فلاحة: التمور الجزائرية تصدر إلى أكثر من 90 دولة    رئيس الجمهورية يتلقى رسالة خطية من نظيره الصومالي    وزير الصحة يبرز التقدم الذي أحرزته الجزائر في مجال مكافحة مقاومة مضادات الميكروبات    الأسبوع العالمي للمقاولاتية بورقلة:عرض نماذج ناجحة لمؤسسات ناشئة في مجال المقاولاتية    المجلس الأعلى للشباب ينظم الأحد المقبل يوما دراسيا إحياء للأسبوع العالمي للمقاولاتية    غزة: مجزرة بيت لاهيا إمعان في حرب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني ونتيجة للفيتو الأمريكي    رفع دعوى قضائية ضد الكاتب كمال داود    أيام إعلامية حول الإثراء غير المشروع لدى الموظف العمومي والتصريح بالممتلكات وتقييم مخاطر الفساد    صناعة غذائية: التكنولوجيا في خدمة الأمن الغذائي وصحة الإنسان    عميد جامع الجزائر يستقبل رئيس جامعة شمال القوقاز الروسية    منظمة التعاون الإسلامي: "الفيتو" الأمريكي يشكل تحديا لإرادة المجتمع الدولي وإمعانا في حماية الاحتلال    منظمة "اليونسكو" تحذر من المساس بالمواقع المشمولة بالحماية المعززة في لبنان    كرة القدم/ سيدات: نسعى للحفاظ على نفس الديناميكية من اجل التحضير جيدا لكان 2025    فلسطين: غزة أصبحت "مقبرة" للأطفال    حملات مُكثّفة للحد من انتشار السكّري    يد بيد لبناء مستقبل أفضل لإفريقيا    التزام عميق للجزائر بالمواثيق الدولية للتكفّل بحقوق الطفل    الرئيس تبون يمنح حصة اضافية من دفاتر الحج للمسجلين في قرعة 2025    الجزائر متمسّكة بالدفاع عن القضايا العادلة والحقوق المشروعة للشعوب    بحث المسائل المرتبطة بالعلاقات بين البلدين    حج 2025 : رئيس الجمهورية يقرر تخصيص حصة إضافية ب2000 دفتر حج للأشخاص المسنين    قمة مثيرة في قسنطينة و"الوفاق" يتحدى "أقبو"    بين تعويض شايل وتأكيد حجار    الجزائرية للطرق السيّارة تعلن عن أشغال صيانة    ارتفاع عروض العمل ب40% في 2024    90 رخصة جديدة لحفر الآبار    خارطة طريق لتحسين الحضري بالخروب    المجلس الوطني لحقوق الإنسان يثمن الالتزام العميق للجزائر بالمواثيق الدولية التي تكفل حقوق الطفل    40 مليارا لتجسيد 30 مشروعا بابن باديس    3233 مؤسسة وفرت 30 ألف منصب شغل جديد    طبعة ثالثة للأيام السينمائية للفيلم القصير الأحد المقبل    الجزائر تشارك في اجتماع دعم الشعب الصحراوي بالبرتغال    مجلس الأمن يخفق في التصويت على مشروع قرار وقف إطلاق النار ..الجزائر ستواصل في المطالبة بوقف فوري للحرب على غزة    تكوين المحامين المتربصين في الدفع بعدم الدستورية    الشريعة تحتضن سباق الأبطال    الوكالة الوطنية للأمن الصحي ومنظمة الصحة العالمية : التوقيع على مخطط عمل مشترك    دعوة إلى تجديد دور النشر لسبل ترويج كُتّابها    فنانون يستذكرون الراحلة وردة هذا الأحد    رياضة (منشطات/ ملتقى دولي): الجزائر تطابق تشريعاتها مع اللوائح والقوانين الدولية    خلال المهرجان الثقافي الدولي للفن المعاصر : لقاء "فن المقاومة الفلسطينية" بمشاركة فنانين فلسطينيين مرموقين    الملتقى الوطني" أدب المقاومة في الجزائر " : إبراز أهمية أدب المقاومة في مواجهة الاستعمار وأثره في إثراء الثقافة الوطنية    رئيس الجمهورية يشرف على مراسم أداء المديرة التنفيذية الجديدة للأمانة القارية للآلية الإفريقية اليمين    سعيدة..انطلاق تهيئة وإعادة تأهيل العيادة المتعددة الخدمات بسيدي أحمد    أمن دائرة بابار توقيف 03 أشخاص تورطوا في سرقة    ارتفاع عدد الضايا إلى 43.972 شهيدا    فايد يرافع من أجل معطيات دقيقة وشفافة    حقائب وزارية إضافية.. وكفاءات جديدة    القضية الفلسطينية هي القضية الأم في العالم العربي والإسلامي    تفكيك شبكة إجرامية تنشط عبر عدد من الولايات    انطلاق فعاليات الأسبوع العالمي للمقاولاتية بولايات الوسط    ماندي الأكثر مشاركة    الجزائر ثانيةً في أولمبياد الرياضيات    هتافات باسم القذافي!    هكذا ناظر الشافعي أهل العلم في طفولته    الاسْتِخارة.. سُنَّة نبَوية    الأمل في الله.. إيمان وحياة    المخدرات وراء ضياع الدين والأعمار والجرائم    نوفمبر زلزال ضرب فرنسا..!؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في اليوم الوطني للصحافة
نشر في النصر يوم 21 - 10 - 2013


السلطة الرابعة بعيدا عن الاحتراف قريبا من الانحراف
تحيي الجزائر اليوم، اليوم الوطني للصحافة الذي أقره رئيس الجمهورية والذي يجري إحياؤه لأول مرة، النصر وبهذه المناسبة تخصص عددا كاملا لمناقشة وضع الصحافة الجزائرية من مختلف الجوانب أخذ فيه محررو الجريدة ومختصون حريتهم الكاملة في فحص التجربة الاعلامية الوطنية بما لها وما عليها، فيما يشبه التقييم والنقد الذاتي والمقارنة مع تجارب أخرى. حيث تمت محاورة مختصين وأكاديميين وفاعلين من القطاع العام والخاص، إلى جانب رصد مختلف مراحل تطور الصحافة الجزائرية. وليعذرنا القراء الكرام إن شغلناهم ليوم واحد بقضية مهنة المتاعب التي نعتقد أنها من صميم الانشغالات المرتبطة بالتطور السياسي والاجتماعي للبلاد.
الاتصال آخر اهتمامات معظم الهيئات
المؤسسة الرسمية في واد والاتصال في واد آخر
يجمع المسؤولون ورجال الإعلام، والمتتبعون، على ضعف الاتصال المؤسساتي في الجزائر، فبرغم الوعود التي قدمتها الحكومات المتعاقبة، والوزراء المكلفين بحقيبة الاتصال، لم تتمكن المؤسسات الرسمية من كسر "حاجز الصمت" الذي تكرس طيلة عقود من الزمن، ولا يزال تقديم المعلومة المناسبة في وقتها من طابوهات الإدارة، التي صقلتها سنوات من "كتم الأنفاس" وانتظار الأوامر الفوقية قبل تقديم المعلومة.
تحرص وسائل الإعلام في الدول المتقدمة على نسج علاقات "مهنية" مع المكلفين بالإعلام والممسكين بمصادر الخبر، لتسهيل مهمة الحصول على المعلومة ونقلها في وقتها، هذه العلاقات في الدول الغربية لا تقف على "الإكراميات ومنح الهواتف والمزايا" للإعلامي مقابل تقديم هذه المعلومة، بل هي علاقة مهنية يكون كلى الطرفين رابحا، فمصدر الخبر يحرص على تبليغ المعلومة في وقتها ولو كانت سلبية حتى لا تروجها أطراف أخرى تغذي الإشاعة، والإعلامي يحرص على نقل الخبر بأمانة.
قال صحفي أمريكي قام مؤخرا بالإشراف على ندوة تدريبية لصالح الإعلاميين بان العلاقة بين المكلفين بالإعلام ورجال المهنة، حجر الزاوية في أي عمل صحفي، ويقول "يجب أن يعرف الصحفي كيف يكسب بمهنيته مصدر الخبر.. وعليه في الوقت ذاته إقناعه بأنه من الأجدر له تقديم المعلومة حتى ولو كانت سلبية قبل أن يبثها منافسوه وفق ما يناسبهم".
هذه العلاقة في الجزائر بين الإعلامي ومصدر الخبر في المؤسسات الرسمية تكاد تكون منعدمة، وغالبا ما تكون الاستثناء وليست القاعدة، بسبب سنوات من "السرية وإخفاء المعلومة" وهي السياسة التي صقلت الإدارة الجزائرية وحولتها إلى "أدراج" للأخبار يحظر نشرها إلا إذا وافق المسؤول على ذلك، هذه الذهنية وقفت أمام كل محاولات إصلاح الاتصال المؤسساتي، ولم تجدي نفعا التعليمات التي قدمها الوزير الأول عبد المالك سلال للإداريين، بسبب "العادات البافلوفية" لإداريين يعتقدون بان نقل الخبر هو آخر اهتماماتهم.
وتحولت مهنة "المكلف بالإعلام" في المؤسسات الرسمية إلى "مكلف بالصمت" وغالبا ما يرد على أي طلب للحصول على استفسار حول موضوع ما، بان المعني في اجتماع.. أو في مهمة، أو "اترك رقمك وسنعيد الاتصال بك فور عودته".. هي عبارات تستخدم حتى لا يقال للإعلامي "استفسارك لا جواب له عندنا"، حيث يواجه الصحفيون ورجال الإعلام صعوبات كبيرة في التواصل مع المكلفين بالإعلام على مستوى الهيئات الرسمية، في إطار مهامهم اليومية، رغم أن التعامل مع الصحفيين يدخل في صلب مهام هؤلاء الموظفين.
هذا الرفض في تزويد الإعلاميين بالخبر، أثار امتعاض الوزير الأول عبد المالك سلال الذي انتقد، إحجام بعض المسؤولين عن مد الرأي العام بالمعلومات، ما يفسح المجال أمام الدعاية والإشاعات، واعترف سلال، بوجود خلل في إيصال المعلومات الصحيحة للقضاء على الدعاية، وقال بأنه يجهل سبب هذه الإشكالية، ولخص سلال الوضعية بالقول بان "المؤسسة في واد والاتصال في واد آخر"
ويعترف المسؤولون، بان الامتناع عن تقديم المعلومة الصحيحة في وقتها مهما كانت طبيعتها، فتح الأبواب وحتى النوافذ أمام الإشاعات لدرجة انه حتى عندما يصدر تصريح من مسؤول ما تنتشر معلومات مضادة لتكذيب ما جاء على لسان الرسميين، وقد برز ذلك جليا خلال الفترة التي قضاها الرئيس بوتفليقة في فرنسا للعلاج، حيث انتشرت أخبار كاذبة صدقها الكثيرون ولم يأبهوا بالتصريحات التي كانت تصدر عن المسؤولين.
ويشير مختصون إلى وجود أزمة عميقة في اتصال المؤسسات الرسمية مع الصحافة والمجتمع، ومأزق حقيقي في انخراطها في عالم التواصل الشبكي على الأنترنت. وقال المدير العام السابق لوكالة الأنباء الجزائرية، بدر الدين الميلي، خلال الملتقى الذي نظم حول موضوع الاتصال المؤسساتي إن "أزمة مرض الرئيس وفضائح سوناطراك كشفت وجود تضارب بين المؤسسات الرسمية، مس بمصداقية المؤسسات المكلفة بتسيير الشأن العام، في مقابل الدعاية التي أخذت حيزا كبيرا في الساحة، وهو ما شكل تهديدا للأمن، وأثر بشكل بالغ على صورة الجزائر في الخارج".
وأوضح الميلي أن "هناك نفورا عاما ومقاطعة لأي أمر تقوم به الدولة"، مشيرا إلى أنه "وبرغم نجاح الدولة في مكافحة الإرهاب، وتسيير مرحلة بالغة الخطورة كتلك المرحلة، إلا أن المؤسسات الرسمية تعاني أزمة عميقة، في الوسائل والتنظيم والعصرنة". واعتبر الميلي أن الاتصال المؤسساتي هو آخر اهتمامات الدولة، لدرجة أن معاقبة الإطارات تكون بتوجيههم إلى هياكل الاتصال".
وقد عاش وزير التربية، بابا احمد بمرارة هذه التجربة، عندما وجد نفسه في مواجهة الإشاعة ضربت مصداقية أول شهادة في الجزائر وهي "البكالوريا" وذلك نتيجة لعملية تضليل تعرض لها التلاميذ عبر شبكة التواصل الاجتماعي "الفايسبوك". وتحولت الإشاعة إلى وقود لاحتجاج الطلبة، قبل أن تتحول إلى قضية دولة واستدعى الأمر تدخل الوزير الأول عبد المالك سلال لطمأنة المترشحين.
كما وجهت انتقادات للحكومة بسبب تسييرها لملف الاعتداء الإرهابي على مصنع إنتاج الغاز في تيقنتورين، وهو ما فسح المجال أمام بعض القنوات والمواقع الالكترونية التي وجدت الفضاء مفتوحا أمامها لنقل أكاذيب ونشر ما يقوله الإرهابيون في ظل صمت رسمي، واقر مسؤولون حينها، بحصول نوع من الارتباك في الساعات الأولى بعد وقوع الحادثة بسبب حساسية الوضع، كونه يشكل سابقة في تاريخ الجزائر، ويرى المسؤولون بان هذا الوضع تم تداركه فيما بعد من خلال التصريحات التي صدرت عن مسؤولين حكوميين سمحت بتوضيح الصورة للجزائريين والأجانب.
ولمواجهة هذه النقائص تعهد وزير الاتصال عبد القادر مساهل بالتواصل مع مختلف وسائل الإعلام الوطنية مستقبلا وباعتماد سياسة اتصال واضحة ودائمة، وقال أنه لا توجد "محظورات" بالنسبة إليه، وأن وزارته على وشك الانتهاء من وضع استراتيجية للاتصال المؤسساتي، داعيا كل وسائل الإعلام لاعتماد النزاهة والمصداقية ونقل الصورة الحقيقية للجزائر.
وأعلن وزير الاتصال عن فتح صفحة جديدة مع وسائل الإعلام الوطنية فيما يتعلق بالاتصال المؤسساتي، وطمأن رجال الصحافة بأنه مستعد لضمان الاتصال معهم في المستقبل وتوفير كل المعلومات والمعطيات التي تحتاجها الصحافة الوطنية. وقال الوزير الذي ذكّر بأن عائلته الأولى هي الصحافة، أنه لا توجد "طابوهات" لديه، وأنه على وسائل الإعلام الوطنية أن تلعب الدور المنوط بها في نقل الصورة الحقيقية عن الجزائر بكل مصداقية. أنيس نواري
تحالف ضده نقص الاحتراف و الانحراف
الصحفي الجزائري بين موزع للسكن و صانع لرؤساء الجمهورية
أبانت تجربة التعددية الإعلامية التي عرفتها الجزائر على مدار العشرين سنة الماضية عن مفارقة عجيبة تستدعي التوقف عندها ملّيا من قبل الدارسين و المسؤولين ، إذ في الوقت الذي تزداد فيه العناوين من الناحية العددية ،فإن ممارسة المهنة تزداد تقهقرا و انحطاطا يوما بعد يوم ، و هو ما ينذر بتلاشي أبسط القواعد الأساسية المتعارف عليها لممارسة المهنة و يقدمها للرأي العام الوطني و كأنها مهنة بدون أخلاقيات.
و قد دخلت الممارسة الإعلامية في السنوات الأخيرة بالفعل مرحلة من الفوضى و الإنفلات إلى درجة أصبح فيها حق المواطن الجزائري في الإعلام مهددا بالضياع و المصادرة،و ربما الأخطر من ذلك هو تحول المنظومة الإعلامية بأكملها إلى خطر حقيقي يهدد المصالح العليا للأمة و مؤسسات الدولة،ذلك أن تحالف نقص الإحتراف و الانحراف عن قواعد المهنة ، لم ينتج إعلاما وطنيا ذي مصداقية يتشبث به الرأي العام الوطني كرافد للتعبير و مكسب ديموقراطي لا يمكن التفريط فيه ،أو أن تلجأ إليه السلطات العمومية في وقت الحاجة الوطنية كمنصة ذات ثقل و مصداقية لتحسيس الرأي العام بقضايا الأمة.
إن الوضعية البائسة التي تعيشها المنظومة الإعلامية برمتها بلغت ذروتها عندما أصبح الصحفي الجزائري يضع نفسه في موقف كاريكاتوري مثير للشفقة ،و الأدهى من ذلك كله هو أن ظاهرة السقوط و الإنحدار التي تتم عن جهل أو عن وعي، لم يسلم منها حتى الذين شارفوا على نهاية مسارهم المهني ، بداية من الصحفي البائس الذي يمارس المهنة و هو غير مؤمن اجتماعيا ،و مع ذلك يعتقد أنه أيضا من مهامه الإعلامية توزيع السكن على المواطنين ،وصولا إلى صحفي دخل مرحلة الخرف الإعلامي و ابتدع مهمة جديدة لنفسه وهي صناعة رؤساء الجمهورية .
الصحافة مهنة شريفة و نبيلة مثلها مثل مهنة القضاء و المحاماة و الطب و التعليم تحتم على المشتغلين بها استعدادا خاصا و تكوينا مكثفا بعد عملية اصطفاء صارمة، والصحفي باعتباره محور العملية الإعلامية يجب تأهيله قبل الزج به في ساحة المعركة الحديثة التي هي الكلمة و الصورة، فالمسؤول الإعلامي الجزائري أو الناشر الذي يتخندق وراء مكتبه ،يتحمل مسؤولية جنرال الحرب الذي يدفع بجنوده إلى ساحة المعركة و هم بدون سلاح ، وبعد القضاء عليهم يستسلم .
و في انتظار أن ترسو السياسة الإعلامية للدولة الجزائرية في السنوات القادمة على مرفأ واضح المعالم ، فإنه من واجب البقية الباقية من المهنيين الذين ما زالوا يقتاتون من هذه المهنة الشريفة أن يساهموا في فتح نقاش وطني لتقييم موضوعي و نزيه لتجربة التعددية الإعلامية بمناسبة هذا اليوم الوطني للصحافة، و هذا أولا من أجل وقف بعض الانحرافات وثانيا استغلال ايجابيات تجربة الصحافة المكتوبة في فتح مجال السمعي البصري للخواص، و هنا التجربة ستكون أكثر دقة و حساسية. ع ط
صراع الآباء والأبناء فوق سفينة تغرق
إجماع على تراجع مستوى الصحافة الجزائرية وتبادل للتهم بين الأجيال
يجمع الصحفيون الجدد والقدماء على أن هناك تراجع في أداء الصحفي الجزائري والصحافة عموما لكن كل جيل ينظر إلى نفسه على أنه الأحسن ويحمل الجيل الآخر مسؤولية تدني المستوى لعدم وجود تكامل بين مختلف الشرائح المهنية وحالة من التعامل الفوقي من الجهتين ما خلق صراعا غير معلن انعكست نتائجه على المهنة.
لا يختلف اثنان على أن جيل الحزب الواحد تميز بالتمكن من اللغة والصنعة الإعلامية المتقنة وهالة صنعها لنفسه بكتابات جادة وذات مستوى عال، لكن الجيل الأول للتفتح الإعلامي يرى أن الصحافة الجزائرية الفعلية ولدت معه وما كان قبله لا يتعدى كونه مجرد كتابات أدبية ذات لغة لا تفهمها سوى النخبة، وأن أولائك "الكتاب" لم ينزلوا إلى الحياة وكانوا يكتبون عنها من منظورهم الخاص والضيق وبتعليمات فوقية لا تخرج عن خط الحزب وكانوا يصنفون على أنهم "مناضلون بأقلام جيدة"، لكن تلك النظرة لم تلغ حقيقة أن ذلك الجيل صنع لنا أسماء لا تزال الذاكرة إلى اليوم تحفظها وكتاب تعدت شهرتهم حدود الوطن، كما هناك جيل ثان جاء بعدهم عايش الأحادية لكنه لم يبرز إلا مع التفتح بعد أن اختار كثيرون العمل المستقل وكونوا جرائد خاصة التحقت بها فيما بعد خيرة الأقلام ، وهم ما يسمى بجيل التفتح الذي خدمته الظروف السياسية وتميزوا بالتمتع بهامش حرية أكبر خلق صحافة من نوع جديد لا تعتمد على اللغة لكنها صحافة تعليق وكسر الطابوهات، التجربة كانت سببا في ظهور جيل أعلن القطيعة مع الذي سبقه سيما الأقلام التي لم تندمج وظهرت فئة شابة بأفكار مختلفة، وحتى من اندمجوا ظلوا في خانة كتاب المقالات ولم يسمح للكثيرين بالاندماج في السياسة التحريرية، وهو نفس الجيل الذي يفترض أنه قد أطر الجيل الحالي الذي يوصف بأنه الأسوأ بإجماع الجيلين السابقين.
