قام الموسم الجامعي الماضي ثُلة من الطلبة الغيورين على جامعة الجلفة بحملة تحسيسية تحت شعار "من أجل جامعة نظيفة" عبر الفايسبوك... و لاقت مبادرتهم استحسانا من الطلبة و صمتا من إدارة الجامعة، رغم أن تلك المبادرة ما كان يجب أن تكون في واحدة من أجمل جامعات الجزائر بناء و هندسة و تصميما من حيث هي كهيكل، ولا داعي للحديث أو التعليق عن المستوى العلمي لجامعة "زيان عاشور" لأن ذلك موضوع يهمّ المختصين الذين بيدهم تقيم عطاء الجامعات من الناحية العلمية. فالزائر إلى جامعة الجلفة سوف يستمتع فعلاً بالتجول فيها لجمالها، غير أنه سوف يلاحظ ظاهرة سبق الخوض فيها و هي ظاهرة رمي الأوساخ ليس في سلات المهملات بل في حدائق الجامعة. فعند دخولك إلى مقر جامعة الجلفة يقابلك منظر رائع لرئاسة الجامعة و حدائقها على الحافتين. و عند مرورك بقسمي الاقتصاد و الحقوق و ما يجاورهما من هياكل تلاحظ أيضا فضاءات للراحة و مساحات خضراء مازالت تحافظ على نظافتها، فضلا عن وجود سلات لرمي الأوساخ في كل مكان و حتى على الأشجار و لافتات تدعو الى المحافظة على النظافة العامة للجامعة. و لكن ... و للآسف ما إن نتوغّل داخل الجامعة مرورا بمعهد العلوم و إلى أخر نقطة من الجامعة فإننا سنفاجأ بمناظر تسيء إلى هذا الصرح العلمي و تبعث على الخجل و الاستغراب ... كيف لطالب يدرس التهيئة العمرانية أو في معهد الفلاحة السهبية أن يرمي بكوب قهوة أو شاي على الأرض ؟ كيف لطالب في البيولوجيا و العلوم الطبيعية أن يلوث مكان الجلوس و هو يعلم أنه بهذا التصرف سيساهم في خلق وسط ملائم لتكاثر المكروبات و بالتالي الأمراض ؟ كيف لا يدرك من درس القانون و العلوم السياسية أنه لا تخلو دولة في العالم من تشريعات و قوانين تمنع تلويث المحيط و تدعو إلى المحافظة على البيئة ... حتى أن هناك مؤتمرات دولية تنظم كل عام لتدارس سبل تقارب السياسات في مجال الحفاظ على البيئة ؟ كيف بمن درس العلوم الإنسانية آدابا و لغات ينسى الشعراء و الأدباء ممن تغنوا بجمال الطبيعة عبر العصور و بكل اللغات ؟ كيف بمن درس العلوم الاقتصادية لا يعلم أن عدم المحافظة على البيئة ينهك اقتصاد الدول و حتى أن هناك دراسات و تجارب أثبتت أن المحافظة على ما نمتلك في محيطنا يساهم في ادخار ميزانيات الترميم و التنظيف و الهيكلة و الوقاية و العلاج ؟ و كيف بمن هو متخصص في ميدان العلوم الاجتماعية و النفسية لا يعلم أن العديد من الحضارات أقيمت على ما تملكه من مخزون بيئي و أنهم اعتنوا بجمالية محيطهم مثل حضارة الأندلس، أو نتناسى أن ألوان الطبيعة تساهم بشكل عجيب في تغيير من مزاج الإنسان و الوقاية من الأمراض النفسية و النفس - جسدية ؟ كيف بمن يعرف الحديث الصحيح "اذا قامت الساعة و في يد أحدكم فسيلة فليغرسها" يسيء إلى النبات و الشجر ؟ نحن لا نقصد تخصصا دون غيره و لا طالبا دون أستاذ و لا زائرا دون موظف إدارة و لا عاملا دون مسؤول ... فكل من تطأ قدماه جامعة "زيان عاشور" بالجلفة مسؤول و معني بالحفاظ على هذا الصرح و على حرمته. سيقول البعض كذلك أن المعاهد الداخلية للجامعة لا تتوفر بالعدد اللازم لسلل المهملات و هذا ليس بعذر بل على الطالب و على المنظمات الطلابية و الجمعيات المهتمة بشؤون الطالب المطالبة بذلك و حث الطلبة على الحفاظ عليها.