تحتفل ''الخبر'' بالذكرى ال22 لتأسيسها. وتأتي الذكرى هذا العام بينما تستعد مؤسسة ''الخبر'' لإطلاق مشروع قناة تلفزيونية، كتجربة إعلامية جديدة تضاف إلى المتن الإعلامي الذي حققته خلال العشريتين الماضيتين. وسوف تنطلق قناة تلفزيون ''الخبر'' اعتمادا على نفس الأسس التي قامت عليها الجريدة التي اعتمدت على شعار ''الصدق والمصداقية''، وارتكزت على قيم الاحترافية والموضوعية والمهنية. وإذ احتفظت ''الخبر'' بمكانتها في فضاء إعلامي، أقل ما يقال عنه إنه يخضع لمنافسة غير مؤسسة على القيم التي تأسست من أجلها، فإنها تسعى من خلال تجربة القناة التلفزيونية، إلى تقديم إضافة جديدة للفضاء الإعلامي الجديد الذي بدأت تتشكل ملاحه، عقب إعلان السلطة عن نيّتها في الشروع في انفتاح جديد يمس مجال السمعي البصري. مغامرة فكرية اصطدمت بعالم اتصالي فاحش تمرّ اليوم 22 سنة على صدور أول عدد من صحيفة ''الخبر''، تجربة انطلقت بمغامرة فكرية تفاءل كل الصحفيين العاملين في القطاع العمومي، أيام الأحادية، بجدواها وإمكانية نجاحها. وجدت ''الخبر'' وزميلاتها، بعد 22 سنة، في محيط معاد للمغامرة الفكرية، ليس على المستوى الوطني فحسب، بل على المستوى العالمي، إذ لم يعد نجاح تجربة إعلامية مرتبطا بالعوامل الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للبلاد فحسب، بل النجاح يجب أن يكون في خارطة إعلامية عالمية. والخارطة الإعلامية العالمية تحكمها قوى المال والسياسة الدولية، وتفرض قواعد جديدة ''لا تمثل فيها مقاييس مهنة الصحافة إلا قطرة في محيط اتصالي كبير''، على حد تعبير خبراء الإعلام، الذين يحاولون إيجاد مكانة لمهمّة الصحفي المتعارف عليها منذ القدم، وتتمثل في ''تقديم الخبر من زاوية صاحب حرفة''، أي زاوية تختلف عن الأخبار التي يتناقلها عامة الناس. في هذا المحيط الشاسع والمعقّد، قاومت ''الخبر'' رياح الانكسار والتغيير معا. رياح الانكسار، لأن المنافسة غير المشروعة هي صاحبة الكلمة العليا، في قطاع الإعلام أكثر من أي قطاع آخر. وهنا، يجب التوقف عند المحيط الداخلي قبل الخارجي، حيث تتميز التجربة الإعلامية الجزائرية عن غيرها من التجارب في العالم، بكون الحكومة عندنا ترفض السماح لقطاع الإعلام بالتطور كثيرا، لتصبح لدينا مؤسسات إعلامية تنافس نظيراتها الأجنبية. فلا تسمح ببروز صحفيين يؤثرون في الرأي العام، ولا بعناوين صحفية، أو وسائل إعلامية أخرى يمكنها أن تتعامل مع الحكومة من موقع الشريك في صناعة الرأي العام، وليس من موقع المنبر الذي ينقل صوت الحكومة للرأي العام فقط. فيكفي ما يقوله زميلنا مصطفى هميسي من أن رأس مال صحيفة ''الشرق الأوسط'' وحده يساوي كل الأموال المتداولة في قطاع الإعلام الجزائري، لنفهم القضية. لنتوقف، إذن، عند مستوانا الداخلي، حيث لم تتوقف سلطاتنا عن التفكير في إعادة رسم الخارطة الإعلامية، مثلما تعيد رسم الخارطة السياسية. وكل مسلسل من محاولات إعادة الرسم هذه، كانت ''الخبر''، ومعها العناوين الأولى التي شكلت تجربة الصحافة المستقلة، في عين الإعصار. والنتيجة أن ''الخبر'' استطاعت أن تحتفظ لنفسها بعنوان ''الصحيفة الأكثر مصداقية''، وهي صفة لا تكتسب بالإشهار، ولا بالاعتماد الذي تمنحه أو تنزعه السلطات العمومية، ولا بالتسهيلات التي قد تمنح لوسيلة إعلامية دون غيرها، خارج إطار القواعد المعمول بها في القطاع الاقتصادي والتجاري. أما عن رياح التغيير، فمن يقرأ ''الخبر'' يشعر، دوما، بإمكانية أن تكون أحسن بكثير مما هي عليه، ومحاولات فريقها لجعلها أحسن وجعلها تنتقل إلى مرحلة أخرى، يعطيها حجما أكبر وبعدا جغرافيا يتجاوز النطاق المحلي كثيرا. وفي كل مرة، تصطدم هذه المحاولات بجدار المخاوف، أو ما يسمى عند السياسيين ال''ستاتي كو''.