صحفيو اليوم يرون ان من سبقوهم يرفضون منحهم فرصة كالتي تحصلوا عليها هم ،ويعتبرون أنهم فئة مظلومة كونها عملت في ظروف مخالفة بظهور كم كبير من الجرائد وحالة من الاستغلال لطاقات شابة بطالة لم تؤطر بشكل مباشر ولم يسمح لها بالتعلم من القدماء عن طريق الاحتكاك بسبب عقدة التفوق، ما جعل هذا الجيل بالذات يعلن القطيعة مع ما كل ما هو قديم. وهي تصورات تعكسها آراء رصدناها من صحفيين يمثلون أجيال مختلفة من عمر الصحافة الجزائرية
"أقلام رحلت وأخرى إبتعدت"
حيث يرى الصحفي "السعدي ناصر الدين" أن كثير من الصحفيين من جيله الذين أسماهم بصحفيي " مهام البناء الوطني " في السبعينات بلغوا سن التقاعد ففضلوا الابتعاد عن مشقة العمل وهذا اختيار يتصل بقدرة الصحفي الانسان على التحمل. ومنهم ايضا من لم ينسجم مع متطلبات وضع التسعينات وما بعدها فانسحب، كما يضيف، إما مهاجرا للخارج منطويا في زاوية نشاط غير صحفي، او رحّل قلمة وهو في البلد "وهو حالي انا مثلا". وقال أنه هنا ولكن كتاباته تقرأ في الخارج ، ولا يرى محدثنا أن هناك صراع أجيال، مشيرا بأنه وفي الجيل القديم يوجد صحفيون جيدون وآخرون اقل جودة وفريق ثالث يمكن وصفه بالرديء. وفي الجيل الجديد أيضا يوجد نفس التصنيف، مؤكدا أنه يقرأ لشباب يحاول ان يبحث ويقترب من الحقيقة لكن هناك من اسماهم بصحفيي " كوبي كولي " وفريق ثالث يخطئ حتى في ممارسة " كوبي كولي " ولا يتقنها.
و عن غياب الجيل القديم عن التأطير يشير الأستاذ سعدي انه ربما يخدم الصحافة ويتيح الفرصة للبحث عن هذه السبل والابتعاد قدر الإمكان عن "النمطية"، المتحدث يعتبر أن جيله كان في وضع مهني و سياسي محدد.." كان ما ننقل من معلومات هي من الأعلى بحكم أن النظام القائم مدمج يشكل كتلة واحدة.. و ما ننقله من حالات الناس هو بشكل شكاوى ترفع عن طريق الصحافة إلى هذا النظام كي ينتبه للنقائص"، ولم يكن، وفق نظرته، بشكل ممارسات لتوفير شروط التغيير. الصحافة كانت تعبيرا عن النظام القائم وتعكس توجهاته حسب المتحدث.
ويفسر هذا الصحفي المخضرم، الحكم على الجيل السابق من الصحفيين بأنهم كتاب أكثر منهم صحفيين، بركونهم لكتابة أعمدة و " مقالات المكتب " بدل التحقيق والعمل الميداني ، مؤكدا أنه و في الدول المتقدمة الصحفيون من ذوي الخبرة توكل إليهم المهام الميدانية المعقدة. مشيرا أن في أمريكا لكي يخرج الصحفي إلى التحقيق أو الروبرتاج يجب أن يشتغل سنوات طويلة . "لكن عندنا يحدث العكس" .
"صحفيو اليوم متسرعون وأصابهم الغرور"
أول ناشرة بالجزائر "الأستاذة حدة حزام" التي اشتغلت في القطاع العام قبل أن تتحول إلى القطاع الخاص ترى أن الصحفي الجزائري، هو نتاج منظومة تربوية واجتماعية متدنية ، يعاني ما تعانيه كل المهن الأخرى من نقص في التكوين بسبب تدني مستوى الجامعة الجزائرية الذي له أسبابه هو الآخر، أولها كثرة إعداد الطلبة وعدم مطابقة البرامج لمتطلبات المهنة ،ومن ضيق في افق الطموح عند الغالبية ، لكن هذا لم يمنع ، حسبها، ظهور الكثير من الأسماء في الساحة الإعلامية التي تميزت بالمهنية وبالجدية ، وساعد على ذلك من جهة توفر الإرادة عند البعض ، وأيضا ظهور بعض العناوين الإعلامية الجادة . فالصحفي الجزائري، كما تقول، الأستاذة حزام" يمكن أن يصل إلى مستوى نضرائه في العالم إذا ما توفرت له الظروف و الحرية الضرورية للإبداع .
أما عن التهور الذي يتهم به هذا الجيل فهو راجع، كما تضيف، للفوضى التي يعيشها القطاع ، بسبب كثرة العناوين وقلة الإمكانيات المتاحة من جهة ، ومن جهة أخرى بسبب انسداد سبل الوصول إلى المعلومة ، زد إلى ذلك قلة التكوين و التاطير وغياب الصحافة الاستقصائية ، كما أن هاجس السبق الصحفي جعل الكثيرين، برأيها، يدوسون على قواعد المهنية فيسقطون في الأخطاء التي تكون فادحة في كثير من الأحيان ، وقد شجع على ظهور وانتشار هذا النوع من الصحفيين ، المؤسسات الإعلامية نفسها التي يديرها، كما تقول ، عادة أناس من خارج المهنة همهم الوحيد خلق الإثارة لتحقيق الكسب السريع .
الناشرة لا تعترف بوجود صراع أجيال بالمعنى الحقيقي ، لكنها تعتقد أن الصحفيين اليوم متسرعون والكثيرين منهم يصابون بالغرور بمجرد توقيع أسمائهم على مقالات ، وهذا مطب كثيرا ما يقع فيه الصحفيون فتنتهي تجربتهم مبكرا وكان من الأفضل أن "لا ينشر توقيع الصحفي إلا بعد تجربة بضعة أشهر" حتى يتمكن جيدا من مهنته مثلما كان معمولا به في السابق ، كما تفسر ما يحدث بنقص التواصل بين الأجيال بسبب اختلاف النظرة للمهنة وحتى طريقة الممارسة معتبرة هذا الجيل أكثر حظا مقارنة بجيلها من حيث مناخ الحرية ومصادر المعلومة لكنها معطيات لها سلبياتها أيضا كونها سهلت سرقة المقالات وإعادة نشرها. وعن أساليب الانتفاع من الصحافة التي تنسب لهذا الجيل قالت السيدة حدة أنه في السابق أيضا كان هناك صحفيون متملقون ، يقضون مصالحهم الشخصية على حساب المهنة ويتقربون من المسؤولين مؤكدة أنها تعرف صحفيين استفادوا عدة مرات من سكنات عبر الولايات مقابل روبورتاج يمدح المير او الوالي وهي ظاهرة ليست جديدة لكنها استفحلت أكثر .
الأقلام القديمة همشت وجيل اليوم ضائع
"نائلة بن رحال" صحفية يجريدة أريزون ترى أن الصحفي اليوم يعاني من الضياع في غياب التأطير و المتابعة و التكوين وتقول" ان هناك مساحة كبيرة من الحرية مقارنة بمن سبقونا لكنهم كانوا أفضل منا مردودا و تأثيرا على الرأي العام" وان هناك قطيعة تتجلى في انسحاب الأقلام القديمة و الكبيرة التي لم يعد لها دور و لا وجود في الساحة الإعلامية رغم أنها قادرة ليس فقط على العطاء بل التوجيه و التاطير الذي ينقص جيل اليوم ، أما الموجودون او الباقون فهم قلة في تقديرها و يعيشون التهميش، متحدثة عن نوع من الصراع على الشرعية، كون الجيل الجديد يرفض التواصل من باب رفض وصاية الجيل القديم و أبوته إعلاميا و الجيل القديم يتهم بالنظر نظرة القصور الى الجيل الجديد.عبد الله بودبابة صحفي شاب بجريدة النهار قال انه يلاحظ أن البعض من الجيل الذي السابق يريد أن يوجد له مكانة من خلال التعليق السلبي على بعض ما يقوم به الجدد واعتباره أنه غير مهني، إلا أنه يراه أمرا عاديا وربما يصدر منه نفس الشيء مستقبلا.
أما "هدى طابي" من جريدة وقت الجزائر، فقد اعترفت بوجود مبالغة في التعامل بتفوق لدى البعض ، لدرجة جعلتها تجزم أن بعضهم يعاني عقدة حقيقية يعجز هو نفسه عن تخطيها ، غير أنها ترفض التعميم بالقول أنها قابلت أقلام كبيرة لم تلمس منها سوى الاحترام و التشجيع سواء لها أو لغيرها ، في المقابل تسجل الصحفية الشابة مشكلة ثقة لدى صحفيين جدد تمنعهم من النقد و الاعتراف بخبرة من سبقوهم على تقييمهم.الصحفية "إلهام تير" التي تعتبر من جيل نهاية التسعينات ترى أن صحفيي اليوم يرفضون النقد عكس جيلها الذي كان يتقبل الأمر وهو فارق جوهري بين جيلين أحدهما يحمل قيم وآخر يتجاوز أسياسيات يجب أن تتوفر في الصحفي. نرجس/ك
أصبحت مصدر الأخبار الأول لمتتبعي الشؤون الوطنية
المواقع الالكترونية بديل إعلامي وطفرة جديدة في عالم الصحافة
برزت في الساحة الإعلامية الجزائرية بشكل لافت، ظاهرة الإعلام الإلكتروني، وانتشرت عديد المواقع الالكترونية، التي استطاعت أن تقتطع نوعا من المصداقية، ونجحت في كسب قراء كثر، وتحولت إلى مصدر فعال وآني للعديد من الوسائل الإعلامية، نظرا لما تضخه من المعلومات بسرعة، رغم التشكيك الذي يلاحق الكثير من هذه المواقع التي تنشر أخبارا مجهولة المصدر، أو يصعب التحقق من صدقيتها
تشهد الساحة الإعلامية الوطنية والعالمية، في الوقت الحالي تطور كبيرا بعد ظهور ما يسمى بالإعلام الإلكتروني، بظهور عشرات المواقع الإخبارية سواء المتخصصة أو العامة وكذا بالنسبة للمدونات الإلكترونيّة، ناهيك عن ملايين الأخبار التي تنشر في مواقع التواصل الاجتماعي، بعضها مجهول المصدر، ما يدفع إلى التساؤل عن مدى مصداقية الإعلام الالكتروني، وقد تزايدت الشكوك خاصة مع ثورات الربيع العربي، حيث تبين لاحقا أن الكثير من الصور والتقارير التي كانت تبث في مواقع الكترونية عربية وغربية كانت مزيفة ومفبركة، لكن يبدوا أن حمى التزييف لم يصل بعد المواقع المحلية.
و تمكنت العديد من المواقع من أن تكون مرجعية إخبارية ذات فعالية، من خلال إطلالة مجموعة من المواقع الإعلامية المهتمة بالأخبار وتحاليل الأحداث و من بين المواقع الإلكترونية الإخبارية نجد الموقع الإلكتروني للإذاعة الجزائرية "راديو نت" و موقع "كل شيء عن الجزائر" و "الجيري 360" و "الجيري1" وعشرات المواقع الأخرى بعضها جهوية وأخرى تبث أخبارا وطنية. وتحولت هذه المواقع إلى المصدر الأول للمعلومة بالنسبة للأجانب، والمنظمات غير الحكومية، والتي حولت أنظارها إلى المواقع والمدونات الالكترونية، لمتابعة ثورات الشارع العربي، وذكرت الإعلامية الأمريكية، إليزابيت براينت خلال "محاضرة نشطتها عن بعد'' بمقر السفارة الأمريكية بالعاصمة، أن المعلومات التي حصلت عليها حول بعض الحركات الاحتجاجية بالجزائر، كانت عبر المواقع الإخبارية والمعلومات التي نشرت عبر وسائل الإعلام الحديث ومواقع التواصل الاجتماعي، وقالت بان ''الأنترنت بدأت تقدم للصحفيين المحترفين فرصة جديدة للإطلاع على التطورات بدلا من الاتصال بأشخاص على أن يقدم الصحفي المحترف باقي المعلومة بشكل احترافي وأوسع''. وقد أخذ الإعلام الإلكتروني، الكثير من المفاهيم، فهناك من يطلق عليه الإعلام البديل للإعلام الكلاسيكي (الصحف الورقية) ومنهم من يطلق عليه الإعلام التفاعلي الذي يكون وسيط بين المرسل والمتلقي وهناك آخرون من يسمونه بالإعلام التشاركي أو الإفتراضي، ويستبعد الكثير من المحللين أن يتحول الإعلام الالكتروني بديلا للإعلام التقليدي في الجزائر، لعدة عوامل أولها عدم سهولة النفاذ إلى الشبكة العنكبوتية لشرائح كبيرة من المواطنين، وتكون هذه الأخبار في الغالب موجهة لفئة المتمكنين من تكنولوجيا الإعلام الآلي والمثقفين والنخبة ورجال الأعمال والصحفيين، فيما يتوجه المواطن البسيط كل صباح إلى الأكشاك لاقتناء الجريدة لقراءة الأخبار.
وأمام هذا التطور اللافت للإعلام الالكتروني، وبسبب حالة فراغ قانوني في مجال الصحافة الالكترونية، رغم ظهور العديد من المواقع الإخبارية و الصحف الكترونية سواء المكملة للطبعات الورقية أو المستقلة في الآونة الأخيرة، عمدت الحكومة إلى إدراج فصل كامل لتنظيم قطاع الإعلام الالكتروني، ضمن القانون العضوي للإعلام 2012، وذلك ولأول مرة في تاريخ الصحافة الجزائرية عبر السماح بإنشاء صحف الكترونية ومواقع إخبارية وإذاعية وتلفزية، وأقرت المادة الأولى من الفصل المذكور الاعتراف بحرية ممارسة النشاط الإعلامي عبر الشبكة العنكبوتية، حيث يتم الفصل في الطلبات المقدمة إلى مصالح وزارة الاتصال بغرض الحصول على الرخص الخاصة بإطلاق مواقع وصحف الكترونية تفاعلية على في مدة لا تتجاوز الشهرين، قبل عرض هذه المواقع للجمهور على النت، وهو في شكل إخطار مسبق للسلطات، حول طريقة تنظيم المعلومات وعرضها على الزوار. وأشار النص إلى أن الصحافة الالكترونية هي اتصال مكتوب عبر الانترنيت موجه إلى الجمهور و أن نشاط الإعلام عبر الأنترنيت يمارس بكل حرية بعد إيداع تصريح مسبق إلى الجهات المختصة، ورغم الخطوات التي اتخذتها الحكومة لمسايرة التطور الإعلامي، خاصة في شقه الالكتروني، إلا أن محللين يتحدثون عن عدم مسايرة وموازنة هذه التشريعات بالجانب الالكتروني ما فتح الطريق للممارسة الإعلامية دون حدود أو رقابة، خاصة ما يتعلق بعدم المساس بالحياة الخاصة التي تؤدي غالبا إلى ارتكاب جرائم معلوماتية كون أن الانترنيت بيئة لارتكاب هاته الجرائم. ولعل أبرز الانتقادات الموجهة للإعلام الالكتروني، نقل الحدث إثر وقوعه مع سرد جزء من الوقائع، مما يصعب على المتلقي الربط واستنتاج تفاصيل القضيّة بدقّة. وفي بعض الأحيان تتحول بعض المواقع إلى منابر للدعاية التجارية، خاصة وان المواد الأول لهذه المواقع يكون عبر الإشهار، ما يضع أصحابها أمام بعض الإشكاليات الإعلامية والأخلاقية في حال تناول موضوع قد يمس احد مصادر الإشهار.
وقد عاش الإعلام الالكتروني قبل فترة تجربة اختفاء أحد المواقع الإخبارية من الساحة الإعلامية بالجزائر ويتعلق الأمر بموقع "آخر الأخبار عن الجزائر" المعروف اختصارا ب (دي.أن.أ) الناطق باللغة الفرنسية وذلك لانعدام مصادر الدخل و المتمثلة في الإشهارات ، حيث رفضت معظم المؤسسات الكبرى بالجزائر حجز مساحات إعلانية لها بالموقع رغم الشعبية الكبيرة التي اكتسبها.
وذكر مؤسس الموقع ( فريد عليلات ) في مقال نشر بتاريخ 11 مارس 2013 أن عدد زوار الموقع تجاوز ال 500 ألف زائر شهريا ، وأن عدد الزيارات للموقع منذ إنشاءه هو 8 ملايين زيارة ، كما تجاوز عدد ظهور الصفحات ال 20 مليون، في حين بلغ عدد المعجبين على موقع التواصل الإجتماعي فيس بوك 22.980 معجب، فرغم النتائج القياسية التي حققها الموقع، إلا أنه لم يتمكن من جذب المعلنين بالجزائر ماعدا 3 شركات أهمها متعامل الهاتف النقال "نجمة.
ويذهب خبراء آخرون في مجال الإنترنيت إلى مطالبة الجهات الوصية بضرورة إدخال و تطوير التكنولوجيات الحديثة للإعلام والاتصال بشكل واسع ، وتحسين نوعية التدفق و الاستثمار أكثر في سوق الاتصالات المتطورة، إلى جانب مضاعفة عدد الموزعين الناشطين في مجال النت عبر الوطن لتسهيل نمو قطاع الصحافة الإلكترونية . أنيس نواري
أصبحت نسخا عن بعضها البعض
الصحافة المكتوبة تسقط في فخ النمطية والكسل
يتساءل البعض هل كثرة الجرائد و تعدد العناوين الصحفية في بلادنا يعني أن الصحافة المكتوبة حققت الأهداف التي جاءت من أجلها منذ بداية الانفتاح السياسي والتعددية الإعلامية بداية تسعينيات القرن الماضي ؟ أم أن كثرة الصحف لا تعدو أن تكون سوى تعدد في العناوين واختلاف في الألوان و"الديزاين" فقط بما أن المحتوى واحد في جميع الصحف محترفة كانت أم هاوية كبيرة وصفت أم صغيرة.. قديمة أم جديدة؟ وهل لا يعني ذلك أن الصحافة الوطنية المكتوبة قد سقطت في فخ الرتابة، وفقر المحتوى، وغياب الأفكار وشح التصور ولعنة التقليد، وفي الأخير غياب الاستقصاء و المعلومة التي تعد ركيزة في الصحافة وحق لا نقاش فيه من حقوق المواطن.
لا يختلف المنتمون لمهنة المتاعب و القراء على حد سواء في أن الصحافة الوطنية المكتوبة تمر في الوقت الحالي بأزمة حقيقية وبعصر انحطاط حقيقي وغريب و لا مثيل له، بعدما مرت في سنوات التسعينات بفترة بهاء ومرحلة ذهبية رغم ما كانت تمر به البلاد آنذاك من مشاكل خطيرة.
لم يعد القارئ عندنا يتعب نفسه بالاطلاع على أكبر عدد ممكن من الصحف التي تملأ رفوف الأكشاك كل صباح عله يجد في النهر ما لا يجد في البحر كما قول المثل، فصار يكفيه أن يمر مرور الكرام وبسرعة على عناوين رئيسة لصحيفة واحدة ليعرف أحوال البلاد وما يجري فيها ولعبادها، ويلخص صورة عما يجري في وطنه وفي العالم لأنه يدرك جيدا أن الجرائد أصبحت نسخة واحدة، ذات محتوى واحد وأخبار متشابهة وعناوين واحدة موحدة في أكثر الأحيان، فكثرة عناوين الجرائد لا يعني تنوع عناوين الأخبار.
لقد سقطت الصحافة المكتوبة عندنا على تعدد عناوينها وكثرتها في أزمة حقيقية مند قرابة العشر سنوات، أزمة عناوينها متعددة،تشابه في المحتوى إلى حد النسخ،تشابه في الأركان و العناوين كلمة كلمة في بعض الأحيان،غياب المبادرة، شح فادح في المعلومة وتغييب كلي لصحافة الاستقصاء،بساطة في تقديم المعلومات المتوفرة، ركاكة وضعف فاضح في الأسلوب، أخطاء بالجملة في اللغة، خروج كلي عن القواعد المعروفة في معالجة الأخبار و كتابتها. يضاف إلى هذا غياب أي تصور وضعف في الأفكار وغياب التأطير والتسابق غير المبرر نحو تقديم "حوادث عادية" يعتبرها مسؤولو بعض الجرائد سبقا "سكوب" لا مثيل له، الشيء الذي يعكس في الحقيقة مستوى القائمين على الصحف ونظرتهم المشوهة للصحافة.
لقد أصبحت جريدة واحدة تختصر كل الجرائد عندنا،عنوان واحد يساوي 100 عنوان، وفي بعض الأحيان تجد مقالا واحدا يصدر في أكثر من جريدة في نفس اليوم،إنها الرتابة التي قتلت الصحافة المكتوبة في بلادنا في السنوات الأخيرة.
