يحدث أن تنطفئ الشموع و تطوى صفحات العمر و هو يتقدم ، كما يحدث أيضا أن تبعث من الجمر المتقد مشاعل لا تنطفئ بسهولة ، هكذا هي جريدة«الشعب »، بعد 55 سنة من الوجود ، لا تضحي فقط من أجل الاستمرارية إنما تصر بعزيمة أبنائها و قرائها على ذلك. لا تخفى على العيان ، الملفات المحلية و مواضيعها المتجددة و المتميزة في مجالات شتى التي تسعى «الشعب» إلى طرحها و تقديمها أسبوعيا لتسليط الضوء على التنمية المحلية في مختلف القطاعات و من زوايا مختلفة أيضا ، زيادة إلى التغطية الإعلامية اليومية للأحداث و المستجدات عبر مقالات صحفية مفصلة لا تُغفل متابعة الصغيرة و الكبيرة من المستجدات و الأحداث و تغطية شاملة و مضمونة لكافة التظاهرات و الملتقيات و اللقاءات. واكبت «الشعب» مسار الدولة و هي تبني أسس الديمقراطية التشاركية كقاعدة للحكم الراشد في جهود تستدعي الدعم و الإسناد ،باستطلاعها لأرأي النخبة عن تطلعاتهم للإصلاحات السياسية و الاقتصادية التي ما تزال قائمة ، و من بين ذلك ما سبق التعديل الدستوري من تجنيد لكفاءاتها في سبيل إثراء الملف بالأفكار و الآراء و الاقتراحات إلى دورها الفاعل في المناسبات الانتخابية و الوطنية مجتهدة في إبراز ما يستحق الذكر و التنويه من إنجازات و عملها على الجمع بين ما حقق و ما يبقى حيز التحقيق من النقائص ، كما كان من بين تلك المواضيع التي لم تتأخر «الشعب» في معالجتها قبل سنوات خلت و ظلت ترتكز عليها متمسكة و ملتزمة بخطها الافتتاحي ، مطلب المنتخبين المحليين بتوسيع صلاحياتهم حيث كانت «الشعب» سباقة إلى طرح الموضوع و معالجته بإثراء النقاش و فتح الحوار المباشر مع المنتخبين أنفسهم و استطلاع رأيهم ، حدث هذا قبل سنوات من أن تصبح مسألة توسيع صلاحيات المنتخبين بالمجالس المحلية حديث رؤساء الأحزاب السياسية و مشروع لإصلاحات قانونية عميقة ستطرأ على قانون البلدية و الولاية في القريب العاجل و كان ذلك مجالا علق عليه احد المنتخبين المحليين بمعسكر مؤكدا كما لو كانت للجريدة نظرة استشرافية لما هو متوقع إصلاحه حاليا و كان بمثابة الحلم الصعب المنال بالنسبة للمنتخبين في سياق حديث سابق لرئيس بلدية البرج بولاية معسكر السيد عالم يوسف ، فضلا عن المواضيع المحلية و الوطنية الثرية بالطرح و النقد البناء التي تقدمها «الشعب» يوميا لقرائها و التي ساهمت بشكل أو بآخر في معالجة مشاكل عالقة و تسوية وضعيات معقدة من طرف السلطات المحلية أو المركزية التي لا تهمل متابعة و مطالعة ما ينشر على «أم الجرائد « على غرار ما انفردت بنشره من حقائق و معاناة تعيشها الشرائح الهشة من المجتمع بمن فيهم عمال النظافة البسطاء ، و هي إفرازات ايجابية وجب الإشارة إليها ،تظهر المكانة التي ظلت جريدة «الشعب» تحتفظ بها رغم الزخم الإعلامي و التطور التكنولوجي الذي قضى على بعض العناوين و بدد بشكل فضيع تأثير الصحافة المكتوبة على مختلف المشاهد الاجتماعية ، الثقافية ، التنموية و السياسية و غيرها ، فعلى الصعيد الثقافي الذي يعتبر عصبا مركزيا لتنمية