مجموعة من مجاهدي المنطقة الثانية تنشر "الجلفة إنفو" لأول مرة وثيقة مدعومة بشهادات تؤكّد التحاق "جيش التحرير الوطني الجزائري"، أو ما يعرف ب "جيش الصحراء"، بجبهة التحرير الوطني بعد استشهاد "زيان عاشور" في نوفمبر 1956 واستخلاف "عمر إدريس" على رأس منطقة الصحراء. في ظرف اتّسم بزرع "حركة بلونيس" في المنطقة وكذا الاتصالات التي كان يقودها الرائد "عمر إدريس" مع الولاية الخامسة. حيث انعقد مؤتمر انضمام جيش التحرير الوطني الجزائري) جيش الصحراء( إلى جبهة التحرير الوطني التابعة للولاية الخامسة بجبل " ڤعيڤع" في ماي 1957، وهي الاتفاقية التي كان جبل " ڤعيڤع" بدار الشيوخ حاضنا لها، لتقوم فرنسا في خريف 1957 بزرع حركة الخائن بلونيس بمدينة دار الشيوخ ... وقد رُسّم ذلك المؤتمر بلقاء تاريخي بين الرائد "عمر إدريس" و قائد الولاية الخامسة "عبد الحفيظ بوصوف" بالمغرب، وتبدأ أولى معالم الدور المستقبلي في كشف العملاء والقضاء على حركة بلونيس. في أواخر سنة 1956، خلف "عمر إدريس" الشهيد "زيان عاشور" على ناحية "أولاد نايل" وشرق جبال "عمور" بمبادرة من رفاقه. ويعود سبب ذلك إلى أن ولاية "الأوراس - النمامشة" كانت يومئذ ما تزال تبحث عن قائد يخلف الشهيد مصطفى بن بولعيد. في حين أن المكلف بفرع الصحراء، الحسين بن عبد الباقي، كان قد فضّل العودة إلى الأوراس اثر خلاف حدث مع سي الحواس في أوت 1956. هذه الأوضاع فرضت على عمر إدريس، الاتجاه إلى ناحية الغرب أي صوب المنطقة الثامنة من الولاية الخامسة، فقد كان منسجما في ذلك مع توجهات مؤتمر الصومام التي تربط المناطق الصحراوية عموما من حيث التمويل والتسليح بالقواعد الخلفية للثورة على الحدود المغربية. كثّف "عمر إدريس" اتصالاته مع المنطقة الثامنة التابعة للولاية الخامسة بواسطة أحد مبعوثيه المدعو "لعماري" لكن تفاقم خلاف هذا الأخير مع قائده موسى بن أحمد "سي مراد" إلى حد دفع هذا الأخير إلى إيفاد العماري إلى "فيڤيڤ ، فجيج"، على الحدود مع المغرب، قصد اطلاع لطفي على استمرار الصراعات بينهما التي قد تؤدي إلى مجابهة دموية بين الإخوة. وفي آفريل 1957، وقعت معركة "ريشة السبعين" بجبل "ڤعدة الڤمامتة" بالجهة الشرقية بمنطقة آفلو، بين إحدى كتائب جيش الصحراء بقيادة "عبد الرحمان بلهادي"، الذي كان يرى نفسه خليفة للشهيد "زيان عاشور"، وقوات الاحتلال الفرنسي وقد دامت عدة أيام. وتعتبر هذه المعركة أطول معركة في المنطقة حيث تكبد فيها العدو خسائر فادحة وسقط في ميدان الشرف أكثر من 70 شهيدا وأُسر قائد الكتيبة "عبد الرحمان بلهادي" وأُعدم بإحدى ثكنات الأغواط. هذه المعركة كانت تحت أعين قادة المنطقة الثامنة من الولاية الخامسة الذين قاموا بعدها بأسر الكتيبة المذكورة بناء على شكاوى من المواطنين الذين اتهموا الكتيبة بالتحريض ضد جبهة التحرير الوطني، وإلصاق تهمة الخيانة بها، بالإضافة إلى تأليب المواطنين ضد الجبهة. حيث كان من بين المحتجزين لدى قادة المنطقة الثامنة القيادي بالحركة الوطنية (محمد بلهادي) الذي قدم من معركة عين الملح جريحا، من أجل خلافة أخيه "عبد الرحمان بلهادي"... و حتى لا تتفاقم وتتطور الأحداث، تدخلت أطراف لتقويض النزاع بين المصاليين والجبهويين، وسعت إلى فك أسر الكتيبة. لكن المساعي التي قادها سي شوقي بينه وبين الملازم أيوب"علالي