هذه الجرائد "كيف كيف ولا شيء فيها" عبارة كثيرا ما يرددها القراء البسطاء على مسامعنا نحن الصحفيين،يرددونها بكل عفوية، وهم لا يدركون في الحقيقة كيف وصل الأمر بالصحافة إلى هذا المستوى، ورغم ذلك لا تحرك فينا هذه الكلمات ساكنا لمحاولة فهم هذا الواقع أو محاولة تصويبه بعد ذلك، لم تعد الصحافة المكتوبة تصنع الرأي العام كما كانت في وقت سابق ولم تعد تستهوي كثيرا القراء، إنه واقع حقيقي لمن لم يدرك ذلك بعد.
بعد وثبة عالية سقطت صحافتنا المكتوبة سقوطا مدويا، فانشطرت بين البحث عن الريع على حساب المحتوى وواجب تقديم المعلومة للمواطن من باب الخدمة العمومية، وبين الاكتفاء بما "قل ولم يدل" لاعتبارات موضوعية يلخصها العجز عن تقديم ما هو أحسن بكل بساطة.
لقد وقعت الكثير من الصحف المكتوبة عندنا مند بداية سنة 2000 خاصة بين أيدي أناس لا علاقة لهم بالمهنة، أناس عنوانهم الأبرز "التجارة" وهمهم "الربح" والاستفادة من الريع الذي تدرّه الوكالة الوطنية للنشر والإشهار ومؤسسات كبرى أخرى، وهذا هو الأساس الذي يحدد الباقي، من نوعية المسؤولين وإطارات التحرير إلى نوعية الصحفيين الذين سيوظفون إلى حجم الرواتب التي ستمنح لهم لنصل في النهاية إلى تكوين فكرة عن نوعية الخدمة التي سيقدمونها للقارئ بعد ذلك، وفضلا عن هذا كله هناك معيار آخر مهم يتمثل في نوع العلاقة التي يريد صاحب الجريدة أن يقيمها مع السلطة والنافذين فيها، وكل هذه العوامل متداخلة ومترابطة تؤدي في النهاية إلى نفس النتيجة.
الحكاية تبدأ من سقوط بعض الجرائد بين أيدي مسؤولين غير مهنيين وليسوا ذوي كفاءة في هذا المجال ولا علاقة لهم به إطلاقا، ثم تبدأ الحلقة الجهنمية.. ملاك للجرائد هم في الحقيقة تجار همهم الوحيد الربح و التملق لمن يعتبرونهم نافذين في السلطة ..ثم مديرين على المقاس لتسيير الجرائد ..فرؤساء تحرير على المقاس أيضا.. وتصوروا هناك بعض رؤساء التحرير لا يتجاوز عمرهم المهني سنتين وجدوا أنفسهم على كرسي التحرير ..وصولا إلى صحفيين يوظًفون حسب مزاج المالك أو المدير أو رئيس التحرير ولا يهم المستوى وإتقان المهنة.
وهذا يعكس بدوره الوجه الثاني من الحلقة الجهنمية الذي يتمظهر في تردي أوضاع الصحفيين والعاملين وإسناد مهامها إلى غير أهلها، وتداخل المسؤوليات إلى درجة أن بعض الجرائد يسيرها مديرو الإدارة والمالية ولا يترك لمديري النشر فيها سوى الاسم فقط، أو مهمة تمثيل الجريدة أمام الجهات القضائية في حال التبليغ ضدها، ونتيجة لذلك يتردى وضع الصحفيين من الناحية المالية والمادية لأن الملاك لا يدفعون كثيرا للصحفيين ولا يبحثون عن ذوي المستوى المطلوب بل يكتفون بمن يكتب فقط أي كتابة كانت.
ضعف الإطارات المسيرة للجرائد خاصة في التحرير ينعكس سلبا وبشكل سريع على تأطير الصحفيين خاصة المبتدئين منهم، الذين يتركون لحالهم تائهين دون توجيه أو نصح أو تصحيح أو توبيخ أو حتى إبداء الملاحظات، فتكون النتيجة كارثية على الكتابات والمقالات التي تصدر لهم كل يوم،وهذه حال الكثير من جرائدنا اليوم سواء الجرائد التي توصف بالكبيرة أو الصغيرة الجديدة التي تظهر فيها هذه العيوب بشكل فاضح.
لكن المشكلة أن الجرائد التي توصف بالكبيرة أو التي لها تجربة طويلة وإمكانات لا باس بها سقطت هي الأخرى في هذه الرتابة والنمطية، وأضحت على تختلف كثيرا في محتواها عن الجرائد الصغيرة. ولا يختلف مستوى صحفييها عن مستوى الجرائد الأخرى،ربما يكون السبب أن الجرائد الكبيرة هذه التي تملك إمكانات مادية معتبرة لا تستثمر في الجانب البشري هي الأخرى وتكتفي بالقليل،فلم نر جرائد نظمت دورات تكوينية متعددة لصحفييها وعمالها، ولم نرها ترسل في كل مرة مبعوثين إلى أماكن الحدث سواء على المستوى الداخلي أو الإقليمي أو الدولي لتنقل للقراء بكل دقة ما يحدث هنا أو هناك وتستقصي الواقع،فماذا يكلف إرسال مبعوثين صحفيين إلى مالي مثلا، أو إلى بلد آخر بالنسبة لجريدة تدخلها الملايير شهريا من ريع الإشهار؟ ولماذا غياب التحفيز بهذا الشكل المفرط؟.
ريع الإشهار الذي صارت كل الجرائد تعمل فقط على ضمانه ولا يهمها بعد ذلك أن يقرأ مواطن واحد فقط من أقصى الشرق إلى أقصى الغرب ماذا تكتب على صدر صفحاتها الأربع والعشرين، فالمهم أن ترضى عنها هذه الجهة أو تلك وفقط وليذهب بعد ذلك الجميع إلى الجحيم. محمد عدنان
الصحفي واجهة براقة لحقيقة اجتماعية صعبة
ينظر الكثيرون إلى الصحفي على أنه شخص نافذ ومقرب من أصحاب القرار ولا يرون من حياته الاجتماعية سوى الواجهة، لكن الصورة الحقيقية أبعد ما تكون عن "بريستيج" المهنة وبريقها، لأن نسبة كبيرة من الصحفيين يعانون أزمة سكن وغير قادرين على تأمين تكاليف المعيشة بالسهولة المتوقعة كون الأجور لا تخضع الى شبكة محددة وهناك من يعملون دون مقابل، ما يحوله إلى فرد يعيش حياتين واحدة حقيقة وأخرى يراها الناس.
فقد الصحفي الجزائري تدريجيا هالته ووجهاته بسبب تراجع واضح في شكله الاجتماعي فبعد أن كنا نراه ضمن النخبة المترفعة الموقرة اجتماعيا، حدث في السنوات الأخيرة انقلاب في ظروف الصحفي نقله إلى مراتب دنيا في المجتمع ولم يعد يختلف عن فئات كثيرة من العمال البسطاء، وهنا طبعا نستثني القطاع الاقتصادي أين تقدم رواتب مضاعفة لما يتلقاه صحفيون كثر، الصحفي وإن لم يكن دائما يحصل على راتب كاف لكنه كان جزء من النخبة حتى نهاية الثمانينات، وظل كذلك في العشرية السوداء رغم أن الأمر لم يتعد مجرد الصورة الإجتماعية، حيث أن التفتح الإعلامي وظهور مؤسسات ناشئة رأس مالها مكون من رواتب صحفيين خرجوا من القطاع العام، أدى إلى التعامل بأجور زهيدة وربما لم يتقاض الكثيرون رواتبهم لفترة طويلة بسبب صعوبات البدايات، إلا أن تلك المعاناة كانت ظرفية فقط كون أغلب من اشتغلوا بتلك الفترة هم اليوم من أثرياء الصحافة المساهمين أو على الأقل يشغلون مناصب مرموقة داخل المؤسسات الإعلامية.
العدد المحدود للجرائد في تلك الحقبة امتص ما يكفي من الصحفيين المتخرجين من المعهد الوحيد للإعلام ووفق شروط واضحة يضبطها عقد عمل متفق عليه، لكن وبعد تحسن الوضع الأمني و ارتفاع عدد الصحف إلى أكثر من 60 عنوانا وبفتح أقسام للإعلام ثم معاهد وكليات بمختلف الولايات أصبح طلبة الإعلام والعلوم السياسية يتخرجون بالآلاف سنويا ما جعل العرض يفوق الطلب في سوق العمل، وقد أدت هذه المعطيات إلى تغير جذري في علاقات العمل داخل المؤسسات الإعلامية وأصبح هناك من يرضون بالعمل دون عقود وأصبحنا نسمع عن صحفي بلا راتب وصحفي او صحفية" متعدد الاستخدامات"، و اتسعت الدائرة تدرجيا لتشمل نسبة معتبرة سبق و أن قدرتها وزارة العمل ب40 بالمائة من الصحفيين، بينما تشير معطيات من الواقع أن النسبة أكبر في الصحافة المكتوبة والسمعي البصري الخاص الذي ينطبق عليه نفس المنطق، بعد فتح عدد من الجرائد لقنوات خاصة سخر فيها نفس الصحفيون وبالطرق ذاتها ودون أي مقابل مادي، وفي الثلاث سنوات الأخيرة وجد الناشرون وأصحاب الفضائيات في عقود التشغيل غطاء مناسبا وأصبحوا يوظفون " صحفيين والدولة تدفع رواتبهم التي هي عبارة عن مبالغ رمزية لا تسمح لأي صحفي مهما كان يملك من النفس الطويل أن يمارس عمله بشكل عادي.
فالمؤسسة التي لا توفر راتبا لا تقدم أيضا وسيلة نقل أو جهاز تسجيل أو كاميرا ، ما يعني انه على الشاب، الذي قد يصير كهلا وهو على ذلك الحال، أن يتدبر أمره أي يكتب ويصور ويرسل مادته مقهى انترنت يعج بالأطفال والمراهقين ، وله أن يختار إما أن يكتب ببيته أو بمقهى أو يتطفل على إدارة ما كي تستقبله وتمنحه كرسي وطاولة ليحرر مادته، وهو واقع ينطبق أكثر على المراسلين الذين يشكلون الفئة الأكثر تضررا وحتى صحفيين في تحرير مركزي بالنسبة لجرائد جديدة لا تملك أدنى الوسائل، وقد بلغ الأمر في بعض الحالات حد العمل بصحفي واحد أو اثنين و الاستعانة بطلبة متربصين لملء الجريدة وبطريقة القص و اللصق طبعا.
الوضع الاجتماعي للصحفي لا يسمح للمؤسسة التي لا تقدم له الحقوق أن تطلب منه عملا نوعيا، هذا إن كانت لديها مقاييس لتحديد الجيد من السيء، كون بعضها لا يتوفر على هيكلة لمتابعة عمل الصحفي حيث تفتقر بعض المؤسسات لرئيس تحرير أو حتى مصحح، كما أن نفس الصحفي أصبح غير قادر على تأمين سكن لنفسه وظل المائات من الصحفيين يقيمون لسنوات في سكنات أمنية، هي عبارة عن غرف في فندق وبعد أن رفع الهاجس الأمني تواصلت المعاناة، أما داخل البلاد فقد ظل الصحفي يتنقل ثم آل إلى مصير مأساوي دفعه إلى غرف الإقامات الجامعية أو الأحياء القصديرية والشعبية، ولا يزال إلى اليوم السكن هاجس الصحفيين الذين يعدون الفئة الوحيدة التي لم تخصص لها حصص سكنية مهنية و تعتبر الأكثر تضررا من أزمة السكن لعدم قدرة الأغلبية على الاستفادة من صيغ موجهة لمتوسطي الدخل لأن دخلهم متدني
الصحفي ونظرا لظروفه الصعبة يجد نفسه مدفوعا إلى الاكتفاء بالعمل السهل والرسميات التي توفر له النقل والمادة الإعلامية، وربما وجبة الغذاء أيضا، و ينحدر البعض نحو أساليب أخرى غير مهنية لتعويض الفارق وتأمين حد اجتماعي يسمح لهم بالعمل مجانا أو مقابل مبالغ زهيدة، وقد يتحول إلى أداة في أيدي بعض الأطراف التي تستغل وضعه الاجتماعي وتحركه وفق مصالح معينة.
وقد شكلت الشبكة الأخيرة لرواتب صحفيي القطاع العام التي تعد الثانية من نوعها في تاريخ الصحافة الجزائرية ، ما يشبه المأزق للمؤسسات الخاصة بعد أن اكتشف صحفيو القطاع الخاص بأنهم يتلقون رواتب أدنى بكثير مما يحصل عليه سائق بالقطاع العام ورفعت أصوات تطالب بضبط الأمور، لكن أرباب العمل تحاشوا الأمر خوفا من الكشف عن حقيقة التوظيف الذي لم يعد يعتمد على منطق المهنية بل على من يتنازل أكثر ويرضى بالعمل دون أن يتجرأ على المطالبة بأبسط حقوقه.
وقد تربت عن غياب التأطير و وجود مؤسسات إعلامية غير مهيكلة ودون وسائل وضع شاذ تحول مع الوقت إلى عبء يصعب التحكم فيه لتحاشي الناشرين الخواص الخوض في الحالة الاجتماعية وبقاء شبكات الأجور، إن وجدت، سرا أمنيا لا يعرفه حتى من يشتغلون داخل تلك الجرائد، ليبقى الحل في رأي المختصين في تطبيق صارم لفحوى قانون الإعلام و في تهيكل الصحفيين وتوفرهم على الشجاعة الكافية للمطالبة بالحقوق بدل الإكتفاءات بشعارات ومطالبة جهات أخرى بحقوقهم، ومن تجرأ على ذلك كان مصيرهم البطالة و استبدلوا بمتخرجين في دائرة لا تنتهي تصب في مصلحة الناشر وتحولهم إلى بطال مسموح له بالكتابة تحت شعار "فتح الباب للشباب وتشجيعهم على اكتساب خبرة" بعيدا عن اكتساب المال طبعا، لكن مبرر ضعف الإمكانيات لا يمنع المؤسسة من شراء أجهزة إعلام آلي و أرائك أو مقرات فخمة . نرجس/ك
عشائر الصحافة
القبيلة ضد المؤسسة
عاشت الصحافة الجزائرية لسنوات على وهم الريادة عربيا مغذية ذلك بالانفتاح الذي أتاح لها سقفا عاليا من الحرية في أعقاب أحداث أكتوبر 1988، بيد أن هذا الاعتقاد سرعان ما تحطم بانتشار وسائل الاتصال الحديثة التي مكنت الجماهير الواسعة من الاطلاع على مختلف التجارب التي تدفع التجربة الجزائرية عند أية مقارنة إلى زاوية بائسة. ليتضح أن الصحافة الوطنية ضيعت فرصة لتطوير نفسها تماما كما ضيعت الجزائر فرصة الانتقال الديموقراطي المبكر.
هذا الإخفاق له أسبابه الظاهرة والكامنة، ترتبط الأولى بالوضع السياسي العام للبلاد أما الأسباب الكامنة فقد يكون الكشف عنها صادما لمستهلك الصحافة الذي ينظر بنوع من القداسة إلى صحافة تقدم نفسها كقلعة مقاومة وسلطة مضادة لكنها تحاكي في حقيقة الأمر المؤسسة السياسية في أدائها وتقتبس منها أساليب التسيير و دسائسه. و يتعلق الأمر ببنية "المؤسسات" نفسها التي تعتمد على الروابط الدموية والعشائرية و الجهوية والولاء على حساب معيار الكفاءة الذي لا يمكن إسقاطه لإنجاح أي مشروع إعلامي. هذه المشكلة تنسحب على مؤسسات اقتصادية أيضا يدفع غياب ثقافة التسيير لدى القائمين عليها إلى اعتماد آليات بدائية في انتقاء الطاقم البشري، كالقرابة و الجهوية، الأمر الذي يحول المؤسسة فيما بعد إلى كيان هجين يختلط فيه التكافل بالعمل بل ويتفوق عليه.
التوريث في الصحافة أيضا
وموضوعتنا هنا، هي مجرد محاولة انتباه إلى الهندسة غير المرئية التي يقوم عليها معمار المؤسسات الإعلامية و أول ما يلفت الانتباه أن الهيئة الإعلامية، قد تأخذ سلوك السلطة وبنية "العائلة" وتكشف معاينة واقع الحال عن وضعيات كاريكاتورية عجيبة فقد يكون لزوجة المدير العام حق النظر وحق تقرير مصائر العاملين في "الموقع" ويمكن لأختها إن أصابت حظا من التعليم أن تصبح صحفية، وإن خانها المستوى فثمة مناصب إدارية كثيرة تمنحها الوجاهة الضرورية التي تليق بها. وفي بعض الحالات يمكن أن يصير صهر المدير مسؤولا رفيعا في الجريدة قد يتولى حتى رئاسة التحرير ولابد من تدعيمه بمأجورين يعرفون الكتابة والقراءة ومكائد السياسة.
وبإمكان إخوة المدير وأبناء عمومته و أبناؤه وأبناؤهم أن يصبحوا صحفيين خصوصا وأن هذه المهنة لازالت تجود بنوع من الوجاهة وبكثير من الريع. وبمستطاع ابن المدير الذي لم يبلغ سن الرشد، بعد، أن يصبح سفيرا متجولا فوق العادة بالمؤسسة يأمر وينهي ويقرّر. أما ابنة المالك فإنها تمتلك سلطات خطيرة تستطيع بموجبها تغيير المدراء ورؤساء التحرير وطرد الصحافيين وتحديد رواتب الجميع. وفي حالات أقل سوء يمكن أن يسيطر أبناء قبيلة أو جهة أو عرق على مؤسسة إعلامية حيث يعمل المسؤولون على استقطاب أطفال القبيلة لتمكينهم من الريوع وضمان الولاء، ولا تسند المسؤوليات هنا إلا لأبناء العشيرة بعيدا عن أي استحقاق. وبالطبع فإن "صناع القرار" سالفي الذكر لا يملكون أي تأهيل للانتساب إلى هذا الحقل والمؤهل الوحيد الذي يحوزون عليه هو وجود قريب فيه.
لتتشكل في نهاية المطاف بنية تضرب مفهوم المؤسسة في الصميم وتستبدل علاقات العمل بتبادلات عاطفية ويصير سلم التقدير متوقفا على مدى القرب والبعد من الباب العالي، الذي يمنح نفسه هالة أسطورية يصير بموجبها الأب الملهم والمنقذ الذي ترتبط به المؤسسة ارتباطا عضويا إلى درجة أنها تزول بزواله.
وبالطبع فإنه يلبس بمرور الوقت جبة الباطريارك و يصبح مزاجه ناموسا تسير عليه المؤسسة ويضبط عليه "المستخدمون" سلوكهم، لتتحول المؤسسة إلى كيان بدائي بالمخطط الكلاسيكي: شيخ العشيرة الذي يستأثر بكل الطيبات ويجود على من أحسن أداء طقوس الطاعة بالفتات.
وسوف يخدم انفجار سوق الإشهار في الجزائر هذا الوضع حيث أصبحت المؤسسات الإعلامية حصالات نقود، لا تحتاج إلى تقديم مادة إعلامية مادامت تضمن مداخيل صافية، ناسفة بذلك كل مفاهيم وتقاليد العمل.وحتى وإن كانت المؤسسة الإعلامية تتقاطع مع غيرها من المؤسسات في ملهاة التسيير ومأساته و ذلك سبب التخلف الذي نعيشه رغم توفر أسباب النجاح، إلا أن المؤسسات الاعلامية تختلف عن غيرها – نظريا- بكونها ملتقى للنخب، على اعتبار أن تاريخ نشأتها ارتبط بنشاط نخب، لكن الأمر يختلف اليوم في الجزائر حيث بإمكان مقاول أن يصبح مديرا لجريدة و بإمكان مصلح تلفزيونات أو مركب هوائيات أن يخص نفسه بمقعد وثير على رأس مجمع إعلامي، الأمر الذي حوّل الصحافة إلى مقبرة للمواهب وجعل الصحفي المحترف الذي يرغب في ممارسة الحرفة على قواعدها الصحيحة مجبرا على الاختيار بين تغيير المهنة أو تغيير البلد.إن فحص المستوى الثقافي ومؤهلات القائمين على مختلف وسائل الاعلام قد يصيب بالدوار( ولنتغاضى عن الفحص النفسي الذي سيضعنا حتما أمام حالات سايكوباتية)، في وقت باتت كوادر إعلامية هامة تكتفي بأدوار هامشية حفاظا على مصدر الخبز المر أو تنسحب باكرا من المشهد الذي أحكم السيطرة عليه يأجوج ومأجوج.