الوطن و المجتمع تهتم «الشعب» من خلال المواضيع التي تقدمها النخبة من صحفييها بمعالجة المسائل التي تشغل ذهن المفكرين و المثقفين و تقدم بالموازاة مع ذلك الحلول المقترحة المؤسِّسة للنقد السليم و البناء ،و على سبيل الاعتزاز بالمجهودات التي تبذلها النخبة الإعلامية بمؤسستنا العمومية ذات الخط الأصيل الذي لا يتبدل و العنوان الشامخ الذي لا تبدد ، لا بأس أن نقف لتقييم أنفسنا في هذه المناسبة في أعين قرائنا الأوفياء الذين يميزهم عن غيرهم حب المعرفة و الرغبة في الاطلاع على مضامين المواضيع الجادة و الهادفة و لا تؤثر في أذهانهم العناوين البراقة و الأخبار التهويلية ، ليس لأننا نقول أننا أفضل من غيرنا لكن من زاوية التميز عن البقية بالجدية و الالتزام بالضمير المهني الإعلامي في وسط صارت تميزه الفوضى و الرداءة في أغلب الأحيان هذا في حال الإقرار بما يفرزه المشهد الإعلامي من تجاذبات تؤثر سلبا على المجتمع أكثر مما تنفعه فترتقي بالفكر الجماعي . فمن بين تلك المواضيع التي سهر طاقم الشعب على معالجتها و تسليط الضوء عليها على الصعيد الثقافي -على سبيل الذكر، معضلة المسرح الوطني و المسارح الجهوية و معاناتها مع أزمة التمويل و الإنتاج ، حيث ظلت «الشعب» تتناول مثل هذه المواضيع في ملفاتها الثقافية و حولت صفحاتها إلى منبر يتحدث فيه أب الفنون عن مشاكله بدون قيد أو عقد من انتماء هذا الصرح الإعلامي إلى القطاع العمومي ، إذ يغلب الظن أن الإعلام العمومي لا يبيح الحديث عن المشاكل و لا يجيز لمهنييه حرية النقد ، أو أن الإعلام العمومي يقدم من الأخبار أجملها و يتجنب ذكر المساوئ و النقائص خاصة إذا ما تعلق الأمر بالخطابات و التصريحات الرسمية للمسؤولين ، و من باب ضرب المثل يقول مدير المسرح الجهوي لمعسكر الفنان المسرحي أحمد خوصة في إشادة بالفرص التي أتاحتها الشعب لأهل الفن و نخبة المثقفين لمناقشة إهتمامتهم و انشغالاتهم ، أن أحد المواضيع المميزة الموسومة بمشاكل المسرح أتت بنتيجة ايجابية ظهر أثرها على مردودية المسرح الجهوي بمعسكر الأمر الذي زاد من تألقه و تنوع إنتاجاته الفنية المسرحية . الأستاذة بقسم الفنون بجامعة مستغانم خيرة بوعتو التي أكدت أنها لم تتوقع أن تنشر لها مساهمات و مواضيع تنتقد المشهد الثقافي و تزعج القائمين عليه -على جريدة عمومية . أما الدكتور جلال بسكك من جامعة تيارت يقول عن الشعب أنها تعالج بشكل مميز كل التظاهرات الثقافية المهمة و تمد الدعم للفاعلين في القطاع على المستويات المحلية على غرار النوادي الأدبية التي لم تبخل الشعب في تغطية لقاءاتها و أنشطتها. و غير هؤلاء من المسؤولين المحليين الذين صاروا يستنجدون بصفحات الشعب في الكثير من الأحيان لرفع انشغالاتهم في القطاعات التي يشرفون عليها إيمانا منهم بالدور الفعال الذي تلعبه « عميدة الصحافة الوطنية « في دعم التنمية على المستويات المحلية و إعطائها دفعا ، الأمر الذي يثبت مجددا أن الشعب طيلة مسيرتها 55 ظلت تصنع الفارق في منآى عن التهريج و الإعلام المبتذل.