في أمسية شعرية متميّزة ديكورا وحضورا واخراجا وتفاعلا، نزل بدار الثقافة "ابن رشد" الشاعران "محمد بن جلول" و"الأمجد مكاوي" ضيفين على الجمهور الذي حضر للإحتفاء بصدور مجموعتيهما الشعريتين "الليلُ كله على طاولتي" و"كأول الخريف" الصادرتين عن "دار ميم" بالجزائر. الجلسة الأدبية كانت من تنشيط الناقد والقاص "قلولي بن سعد" وحضور الناقد الأكاديمي والمترجم الدكتور "شعثان الشيخ" والناقد القاص "عماري بلخير". ديكور الجلسة الذي جاء مفتوحا على الجمهور سمح بمتابعة آراء منشطي الجلسة حيث قدّم الناقد "قلولي" النصين على أنهما منبثقين من معطيات الكتابة التجديدية. غير أشار الى أن المجموعتين الشعريتين مختلفتين تماما. فجاءت "الليل كله على طاولتي" قصيدة نثرية معتمدة تيمة الموت التي تكاد تكون مهيمنة. بينما جاءت "كأول الخريف" معتمدة على التفعيلة مع الإنفتاح على قاموس الطبيعة من الناحية المعجمية ولكن بمعطيات فلسفية عميقة "وُفّق فيها الأمجد" -يقول قلولي- رغم أن ذلك صعب مع قصيدة التفعيلة. من جهته، ٍبدأ الدكتور "شعثان الشيخ" بالعتبة النصية لمجموعة "الليلُ كله على طاولتي" حين أكد على أن كون كلمة "الليلُ" مرفوعة -لا منصوبة على الظرفية- كاف لوحده لجلب الإنتباه لقراءة هذا النص. حيث اعتبر أن هذه المجموعة الشعرية تحيل على الذكير بوعي الإنسان العربي بداية القرن العشرين "في لحظة غير مألوفة عن تأسس الوعي بسلطان الشعر". ويرى المترجم شعثان أن "الليلُ كله على طاولتي" نص يقول لك اقرأني ولا يقول اسمعني" مصداقا لمقولة "النص قرين القراءة فيه وليس قرين الإنشاء". أما من الناحية اللغوية والدلالية، فيرى ذات الناقد أن مجموعة "بن جلول" نص موجه على مستوى مفرداته وهواجسه وتركيب جمله على فكرة الليل ليخلص الى أن شخصية النص "زامبي جونتي" هي محمد بن جلول وأن النص قد خرج عن قيود اللغة والبلاغة ليطوّعها لمقصدية الخطاب التي تأسس عليها. وبخصوص "كأول الخريف"، فقد أكّد الناقد "عماري بلخير" أن الشاعر قد اشتغل على مسألة "النوستالجيا" التي لا يخلو منها أيّ انسان. ليعود بالحضور الى ما عتبره 03 أجيال من الشعراء بولاية الجلفة. فذكر الشاعرين "سعيد موفقي" و"سليم دراجي" كممثلين للجيل الأول الذي كانت سمته "المحاولة" نهاية السبعينات، في حين كانت سمة الجيل الثاني "الإنطلاق" وأعطى مثالا بالشاعرين "شعثان الشيخ" و"عيسى قارف". بينما اعتبر "الأمجد مكاوي" و"محمد بن جلول" ينتميان الى الجيل الثالث الذي صنع "الإستمرارية". الجلسة النقدية تخللتها قراءات شعرية على ضوء عود "علاّ البشاري" وكانت خاتمتها التفاؤل حين عبّر مدير الجلسة الناقد "قلولي بن سعد" عن سعادته بالمجموعتين الشعريتين وأن الشاعرين قد وُفقا في جعل اللغة أفقا وليس زادا مصداقا لرولان بارت. يجدر بالذكر أن الجلسة الأدبية قد شهدت حضورا متميزا لعدة مبدعين على غرار الروائي "عبد الوهاب عيساوي" والروائي-كاتب النص المسرحي "اسماعيل يبرير" والروائي والقاص "عبد القادر برغوث" والشاعر الأكاديمي الدكتور "بلبقع محمد" والشاعر الشعبي "محمد بهناس" والشاعر "عطية شهاب" والشاعرين باللسان الفرنسي "شيبوط نور الدين" و"أحمد بوخلخال" وغيرهم اضافة الى جمهور جاء من الجلفة وبلدياتها عين وسارة وحاسي بحبح ومسعد والإدريسية.