هذه الظاهرة، والتي هي على ما يبدو، جزائرية خالصة، تدفع بكل تأكيد إلى التشاؤم والخوف على مستقبل يدبره محدودو أفق لا يملكون الحس الذي هو خاصية كل ممارس لهذه المهنة ، يفهمون الصحافة على نحو خاطئ، أي كمصدر للأموال ووسيلة للنفوذ، فتصبح المهنة بذلك مجرد دابة تُركب. ولا بأس من الإشارة هنا إلى أن عائدات النشاط الصحافي لا تؤول إلى الصحافيين بل تؤول فضلا عن أصحاب الفضل، إلى ممارسي النشاطات الثانوية كالموزعين وجامعي الإشهار وغيرهم كثير، في حين قد يخرج الصحفي من المهنة كما دخلها، إذا استثنينا ما اكتسبه من حلاوة في الدم وضغط في الشرايين.وسط هذا الجو العائلي الخالص تتشكل هندسة غير مرئية للعلائق وقد يتشكل هرم في وضع مقلوب، وربما صار بموجب ذلك الحارس أهم من رئيس التحرير، والسائق أهم من الصحفي أما السكرتيرة فمكانتها محفوظة في كل مكان و زمان. ويمكن لصحفي أن يبلغ سن التقاعد دون أن يحسن كتابة خبر بسيط عن حادث مرور لأنه لم يستفد طيلة مسيرته المظفرة من أي تدريب أو تأنيب، واكتفى بالصفة التي أخذها انتحالا و اطمأن فيها ما دامت تمنح وجاهة اجتماعية. والوضع مرشح بقوة للاستمرار مع تكاثر العناوين التي أصبحت تشغل "أطفالا" بعقود ما قبل التشغيل كصحفيين وتلقي بهم إلى الشارع دون أدنى تكوين أو تأهيل.صحيح أن مؤسسات معدودة في القطاع حققت نوعا من النجاح وحافظت على شكل المؤسسة وقدمت منتوجا إعلاميا متميزا، لكن عدد هذه المؤسسات يبقى قليلا مقارنة مع العدد الهائل للعناوين، كما أن هذه المؤسسات لم تسلم بدورها من تأثير الهندسة اللعينة المشار إليها أعلاه.
وينسحب التشخيص على المؤسسات الخاصة كما على المؤسسات العمومية التي يجري غزوها عشائريا في كل مرة في غياب الرقابة ومواثيق الشرف المهني التي تتصدى "للمنكر" الذي يصيب المهنة.
وتصبح المخاوف مضاعفة مع ما يفرضه التطور التكنولوجي والعلمي على وسائل الاتصال التي باتت مجبرة على تقديم المعلومة آنيا وما يتطلبه ذلك من اكتساب مهارات وتنويع وسائل الاتصال فنجاح الجريدة مرتبط بحجزها لمكان في الفضاء الافتراضي و ملاحقتها للقارئ وسط منافسة شرسة، دفعت الجرائد اليومية وحتى قنوات التلفزيون إلى العمل دون توقف وعلى جميع الجبهات مستخدمة المواقع الالكترونية والهواتف في سباق محموم على نقل الخبر والتعليق عليه وصناعة الرأي العام والتأثير فيه.
وتكتسب المخاوف مبرراتها من كون البقاء على هذه الحال يجعلنا خارج التاريخ بعد حين لأننا سنصبح أمة بكماء غير قادرة على التواصل والحضور على مسرح الأمم.
صمت المهنيين على الفوضى يساهم في إطالة عمرها
ومثلما يقتضي تطور المجتمعات البشرية الانتقال من المراحل البدائية إلى الحداثة نسف البنية الكلاسيكية، ومثلما يقتضي تطور الدول الانتقال إلى ديموقراطية قوامها الاستحقاق ، فإن تطور وسائل الاعلام مرهون بكسرها للبنية البدائية العائلية العروشية الريعية، وانتقالها إلى مرحلة المؤسسة واضحة المهام والأرقام، تدار بشفافية كما هو معمول به في البلاد السعيدة وليس بأساليب المنظمات السرية، و تقدم منتوجها الذي سيكون هو عنوانها وصورتها وسر وجاهتها، ولا تحتاج إلى من يقف خلفها أو أمامها.
وأول الخطوات في هذا الاتجاه تتمثل في كسر جدار الصمت الذي يحيط بواقع الاعلام في بلادنا بدون طابوهات، حيث تصبح عدم إدانة الفوضى مساهمة في استفحالها ويصبح النقاش العلني ضروريا من أجل فرز الساحة وإعادة المهنة إلى أهلها وإخراج الأعراش منها.
ملاحظة
ما سبق ذكره مجرد إشارة عجماء إلى مشهد يستعصى على الوصف، والصدفة بريئة كل البراءة من أي تشابه في المناقب والصفات. سليم بوفنداسة
مراسلون في الميدان لنقل واقع الجزائر العميقة
البحث عن الحقيقة وراء أبواب مغلقة
قبل سنوات كان كريم دادسي يدرس العلوم البيطرية بجامعة باتنة تخرج و صار واحدا من تقنيي و مهندسي الصحة الحيوانية. أصبح اليوم صحفيا يقف على خط التماس الفاصل بين حقيقة تراها العين و بين سراب لا تراه لكنه يذكر على كل لسان حتى يصير و كأنه الحقيقة بعينها و بين هذا و ذاك على صحفي الجزائر العميقة أن يختار.
رضوان بن رجم ، مسعود مرابط ، حسين مومد ، إبراهيم غمري ، مكي أم السعد ، فاطمة الزهراء شماخ ، كريم دادسي و آخرون صحافيون و مراسلون من الجزائر العميقة سلاحهم الإرادة و الشجاعة، و قليل من الحيلة يغذون قاعات التحرير و صفحات الجرائد يجوبون مدنا و قرى و مداشر قالمة بحثا عن الحقيقة، يتوسلون أمام أبواب الدوائر الرسمية أحيانا للحصول على رأي يجنبهم الغضب و لعنة الردود و المتابعات و حتى المضايقات. و نادرا ما يحصلون على الرأي الآخر لكنهم يخاطرون بأنفسهم و ينقلون ما رأته أعينهم حتى و لو كانت حقيقة مرة.
بإحدى زوايا شارع سويداني بوجمعة الشهير وسط مدينة قالمة مكتب صغير في مبنى قديم هنا كان يعمل الصحفي عبد الوهاب بومعزة مراسلا لجريدة الوطن الجزائرية إحدى ثمار انفتاح إعلامي أعقب أحداث 5 أكتوبر 1988 غادر مكتبه الصغير و صار رئيس مكتب الشرق بقسنطينة. يقولون بأن قالمة كانت تنجب صحفيين كبار يولدون من رحم المعاناة و خصوصية قالمة التاريخية و الثقافية و الاجتماعية لكنها اليوم لم تعد كذلك بعد ظهور جيل جديد من صحافيين و مراسلين يستهلكون أخبار الجرائم و المحاكم و المخدرات و كرة قدم في تراجع مستمر.
أصبح كريم دادسي 49 سنة صحفيا بمكتب الوطن قادما من عناوين أخرى الشرق الجمهوري ، "لوجان آنديباندون" و "لوماتان" لكنه لا يبقى كثيرا على الكرسي و الطاولة الخشبية المتواضعة مازال متأثرا بصحافة ميدان صنعت إعلاميين كبار منذ التسعينات.
انتظرناه أمام مكتب صغير لا يتسع لأكثر من شخصين كان الباب الحديدي الأزرق مغلقا بإحكام و نافذة صغيرة تطل على شارع سويداني بوجمعة عليها لافتة كتبت بخط فرنسي و عربي جميل "الوطن".
كانت الحرارة قوية و زحمة السير تكاد تسد طرقات المدينة الصغيرة عشية العيد لم نعد نقوى على الانتظار، و في هذه الأثناء كان كريم يسابق الزمن لشراء كبش العيد.
وصل أخيرا ببذلة رياضية "أهلا كريم كيف حالك يبدو انك لن تعمل هذا اليوم " ، "لا اشتريت كبش العيد و سأذهب الآن للعمل و المهمة اليوم منطقة بوقرقار سمعت أن الوضع البيئي هناك ربما يكون قد تحسن بعد تشغيل مركز ردم النفايات".
طلب كريم وقتا لتغيير الملابس، منزله ليس بعيدا عن مكتب الوطن ذهبنا معه إلى شارع صغير يعيش أزمة سير منذ سنوات طويلة بالكاد وجدنا مكانا للتوقف لم ننتظر طويلا هذه المرة خرج كريم من منزله يحمل أوراقا و آلة تصوير و انطلقنا نشق زحمة السير بعسر كبير .
"من هنا يمكننا العمل هذه مشكلة كبيرة قالمة لا يوجد بها مخطط مرور فعال تحدثوا عنه كثيرا لكن الوضع بقي على حاله كما ترى" يقول كريم متأثرا بأزمة سير أغلقت باب منزله و حاصرت مكتبه الصغير في مدينة تاريخية عريقة لم تعد قادرة على التحمل و عجز أهلها عن بناء طرقات واسعة و محولات و أنفاق تفك عنها حصارا يشتد يوما بعد يوم.
و أضاف كريم "صحفي الميدان هو هكذا دائما يتحرك يستكشف و ينقل الواقع كما هو البقاء داخل المكاتب لم يعد مجديا على الصحفي أن يتجدد كل يوم أو يموت بين أربعة جدران".
خرجنا من المدينة المختنقة بعد ساعة من الحصار و أخذنا طريقنا إلى بوقرقار منطقة طبيعية جميلة على مشارف قالمة و هليوبوليس دمرتها النفايات و صارت ملوثة تسكنها الذئاب و الخنازير و طيور بيضاء تتغذى على مواد عضوية متحللة و رائحة الدخان تنبعث في الهواء تشبه رائحة الغازات المسيلة للدموع.
قال كريم بأنه كتب كثيرا عن الوضع البيئي المتردي في بوقرقار و أثره على السكان و الثروة الحيوانية و المياه الجوفية ، غضب البعض من مقالات صحفية تحدثت عن الحقيقة في بوقرقار و أصبح الغضب من المقلات الصحفية عادة متجذرة بقالمة.
"المصدر الرسمي" أول عقبة أمام صحفيي الجزائر العميقة
وصلنا مركز ردم النفايات قبل منتصف النهار بقليل "تأخرنا بسبب زحمة السير و قد لا نجد مدير المركز" قال كريم مضيفا "كان علينا أن نتصل قبل الانطلاق".
عبرنا البوابة الرئيسية و لم نطلب الإذن من فريق الحراسة و الأمن كانوا مختفين لم نراهم حتى لاحقنا حارس يبدو أنه قائد الفريق "السلام عليكم" فرددنا التحية و عرفنا أننا لم نطلب الإذن بالدخول.
المركز يوجد بموقع معزول و الحراسة عليه مشددة ليلا و نهارا.
اعتذرنا لفريق الحراسة و أبدينا استعدادانا للخروج و طلب الإذن ثم الدخول من جديد لكن القائد بدا لطيفا معنا عندما عرف أننا صحافيون نريد التحدث إلى مدير المركز "انتظروا هنا سأرى إن كان موجودا" فانتظرنا بساحة واسعة بها شاحنات صغيرة و آليات ضغط النفايات و بموقع قريب كومة من النفايات البلاستيكية تنتظر الشحن إلى مصانع الاسترجاع.
لم ننتظر طويلا هذه المرة عاد قائد الحراسة "المدير غير موجود خرج قبل قليل بعض الموظفين فقط مازالوا هنا و هم على وشك المغادرة الوقت منتصف النهار أليس كذلك".
تحدثنا مع موظف بإدارة المركز قال أنه غير مؤهل للإدلاء بتصريحات و بقينا بين خيارين ننتظر حتى يعود المدير أو نغادر و نعود في وقت لاحق "خسرنا وقتا لكننا لم نخسر المهمة نذهب إلى مركز الردم القديم لنرى إن كان الوضع قد تغير و نطلب رأي المدير بعد ذلك آه عندي رقم هاتفه سأتصل به الآن، و أخبره بأننا في مهمة صحفية بالمركز" قال كريم و هو يتذكر وقائع مشابهة مر بها في رحلة البحث عن "المصدر الرسمي" وراء الأبواب المغلقة العقبة الكبرى أمام المراسلين و الصحافيين بقالمة و غيرها من ولايات الجزائر العميقة.
في طريقنا إلى موقع الردم القديم تمكن كريم بصعوبة من ربط الاتصال بالمدير "أنا كريم دادسي من جريدة الوطن في مهمة صحفية بالمركز آسف وصلت متأخرا و لم أجدك سأعود في وقت لاحق لكن ليس اليوم تقبل تحياتي شكرا".
بينما كانت السيارة تشق طريقها وسط أكوام من بقايا نفايات استوطنت المكان سنوات طويلة عاد كريم للحديث عن واقع الصحافة في الجزائر بعد سنوات من الانفتاح و أثار مشكلة التخصص و التكوين و القدرات اللغوية و تقنيات الصحافة الحديثة، و بدا غير راض عن صحافة المكاتب المغلقة و الأخبار الجاهزة "لا صحافة بدون ميدان و لا حقائق بلا عين مجردة" يقول كريم و هو يلقي نظرة على بركة مائية سوداء تغطيها أسراب طيور بيضاء هذه واحدة من آثار تلوث مدمر ضرب منطقة بوقرقار.
المهنية، المعاينة الدقيقة و التكوين العلمي مشكلة كبيرة
توقفنا قرب البركة السوداء كانت الروائح الكريهة تنبعث في الهواء تدمع العينين كأنها غاز الكريموجان و طيور بيضاء نحيفة تصطاد الديدان و البكتيريا المتحللة.
شغل كريم جهاز تصوير صغير يؤدي مهمتين الصورة و الفيديو و اقترب من البركة السوداء و التقط صورا حية لواقع البيئة بقالمة ثم عاد. سألته ماذا وجدت فأجاب"وضع بيئي غير مطمئن أعتقد أن البحيرة السوداء تشكلت من مواد عضوية متحللة تسربت من أحواض التصفية بمركز الردم الجديد و هي تصب الآن في وادي سيبوس كما ترى هذا مقلق و خطير ربما تكون مصادر المياه الجوفية قد تلوثت أيضا أتمنى أن لا يكون هذا قد وقع بالفعل".
كتب كريم ما شاهده على أوراق كانت معه رغم أنه لم يكن بحاجة إلى ذلك، لقد رأى كل شيء سوائل سامة تصب في مجرى سيبوس العظيم و طيور تتغذى على البكتيريا و حيوانات تشرب مياه ملوثة و أبقار حلوب ميتة قرب بحيرة سامة لم تكن قبل تشغيل مركز الردم الجديد.
تحدث كريم عن مصطلحات علمية دقيقة قال أنه سيوظفها في مقاله عن الوضع البيئي بمنطقة بوقرقار الآبار الارتوازية المعادن الثقيلة و أمراض خطيرة تصيب الإنسان و الحيوان و النبات.
تحدث أيضا عن التحقيقات الميدانية الكبرى و الروبورتاجات الوثائقية و تخصصات صحفية ليست في متناول كل الصحفيين و المراسلين و هذه مشكلة كبيرة تعاني منها الصحافة في الجزائر.
عطش و جوع و متاعب لا تنتهي
قبل سنوات كنت أنا و كريم في مهمة شاقة إلى بلدية برج صباط لتغطية احتجاجات سكان يطلبون العمل و النقل و أسطوانات الغاز و مياه الشرب.
مازالت برج صباط تعاني حتى اليوم مياه الشرب و الفقر و السكن و الأزقة المنهارة.
كانت النيران مشتعلة في كل مكان و السكان غاضبون، دخلنا مكتب رئيس بلدية يكون قد تقاعد اليوم بالكاد دخلنا في البداية لم يسمح لنا المحتجون حتى بالاقتراب من المبنى المحاصر. تحدثنا مع رئيس البلدية و بدا غير قادر على تلبية مطالب المحتجين بلدية فقيرة عاجزة حتى عن دفع أجور الموظفين.
بينما كنا نستمع إلى الرجل و هو يتحدث بأسى كبير اقتحمت مجموعة من المحتجين المكتب و تكاثر عددهم حتى أن الرواق لم يعد يتسع. سمعنا كل أنواع السب و الشتم كما رئيس البلدية حاصروا سيارتنا و أراد البعض منهم أن يعتدي علينا قبل أن يطردونا.
تذكرت هذا وسط نفايات و بيئة ملوثة و جوع و عطش و شمس حارقة زادت من صوت طنين يسد أذني منذ سنة. و تذكرت يوم تعطلت سيارتنا وسط غابات بني صالح و ابتعد عنا الموكب الرسمي، تقطعت بنا السبل و نال منا العطش و الجوع فأكلنا ثمارا برية ثم عدنا نبحث عن مسلك يخرجنا من غابات كثيفة تحجب الرؤية و نور الشمس.
صحافيو الجزائر العميقة هم دائما هكذا يعتدى عليهم أحيانا و يمنعون من التصوير و يحرمون من "المصدر الرسمي" القليل منهم فقط من يبقى بين جدران المكاتب المغلقة و يرفض المغامرة و وجع الرأس.
تذكرت كل هذا و أنا أتابع كريم و هو يبتعد باتجاه البحيرة وسط نفايات عفنة و أشجار بعضها مات متأثرا بالسموم، و البعض مازال يقاوم. نال منه الجوع و العطش و غطى غبار أبيض حذاءه و سرواله البني عاد و كأنه أخذ حماما في البحيرة السوداء سال منه عرق لكنه بلغ ما كان يبحث عنه ، بيئة بوقرقار بعد بناء مركز ردم النفايات.
عاد الرجل متعبا و طلب مغادرة الموقع "انتهت المهمة هنا لكنها مازالت هناك مع مدير المركز و مدير البيئة و ربما مع مختصين".
تركنا الطبيعة الملوثة خلفنا و عدنا إلى مدينة قالمة الغارقة في فوضى العمران و زحمة السير دعانا كريم على طبق خفيف أو قطع بيتزا كانت الحرارة تشتد و الرطوبة تقطع الأنفاس ربما تكون قالمة قد أصيبت بعدوى الاحتباس الحراري بعد أن تلوثت بيئتها و زحف الإسمنت على غاباتها.
أشفقنا على الرجل المتعب و تركناه يدخل المكتب الصغير وجد بيان الحماية المدنية "أرسلوه منذ قليل فقط"يقول كريم و هو يقرأ ما جاء في البيان.
في قالمة الشرطة و الحماية المدنية فقط تمد المراسلين بالمعلومات و كثير من مواقع الخبر الرسمي لا ترغب في رؤية صحفيين يثيرون الفوضى و وجع الرأس.
قبل أيام فقط تعرضوا لسيل من الانتقادات الجارحة في اجتماع رسمي لكنهم صبروا على الأذى كما العطش و الجوع و الملاحقات و الأبواب المغلقة. فريد.غ
الخبير الإعلامي عبد العالي رزاقي للنصر
على السلطات المعنية أن تتدخل لوضع حد للفوضى السائدة في وسائل الإعلام
يجب إنشاء قمر صناعي جزائري من أجل تمكين كل القنوات التلفزيونية العمومية والخاصة من بث برامجها من الداخل
دعا الخبير الإعلامي وأستاذ علوم الإعلام والاتصال بجامعة الجزائر، عبد العالي رزاقي السلطات المعنية إلى التدخل لوضع حد ل '' الفوضى السائدة في وسائل الإعلام''، وقال أنه لا يجب فهم كلامه على أساس أنه يدعو إلى منع بعض الجرائد من الصدور،وتوقع أن يحدث تطبيق قانون الإعلام الجديد الصادر سنة 2012 نقلة نوعية في الصحافة لكونه يلغي المظاهر السلبية الموجودة حاليا في القطاع.
من جهة أخرى دعا الأستاذ رزاقي في حديث مع النصر، إلى إنشاء قمر صناعي جزائري من أجل تمكين كل القنوات التلفزيونية التي سيتم الترخيص لها بعد المصادقة على القانون السمعي البصري الجديد من بث برامجها من أرض الوطن، فضلا عن فتح المجال للإعلام العربي والإفريقي انطلاقا من هذا القمر.
كيف ينظر الأستاذ عبد العالي رزاقي إلى واقع الساحة الإعلامية في البلاد في ظل التعدد الكبير للعناوين الصحفية الموجودة حاليا؟
الوضع الإعلامي في الجزائر عموما لا يحمل مؤشرات واضحة فهو على مستوى الأرشيف نستطيع القول أنه لا توجد عندنا صحف فمن مجموع 136 يومية لا تستطيع أن تعثر سوى على 40 عنوانا وعلى مستوى فهم حرية التعبير هناك خطأ شائع في الجرائد وهو أن حرية التعبير هي حرية الكتابة في الصحافة بينما الحقيقة هي أن حرية التعبير، مرتبطة بالخط الافتتاحي للمؤسسة الإعلامية، فالقطاع العام يفترض أن يكون فيه الصحفي مدافعا عن النظام القائم وليس معارضا له، ويقول الأمريكيون في هذا الصدد، أن الصحفي عندما يدخل إلى مؤسسة إعلامية عليه أن يعلق أفكاره على مشجب ويعمل في نطاق المؤسسة.
على مستوى تطبيق قانون الإعلام لجانفي 2012 فإنه حتى الآن غير مطبق على مستوى المعلومات المقدمة للجمهور والتي يفترض فيها أن تتضمن الناشر وسعر الجريدة ودار النشر أو الطابع والغرض من النشر، ثم أعداد سحب العدد السابق على أن توضع هذه المعلومات في الصفحة الأولى أو آخر الجريدة.
وفي الجزائر قد تختفي هذه المعلومات في بعض الصحف بل أن إحداها بقيت تصدر شهرا كاملا دون وجود معلومة عن الجهة التي تصدرها.