الخبير الاقتصادي محمد بهلول ''الخبر'' صالحت بين الفرانكفونيين والتراث العربي الإسلامي قال الخبير الاقتصادي محمد بهلول: ''لو يكتب تاريخ الديمقراطية في الجزائر، ستحتل جريدة ''الخبر'' خانة متقدّمة''. واعتبر الجريدة بمثابة ''فطور الصباح'' لديه، مثمّنا مساهمتها في ''المصالحة'' بين المعرّبين والمفرنسين، كما صالحت الفرانكفونيين مع التراث الحضاري العربي الإسلامي، ونوّه بالمستوى العالي من حرية التعبير. وأكد الخبير بهلول أن تجربة يومية ''الخبر'' يجب أن نأخذها ''كمثال لبناء دولة، من منظور توظيفها كأداة لحلّ المشاكل''. واعتبر بأن الجريدة ساهمت بلغة عربية حديثة وعصرية في المصالحة وردم الهوّة بين المثقفين المعرّبين والمفرنسين في الجزائر، كما صالحت بين المثقفين الفرانكفونيين والتراث الحضاري العربي الإسلامي، وساهمت في إعادة اكتشاف عمق هذه الحضارة. ووصف قراءته ل''الخبر'' بمثابة طقوس يومية ''أهم من فطور الصباح، أستهلها بقراءة عمود سعد بوعقبة، ثم أعرّج على الافتتاحية والمقالات السياسية والاقتصادية''. وتحدث الخبير عن المستوى العالي من حرية التعبير الذي تتسم به الجريدة، قائلا: ''الحرية في الجريدة مأخوذة كاستثمار، وليس لعبة من لعب الديمقراطية، لتكون قيمة اجتماعية وأخلاقية، تجسد الديمقراطية في أمثل وأسمى معنى''.
عبد العزيز رحابي شاهد وفاعل في ال20 سنة الأخيرة يعتقد عبد العزيز رحابي، وزير الإعلام الأسبق، أنه يجب استخلاص دروس سياسية من تجربة ''الخبر''، بعد 22 سنة من العمل الإعلامي. ومن هذه الزاوية، يرى بأن ''الخبر'' هي ''شاهد ومرافق وفاعل أساسي في تاريخ الجزائر في ال20 سنة الأخيرة''. وقال رحابي، في تصريح ل''الخبر بمناسبة الذكرى ال22 لتأسيسها: ''هي شاهد على تاريخ الجزائر في هذه الفترة، من خلال العراقيل التي واجهتها، ومن خلال كتاباتها ونجاحاتها وإخفاقاتها. مرافقة لتاريخ الجزائر، بحكم أنها الصحيفة الأولى الناطقة بالعربية التي فتحت أعمدتها للمعارضة السياسية والمجتمع المدني، بينما كان صوت السلطة في السابق هو الوحيد المسموح به في الصحافة''، وأضاف: ''الخبر ظلت، إذن، في ال20 سنة الماضية صوت من لا صوت له''. وختم رحابي قوله: ''إن الخبر عبارة عن فاعل أساسي خلال هذه المرحلة، بالنظر إلى مساهمتها والدور الذي لعبته في صناعة الرأي العام''.
