صدرت روايتين للأديب الجزائري "محمّد فتيلينه" إبن الجلفة تحت عنوان ' أحلام شهريار' و' بحيرة الملائكة ' عن مؤسسة 'إبداع' للنشر والتوزيع بمصر. تدور فصول الرواية الأولى " أحلام شهريار" حول حياة الملك شهريار الذي ملأت صورته السمع والبصر وحول طفولته وشبابه وتربيته وشغفه العلمي... بل وقبل أن يقف على عرش مملكة الشّرق. وصوّرت الرواية بمزيج من الأسلوب "الشهرزادي" واللغة العميقة أحلام طفولة الفتى شهريار، وحياته بين أروقة قصر "الفردوس" وخدمه وجواريه ومؤدّبيه. وتتزاحم أحداث الرواية – التي دارت في بغداد في القرن الخامس الهجري- بين التراث المشبع بالحضارة، اللغة، الأدب والتصوير الفني، وأيقونة السرد العربي "شهريار"، وتظهر شهرزاد من حين إلى حين، وتختفي بأسلوب سلسٍ وضمني وسط فصول الرواية عبر أحلام شهريار التي ترسمها بدقة وعذوبة وجمال. اما الرواية الثانية "بحيرة الملائكة " ففيها استحضار للتاريخ ضمن سعي سردي إلى المزاوجة بين ثقافة عربية ذات ملامح شرقية، وأخرى غربية ذات ملامح إنسانية. تنطلق رحلة الرواية من عام 2007، إذ يقدح بطلها «لامير آدم» شرارة مغامرتها السردية، ذلك أنه الشخصية الرئيسية في الرواية وصوتها المحوري، صوتٌ حاول الروائي من خلاله إحياء البعد الإنساني عبر بحيرة لامارتين، المكان الذي وقف فيه الشاعر على ظلله وبكى. نقطة البدء لترحال البطل إلى الماضي. «لامير آدم» عبر بحيرة «بورجيه» التي مثّلت أداة الاستحضار وراح إلى سنة 1848، سنة القلق والانكسار والغربة. قلق لامارتين وانكساره بعد خسارته السياسية ضد خصمه نابوليون الثالث وبعد ألمه النفسي والاجتماعي، وهي ذاتها سنة الأسى والغربة التي سكنت قلب الأمير عبد القادر الجزائري وهو في طريقه إلى سجنه القسري في أمبواز. حاول الروائي من خلال «بحيرة الملائكة» نسج شخوصه عبر التفاعل الإنساني والإبداعي لكل من لامارتين والأمير عبد القادر، وشكّل نصه بلغة وصفية إنسانية الدلالة، وسط أماكن تتقاسم الظهور في الرواية، فتارة من فرنسا إلى الجزائر، وتارة أخرى من شمال أوروبا إلى قلب المشرق العربي، وعبر هاتين الشخصيتين مكّن الكاتب قارئه من العيش في أعماق كل منهما، بل والتوغّل في قلبيهما وصوغ عوالمهما عبر حوار سردي داخلي كان في معظمه ابتهالاً وتصوفاً. ولتحفير صيرورة القراءة وشغف المتابعة، أتاح الروائي للمتلقي مشاهدة علاقات أخرى كتلك المليئة إنسانية وألفة بين لامير ومارغريت، فصُبِغت هذه العلاقة بلغة ووصف مختلفين عن العادة. كما طعّم نصه بمشاهد وصور من حياة الشاعرين وما يحيط بهما من معاناة وأسرار وحبّ، فالحب هذه المرة من طرف واحد. تطلّعت الرّاهبة «فارتي» إلى قلب لامارتين، وهفت «روان» الخادمة السّمراء إلى سيّدها الأمير.