والملاحظ هنا أن القطاع العام أكثر تنظيما على مستوى المهنة، عن القطاع الخاص وأكثر تطبيقا للقوانين المتعلقة بالضمير المهني ( العقد المبرم بين الصحفي والمؤسسة).
وهل تعتقد أننا بحاجة فعلا إلى هذا الكم الكبير من العناوين الصحفية؟
في تقديري إن جود 136 عنوانا دون تحديد هوية هذا النوع من الإعلام مابين الجهوي والإقليمي والوطني، يجعلنا نخلط ما بين وسائل الإعلام وكذلك فإن فقدان مفهوم للصحافة المختصة جعل الكثير يخلط بينها وبين الصحافة العامة بالإضافة إلى عدم التفريق بين الصحافة الخبرية وصحافة الرأي ، بينما قاعدة التفريق بين أي صحيفة وصحيفة، تتوقف على نسبة المادة الموجودة فيها، فإذا بلغت أكثر من 50 بالمائة أخبارا فهي خبرية وإذا بلغت أكثر من 50 بالمائة رياضة فهي رياضية وهكذا دواليك.
والمشكلة التي تواجهها الصحافة هي أن هناك صحف مجرد مكاتب متنقلة لأصحابها ويجب على السلطات أن تتدخل لوضع حد لهذه الفوضى في وسائل الإعلام وليس لمنعها من الصدور.
برأيكم إلى أي مدى استطاعت مختلف وسائل الإعلام في الجزائر أن تستغل هامش حرية التعبير الممنوحة لها وهل تعتقدون أن فيه احترام لأخلاقيات المهنة في تناول مختلف المواضيع أو بالأحرى في ممارسة المهنة؟
إن حرية التعبير مرتبطة بالخط الافتتاحي للمؤسسة الإعلامية، أما حرية الصحافة فهي مسالة مرتبطة بحق كل مواطن في إصدار صحيفة وبالتالي فإن وجود أكثر من 803 عنوان إعلامي في الجزائر وهو دليل على التنوع، بمعنى أن هناك أسبوعيات ومجلات ودوريات وصحف يومية مجموعها هذا العدد الهائل المفقود في المكتبة الوطنية والمشار إليه لدفاتر الإعلام لسنة 2008 .
وما يؤسف له أن هناك صحف تصدر 500 نسخة ويصدرها نواب في البرلمان ومسؤولون كبار يحصلون من خلالها على أكثر من 10 صفحات إشهارية يوميا بمعنى أن مدخولهم اليومي هو 300 مليون سنتيم بينما يدفع مقابل صدور الجريدة هو 50 ألف دينار، لذلك أقول، إذا أردنا أن نمكن الصحافة من التحرر فعلينا بتحرير الإشهار.
وما هي قراءتكم النقدية لقانون الإعلام الجديد لسنة 2012 وإلى أي مدى يمكن أن يعطي دفعا أكثر للعمل الصحفي؟
اعتقد أن تطبيق قانون الإعلام لعام 2012 قد يحدث نقلة نوعية في الصحافة لأنه يلغي المظاهر السلبية الموجودة مثل أن الملاحق صارت جرائد وتصدر ملاحق بينما الجريدة الأصلية لهذه الملاحق مفقودة أو ممنوعة بأمر قضائي، والقانون الجديد يعتبر الملحق جزءا من الجريدة وليس مفصولا عنها وبالتالي فظاهرة الملاحق تنتهي .
وكيف تنظرون إلى واقع القطاع السمعي البصري في البلاد وهل يمكن أن يحقق ما هو مأمول منه سيما في ظل قانون السمعي البصري
الجديد ؟
تجسيدا للقانون الجديد لنشاط السمعي البصري الموجود في البرلمان قد يكون بعد المصادقة عليه في العام القادم، فهذا القانون مع الأسف الشديد أقل قيمة من قانون الإعلام لسنة 1990، فالقانون الجديد يضم 105 ويتوزع على 6 أبواب فيها، ويرتبط بابان فيها بالعقوبات الإدارية والجزائية وهو قانون يعطي للقطاع العام صفة القناة العمومية بينما يمنح القنوات الخاصة صفة القناة الموضوعاتية، '' thématiques '' ومفهوم الموضوعاتية ليس بمعنى المتخصصة وإنما بمعنى يقترب كثيرا من مدلوله الفرنسي لأنه مصطلح مشتق من كلمة '' thème '' الفرنسية التي تعني الموضوع ويدخل ضمن المصطلحات الأدبية وليس الإعلامية، وهنا من الصعب أن يغامر مستثمر بإنشاء قناة تلفزيونية شاملة لمدة 10 سنوات فقط، إذ قد يحدد له الترخيص أو يجدد ومن الصعب أن يلجأ أي من المستثمرين المحتملين إلى إنشاء قناة ثقافية أو دينية أو رياضية أو إخبارية لأنها قنوات ليست فيها الإعلانات، فهذه القنوات الخاصة الموجهة إلى فئة معينة، تدعم ماليا في الغرب وليست من القنوات التي يغامر المستثمرون فيها.
والملاحظ هنا أن سلطة الضبط في قانون السمعي البصري هي عبارة عن سلطة تنفيذية تتكون من ستة أفراد يعينهم رئيس الجمهورية و4 يعينهم البرلمان ويكون لديهم أمين عام له الصفة التي لهم ولكنه يقترح من رئيس سلطة الضبط، ولا يوجد تمثيل لوسائل الإعلام السمعية في هذه السلطة ولا تعتمد على الانتخابات والتعيينات، وكان يفترض أن تبقى وزارة الاتصال على السمعي البصري عوض تشكيل سلطة.
في تقديركم هل استطاعت القنوات الجزائرية الخاصة تلبية ما كان يتوق إليه المشاهد الجزائري من أجل الحد من التبعية في استقاء الأخبار والمعلومات من الفضائيات العربية والأجنبية؟
والملاحظ اليوم أيضا أنه توجد في الجزائر تسع قنوات تمارس النشاط بقانون '' الأمر الواقع '' وهو أنها بمنظور وزارة الاتصال هي وكالات أجنبية مرخص لها بالنشاط وهي موزعة بين ثلاثة أصناف وهي القنوات العامة مثل '' الشروق، الجزائرية، الأطلس، الهقار، لانداكس، ودزاير تيفي''، أما المتخصصة فهي '' النهار ونوميديا نيوز '' والصنف الثالث وهي القنوات الإشهارية وتوجد حتى الآن قناتان وهي دزاير شوب ودزاير 24 ، إلى جانب قنوات المعارضة في الخارج و هي '' العصر و المغاربية '' وهي القنوات التي إذا لم نفكر في كيفية الاستفادة منها ستصبح مشكلة تعيق السلطة الجزائرية، وتشوش عليها.
وما هي برأيكم الإضافة التي قدمتها القنوات الخاصة للمشاهد الجزائري؟
إذا قمنا بمقارنة القطاع العام والقطاع الخاص في السمعي البصري نجد أن هذا الأخير يستنزف إطارات الأول ومع ذلك ما يزال تنظيم البرامج واحترام المواعيد والتعامل المحترم مع المادة الإعلامية أكثر حضورا في القطاع العام عنه في القطاع الخاص، وهذا لا يعني أنني مع بقاء القطاع الخاص على الحال التي هو عليه الآن وإنما، عليه أن يدخل المنافسة وبودي هنا أيضا التعليق على التلفزيون العمومي بالقول أنه لا يمكن أن تمول قناة رسمية وأخواتها الأربعة دون أن تفصل بين هذه القنوات بدفتر شروط.
ومن المفارقات أن القناة الوطنية للتلفزيون تملك ألف صحافي ولكنها لا تنتج ما يغطيها فتلجأ إلى الوكالات التابعة لبعض إطاراتها .
نعود للحديث عن التلفزيون العمومي، هل تعتقدون أنه استطاع فرض نفسه وسط المنافسة الشديدة للفضائيات العربيةو والقنوات الخاصة أو هل تعتقدون أن هذه المنافسة '' الشرسة '' قد افقدت التلفزة الجزائرية البعض من مكانتها؟
الفضاء الإعلامي لم يعد ملكا للدول وإنما صار ملكا لمن يملك الساتل، فخلال انقلاب العسكر في مصر على الشرعية اضطرت مصر إلى توقيف بث الكثير من القنوات المعارضة وهذا يعني أن الجزائر مطالبة بأن تنشئ قمر صناعي خاص بها حتى تفتح المجال للإعلام والعمل الإعلامي في إفريقيا والوطن العربي باعتبارها الدولة الأولى مساحة وتنوعا جغرافيا ولها من الإمكانيات ما يؤهلها لإنشاء أكثر من قمر صناعي لأن الخطوط الثمانية الموجودة للبث قد منحت 5 منها إلى القنوات العمومية ولم يبق سوى ثلاثة خطوط من الصعب التنافس عليها بين الخواص.
التلفزيون والمنافسة
أعتقد أن القنوات الوطنية للتلفزيون مازالت مرتبطة بجمهورها عن طريق النشرات الإخبارية والبرامج المحلية والأفلام لأنها كانت مرتبطة بجمهور السابعة في عهد الحزب الواحد ومسلسلات أمريكا اللاتينية في عهد التعددية قبل أن ترتبط اليوم بالمسلسلات التركية وهي المسلسلات التي سبق وأن تم بتها عبر قنوات عربية أخرى ولا يحتاج الجزائري إلى مشاهدتها مرة أخرى على التلفزة الجزائرية.
لماذا يوم وطني للصحافة
اعتقد أن الجزائر بدأت تفكر في تثبيت أيام وطنية فالرئيس المرحوم أحمد بن بلة ثبت 5 جويلية 62 يوما للاستقلال و1 نوفمبر 54 عيدا للثورة ثم جاء الرئيس علي كافي فثبت أياما وطنية أخرى مثل يوم الشهيد في 18 فيفري ويوم النصر في 19 مارس ويوم المجاهد في 20 أوت ويوم الهجرة في 17 أكتوبر ذكرى مظاهرات 11 ديسمبر 60.
وجاء الرئيس بوتفليقة ليعطي دفعا لهذه الأيام باعتبار ظهور أسبوعية '' المقاومة الجزائرية ''في 22 أكتوبر 55 كيوم وطني للصحافة الجزائرية، وهذا المسعى نأمل أن يدعم بإصدارات للجرائد التي كانت تصدر خلال الثورة بإعادة تنظيم أرشيف الصحافة الوطنية منذ 1962 إلى غاية 2013 إلى جانب وضع أرشيف للصحافة التي كانت تصدر قبل الثورة الجزائرية سواء الصحف الفرنسية أو الصحف التي كان يصدرها
جزائريون. ع.أسابع
عبد المجيد مرداسي
صحفيو الحزب الواحد أكثر مهنية و الجرائد نسخ مكررة
يرى الباحث في علم الاجتماع الأستاذ عبد المجيد مرداسي أن التعددية الإعلامية بالجزائر كمية فقط وقد أنتجت نسخا متشابهة من الجرائد، وأن وسائل الإعلام لم تعد مؤهلة لممارسة وظيفتها كونها أصبحت منحصرة في خانة صحافة الرأي و يكتنفها الغموض من جانب التمويل، معتبرا جيل الأحادية أكثر جدية وكفاءة من صحفيي اليوم الذين يفتقرون حسبه للتأطير، مسجلا حالة من عدم الانسجام بين الجامعة والإعلام.
يعتبر الأستاذ عبد المجيد مرداسي الوظيفة السامية للصحافة هي إعلام الجمهور بطرق مهنية تسمح للمجتمع أن يكون أحسن ويطلع على المحيط، لكنه يرى أنه و عندما ننظر إلى الواقع نتساءل هل الجزائري اليوم أحسن إطلاعا بالواقع بكل جوانبه ، الإجابة في رأيه تكون بلا ، مشيرا بأنه لا يوجد تعدد إعلامي بالمعنى النوعي وأن هناك تعدد كمي فقط، حيث يقول الباحث في علم الاجتماع أن هناك اليوم تقريبا أكثر من 100 يومية باللغتين لكن ذلك لا يعد مؤشرا على التفتح الإعلامي ، لأننا، كما يضيف ، نشهد تقهقرا للصحافة كمؤسسة اجتماعية، كون أشكال المراقبة تجددت على الإعلام، و كل المبادرات، حسبه، تخضع لنفس المبدأ وهو الغموض في التمويل لأن لا أحد يعرف من يملك رأس المال ومن يقف وراء هذه المؤسسة أو تلك، ، وهو ما جعل الإشاعة تطغى حول هويات المالكين الفعليين لتلك المؤسسات .السؤال الأهم وفق تحليل محدثنا هو "هل الصحافة اليوم قد تطورت من ناحية التنظيم؟" الإجابة أيضا بلا، متسائلا ما هي وضعية الصحفي؟، ولماذا لا توجد نقابات مهيكلة وحولها إجماع ؟ ، مؤكدا أن الناشرين ومنذ إنشاء الصحافة الخاصة لم يجتمعوا يوما على طاولة واحدة مع الصحفيين لمناقشة مسألة الأجور، حتى الحلول المقدمة ، برأيه، لا تكون شفافة وإنما عبارة عن ما أسماه بالحلول الخلفية أو التحالفات شبه السرية لان من يمول، كما يقول، هو من يهيكل. مقدما مثالا عن الشبكة الجديدة للقطاع العام التي يستغرب عدم تعميمها في القطاع الخاص." مسار التعددية عمره 20 سنة لكن نتائجه لا ترى" حسب تعليق الأستاذ مرداسي الذي يعتبر دعاة حرية التعبير هم من يحرمون الصحفي من حقوقه ،مشيرا بأن عددا من العناوين لا معنى لوجودها إعلاميا وان الصحافة اليوم عبارة عن نسخ متكررة وما نجده في صحف القطاع الخاص نجده في القطاع العام ، مشيرا بأن الجرائد تمارس السياسة وان الوظيفة الإعلامية تشهد تسييسا شكليا ما منع كل مؤسسة من أخذ مكانها .
وبالنسبة للصحفي قال أنه لا يوجد صحفي يمكنه أن يحتكم لبند الضمير المهني ويتمتع بحرية الاعتراض على أي إضافة أو تشويه يطرأ على عمل يقدمه، مفسرا الأمر بوجود خلل يبدأ من الجامعة التي لا تكون صحفيين ، حيث يجزم ، باعتباره أستاذ إعلام ، أن طلبة ماستر غير قادرين على إعطاء إسم جريدة أو أكثر من القطاع العام، وهو وضع يحمل فيه المسؤولية للمؤسسة الجامعية التي لا تكون ،كما يضيف، صحفيين بل بطالين يتجه الأكثر حظا منهم لقطاعات أخرى غير التي كونوا فيها, لانعدام انسجام بين الجامعة وعالم الإعلام .الصحافة لم تعد مؤهلة لممارسة العمل الإعلامي في نظر الباحث كونها لا تستند على مبدأ التحقيق والتنويع من مصادر الخبر وأصبحت محصورة في "صحافة رأي". جيل ما قبل التعددية يراه أستاذ علم الاتصال بجامعة قسنطينة 3 أكثر تمكنا نافيا الصورة النمطية التي تضعهم في خانة " مناضلين" بالتأكيد أن صحفيي جريدة المجاهد كانت مواقفهم متضاربة، وأن تلك الفترة كانت تعرف بالجدية والتخصص والمتابعة الأمر الذي لا نجده اليوم، وضرب المختص في علم الاتصال أمثلة بالأقسام الدولية في الجرائد وبالإعلام الثقافي ، واصفا ذلك الجيل بأنه جيل الصحفيين الحقيقيين لوجود تأطير وتوجيه وتصحيح لعمل الصحفي، أما اليوم فلا يوجد صحفي مختص برأيه. المتحدث قال أن نسبة كبيرة من مسؤولي القطاع الخاص الذين ينتقدون فترات سابقة ويتغنون بالحرية الإعلامية كانوا يعملون في القطاع العام ، لذلك فإن المشكل، حسبه، ليس في القطاع العام أو الخاص بل في نوعية العمل والمعلومة المقدمة والجدوى الإعلامية، معتبرا الفضائيات أكثر غموضا كونها تعمل خارج القانون محدثنا خلص إلى أن الجزائر واجهة إعلامية مزيفة لأنها تحمل خطابا واحدا ولا توجد تعددية في الطرح رغم ان التطور التكنولوجي الحالي يفترض ان يفرز كفاءة أكبر . نرجس/ك
نائب عميد كلية الإعلام بجامعة قسنطينة 3 الأستاذ حميد بوشوشة
برامج قديمة و تربصات منعدمة أثرت على نوعية الصحفيين
يرى الأستاذ حميد بوشوشة نائب عميد كلية الإعلام و الاتصال و السمعي البصري بجامعة قسنطينة 3 ،أن محتوى برامج التكوين في الكلية لا يزال قديما و غير متناسب مع تطورات كبيرة عرفها الإعلام و الاتصال في الجزائر و في العالم، مبرزا طغيان الجانب النظري على الممارسة العملية بخلاف القليل من تقنيات التحرير و فنيات العمل الصحفي.
ويؤكد الأستاذ بوشوشة أن الحاجة صارت ملحة للعودة إلى عملية الانتقاء التقليدية لدخول كلية الإعلام و قال أن الكثير من الطلبة تم توجيههم آليا لدراسة الصحافة في السابق من ضمن عشر اختيارات و لم يكن الكثيرون منهم متحمسين و لا راغبين فيها، على العكس من الوضع الحالي حيث أن 95 بالمئة تقريبا من طلاب الكلية قالوا أنهم اختاروا الصحافة كأفضلية أولى عند طلب توجيههم بعد الحصول على الباكالوريا.
و هنا يشير الأستاذ الذي كان صحفيا بجريدة النصر أن تطورات الحقل الإعلامي سمحت ببروز اهتمام بالإعلام كمهنة، و يرى الحاملون الجدد للباكالوريا في عدد كبير من العناوين الصحفية، و في التلفزيونات الخاصة فرصة للحصول على منصب عمل بعد تخرجهم.
بالنسبة للتكوين قال نائب عميد كلية الإعلام أن الجامعة في الوضع الراهن لا تكون صحفيين بل مجرد مشاريع صحفيين، يحتاج الذين يمتلكون منهم الموهبة و الاستعداد الفردي إلى وقت من الممارسة للتطور، كما أن الجامعة تقدم لطلبة الإعلام القواعد الأساسية فقط و هي لا تجعلهم صحفيين كاملين، و أوضح أن الجانب النظري من التكوين تجاوزه الزمن فاليوم صارت قواعد الكتابة الصحفية عالمية و لا حاجة للنظريات السابقة في أسلوب الكتابة، لأن المتلقي يحتاج خبرا كامل العناصر في كلمات قليلة.
و رغم ذلك فالجزء الضئيل من العمل التطبيقي لا يزال في فرع الصحافة المكتوبة، لأن الجامعة تفتقر إلى وسائل و إمكانيات تسمح بالتطبيق في الإخراج الإذاعي و التلفزيوني مثلا، و هناك متخرجين لا يحسنون حمل كاميرا و لم تولي الجامعة اهتماما بالتجهيز على عكس ما هو موجود في المدرسة العليا للصحافة في المغرب الأقصى مثلا حيث توجد 50 كاميرا في متناول الطلبة و ليس لدى جامعة قسنطينة3 كاميرا واحدة يؤكد نائب العميد متأسفا.
أما عن التربصات فهي قليلة بسبب قلة الوسائل و المؤسسات الإعلامية في قسنطينة، و قد كانت لجامعة منتوري بقسنطينة تجربة شراكة معتبرة مع جريدة النصر حسب المتحدث لكنها لم تعد كافية ،و بينما كانت التربصات في معهد جامعة الجزائر حتى نهاية الثمانينات تستغرق ستة أشهر تم تقليص فتراتها حاليا إلى 15 يوما و هو ما لا يسمح للطالب بالتأقلم مع المناخ الميداني العملي للإعلاميين.
و يرى الأستاذ بوشوشة أن "تأثير هذه العوامل صار واضحا في نوعية و جودة الصحفيين المتخرجين حديثا، فقد كان الناس إلى وقت قريب في التسعينات ينتظرون صدور صحيفة معينة بسبب جودة الأقلام التي تكتب فيها أما اليوم فلا شيء من هذا يحدث و ليس لدينا في الجزائر صحافة رأي و أحيانا تجد مقالات متناقضة داخل الصحيفة نفسها، و هو ما يفسر عدم بروز أقلام صحفية بمثل الأسماء التي ظهرت في فترات سابقة".
يشير محدثنا أن "بعض الجامعات الأمريكية و الشرق أوسطية فيها حاليا أقسام خاصة بأخلاقيات الصحافة و بجرائم الإعلام، لكننا لا نزال بعيدين عن تناول تلك القضايا غارقين في التنظير للفكر السياسي و هو ما لا يحتاجه طالب الإعلام".