الصحفي بوبكر حميدشي جريدة تحصلت على مقروئية كبيرة في وقت قياسي اعترف الصحفي بوبكر حميدشي، كاتب مقال أسبوعي بجريدة ''لوسوار'' وأحد مؤسسي أول أسبوعية مستقلة في الجزائر، بأن لجريدة ''الخبر'' تجربة رائدة في مجال الصحافة المستقلة. واعتبر أن من ناضلوا من أجلها لدى ولادتها، كانوا أكفاء وعملوا جاهدين للحفاظ على نواتها. وقال حميدشي، في تصريح ل''الخبر'' بمناسبة الذكرى ال22 لتأسيسها، إن ''الخبر'' كانت لها بصمة واضحة في عهد حكومة حمروش، رغم الصعوبات الكبيرة التي واجهتها. وأكد أن ''الخبر'' استطاعت، في وقت قياسي، الحصول على مقروئية كبيرة، حيث تحوّل أغلب قرّاء ''الشعب'' ل''الخبر''. وعلى الصعيد الجهوي، استقطبت ''الخبر'' قرّاء ''النصر'' في شرق البلاد وقرّاء ''الجمهورية'' في الغرب. وعن جرأة ''الخبر''، قال المتحدث إنها من بين الجرائد القليلة التي فتحت صفحاتها للأحزاب السياسية المعارضة في فترة التعدّدية، وهي الرائدة في العمل خلال العشرية السوداء التي لم تكن تخشى فيها أي معوقات، وتمارس مهمتها الصحفية النبيلة دون تردّد أو تراجع، بكل مصداقية وحيادية.
الصحفي سعيد لعماري تجربة رائدة في بناء مؤسسة إعلامية يعتبر الصحفي سعيد لعماري، رئيس المكتب الجهوي ليومية ''المجاهد'' بعنابة، أن تجربة ''الخبر'' تعدّ رائدة في بناء مؤسسة إعلامية متميّزة، خاصة إذا وضعنا في الحسبان استقلاليتها عن السلطة من جهة، وتمتعها بالاستقلالية المالية من جهة أخرى. وتحدث لعماري، في تصريح ل''الخبر''، عن مسيرة الجريدة منذ إنشائها، ضمن مخاض عسير لولادة تعدّدية إعلامية في محيط عام مليء بالتناقضات، غير أن اعتمادها على عناصر محترفة، إعلاميا، مكّنها من حجز مكان لها في الحقل الإعلامي منذ افتتاح التعدّدية. وذكر لعماري أن يومية ''الخبر'' تمكنت من حجز مكان لها في الحقل الإعلامي منذ افتتاح التعدّدية، وهذا ليس من باب المجاملة، بدليل أن رقم سحبها ومقروئيتها تدلان على ذلك، مضيفا أن ''الخبر'' قطعت شوطا كبيرا في تحقيق الاحترافية، وهذا ليس بالسهل، بالنظر للظروف التي مرّت بها البلاد، والتي كانت تعيق تطوّر أي مؤسسة. وأكد ذات المتحدث ''رغم تلك الصعوبات، فإن الجريدة ظلت مفتوحة على انشغالات المواطنين،.