قويدر" من جهة جيش جبهة التحرير الوطني، باءت بالفشل، وتم توظيف شخصية "عمر إدريس" في مفاوضات جديدة نظرا لعلاقاته الواسعة وسمعته في صفوف الثوريين من جبهة التحرير الوطني أو المصاليين، رغم أنه (جبهاوي)، وتم في شهر ماي 1957 التوصل إلى اتفاق إثر لقاء بجبال " ڤعدة الڤمامتة" بآفلو بحضور الرائد "سي لطفي"، ممثلا عن قيادة الولاية الخامسة التي كان يقودها "عبد الحفيظ بوصوف" و جرى تحرير محضر يوضح العلاقات المستقبلية بينهم. كما تمّ أيضا توقيع وثيقة رمزية بين "لطفي" و"عمر إدريس" على أن يتم ترسيمها في المغرب. شهادة المجاهد عبد القادر بوعسرية...مؤتمر الانضمام في ماي 1957 بجبل قعيقع...كانت سابقة في تاريخ المنطقة ....وقادة المنطقة استقبلونا ب 800 جندي عقب هذا الاتفاق قام عمر إدريس،قائد جيش الصحراء، بالتوجه رفقة ممثلي المنطقة الثامنة إلى جبل ڤعيڤع، 18 كلم شمال شرق دار الشيوخ، من بينهم عيسى بكباشي وعبد القادر بوعسرية بالإضافة إلى عدة مجاهدين وقد استقبل ممثلو جبهة التحرير الوطني التابعة للولاية الخامسة باحتفالية كبيرة من طرف جنود جيش التحرير الوطني. المجاهد عبد القادر بوعسرية (الثاني من اليمين) رفقة الكاتب وبعض المجاهدين ... ماي 2013 وهنا استوقفتنا نقطة مهمة من خلال شهادة المجاهد "عبد القادر بوعسرية"، والذي كان رفقة وفد المنطقة الثامنة، حيث أنه في أدبيات تاريخ الثورة بأن "جيش التحرير الوطني" يوكل إليه الجانب العسكري فيما يوكل الجانب السياسي إلى "جبهة التحرير الوطني"، لكن من خلال هذه الشهادة المهمة اكتشفنا أن قادة المناطق الصحراوية، التي كانت تحت قيادة الشهيد "زيان عاشور"، حملت اسم جيش التحرير الوطني الجزائري (جيش الصحراء) بعد انضمامها في مارس 1956 إلى الولاية الأولى وإلى غاية مؤتمر الانضمام إلى جيش جبهة التحرير الوطني في ماي 1957 بدار الشيوخ. وباستشهاد القائدين مصطفى بن بولعيد (قائد الولاية الأولى، 23 مارس 1956) وزيان عاشور قائد جيش الصحراء (07 نوفمبر 1956)، اضطر عمر إدريس إلى التوجه نحو الولاية الخامسة، في ظل بقاء الولاية الأولى بلا قائد، والاتصال بقائد المنطقة الثامنة (الرائد علي بودغن المعروف بسي لطفي) والانسجام مع قرارات مؤتمر الصومام. وبذلك انضم جيش التحرير الوطني الجزائري (جيش الصحراء)، المتمركز في جبل ڤعيڤع إلى جبهة التحرير الوطني بالولاية الخامسة ويكون آخر ماي من 1957 هو الانضمام الفعلي في منطقة ڤعيڤع. وقد تم ذلك بحضور ممثلي المنطقة الثامنة تحت قيادة "عيسى بكباشي" وجيش التحرير الوطني الجزائري تحت قيادة "عمر إدريس". ويذكر المجاهد بوعسرية في شهادته أن الوفد استقبل بحفاوة كبيرة من طرف أهل منطقة "ڤعيڤع" و أن جنود جيش الصحراء كان تعدادهم أكثر من 800 جندي. وثيقة تاريخية تؤكد بأن جيش التحرير الوطني الجزائري ( جيش الصحراء) في عهد الشيخ زيان عاشور غير تابع لجبهة التحرير الوطني وللتدليل على استقلالية "جيش الصحراء" عن جيش التحرير الوطني، وقعت بين أيدينا وثيقة تاريخية موقعة من طرف الفوج الثالث التابع لجيش الصحراء، عندما كان تحت قيادة زيان عاشور عام 1956. والوثيقة المذكورة عبارة عن أول عملية هيكلة للخلايا السرية لجيش الصحراء في منطقة دار الشيوخ والأماكن المجاورة لها. وتذكر هذه الوثيقة أسماء أعضاء الخلية السرية لجماعة منطقة "المرجة"، 04 كلم في المخرج الشمالي لبلدية دار الشيوخ حاليا. كما أن الختم الموجود بالوثيقة يؤكد الطرح القائل بأن الجيش المتواجد في المنطقة كان يحمل اسم "جيش التحرير الوطني الجزائري" و "جيش الصحراء" كما هو مكتوب بخط اليد في السطر ال 12 من الوثيقة المذكورة. بمعنى أنه لا توجد علاقة مباشرة بين جيش الصحراء الذي كان يقوده زيان عاشور والذي أصبح فيما بعد تحت إمرة عمر إدريس وجبهة التحرير الوطني. شهادة المجاهد "حاشي عبد الحميد" .....مؤتمر الانضمام كشف خيانة العملاء إن المساعي الحثيثة التي قادها كل من القائد عمر إدريس ونائبه "حاشي عبد الرحمان" استطاعت ضم "جيش التحرير الوطني الجزائري" تحت لواء جبهة التحرير التابعة للولاية الخامسة واستحداث منطقة تابعة لها باسم العمليات رقم 09 من أجل القضاء على حركة بلونيس. ومما يذكره المجاهد "عبد الحميد حاشي" في شهادته هو الدور الايجابي الذي لعبه عمه "حاشي عبد الرحمان" في إقناع "عمر إدريس" بالانضمام إلى جبهة التحرير الوطني التابعة للولاية الخامسة، رغم النتائج الوخيمة التي نتجت عن هذا الإجراء والتي كانت سببا، حسب قوله، في عدم رضا قادة الكتائب التابعة له على غرار "العربي مزيان" المدعو "القبايلي" و"عبد القادر لطرش" و"جغلاف" و"مفتاح". حيث أنهم خططوا فيما بعد للانقلاب على "حاشي عبد الرحمان" وممثل الولاية الخامسة "عيسى بكباشي" في سبتمبر 1957 عقب سفر عمر إدريس إلى المغرب من أجل توقيع اتفاقية الانضمام رسميا مع قائد الولاية الخامسة عبد الحفيظ بوصوف بالإضافة إلى جلب السلاح. الكاتب رفقة المجاهد "عبد الحميد حاشي" إضافة إلى ما سبق ذكره، فان مؤتمر انضمام "جيش التحرير الوطني الجزائري" تحت لواء "جبهة التحرير الوطني" كان سببا مباشرا في لفت نظر القوات الفرنسية في اختيار منطقة " ڤعيڤع" واختيار دار الشيوخ كمقر لحركة بلونيس. ويعد هذا الإجراء انتقاما من قادة جيش التحرير الوطني من جهة والقضاء على مؤتمر جبل "ڤعيڤع" بدار الشيوخ في مهده باعتبار أن فرنسا تخوفت من الاستقبال الكبير الذي حظي به ممثلو الولاية الخامسة في المنطقة، لأنه يعد الأول من نوعه خاصة من الجانب التنظيمي. .../... يتبع صورة المقال: مجموعة من المجاهدين بالناحية الثانية المنطقة الثانية الولاية السادسة، من اليمين الى اليسار : عثماني بوحوص، بوعسرية عبد القادر، البهاهي، حساني محمد، بوطراد،هزيل إسماعيل المصادر والمراجع - محمد عباس، كواليس التاريخ، الخبر اليومي، الخميس 17 افريل 2008، العدد5297، - بن عمر مصطفى ، الطريق الشاق إلى الحرية، دار هومة، 2009 - جمعية أول نوفمبر لتخليد وحماية مآثر الثورة بالجلفة، مآثر جيش التحرير بالولاية السادسة التاريخية، 2004 - سليمان قاسم ، تاريخ الولاية السادسة المنطقة الثانية – من بداية التأسيس إلى نهاية بلونيس منشورات الجلفة إنفو. طباعة دار الكتاب العربي - لقاء مع المجاهد عبد القادر بوعسرية في منطقة قطية بالشارف ، اللقاء نظمته جمعية أول نوفمبر لتخليد وحماية مآثر الثورة بالجلفة ماي 2013 - لقاء مع المجاهد حاشي عبد الحميد، في منطقة قطية بالشارف ، اللقاء نظمته جمعية أول نوفمبر لتخليد وحماية مآثر الثورة بالجلفة ماي 2013 -وثيقة تاريخية سلمها لنا المواطن المهدي سبع صاحب البيت الذي وجدت فيه الوثيقة بمنطقة المرجة بدار الشيوخ