ويرى أن هناك "ضرورة لمراجعة البرامج و تكييفها مع التطورات و هناك حاليا نقاش حول تقادم جنح الصحافة و لا يزال الحديث مقتصرا على الصحافة المكتوبة التي تسقط جرائمها بمرور شهرين بينما جريمة الوسيلة الإعلامية الإلكترونية تحتاج إلى وقت أطول لتسقط ، نظرا لطول تقادمها، و هذا النقاش للأسف غائب تماما عن الجامعة الجزائرية و لدى الدارسين في مراحل ما بعد التدرج بكليات الإعلام بسبب غياب تشريعات الإعلام عن برامج التكوين".
و يقترح الأستاذ بوشوشة العودة إلى أسلوب الانتقاء التقليدي للطلبة الراغبين في دراسة الصحافة بإعتبارها من المهن المُؤَمنًةُ، و لا يكفي الحصول على معدل مرتفع في الباكالوريا ليكون الطالب صحفيا، و التأكد من إمتلاكه إستعدادا ذهنيا و فيزيولوجيا ليصير رجل إعلام. ع.شابي
المدرسة الوطنية العليا للصحافة و علوم الإعلام
النظري يتغلب على التطبيقي و يعرقل تكوين صحفيين متخصصين
بالنسبة لتجربة المدرسة الوطنية العليا للصحافة و علوم الإعلام التي تهدف الى تكوين صحفيين متخصصين في شتى المجالات و التخصصات لا يزال ثقل التكوين النظري و غياب الممارسة الميدانية عائقا أمام تخرج صحفيين جاهزين للعمل من المدرسة "الوجيهة" التي تقدم دروسا على مدار عامين و ترسل متفوقيها لإجراء تربصات ميدانية لدى نظيرتها الفرنسية.
فقد تخرجت الدفعة الأولى من المدرسة في جوان الفارط فقط و هو ما يجعل الحكم على فعالية التكوين المتخصص لديها سابقا لأوانه، لكن الصحفية السابقة و الأستاذة المحاضرة بالمدرسة الدكتورة نبيلة بوشعالة ترى أن نقائصا مهمة تحتاج معالجة سريعة و على رأسها توفير وسائل و امكانيات لإجراء التربصات الميدانية ، و أشارت في حديث للنصر أن المدرسة لا تتوفر على أستوديو يسمح للطلبة بالتعامل الحسي مع متطلبات العمل التلفزيوني أو الإذاعي بينما لا تزال عمليات التكوين المتخصص في مجال الصحافة الإلكترونية غير مفكر فيها في الوقت الراهن. لأنه لدينا مدونون جيدون لكن المواقع الأساسية للصحافة الإلكترونية لا تزال مستوطنة في الخارج و بالتالي فلا وجود لمنظومة إعلام و صحافة إلكترونية بالمفهوم المتعارف عليه في الجزائر حتى الآن.
تستقبل المدرسة الحاصلين على الليسانس في سبع تخصصات علمية و في علوم الصحافة و الإعلام، لكن البعض منهم لا يمكنهم حتى أن يكونوا صحفيين مبتدئين حسب الأستاذة بوشعالة، الذي تقدم دروسا في العلاقات العامة و التحقيقات و تشرف على مخبر أبحاث بالمدرسة لأنهم يفتقدون الى أساسيات العمل الصحفي كاللغة أحيانا أو لا تكون لديهم الاستعدادات الذاتية لممارسة "مهنة المتاعب".
التكوين الغالب في المدرسة لا يزال برأيها أكاديميا نظريا ، لا يتيح للصحفيين و بعضهم يعملون بالموازاة مع تكوينهم في مؤسسات إعلامية التأقلم و أخذ فكرة عن حقيقة العمل الصحفي في الواقع، لا يعرفون تماما كيف يتحدثون إلى الناس و لا كيف يواجهون مشاكل طارئة تصادف الصحفيين يوميا في مهامهم، و المدرسة لا توفر بسبب قلة حجم العمل التطبيقي الفرصة الكافية للطلبة كي يتعرفوا أكثر على حقائق الميدان وفق نفس المصدر.
بالنظر لمستوى و أهلية المنتمين للمدرسة لكي يكونوا صحفيين متميزين قالت الأستاذة بوشعالة أنه لا المدرسة وحدها و لا الجامعة يمكنهما تعويض و تصليح ما فقده الطلبة طيلة 16 سنة من مسارهم الدراسي، و رأت أن التكوين في النهاية مهما كانت نوعيته و دقته يصبح مفيدا إذا وجد المتلقي المناسب الحامل لاستعدادات فردية كبيرة و هؤلاء تساعدهم المدرسة فقط على إبراز مقدراتهم الأصلية و تصقلها قليلا من خلال تلقينهم بعض التقنيات في العمل الصحفي. ع.شابي
الخبير في الخطط الإنتاجية الوجه الإعلامي المعروف مدني عامر للنصر
تم التفكير في إطلاق فضائية جزائرية قبل ظهور أم بي سي
يعود بنا نجم نشرة التلفزيون الجزائري في التسعينات ومعد حصة الحدث الشهيرة الصحفي مدني عامر في هذا الحوار مع النصر إلى بداية التفتح الإعلامي وكيف تم التحضير لنقلة يعتبرها سابقة لعصرها عربيا بالتأكيد على أن الجزائر تقدمت عربيا في مجال الإخبار وأن فكرة إطلاق قناة فضائية جزائرية طرحت للنقاش حتى قبل ظهور "أم بي سي"، كما يعتبر التلفزيون الجزائري من أحسن التلفزيونات تجهيزا في العالم، لكنه يسجل غياب المهنية ما حال، حسبه، دون تحرير الكفاءات ، وقال المشرف على إطلاق مركز أخبار أبو ظبي الأول من نوعه في العالم العربي أنه لم يتعلم شيئا من الفضائيات بل منحها من خبرته التي اكتسبها من التلفزيون الجزائري، وينتقد الوجه التلفزيوني، المختص في إنشاء القنوات التلفزيونية والخطط الإنتاجية، التلفزيونات الخاصة ويصف بعضها باليوتوب في حين يعيب على بعض الصحف كونها تمارس السياسة أكثر من الصحافة.
حاورته: نرجس كرميش
باعتبارك من الوجوه الإعلامية التي لمعت في فترة عرفت بالعلامة الفارقة في تاريخ التلفزيون كيف ترى الإعلام الجزائري اليوم؟
باعتباري واحد من صحفيي فترة صنعت الاستثناء بالتفتح والمهنية العالية يربكني كثيرا الواقع الحالي أعتقد انه ما زال ينتظرنا الكثير للخروج منه، اعتقدنا أن الانطلاقة البسيطة كانت ستمهد للأجيال الأخرى، كان يمكن أن نواصل الطريق لكن للأسف الشديد العملية توقفت في الإعلام المرئي، في حين أن الصحافة المكتوبة أكلمت الطريق بقوة اكبر ، رغم أنني كقارئ عندي مآخذ على بعض العناوين التي خرجت من خط العمل الصحفي إلى السياسي مع ذلك ما يبذل من جهد يحترم. على اعتبار أنها مرحلة تعلم تنضج مع الوقت .
بعض التلفزيونات الخاصة عبارة عن " قنوات يوتوب"
كيف نجح جيلكم في صنع الفارق؟
قلنا نحن إعلاميون دعونا نمارس بمعرفتنا.. أنا والكثير من الزملاء حاولنا أن نحول دون وضع معرفتنا جانبا وكانت لنا الكلمة و للمهنية، كنا في ذلك الوقت نفكر في إطلاق التلفزيون الجزائري كفضائية حتى قبل ظهور "أم بي سي" والفضائية المصرية وقد ناقشنا الفكرة، سنة 91 كان التلفزيون يبث على عرب سات كانت برامجنا تبث في الحقيبة المشتركة عن طريق قناة23 للتبادل المشترك وكانت تلك البرامج الشهيرة تسجل ويذاع بعضها على القنوات العربية، لذلك أرى أن التجربة كانت سابقة لعصرها مقارنة بالإعلام العربي.. كيف لهذه التجربة المبكرة أن تموت قبل أن تخرج؟!
لم أتعلم شيئا من الفضائيات بل منحت ما اكتسبته من معرفة في التلفزيون الجزائري لتلك الفضائيات
و ماذا تعلمت من تجاربك في الفضائيات العربية التي أصبحت حلم كل صحفي جزائري؟
التلفزيون الجزائري مدرسة بكل المقاييس، 20 سنة وأنا أتنقل ما بين الفضائيات في موقع مسؤول وصانع سياسة لم أتعلم شيئا من الفضائيات بل منحت ما اكتسبته من معرفة في التلفزيون الجزائري لتلك الفضائيات، كان مدرسة كبرى.. كنا 27 صحفيا في ذلك الوقت كل واحد متعدد المعالم والمهارات ، التلفزيون أتاح لنا الفرصة ونحن من جهتنا سعينا بأن نكون في مواقع وأدوار قمنا بها على أكمل وجه.. انا حزين لأن كل شيء جميل في وطني يحيل على الماضي.
التلفزيون الجزائري واحد من أحسن التلفزيونات العربية تجهيزا
يرى البعض إن التفتح كان قرارا سياسيا أكثر منه إرادة إعلاميين
ما تحقق كان نتاج تفاعل بين صانع القرار والسياسي الذي كان يستمع للمهني ويحترم رأيه. كنا نجرؤ على طرح أفكار على أول مسؤول بالبلاد، كان الشاذلي بن جديد متفهما يسمع وعندما يقتنع يدعم، الانفتاح تم بدعم كبير من الرجل لأنه أسكت الأصوات التي يمكن أن تحول دون العمل.
الصحفيون في نفس الوقت كان لديهم طموح ومبادرة ، أي أن هناك تكامل في الأدوار والإرادة ما أتاح الانطلاقة ، التي تمت، وبعدها أصبحنا عندما نطلب أي مسؤول نقابله، ما حول التلفزيون إلى تلفزيون بمعنى الكلمة، عملنا وفق ضوابط مهنية وأخلاقية ، تناول القضايا لم يكن عليه أي قيد لأن الصحفيين كانوا مسؤولين بعيدا عن التهريج أو المغالطة، أي أن كل صحفي يكلف بملف يعمل عليه بالبحث وعندما يطرحه له مرجعية عمل مهني، وفي تلك الفترة كان هناك أيضا مجلس أعلى للإعلام،، تلك المرحلة كانت تسير أسرع مما كان متوقعا لها ، لقد قطعنا أشواطا معتبرة لأننا احتكمنا إلى عمل مهني.
هل توقف التلفزيون الجزائري عن خلق الكفاءات والتميز؟
سابقا كان عددنا 27 صحفيا الآن هناك أكثر من 430 صحفي هؤلاء أيضا ينتظرون فرصة من المؤكد أن هناك خامات كبيرة إذا لم تجد فرصة لانطلاقها تظل نائمة.
ماذا ينقص التلفزيون اليوم برأيك؟
التلفزيون لو يعود إلى العمل وفق القواعد المهنية يتقدم بسرعة لأنه يطلق المبادرة هناك على الأقل 50 أو 60 شخص سيبرزون حتما وهؤلاء يكونون بمثابة المحفز للبقية وبالتالي يخلق جوا من المنافسة .
لا يمكن لكل جريدة كبرى أن تصنع تلفزيونا
ألم تكن هناك منافسة بين ذلك الكم من النجوم ؟
كنت أعد برنامج وغيري كذلك كل الزملاء كانوا يرون أنفسهم معنيين ويندمجون في العمل لم تكن لدينا عقدة لأننا عملنا في جو من التكامل والمنافسة، باختصار المنافسة كانت محفزا للتطور لكن الروح الجماعية جعلت كل واحد يبرز في موقعه دون عقدة من الآخر.
ترى كيف يتحول الإعلامي إلى نجم؟ وهل هناك نجم تلفزيون اليوم؟
النجم لا يصنع بقرار بل بمقوماته الذاتية و الاجتهاد ، النجم يصنع نفسه.. قد تكون هناك قامات موجودة عندما تتاح لها الفرصة بتجربتها تلمع ، أرى أن العمل التلفزيوني له قواعد و ضوابط يجب أن يخضع لها بتكافؤ الفرص أي أن الشخص الذي يتميز يسمح له بالبروز لأن الكفاءة و الموهبة عندما تولد يجب أن تجد المجال مفتوحا.
لكن مطلوب من الموهبة أن تقاوم وتفرض نفسها
لا جدوى من المقاومة إن كان صاحبها يعرف انه لن يصل إلى نتيجة، في التلفزيونات التي عملت فيها أختار الموهبة عن طريق وسائل كثيرة ، أهمها الاستماع إلى الناس والتحدث إليهم وقراءة ما يكتبون ثم الدفع بهم.
انا مثلا خريج قانون وقد وصلت إلى التلفزيون صدفة.. عندما دخلته أحببته وتعلمت منه وبالتالي قدمت أقصى ما لدي لان المبادرة كانت متاحة.
لكن لا بد من التأكيد أن الصحافة إن لم تحبها لا تصل، هي ليست مجرد توقيع اسم على صحيفة أو الظهور على شاشة بل العمل الصحفي هو جهد ومحاولة خلق اختلاف وإضافة.
انطلاقا من تجربتك الواسعة ما هو سبب انتشار الفضائيات العربية الكبرى؟
هي تلفزيونات مهنية تتجه نحو المهنية وفقط وتعتمدها كأول معيار لتوظيف أي مراسل أو مصور أو مذيع جيد كل واحد يعمل على أساس الكفاءة.. التلفزيون الجزائري خضع في مرحلة ما إلى هذه
المعايير .
لكن الإمكانيات والتطور التكنولوجي مهم في تطور أي مؤسسة إعلامية
التلفزيون الجزائري واحد من أحسن التلفزيونات العربية تجهيزا لكن آن الأوان لدخول مرحلة المهنية التي بدونها لا يمكن انتظار التطور.
الإعلامي الجزائري نموذج في المهنية
كيف ترى تجربة القنوات الخاصة في الجزائر؟
أحترم من بادروا بتجربة السمعي البصري حتى قبل صدور قانون ينظم المهنة ، وجود المؤسسة في حد ذاته أمر جيد، وما لاحظته أن بعضها يجتهد لتقديم عمل نوعي لكن بعضها مجرد قنوات "يوتوب"، هناك تلفزيونات تريد أن تصعد إلى الساتل وفقط لكن المشكلة ليست في الوصول إلى الساتل بل التواجد في الساتل.ومع ذلك من الظلم أن نحكم عليهم، هم في طور التشكل وتبقى المهنية هي الحصانة والمناعة .
ما نراه هو مؤسسات صحافة مكتوبة تتجه نحو السمعي البصري أو ما يسمى بجرائد متلفزة
لو قدر لكل جريدة كبرى أن تصنع تلفزيونا لكان ل"نيويورك تايمز" و"لوموند" و"واشنطن بوست" وغيرها من كبريات الصحف أكبر التلفزيونات في العالم، التلفزيون كائن إعلامي مختلف تماما معالجة وتطبيقا،من يدري ربما تشكل النماذج الموجودة في الجزائر استثناء جزائريا لننتظر ونرى.
الإعلام الجزائري بقي محدود النطاق لكن سمعة الإعلامي الجزائري تعدت حدود الوطن ما السبب؟
الإعلام العربي عرف الإعلامي الجزائري عن طريق التلفزيون من خلال أسماء بدأت مع تجربة الفضائيات العربية، مثل "محفوظ بن حفري"، "لخضر بريش" ،"مدني عامر" ،"عبد الكريم سكار" و"مراد شبين" وغيرهم، كانت مجموعة استثنائية معروفة بالجدية والمهنية العالية. وقد اعتبر الإعلامي الجزائر نموذج مهني معروف بالمسؤولية. في ذلك الوقت الصحافة المكتوبة لم تكن تصل إلى الخارج بشكل واسع لكنها الآن تجربة محترمة .. و بالنسبة للإعلام المرئي هناك مشكلة، أعتقد أنه كان بالإمكان أن تصل صورتنا على أوسع نطاق وبمضمون أغنى وأغلى.
هل يتطلب تطوير السمعي البصري عندنا إمكانيات أكبر؟
المشكلة ليست في الإمكانيات، في مفاهيم التلفزيونات الحديثة ب200 شخص يمكنك أن تحدث قناة منافسة، عندما انطلقت "أم بي سي"، التي شكل الجزائريون أهم أركانها، كان عددنا 70 شخصا فقط ، العبرة ليست بالعدد بل في مردود كل شخص ومناهج تقييم أداء كل واحد ومؤشر المردود الشخصي لكل واحد،الاختلاف يكمن في مفهوم "المناجمنت" وإدارة المعارف والمهارات. التلفزيون يختلف عن أي مؤسسة ثابتة هو يعكس الاتصال.
في الأخبار لم يكن هناك من كان متقدما عن الجزائر عربيا ، انا ممن أشرفوا على تجربة قناة أبو ظبي، في كل المجالات الكفاءة الجزائرية متميزة ويشهد للصحفي الجزائري كما الطيار الجزائري والمهندس الجزائري بالتميز.. توجد كفاءات تحتاج فقط جوا مهنيا أساسه تحرير المبادرات بدل التعامل بثقافة القطيع، انا كمسؤول على أكثر من مشروع اعتمد على الفرديات التي تكتشف تثمن وتطلق، لابد من الاشتغال والاستثمار في الشخص كي يصبح جزء هاما من الدورة المالية للمؤسسة .
يفسر البعض بروز الإعلامي الجزائري خارج بلده بالمقابل المادي الذي لا يجده في بلده
عندما كنت موظفا في التلفزيون كنت رئيس تحرير ومقدم ومعد لبرنامج ومنتج تحقيقات كبرى ولا أتقاضى إلا أجري ولم احصل على سنتيم واحد عليه، كنا نستمتع بالعمل إلى حد أن أولادنا كبروا ولم ننتبه إلى ذلك، الأجر مطلوب كي يحفظ كرامة الصحفي وآدميته كوجه معروف لكنه ليس مبررا للفشل.
في الأخبار لم يكن هناك من كان متقدما على الجزائر عربيا
تنسب تلك الفترة الذهبية للمدير السابق عبده بن زيان ويقال أنه مهندس الجيل الذهبي
هناك أكثر من مدير ممن تعاقبوا على التلفزيون في تلك الفترة لهم فضل كبير منهم، عبد القادر براهيمي، و هو من أطلق الإرادات وحررها وشجعها ودافع عنها وقاتل من أجل الصحفيين، جاء بعده عبده بن زيان واصل نفس السياسة وقبلهما كان إبراهيم بلبحري كان قامة أخلاقية كبيرة رغم انه ينتمي إلى جيل غير جيلنا كان يتقن اللغات علمنا الدقة و الانضباط والأخلاق المهنية بصرامته لأنه كان صارما بأناقة.
كيف عشتم أجواء التحول الإعلامي داخل مبنى التلفزيون وهل تمت تهيئتكم لذلك؟
التغيير لم يأت هكذا بقرار مفاجئ المحاولات كانت من قبل.. بدأت في الثمانينات، كانت مساع وجهد دائم ،كانت هناك مبادرة ونقاش داخلي، الأمر تم بشكل متدرج حتى وصلنا ، كما كان هناك تحرك بخلق جمعية الصحفيين، كنا ننشط كمنظومة متكاملة تعتمد على المبادرة والإرادة والتفهم، المدير كان يغطي على أخطائنا ويدافع عنا حتى نتعلم ونتطور الظروف طبعتها مهنية عالية ، من كان مكلفا بالنشرة يحضرها بداية من التاسعة صباحا ويعمل ما بوسعه كي يكون مختلفا كما كان هناك جهد كبير من المراسلين بمختلف المحطات .
بعض العناوين تحولت إلى منابر سياسية
بعد كل هذا النجاح بماذا يحلم مدني عامر؟
أجمل أحلامي أن أقدم نشرة أخبار كما كانت ذات يوم ، بالنسبة إلى التلفزيون الجزائري حلمي و قلقي كلما مررت أمام تلك البناية يهتز قلبي ويقشعر جسمي.
من تراه نجم التلفزيون اليوم أو على الأقل الأكثر تميزا؟
معروف في عالم الاتصال أن هناك أناس صنعوا التلفزيون وأناس صنعهم التلفزيون وفي العالم كله من صنعه التلفزيون يخلق مشكلة للتلفزيون، لذلك يمكن أن يكون الشخص متميزا لكن النشرة التي يقدمها فقيرة يقال"يوجد في النهر ما لا يوجد في البحر"، حتما هناك كفاءات تنتظر الفرصة فقط كي تنطلق، لا يمكننا الحكم في ظل معطيات غير مهنية. لذلك أقول أنه آن أوان المهنية في الجزائر وفي كل القطاعات
هل أنت مستعد للمشاركة في تطوير العمل التلفزيوني ببلدك؟
أنا مستعد للمساهمة بكل ما املك من تجربة و أكرس خبرتي للجزائر وتلفزيوننا او حتى التلفزيونات الناشئة، أكون سعيدا جدا و أنا أرى الأجيال الجديدة تنتفع مما اكتسبناه طيلة مسارنا.