الصحافة.. مسؤولية بعد 22 سنة من الممارسة المهنية، يأتي تاريخ الفاتح نوفمبر المجيد الذي اخترناه يوما لانطلاق ''الخبر'' في 1990، ليذكرنا بواجب التوقف عند هذه التجربة الرائدة التي أرادها 26 مساهما قطيعة حقيقية مع صحافة الحزب الواحد وصحافة ''البني وي وي''. يأتي الاحتفال بالذكرى 22 لميلاد ''الخبر'' في ظروف دولية وإقليمية خاصة، تميّزها أزمة اقتصادية خانقة في منطقة اليورو، وتغييرات جذرية في البنية السياسية لدول الجوار، بدءا من الثورة التونسية والمصرية، وصولا إلى التغيير العنيف في ليبيا والتعديل الدستوري في المغرب وما حدث في اليمن ويحدث حاليا في سوريا.. وهي تغييرات كان يستوجب على السلطات الجزائرية أن تحاول التأقلم معها، بدل أن يقول مسؤولو بلدنا لنظرائهم الأجانب إننا في الجزائر عشنا ''ربيعنا'' في 1988 وفتحنا المجال السياسي والإعلامي (طبعا جزئيا فقط) في 1989 و1990، ليخلصوا إلى نتيجة مفادها أن الجزائر ''محصنة'' وشعبها ''واع'' ويعرف جيّدا مصالحه، لأنه اكتوى بنار الإرهاب. فإذا كانت الجزائر، في مجال حرية التعبير، محطة إعجاب وقدوة للدول الإفريقية والعربية في التسعينيات، فإننا أصبحنا، اليوم، في مؤخرة الدول في مجال السمعي البصري الذي يبقى حكرا على السلطة.. فكل الدول العربية، من المحيط إلى الخليج، فتحت قطاع السمعي البصري للخواص.. إلا الجزائر، والسبب معروف لدى العام والخاص، وهو أن سلطاتنا ليس في مقدورها أن تقبل النقد الحقيقي، ولا يمكن أن تسمح لإذاعات وتلفزيونات مستقلة أن ترى النور، وهو ما يفسر تأخر صدور قانون السمعي البصري، رغم أن خطاب بوتفليقة في الموضوع يعود إلى فبراير .2011 منذ نشأة الجريدة، حاولنا دائما أن يتسم عملنا بالمصداقية والاحترافية والمهنية، وحاولنا أن نكون أقرب إلى المواطن عنه إلى الحكام.. فخلال مسيرتنا ''المظفرة'' غالبا والمليئة بالأشواك دائما، عشنا الحلو والمرّ، لكننا أثبتنا، في زمن الرداءة والردة والخنوع، أن الشباب الجزائري قادر على تحقيق النجاح، ولو في بيئة معادية. وخلال مسيرتنا، عرفنا السجون والمضايقات وتقبلنا التهم وقاومنا المؤامرات، لأننا كنا مهنيين وأصحاب رسالة نبيلة. وللأسف، خلال مسيرتنا، فقدنا أعز الأصدقاء الذين أفنوا حياتهم من أجل رسالة إعلامية نبيلة، وفي مقدّمتهم رئيس التحرير المغتال، عمر أورتيلان، وخليفته في المنصب، عثمان سناجقي، والمدير السابق محي الدين عامر، وسقية زايدي ومدني شوقي وجدي جابر وغيرهم كثيرون. لأولئك جميعا نقول: نعدكم بمواصلة المسيرة، ونحن على العهد باقون وعلى المستضعفين والمهمشين مدافعون وعلى المبادئ التي قامت عليها الجريدة محافظون. طبعا، كان أمرا يسيرا علينا أن نختار الطريق السهل، أي الارتماء في أحضان السلطة وتفادي ''العقوبات الاقتصادية'' التي تفرضها الحكومة، عن طريق الوكالة الوطنية للنشر والإشهار التي تحرم الجريدة من الإشهار العمومي والمؤسساتي، بممارسة احتكار يخالف كل قوانين الجمهورية.. هذه هي بعض الحقائق، وما أكثرها، التي ينبغي على حكومة السيد سلال، التي رفعت شعار الإصلاح، إصلاحها خدمة للصالح العام، وتطبيقا لمبدأ المساواة على الجميع، وإرساء لدولة الحق والقانون. هكذا إذن كانت مسيرة ''الخبر'' التي دافعت بقوة عن مصالح الشعب والبلاد، وليس مصالح الحكام والحكومات كما أراد كثيرون أن تفعله، لأن هدفنا كان الدفاع عن دولة الحق والقانون، وعن كسب المزيد من مساحات الحرية والديمقراطية، ومحاربة كل التجاوزات والرشوة والمحسوبية التي أصبحت بمثابة ''قوانين'' لا يعلو عليها قانون.. ببساطة، هذه هي ''الخبر''، وما ذكرناه سابقا إلى جانب أن الجريدة يملكها صحافيون محترفون، كان السبب الرئيسي لنجاحها واحتضانها من قبل عامة الجزائريين.. عاشت ''الخبر''، وعاشت الكلمة الحرّة.