالسلطة ثم انفصل عنها، حتى صار يتخبط بين أنياب المنشقين عنه و من يستغلون ضعفه و تخبّطه من أجل التّصدّر ... و من فضّلوا الابتعاد عن هذا الوسط من أمثالي ... باختصار ذاك الشيخ فقد قدرته على الرقية و إخافة الغيلان و الجن و صار لا يستطيع حتى أن ينهر مراهقا يسوق سيارة الهامر التي يملكها ابن الجيران. المسكين لم يعد له من مصدر رزق سوى أن يحاول استرجاع مهاراته في "الرقية"، خصوصا بعد أن طرد الأسبوع الماضي من إقامة الدولة ... المهم أبواب حزبي مفتوحة له إن فكر في الترشح باسم حزبنا الجديد في الانتخابات البلدية القادمة بمسقط رأسه !! المواطن: يعني أنت تعترف بأن من يرتبط بالسلطة سيذوق وبال أمره؟ العواو: بالضبط، هذا ما أقصده ... و لكن هذا لن يتكرر في حالتي. المواطن: كيف؟ العواو: لأن الظروف الداخلية و الخارجية سوف تساعدني على البقاء و فرض رؤيتي و منطقي في حزبي. المواطن: منطقك و رؤيتك ... أم منطق و رؤية مؤسسات حزبك الجديد؟ العواو: هل تلمح إلى أنني سأكون مثل صاحب الطربوش الأبيض الذي يرأس حزبَه و مكتبَه الوطني ومجلسَه الشوري و هيئةَ مستشاريه و لجنةَ انضباطه؟ ... اطمئن يا سيدي حزبي سيكون مثالا للديمقراطية. المواطن: و لكنه قد ينفجر من الداخل ... لأن المنتسبين إليه من أجل السلطة التي تملكها و ليس من أجل مبادئ و أخلاقيات حزبك التي لم تصغها إلى حد الساعة. هم يتهافتون على شيء لم تتضح معالمه بعد و لكن قد اتضحت بوصلته. الظروف التي يولد فيها حزبك تقول أنه سيتبوأ المقعد الأعلى في سلّم محضيات النظام، كما حدث مع الحزب الذي ولد "بشلاغمو". العواو: لا تكن متشائما و لا تسئ الظن بإخوانك ... و دعك من محضيات النظام و حريم السلطان ، فحزبنا يعرف جيدا كيف يستغل الظروف لصالحه. المواطن: العبرة بالنهاية لنرى عاقبتك ...و لكن قل لي هل أنت انتهازي؟ هل تستغل حاجة السلطة إلى اللون الإخواني من أجل صبغ الحكومة القادمة مثلما هو الحال في تونس و المغرب و مصر؟ العواو: عفوا و لكن كلمة انتهازي ليست لبقة ... تستطيع أن تقول "ماكيافيلية" أحسن ... أي "الغاية تبرر الوسيلة" و هي الطريقة الوحيدة لتحقيق المشروع الذي نصبو إليه كإخوان. يعني قد تضطرنا المرحلة التي نعايشها إلى الكذب أحيانا مثل قضية عدم تقديم الإخوان مرشحا للرئاسة في مصر، قد نضطر أحيانا إلى الصمت مثلما تراه في بعض المجالس الشعبية البلدية و الولائية عندما يسكت منتخبونا عن الفساد الصائر ... لأننا نريد التغلغل و من ثم الإمساك بزمام الأمور. و قد نضطر أحيانا أخرى إلى الانشقاق على بعضنا لأننا كما تعلم نطبق أيضا المثل القائل "يعذر بعضنا البعض فيما اختلفنا فيه و نعمل مع بعضنا فيما اتفقنا عليه". نحن نطبق الماكيافيلية بحذافيرها: نددنا بالتزوير في تشريعيات ماي و لكننا لم نسحب نوابنا لأننا بحاجة إلى أن نرفع أصواتنا لنقول "رانا هنا"، و لأننا نحتاج إلى اشتراكات نوابنا المالية في مؤسسات الحزب. المواطن: هل تقصد أن الماكيافيلية تقتضي منكم أن تتلونوا كالحرباء حسب كل مرحلة؟ العواو : أسمع شوف !! ... أنت لا تحاورني و لا تريد أن تعرف طريقة تفكيري و الفلسفة التي سأبني عليها مشروعي السياسي ... أنت تستفزني فقط و تريد إثارة أعصابي. المواطن: معاذ الله أن نكون كذلك يا حضرة العواو، نحن ننقل فقط ما يقوله الجزائريون عنكم. حسنا سؤال أخير ثم نفترق ... العاصميون صوتوا لصالحكم و أعطوكم 17 مقعدا و أنت طلقت التحالف و تفكر الآن في إنشاء حزب جديد ...ثم انك مستعد لمغادرة البرلمان الذي أرادك فيه الناخب... ألا تخشى أن يقال عنك خائن لثقة الناخب العاصمي ... أو يقال عنك متكبر و مغرور يعتقد أن الناس يصوّتون لشخصه لذا ترك الحزب الذي صنعه و قدمه؟ العواو: رغم أن سؤالك عاطفي جدا و مستفز في آن واحد، إلا أنني سأجيبك عنه بالمنطق ... لاحظ معي أننا في دولة سلطة القرار فيها مركزية و الرئيس فيها يتمتع بكامل السلطات و الصلاحيات و الصفات: القائد الأعلى للقوات المسلحة و وزير الدفاع، القاضي الأول في البلاد و رئيس المجلس الأعلى للقضاء، التشريع بأوامر رئاسية بين الدورات البرلمانية مثل قانون المالية لكل سنة، و إمكانية حل البرلمان و كذلك سلطة التعيين في جميع وظائف الدولة ... يعني في هذه البلاد البرلمان مجرد خضرة فوق الطعام و النواب مجرد موظفين لا حول لهم و لا قوة، حتى الزيادة في أجورهم كانت بأمر رئاسي في سبتمبر 2008 ... و الناخب سيكون على درجة من البلاهة و الغباء إن صوّت في التشريعيات ... لأنه مازال يجهل أن البرلمان مجرد غرفة تصديق. أنا لم أخن من صوّتوا لصالحي ... أنا خُيّرت بين أن أكون خضرة فوق الطعام في بر الأمان برضا الشعب و بين أن أكون صاحب سلطة و قرار في التنفيذية برضا السلطان، فاخترت الثانية بكل بساطة ... فالدنيا مع الواقف و لو كان بغلا !!