ألا تزال تحن إلى التلفزيون الجزائري؟
التلفزيون الجزائري يظل بيتي الأول بمرتبة القداسة و أينما كنت في أمريكا أو أستراليا و أي مكان في العالم عملت به أقول ، "أنا منتوج التلفزيون الجزائري وله فضل كبير علي" ، منحني الفرصة ومنحته أجود ما عندي من عمل وتفان
هل تتابع نشرة الأخبار؟
أتابع النشرة من باب الحس والقلق والتوجس
وما رأيك في الصحفيين؟
لا يمكنني أن اظلم واحدا وضع داخل مربع مغلق
و ماذا عن الصحافة المكتوبة هل اكتملت التجربة؟
ما أعيبه على الصحافة المكتوبة، رغم احترامي لما حقق، أن بعض العناوين تحولت إلى منابر سياسية ، ما اقرأ هو التعليق أكثر من المعلومة والأحكام أكثر من الواقع، مبدأ التدقيق والتحقيق في المعلومة غير متوفر دائما ، هناك أحكام على الناس انطلاقا من زاوية معينة وموقف سياسي معين ، حصانة أي صحيفة هي الاحتكام إلى القواعد المهنية.
41 سنة من الصحافة الرياضية
الهدف رائدة الصحافة الرياضية وكثرة العناوين لم يصبها بالكساد
تعد أسبوعية الهدف التي كانت تصدرها مؤسسة النصر ، رائدة الصحافة الرياضية في الجزائر ، حيث صدر أول عدد يوم الإثنين 3جانفي 1972، بعد ثلاثة أيام من تعريب جريدة النصر ، ورافقت الأسبوعية كل إنجازات الرياضية الجزائرية في القرن الماضي ، وكان طاقم التحرير مشكلا من العناصر التي كانت ضمن طاقم تحرير جريدة النصر باللغة الفرنسية والتي تم تعريبها على مراحل.
الهدف كانت رفيق كل إنجازات الرياضة الجزائرية، من ألعاب البحر الابيض المتوسط1975، والألعاب الإفريقية 1978 إلى جانب إنجازات العاب القوى في المونديال و الألعاب الأولمبية ، ما أكسبها صدى كبيرا لدى القراء، والخاصية التي كانت تتمتع بها الهدف انها كانت شاملة، وتهتم بكل الرياضات الجماعية و الفردية سيما في تلك الفترة التي كانت تعرف أولى خطوات الرياضة الجزائرية على الصعيد العالمي، ولم تكن الأسبوعية تهتم فقط بتقديم المباريات و التغطيات لمختلف النشاطات الرياضية ، وإنما كانت كذلك تقدم مادة إعلامية متنوعة، من الربورتاجات و التحقيقات ، إلى جانب مساهمات أخرى ، خاصة وأن تلك الفترة عرفت فتح نقاش واسع حول إصلاح المنظومة الرياضية.
المغامرة التي بدأت في بداية السبعينيات استمرت إلى غاية منتصف التسعينيات بفضل طاقم تحرير مميز مشكل من اقلام بارزة ، على غرار بوبكر حميدشي والفقيدين رحماني عزيز و سليم مصباح و معنصري مصطفى الذي تولى فيما بعد رئاسة إدراة الجريدة، كما تحولت الأسبوعية إلى مدرسة للأقلام الشابة التي تمرست في هذه الأسبوعية ، قبل أن تلتحق بعناوين أخرى، في صورة كل من يزيد وهيب، أو الهادي هامل الذي أصدر فيما بعد مجلة فوت أفريك وقد تطول القائمة .
التطور الكبير الذي شهدته الأسبوعية، التي تضاعف سحبها في السنوات الأولى من 30ألف إلى الضعف في ظرف وجيز، دفع بالقائمين على الجريدة إلى إصدار عنوان جديد ( الهدف ويكاند )، وهذا لتلبية الطلب المتزايد على الأسبوعية، كما أنه جاء ضمن استراتيجية إدارة الجريدة ، للتأقلم مع مستجدات الساحة الرياضية، سيما وأن الأسبوعية لم تعد قادرة على استيعاب كل المادة الإعلامية التي كانت تفرضها تلك المرحلة، و المميز في هذه التجربة انها كانت تقدم مادة إعلامية ذات جودة و بأقلام راقية، وهو ما صنع قوتها و رفع من مقروئيتها ليس فقط في الوسط الرياضي و إنما وسط شرائح متعددة من المجتمع .
توزيع الجريدة لم يكن يقتصر على التراب الوطني وإنما امتد إلى الخارج خاصة في فرنسا ، حيث كان يتابعها عدد كبير من الجزائريين المغتربين، سيما وانها لم تهمل الجالية الجزائرية في الخارج ، من خلال متابعتها لنشاط الرياضيين الجزائريين في المهجر، سواء تعلق الأمر بلاعبي كرة القدم، أو في رياضات أخرى.
فترة التسعينيات كانت قاسية على الأسبوعية التي تراجعت مقروئيتها، ولم تواكب التطور الحاصل في تلك الفترة ، كما أن فتح المبادرة لإنشاء عناوين خارج القطاع العمومي، زاد من تعقيد أمور الهدف التي سرعان ما توقفت عن الصدور، لتبقى ذكرى الهدف عالقة في أذهان الكثير من الرياضيين والذاكرة الإعلامية.
أسبوعية المنتخب رائدة الصحافة الرياضية المعربة
تجربة الهدف الناجحة شجعت مؤسسة الشعب على إصدار أسبوعية المنتخب، سنة 1986حيث عرفت بدورها رواجا كبيرا، سيما و أنها كانت الأسبوعية الوحيدة التي تتطرق للشأن الرياضي باللغة العربية ، ما جعل سحبها يرتفع في ظرف قصير حيث بلغ في بعض الأحيان 100ألف نسخة كل نهاية اسبوع، حيث اهتمت هي الأخرى بمختلف الرياضات والأقسام الدنيا، ما أعطى لها مساحة كبيرة من المناورة ووسعت من دائرة مقروئيتها، وما جرى على اسبوعية الهدف جرى على المنتخب التي توقفت عن الصدور لأسباب عديدة ، ورغم محاولة بعض صحافييها إعادة بعث الجريدة من جديد ، ضمن تعاونية خاصة ،غير انها سرعان ما اختفت من الاكشاك لعدم قدرتها على المنافسة و غياب الإمكانيات المادية، مما حال دون استمراريتها.
صدى الملاعب ، كومبتيسيون، الهداف، الكرة ...
نهاية الثمانينات و بداية التسعينيات عرفت الساحة الإعلامية انتعاشا في إصدار العناوين الرياضية ، منها صدى الملاعب التي اصدرها عز الدين ميهوبي و التي كانت تجمع بين التعليق و التحليل الساخر، في تجربة كانت تعد فريدة من نوعها ، كما أصدرت وكالة النشر و الإشهار في عهد محمد روراوة الرئيس الحالي للفاف مجلة سبور إنترناسيونال سنة 1991، او أفريك سبور التي كانت تصدر عن مجلة الوحدة الإفريقية قبل أن تتدعم الساحة الإعلامية سنة 1993 بأسبوعية كومبتيسيون ، التي جاءت لتسد الفراغ الذي تركته الهدف، حيث تميزت هذه الاسبوعية بلغة بسيطة و قريبة الفهم للقراء ومعايشتها اللصيقة بيوميات الأندية ما أكسبها هي الأخرى انتشارا واسعا، و مقروئية كبيرة، ما جعلها تتحول إلى يومية رياضية في تجربة من نوعها، حيث تبقى من اقدم الصحف الرياضية المتواجدة في الساحة الإعلامية، قبل ان تتدعم بعناوين اخرى كالهداف ،الكرة ،الشباك و بلانت فوت و ماركانا، كما ان التطور التكنولوجي سمح لها بإصدار نسخ إلكترونية على شبكة الإنترنيت، ما أكسب البعض من هذه الجرائد مقروئية أوسع ، وتحول إصدار العناوين إلى ظاهرة فريدة من نوعها في الجزائر، خاصة في مجتمع شاب ،لا يتنفس سوى الرياضة و بالأخص كرة القدم ، فالنتائج التي سجلها الفريق الوطني و تأهله إلى نهائيات الكان و المونديال، كما أن انصراف القراء عن متابعة الأحداث السياسية ،ساهم بشكل كبير في انتعاش الساحة الإعلامية الرياضية .
التحول من أسبوعية إلى يومية
الإقبال الكبير على العناوين الرياضية ، دفع بالعديد من الأسبوعيات إلى التحول إلى يوميات ، حيث اصبحت تصدر كل أيام الاسبوع، في تجربة فريدة من نوعها في الجزائر كما ان بعض الجرائد اليومية أصدرت عناوين رياضية على غرار الخبر التي أصدرت الخبر الرياضي و النهار لكن هذه التجربة سبقهم إليها يومية لوسوار دالجيري الناطقة باللغة الفرنسية، التي اصدرت منتصف التسعينيات يومية "ماتش" غير انها سرعان ما توقفت عن الصدور لأسباب تجارية، و رغم الرواج الكبير الذي تعرفه هذه العناوين ، غير انها تبقى بحاجة إلى النضج و إلى الاحترافية في معالجة الخبر, سيما وان البعض من هذه العناوين أصبحت تسير على مزاج القراء و أنصار الاندية على وجه الخصوص ، ما قد يجعلها تنحرف عن مهمتها الأساسية وهي تقديم الخبر الإعلامي دون بهارات.
آخر مولود إعلامي" لوسبور " يتمثل في جريدة شهرية مجانية، يهدف من ورائها أصحابها إلى تقديم مادة إعلامية في قالب و أسلوب مختلف، و للمساهمة في تطوير الرياضة الجزائرية. ع – قادوم
الصحافة الرياضية تحدت نقائص الماضي وفشلت في مواكبة العصر
إن الحديث عن الإعلام الرياضي في تاريخ إعلام جزائر الاستقلال، يجرنا حتما للحديث عن المدرسة التي أسست لهذا الإعلام المتخصص، ألا وهي جريدة النصر المنبثقة عن جريدة المستعمر "la dépêche de constantine" ، بقيادة أول رئيس تحرير المتمثل في شخص الفقيد الشيخ أحمد بن سلامة، والذي شاء القدر أن يكون أول جزائري يوظف كمحرر في جريدة المستعمر السالفة الذكر، وبالتحديد في القسم الرياضي، لينقل خبرته في هذا الاختصاص للرعيل الأول من الصحفيين الرياضيين، على غرار سليم مرابعية رحمه الله، الزواوي بن خلاف، بوبكر حميدشي، حمودي محمد (أبو جمال)، مصطفى معنصري، بودبزة، قلي بشير، وأول صحفي رياضي يرسم في منصبه كان الفقيد سليم مصباح، وكان ذلك خلال شهر جوان من سنة 1964.
هؤلاء الرواد بقيادة الشيخ بن سلامة، كان لهم الفضل في وضع أول لبنة للإعلام الرياضي، وهو الاختصاص الذي أصبح مع مرور السنوات يزاحم السياسة والسياسيين.
النصر التي كانت السباقة لإنشاء أول أسبوعية رياضية مختصة "الهدف" سنة 1972، كانت وراء تكوين جيل من المعلقين الرياضيين الذين دعموا الإذاعة والتلفزيون الجزائري، على الرغم من أن هاتين الوسيلتين الإعلاميتين، تم تأميمهما يوم 28 أكتوبر من سنة 1962، أي بعد 3 أشهر من الإعلان عن استقلال الجزائر، ومغادرة الصحفيين والتقنيين الفرنسيين، وكلهم يقين بأن الجزائريين لن يقووا على تسيير الإعلام الثقيل، ولكن تحدي جيل ثوار القلم والكلمة الذي كان وراء صدور أول جريدة التي نحتفل بها اليوم، والتي تؤرخ للإعلام الجزائري الثوري الذي رافق ثورة الرصاص كان في المستوى، وكان الجيل الرائد للمعلقين الرياضيين، على غرار الشريف زروالة وفاروق بلاغة من خريجي المدرسة القسنطينية، وبعدهما خريج مدرسة النصر المرحوم مخلوف بوخزر، ثم ربيع دعاس رحمه الله، ومن العاصمة الهاشمي حنطاز، فيصل حفاف وعبد الرزاق زواوي، محمد صلاح ومراسل النصر فؤاد بن طالب، كلهم تحدوا نقائص الماضي وواكبوا الأحداث، ونقلوا بالصوت والصورة مختلف التظاهرات الرياضية المحلية والوطنية والقارية وحتى الدولية، رغم أنهم لم يكونوا من خريجي الجامعات أو معاهد الإعلام والاتصال، لكنهم وفقوا إلى حد كبير في مهامهم، فقد كانوا عصاميين وكان الميدان هو مدرستهم الحقيقية.
وعلى العكس من الرعيل الأول للمعلقين الرياضيين، فإن جيل اليوم من أهل الاختصاص، ومن خريجي الجامعات والمعاهد المختصة في الإعلام والاتصال بكل أنواعه، والذين يتوفرون على إمكانيات تكنولوجية عصرية، فإنهم أثبتوا عجزا ملحوظا في مواكبة التطور الحاصل في الرياضة الجزائرية بصفة عامة، وكرة القدم على وجه الخصوص.
فمنتخب الخضر على سبيل المثال والذي صنع الحدث بتأهله إلى نهائيات المونديال سنة 2010 بجنوب إفريقيا، بعد موقعتي القاهرة وأم درمان التاريخيتين، لم يواكبه نشاط إعلامي في مستوى الأحداث التي استغلتها مختلف الوسائل الإعلامية العربية والأوروبية أحسن استغلال، واضطرت المواطن الجزائري على مشاهدتها ومتابعتها من أجل الحصول على المعلومة، وحتى على التعليق المناسب للمقابلات الحاسمة والمصيرية، على الرغم من تألق الكثير منهم في فضائيات عربية وأجنبية. حميد بن مرابط
المعلق الرياضي إسماعيل بلقايدية للنصر
المسرح و الموسيقى ساعداني على فرض نفسي في مجال التعليق
كيف كانت بدايتك مع التعليق الرياضي؟
بدايتي لم تكن في مجال التعليق الرياضي، بل كانت في ميدان الصحافة المكتوبة بالضبط في القسم الثقافي، حيث أنني كنت أكتب مواضيع عن المسرح و الموسيقى، صراحة لم يكن هدفي أن أكون معلقا رياضيا، و تكويني كان في المسرح كما مارست تدريس هذه المهنة، و بحكم أن والدي كان حكما دوليا في كرة القدم زمن الستينات، ما يعني أنني لست بعيدا عن مجال الرياضة،
عيب المعلقين الجزائريين عدم الاجتهاد من أجل تطوير قدراتهم
إضافة إلى أنني عملت مع عدة صحف، و أتذكر جيدا أول مرة قمت فيها بتغطية مباراة في كرة القدم كان مع جريدة "لو سوار دالجيري"، وكان ذلك في التسعينات باقتراح من الزملاء، لأرتبط بعد ذلك بتغطية النشاطات الرياضية، لأنتقل إلى مجال التعليق الرياضي عبر بوابة الإذاعة الوطنية، حيث أنهم لم يجدوا يومها معلقا باللغة الفرنسية بقسنطينة، و التحقت مباشرة دون الخضوع إلى تجارب.
وهل وجدت صعوبة في التحول من الصحافة المكتوبة إلى التعليق؟
صراحة لم أجد أية صعوبة، وهي مجرد قضية تأقلم مع الوضع الحالي، بل العكس تماما أجد متعة كبيرة عندما أعلق على مباراة، و أعتقد أن عملي ميدان المسرح و الموسيقى ساعداني كثيرا على التألق، حيث أن المسرح جردني من الضغط و الموسيقى جعلتني أعرف كيف أتحكم في التعليق على مباراة و الوقت الذي أرفع فيه صوتي و متى أخفضه، كما أنني اكتسبت الكثير من عملي في الإذاعة، و ممارسة الرياضة و الاحتكاك كذلك بالرياضيين، و أريد أن أؤكد لكم أن العمل في التلفزيون أصعب بكثير من الإذاعة و الصحافة المكتوبة، لأن صورة يشاهدها الجميع و هي سلاح دو حدين يمكن أن تكون صديقك و في الوقت ذاته يمكنها أن تكون عدوك.
عصام الشوالي اقترح علي التعليق بالعربية في قناة
"أي آر تي"
وبماذا تفسر غياب معلقين جزائريين باللغة الفرنسية؟
لا أقول غياب، لان معلقينا عندما يبرزون يغادرون التلفزيون الجزائري و يلتحقون بقنوات أخرى تقدم لهم عروضا أفضل، كما أن هناك معلقين حاليا في الجزائر لكنهم لا يبذلون مجهودات من أجل تطوير قدراتهم، و يقعون في فخ السهولة، حيث أنهم بمجرد أن يتم ترسميه في منصبه يتراجع مستواهم، حيث أنهم يعتقدون أنهم ضمنوا مكانتهم، وينسون أن اسمه يوجد في المزاد.
و لماذا لم يواكب معلقونا التطور الذي عرفته الكرة الجزائرية؟
أعتقد أن الأمر مزدوج، ويتحمله المعلقون من جهة بعدم مواكبتهم للتطور الرياضي، علاوة على عدم اهتمامهم بالمطالعة وتدعيم رصيدهم اللغوي وكذا عدم تحضيرهم للمباريات، كما أن بعض المؤسسات تتحمل جزءا من المسؤولية من خلال إهمالها عامل الرسكلة الذي يعد عنصرا هاما في مشوار المعلق الرياضي، صراحة أريد أن أفتح قوسا و أؤكد لكم أن الإمكانيات المتوفرة حاليا لم تكن لدينا في السابق، و هي تسهل العمل على المعلق الرياضي، خاصة الأنترنت الذي يمكنك من جمع أكبر عدد ممكن من المعلومات قبل الدخول إلى الأستوديو و التعليق على أي مباراة، كما أن المعلق يجب أن يأخذ بعين الإعتبار أن المشاهد أو المتفرج الجزائري أصبح يعرف جيدا كرة القدم و الأنترنت سهلت عليه المأمورية، و هنا راودتني حادثة وقعت للناخب الوطني وحيد حليلوزيتش في الجزائر العاصمة عندما دخل إلى أحد محلات بيع اللحوم و فاجأه صاحبه بمعرفته الجيدة للنظم التكتيكية، حيث أكد البونسي أنه استفاد كثيرا من حديثه إليه، و هذا إن دل على شيء إنما يدل على أن النصيحة لا تدري من أين يمكنك أن تتحصل عليها، والحال ذاته بالنسبة للصحفيين فيمكن لعامل بسيط أن يقدم لك معلومة قيمة.
المعلقون القدامى لم يواكبوا التطور الإلكتروني
و من هم المعلقون الذين تأثرت بهم؟
بداية أود الإشارة إلى أنني أود في كل مرة ترك بصمتي على أي مباراة أعلق عليها، لأنني أحبذ أن يستمع المشاهد لإسماعيل بلقايدية و ليس لمعلق أخر، و بالعودة إلى سؤالكم فهناك عدة معلقين تابعتهم منذ نعومة أظافري و تأثرت بهم، حيث تعلقت في الجزائر بكل من زروالة و بلاغة و الهامشي حنطاز، وشخصيا أعتبر فيصل حفاف أحسن معلق جزائري على مر الأوقات، وكان لي الشرف أن أعلق إلى جانبه على مباراة الخضر ومالي و صدقني لقد استمتعت كثيرا بالعمل إلى جانب هذا المعلق الذي أعتبره رمزا و مثال يقتدى به، و لن أذيع سرا إن قلت بأنني بعد نهاية المباراة ح(مدت الله على أن منحني فرصة التعليق رفقة معلقي المفضل، و من بين المعلقين الأجانب هناك ثلاثة معلقين تيري رولان و تيري جيلاردي وغيوم سيتروم.
وهل يمكنك أن تتحول من التعليق بالفرنسية إلى العربية؟
صراحة لقد تلقيت عدة عروض للتعليق بالعربية، و أول من عرض علي الفكرة هو الزميل الصحفي عصام الشوالي عندما التقيت به في سطيف على هامش تغطيته لمباراة الوفاق في الكأس العربية، حيث أكد لي أن قناة "أي أر تي" بحاجة إلى معلق في الجزائر، لكنني قابلت عرضه بالرفض، خاصة و أنني أملك جماهيري بالفرنسية، و المعلق الناجح يجب أن يكون متحكم في اللغة بالدرجة الأولى. حاوره: بورصاص. ر
المعلق والنجم التلفزيوني حفيظ دراجي للنصر
الظروف السياسية خلقت جيلا متحررا من الصحفيين وتراجع الصحافة الرياضية من تراجع الرياضة
يؤكد النجم السابق للتلفزيون الجزائري حفيظ دراجي في حوار للنصر أن الظروف السياسية التي مرت بها الجزائر كانت لها انعكاسات على التفتح الإعلامي و أحدثت طفرة في التلفزيون ما أدى إلى تألق جيله وتميزه وتحرره من العقد والممارسات السابقة، ويفسر تراجع الصحافة الرياضية بتراجع الرياضة نفسها، وأشار أحد أهم إعلاميي الوطن العربي أن الجزائر كان يمكن أن تكون لها قناة أهم وأكبر من الجزيرة الرياضية لكنها فوتت الفرصة، معتبرا المستوى الحالي لرواتب صحفيي التلفزيون مقبولا مقارنة بقطاعات أخرى، وعن التلفزيونات الخاصة يرى دراجي أنها لم تضف شيئا إلى الآن.
