يقال أن السياسة والحكم لعبة قذره - وفى وقتنا الراهن - تتداخل فيها كثير من المؤثرات و المؤامرات - وتلعب فيها المصلحة والمنفعة الدور الكبير، و أزعم بكل تواضع اننى مطلع على الكيفية التي تم تعيين فيها المحافظ الجديد القديم لحزب جبهة التحرير الوطني بالجلفة، مبارك له هذا التكليف متمنيا له السداد في الشأن العام، و لا أُكثر في الإطناب فيه كثيرا أو الخوض في التفاصيل بحكم أني أقف على نفس المسافة بين الجميع، وعند الله تجتمع الخصوم .... و قد يشكل الإنكار أحد أبرز القواسم المشتركة بين جميع المتنافسين لأن الوفاء في النضال السياسي المشروع يقترن بالإدراك الذي يلازم الكفاءة المستمدة من التجربة العلمية مع تراكم للخبرات الإنسانية، و لعمري هذا القاموس من المصطلحات غير معمول به إطلاقا لا في اللجنة المركزية بحكم قربي للكثير من الفاعلين فيها يرقى إليها متآمرا أو آمرا، و لا هي معتدة في قواعدها المحلية التي تستغل مناسباتيا فقط ( الإنتخابات )... لأسباب يعلمها كل من يفهم شيئا ولو يسيرا فى السياسة المبنية على النية المبيته بليل . اعلم وأثق تماما ان هذا التشخيص للواقع قد لا يعجب الجميع لأن ترسيخ المنطق لا يتم إلا بالحجة و الحقيقة لا تصدح بالواقع الذي لا يصح فيه إلا صحيح... فإلى جميع اصدقائي .. أخبركم بما علمت من أكثر من عضو في المكتب السياسي للجنة المركزية لجبهة التحرير الوطني و هم كلهم مصادر موثوقة و تشكل ثقل بيّن، كلها تشير إلا أنه يوجد في ولاية تيارت محافظتين واحدة بعاصمة الولاية و الأخري بقصر الشلالة، و في ولاية الأغواط محافظتان واحدة في شمالها بدائرة أفلو و الثانية في جنوبها بالأغواط، أما ولاية المسيلة فتتمتع بثلاث محافظاتبوسعادة، سيدي عيسي و المسيلة و إذا بحثنا في ولاية المدية نجد ثلاث محافظات ناهيك عن وجود أكثر من محافظة في أكثر من ولاية أخرى. هذا التعدد في المحافظات في الولاية الواحدة أدى إلا التنوع. و لإدراك الحقيقة المجرّدة أن ولاية الجلفة تتمتع بوعاء إنتخابي ثقيل، مهم و كبير، بيد أنه في صورة الواقع المجسدة في المحافظة الوحيدة بالجلفة أصبحت لا تشكل الإجماع بقدر ما أنه لا تزال مثيرًة للجدل والشقاق لحد النفور مما أدى لخلوّها من النخبة المثقفة الفاعلة، بحكم ما للولاية من ثقل تاريخي و سياسي كبير و مؤثر في الساحة الوطنية هذه المكانة التي تتربع عليها ولاية الجلفة باقتدار تتطلب تظافر الجهود لإنشاء ثلاث محافظات لثلاث دوائر كبرى تفاديا للتفرد في القرار و خلق فضاء أفسح و اوسع لإستقطاب الطاقات الهائلة المؤهلة. و من بين الأسئلة التى يثيرها المشهد ما يلى: ما هو موقف المكتب السياسي القائم فى اللجنة المركزية لحزب جبهة التحرير الوطني مما يجرى فى محافظة الجلفة ؟ ردى على السؤال من شقين. الأول يتعلق بترتيب أوضاع البيت الجديد. الذى أزعم أنه لايزال تحت التشكيل، وأن ثمة فيه مساحات لم تتبلور صورتها النهائية بعد. وهو ما يذكرنا بأوضاع الحزب في أعقاب الإنتخابات التشريعية ثم المحلية حيث تولى أمرها "أصحاب الأموال الجدد" وظل عدة سنوات يقلب أمره ويتحرى مواضع أقدامه. و قد اختلف الوضع آنذاك من زاويتين، فالأولى أن أغلب أعضاء محافظة الجلفة كانت لهم خلفيتهم وخبراتهم السياسية النسبية باعتبار أنهم كانوا من "المنتفعين"، فى حين أن المجموعة الجديدة التى تولت الأمر فى الٍمحافظة منذ التعدد جاءت كلها من خارج السياسة، بعدما جُففت منابعها من النخبة نتيجة الإنسداد الحاصل مما نتج حالة سياسية لا تقارن بالجذب السياسى الذى تعانى منه محافظة الجلفة الآن. أما الشق الثانى، فإن المكتب السياسي وهو تحت التشكيل الآن، لايزال تتعدد فيه وجهات النظر والأجنحة، حتى فى بعض المستويات العليا. الأمر الذى يسوغ لنا أن نقول بأنه ليس كل ما يحدث فى المحافظة معبّرا بالضرورة عن توجهات اللجنة المركزية أو حتى رئاسته. وفيما فهمت فإن رئيس الحزب الذى أعطى أولوية قصوى لعملية ترتيب البيت، سكت على بعض الممارسات وحملات تجريح بعض الشخصيات العامة التى لم يكن راضيا عنها، ليس قبولا بها ولكن صبرا عليها.. وعلى كثرة التسريبات التى تروج حول الموقف الحاصل ، فما نشهده على البعد يظل دالا على أن الجزء الغاطس من المشهد أكبر بكثير مما ظهر منه على السطح. و في الختام أقول لمن لهم ضيق من هذا الكلام أن المشكلة هى أين تقف لتنظر إلى أي قضية؟ ... و الرآي الأخر لا يفسد للود قضية ..