النصر : الملاحظ ان التلفزة الجزائرية خصوصا والصحافة عموما عرفت في فترة التسعينات بروز أسماء لامعة ترقى إلى مرتبة النجم رغم حساسية تلك الفترة وصعوبة الظروف ، برأيك ما هي أسباب تألق الوجوه الإعلامية في تلك الفترة؟
الكثير من الإعلاميين الجزائريين بإمكانهم أن يعملوا في الخارج بسهولة تامة
أعتقد بان الظروف السياسية والاجتماعية التي مرت بها الجزائر كان لها انعكاسها على التفتح الاعلامي الذي شهدته تلك الفترة والطفرة التي شهدها التلفزيون عموما، حيث عشنا آنذاك تحولات سياسية ساهمت في ظهور جيل جديد و تعاطي جديد مع التعددية السياسية التي عرفتها الجزائر فكانت الفرصة مواتية لهذا الجيل لكي يتألق ويتميز
النصر :هل ساهمت السياسة في صنع مجد الصحفيين في تلك الفترة كونهم رعيل عايش بداية تجربة التفتح السياسي وتبعاته آنذاك؟
ليس السياسة في حد ذاتها ولكن التفتح السياسي و التحولات التي شهدتها الجزائر في تلك الفترة هي التي ساهمت في بروز اسماء اعلامية جديدة متحررة من كل العقد والممارسات السابقة ومتفتحة على عالم اعلامي جديد ومجتمع متعدد يستمع الى الراي والراي المخالف .. ومن هنا وجدنا أنفسنا في أجواء مهنية جديدة وصعبة لكنها رائعة تعلمنا منها الكثير
تميزت وتألقت في الجزائر قبل الخارج
النصر::رغم بعد الرياضة عن السياسة وحساباتها نسبيا يرى ملاحظون أن أداء الصحفيين الرياضيين في التلفزيون تراجع لماذا برأيك؟
يبقى هذا رأي في الاعلام الرياضي بأنه تراجع ولكن الحقيقة أن التراجع عم الكثير من المجالات المرتبطة بالإعلام الرياضي كالرياضة في حد ذاتها ومستوى الجامعات والمعاهد والطلاب المقبلين على هذا العالم، ولكن يوجد الكثير من الاعلاميين الرياضيين المتميزين اليوم مع ظهور القنوات الخاصة
النصر: ألم يساهم جيلكم في تكوين من أتوا بعدهم وبنفس العزيمة ؟
مهمتنا في التلفزيون لم تكن تكوين الاعلاميين الرياضيين لأنها مهمة المعاهد والجامعات ومراكز التكوين كما أن الموهبة تلعب دورا كبيرا في صنع الاعلاميين الرياضيين المتميزين ، وأعتقد أن ظهور القنوات الخاصة اليوم سيسمح بذلك
النصر:حفيظ دراجي غادر الجزائر وهو نجم وقد سطع نجمه أكثر في الخارج، ما هو الفرق بين العمل الإعلامي هنا وفي الخارج؟
لا أعتقد بان نجمي سطع في الخارج أكثر بل تميزت وتألقت في الجزائر قبل الخارج، وحافظت على مستواي في ظروف و أجواء أفضل اليوم بسبب توفر الامكانيات والظروف الحسنة، أما الفرق في العمل بين الداخل والخارج فهو اسهل في الخارج منه في التلفزيون الجزائري وهناك الكثير من الإعلاميين الجزائريين من بإمكانهم أن يعملوا في الخارج بسهولة تامة
عملنا في ظروف صعبة سنوات التسعينيات وصنعنا الفارق
النصر: تم طرح الجانب الاجتماعي كمبرر لضعف الأداء الإعلامي لكن جيلكم عمل في ظروف استثنائية أين يكمن الخلل يا ترى؟
الجانب الاجتماعي والمادي يأتي في الدرجة الثانية بعد الجوانب المعنوية والمهنية وخير دليل على ذلك اننا عملنا في ظروف صعبة سنوات التسعينيات وصنعنا الفارق بموهبتنا وعشقنا لمهنتنا ورغبتنا في الوصول الى المستوى العالي
النصر:برأيك ماذا ينقص الصحافة الجزائرية حتى تواكب التطور الحاصل في بلدان كانت بالأمس توصف بالصغيرة وهل يمكن ان تكون لدينا قناة في مستوى الجزيرة على الأقل في الرياضة؟.
لا يمكن مقارنة ظروف الصحافة الجزائرية بالأجنبية وكان يمكن للجزائر بداية الألفية أن تكون لها قناة أفضل واهم وأكبر من الجزيرة الرياضية لو كانت هناك ارادة سياسية في انشاء قناة رياضية ولكن اهتماماتنا واولوياتنا كانت أشياء أخرى آنذاك و فوتنا فرصة من ذهب لكي نكون في مستوى أخر في مجال الاعلام الرياضي
النصر:في آخر شبكة للأجور أصبح راتب الصحفي الجزائري يتراوح من 6 ملايين سنتيم إلى 15 مليون سنتيم، كيف ترى هذا المستوى وهل هو كاف كي يتحرر الصحفي من حاجز الأجير ليطلق العنان للإبداع؟
صحيح أن الصحافي والمواطن والموظف الجزائري عموما هو في حاجة الى تقدير ورواتب في مستوى جهده معدل 10 ملايين سنتيم كراتب هو محترم مقارنة بقطاعات أخرى ولكننا كنا نتقاضى رواتب أقل بكثير و كنا نعمل ونجتهد ونتعب اكثر والابداع ليس له مقابل ولا يمكن تسقيفه بقيمة مادية معينة.
النصر:هل صحيح أن التوظيف الذي يعتمد على اعتبارات غير مهنية قد ساهم في تدني المستوى الإعلامي؟
في كل القطاعات والمجالات عندنا يخضع التوظيف لاعتبارات خاصة ولكن ذلك ليس سببا كافيا للحديث عن تدني مستوى الاعلام الجزائري عموما.
كان يمكن للجزائر أن تكون لها قناة أفضل وأهم وأكبر من الجزيرة الرياضية
النصر:شغل حفيظ دراجي مناصب حساسة في التلفزيون الجزائري وعايش عن قرب حقيقة ما يسمى بالعلبة السوداء برأيك هل التسيير من أسباب مرض الصحافة.
مرض الصحافة كما تصفينه أسبابه عديدة ومختلفة ذاتية وموضوعية سياسية واجتماعية وفكرية ومهنية ومادية يطول شرحها ولكن المسؤولية مشتركة تقع على الصحافي وعلى المؤسسات الاعلامية والظروف السياسية والاجتماعية أما التسيير فله جزء من المسؤولية .
النصر: نلاحظ في السنوات الاخيرة ظهور صحافة رياضية مكتوبة سرقت الجماهيرية من التلفزيون ما هو انطباعك عن الصحف المتخصصة وما يوجه لها من انتقادات حول افتقارها للاحترافية و اعتمادها على المال المشبوه ؟.
لكل وسائل الاعلام جماهيرها ولا يمكن لأي وسيلة أن تسرق من الأخرى جمهورها وقد يكون نفس الجمهور الذي يقرا ويسمع ويشاهد ولكن في الرياضة تبقى الصورة التلفزيونية هي الأهم لأنها ترمز للمتعة والفرجة التي يحتاجها هواة الرياضة مثلما يحتاجون إلى التحاليل والاخبار.
النصر: ماذا أضافت التلفزيونات الخاصة للمشهد الإعلامي؟
ليس بعد ولكن قد تضيف الكثير عندما يصدر دفتر الأعباء والقانون المنظم للمهنة ويرتفع مستوى التكوين وعندما تتوفر الظروف السياسية والاجتماعية والمهنية والمادية اللازمة وتتوفر الامكانيات التقنية والفنية اللازمة لتلفزيونات حديثة. حاورته: نرجس كرميش
معلق التلفزيون الجزائري الأسبق بن يوسف وعدية للنصر
الرئيس بومدين لعب دورا محوريا في مسيرتي المهنية
فخور بكوني أدخلت مصطلحات جديدة في التعليق وأعيب على المعلقين عواءهم كالذئاب
لم يمنحوا المواهب الجزائرية الفرصة واستغرب لمن يستعملون كلمات خليجية
أهلا السيد بن يوسف وعدية، كيف هي الأحوال وما هو جديدك ؟
أنا في صحة جيدة وكل أموري تسير على أحسن ما يرام، أنا الآن متواجد بمنزلي بعد تجربة ناجحة في التحليل مع قناة الجزيرة الرياضية القطرية، أنا أحاول أن استغل وقتي مع العائلة، خصوصا بعد أن انتقلت إلى التقاعد بعد مشوار مهني كبير مع التلفزيون الجزائري، حيث أتشرف كوني كنت أحد المسؤولين في القسم الرياضي لفترة طويلة من الزمن.
بصفتك أحد أعمدة التعليق الجزائري والعربي نريدك أن تحدثنا عن مشوارك المهني وكيف كانت بداياتك في هذا المجال ؟
بدايتي في التعليق كانت باللغة الفرنسية على اعتبار أنني لم أدرس العربية على الإطلاق، بما أنني خريج المدارس الفرنسية، لقد عملت لفترة من الزمن كمعلق بالفرنسية قبل أن أتخذ قراري بالانتقال إلى التعليق باللغة العربية، صدقني لم تكن المهمة سهلة بالنسبة لي، وهو الأمر الذي جعلني أواجه صعوبات كبيرة، لقد تحديت كل المعوقات لا لشيء سوى من أجل أن يستمتع الجمهور الجزائري بتعليق عربي وبالتالي يتخلص بشكل نهائي من التبعية الفرنسية.
وفقت في رهانك وتمكنت من إبهار الجميع بتعليق متميز باللغة العربية رغم تكوينك الفرنسي ؟
لقد نجحت في رهاني، خصوصا وأن إرادتي كانت كبيرة من أجل إسماع صوتي بالعربية إلى الجماهير الجزائرية، لقد ضحيت كثيرا في سبيل تحقيق هذا النجاح، أنا فخور بكوني تعلمت بمفردي العربية، وهو الأمر الذي يجعلني أؤكد لك بأنني عصامي في التعليق بالعربية، لقد اضطررت للبقاء ساعات وساعات في البيت من أجل الاستماع للبرامج في الإذاعة، ولقد تمكنت من تعلم الكثير، خصوصا في ظل التشجيعات التي كانت تصلني من الجماهير، حيث عبرت لي عن فخرها الكبير بشخصي على اعتبار أنني أريد أن أعلق بلغة بلدي وديني.
بالإضافة إلى تشجيعات الجماهير الجزائرية من ساعدك أيضا في مشوارك المهني ؟
أجل تشجيعات الجماهير الجزائرية من جعلتني أنجح في تجربة التعليق بالعربية، كما يوجد هناك منعرج مصيري لعب دورا محوريا في مسيرتي المهنية ويتعلق الأمر بالتقائي برئيس الجمهورية الأسبق هواري بومدين في نهائي كأس الأندية البطلة موسم 76 بين مولودية الجزائر وحيفا كوناكري، لقد علقت على تلك المواجهة ولقد جمعني حديث مع الرئيس في النهاية عند تسلم الميداليات، حيث شجعني على إصراري على التعليق بالعربية رغم تكويني الفرنسي، مؤكدا لي بأنه فخور بي على اعتبار أن الشعب الجزائري من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب أصبح بإمكانه الاستمتاع بتعليق جزائري مائة بالمائة، كما أريد أن أخبرك بشيء مهم وهو أن الرئيس هواري بومدين تحدث عني في أحد اجتماعات مجلس الوزراء.
كنت تصر على عدم استعمال ولا كلمة بالفرنسية في وقت نرى فيه جيلا مختلفا الآن يعتمد على مصطلحات غريبة؟
رغم تكويني بالفرنسية، إلا أنني كنت أصر على عدم استعمال ولا كلمة واحدة بالفرنسية، لقد رفعت التحدي ونجحت مع مرور الوقت في رهاني بدليل أنني تمكنت من إدخال مصطلحات جديدة في التعليق العربي في صورة ركنية ومخالفة وضربة جزاء وبطاقة صفراء...، يأتي هذا في الوقت الذي كان الجميع يعتمد على كلمات مختلفة على غرار كارت أصفر وفاول وهي كلمات أصلها خليجي، أنا أتشرف بكوني أدخلت مصطلحات جديدة أصبحت تستعمل بشكل واسع الآن، وتستمتع بها الجماهير المتابعة للمباريات، ولهذا تجدني استغرب من الجيل الحالي للمعلقين الجزائريين الذين يصر على استعمال كلمات خليجية وفرنسية في تعليقه، صدقني التعليق لا يكون بهذه الطريقة رغم محاولات البعض تأكيد العكس.
إذن هناك فرق كبير بين الجيل القديم والجيل الحالي من المعلقين، وهل من نصيحة تقدمها للمواهبة الصاعدة ؟
أجل هناك اختلاف كبير بين الجيل القديم والحالي رغم تأكيدي على أن هناك عدة مواهب في الجزائر تحتاج إلى الفرصة فقط من أجل إبراز قدرتها التعليقية الكبيرة، صدقني المعلق الجزائري يعد من بين أحسن المعلقين العرب بدليل الطلبات الكبيرة عليه في القنوات العربية، أنا أريد أن أنصحهم فقط بتجنب ظاهرة الصراخ التي أصبحت بمثابة هاجس كبير في التعليق العربي، أنا أعيب على المعلقين الآن عوائهم كالذئاب، وكثير من هؤلاء لم يفهموا المغزى من صراخ معلقي أمريكا الجنوبية ولهذا أطلب منهم البحث عن الأسباب لأن هدفهم ليس الصراخ من أجل الصراخ.
هل لك أن تخبرنا عن أهم محطاتك مع التلفزيون الجزائري ؟
لدي عدة محطات ناجحة مع التلفزيون الجزائري لعل أهمها تعليقي على أولمبياد برشلونة 1992 وكذا تعليقي على مباريات مونديال 86 بالمكسيك عبر إتحاد الإذاعات والتلفزيون العربي، لقد تمكنت من إبهار المتتبعين العرب بتعليق جزائري بسيط وممتع، وبالتالي تمكنت من نزع الاعتقاد السائد في تلك الفترة بأن الجزائريين فراكفونيين ولا يتقنون بأي شكل من الأشكال الحديث باللغة العربية، أنا راض كثيرا على مشواري المهني مع التلفزيون الجزائري، خصوصا وأن الأخير كان ولا يزال مدرسة تخرج منها عدة معلقين وصحفيين متميزين، صدقني خلال أولمبياد برشلونة كان التلفزيون الجزائري الوحيد الحاضر بشوارع برشلونة إلى جانب التلفيزون الإسباني من أجل نقل المارطون.
في الأخير هل لك أن تخبرنا بأهم المباريات التي علقت عليها في مشوارك المهني ؟
هناك عدة مباريات علقت عليها وبقيت راسخة في ذهني على غرار نهائي مونديال 1978 بين الأرجنتين وهولندا، لقد كنت حاضرا بالملعب واستمتعت كثيرا بالكتيبة الأرجنتينية آنذاك، كما تمتعت كثيرا بتعليقي على مباراة الأرجنتين وإنجلترا في مونديال 86 ، حينما سجل النجم مارادونا هدفين رائعين الأول بيده والثاني بمراوغته لكل لاعبي الإنجليز، كما توجد مباراة أخرى لن أنساها وكانت في نهائي رابطة أبطال أوروبا بين بايرن ميونيخ الألماني ومانشستر يونايتد الانجليزي، حيث سرق الانجليز الكأس في دقيقة واحدة. حاوره: مروان. ب
مدير أسبوعية الهدف مصطفى معنصري
الهدف ولدت من رحم النصر و تجربتنا وضعت حجر الأساس للإعلام الرياضي
يقف مدير أسبوعية الهدف مصطفى معنصري، أحد مؤسسي هذه الجريدة على مراحل إنشاء هذه الأسبوعية التي تعد عميدة الصحف الرياضية، بعيدا عن الذاتية أو الافتخار بما حققته من رواج و شعبية ، يعيد معنصري شريط ذكرياته الأولى لإنشاء الهدف و "الهدف ويك اند".
لم يكن من السهل إصدار أسبوعية في قسنطينة ، بينما كان كل شيء خاضع لقرارات مركزية، غير أن هذه الاسبوعية سرعان ما تحولت في ظرف وجيز إلى مرجع لكل النشطاء في الحركة الرياضية الوطنية ، ليس لأنها رافقت كل الأحداث الكبرى في فترة السبعينيات و التسعينيات، وإنما لقيمتها و للأقلام التي كانت تشكل طاقم تحريرها .
ماهي الظروف التي نشأت فيها اسبوعية الهدف؟
قبل تعريب جريدة النصر بصفة شاملة، طلب من الصحفيين الذين كانوا يكتبون باللغة الفرنسية، الاختيار بين التنقل إلى الجزائر العاصمة أو البقاء، حيث عرضوا علينا مشروع إنشاء إصدار جريدة رياضية، حتى لا يبقى هؤلاء الصحفيين في بطالة، من فضلوا البقاء قاموا بإصدار أسبوعية الهدف الناطقة باللغة الفرنسية.
كيف بدأت المغامرة ؟
لا يجب أن نفصل ولادة أسبوعية الهدف عن مسار الجريدة الأم النصر التي تم تعريبها على مراحل، حيث كان في كل شهر تتم تعريب صفحة من الجريدة ذات الحجم الكبير، بالموازاة كنا نعمل على مشروع أسبوعية الهدف، إلى غاية 1972 أين تم تعريب جريدة النصر بصفة شاملة، وبعدها أصدرنا أول عدد من أسبوعية الهداف.
من دون شك البداية لم تكن سهلة ؟
بكل تأكيد، دائما البداية تكون صعبة، لم يكن عددنا يتعدى 6 صحافيين، غير أننا كانت لدينا قوة كبيرة و إرادة في إصدار هذه الأسبوعية، حيث كان طاقم التحرير يضم في البداية كل من بوبكر حميدشي و الفقيدين رحماني عزيز و سليم مصباح ، محمد خماص، إلى جانب بعض المتعاونين، وتمكنا من إنجاز الجريدة .
هل كنتم تنتظرون النجاح الذي حققته الهدف في ظرف وجيز ؟
كان مدير مؤسسة النصر الفقيد عبد العالي فراح قد قال لي ذات يوم أنه لم يكن ينتظر أن تعرف الهدف هذا النجاح في ظرف قصير ، حيث كان ينتظر أن تفشل الجريدة في ظرف 6 اشهر، لأن إنشاء هذه الجريدة كان من باب المساعدة الاجتماعية لهؤلاء الصحفيين حتى لا يظلوا في بطالة، أما بالنسبة لنا فكانت قضية حياة أو موت، لم نشك لحظة واحدة في نجاح هذا المنتوج الإعلامي، لأن نظرتنا لاستراتيجية الجريدة كانت وطنية، وليست محصورة في حيز جغرافي معين، وهو من الأسباب المباشرة التي ساهمت في رواج الجريدة التي قفز سحبها من 30الف نسخة إلى الضعف في بضعة اشهر، و بوسائل طبع ليست كالتي متوفرة في الوقت الحالي .
هل تواجدها في السوق لوحدها جعل منها صحيفة مرجعية ؟
ليس هذا العامل لوحده الذي جعل منها جريدة مرجعية، و إنما كانت الجريدة من الفاعلين الحقيقين في الحقل الرياضي، ليس فقط من خلال الربورتاجات أو التحقيقات التي كانت تقوم بها، وإنما قوة اقتراح حيث تم الأخذ بعين الاعتبار الكثير من المقترحات التي تقدمت بها الجريدة اثناء الإعداد للمنظومة الرياضية في السبعينيات وكانت طريقتنا في المساهمة في الإصلاح الرياضي.
هل مرافقتكم لكل الأحداث الرياضية رفع من شعبيتها؟
لم نكن أسبوعية تقدم المادة الإعلامية فقط، وإنما كان لدينا تصورا شاملا فيما يخص الحركة الرياضية في الجزائر ، الهدف كان مصدر للأفكار و التصورات لما يجب أن يكون عليه مستقبل الحركة الرياضية في الجزائر، كنا نساهم بدورنا و بطريقتنا الخاصة في إثراء الفكر و الثقافة الرياضية.
ماهي الحاجة التي دفعتكم لإصدار الهدف "ويك اند"؟
مع التطور الذي بلغته الاسبوعية ، وكثرة النشاطات الرياضية لم يكن بوسع الجريدة، أن تغطي كل الاحداث الرياضية، كما أننا لاحظنا الطلب المتزايد على الاخبار الرياضية ، كما ان صدور الاسبوعية في بداية الاسبوع ، على الجريدة العديد من الأخبار و الاحداث التي كانت تجرى أثناء الاسبوع ، سيما تقديم مباريات نهاية الأسبوع، وجاء "الهدف ويك أند " ليسد هذا الفراغ ،خاصة وأن استراتيجيتنا في الهدف الاسبوعي كانت مبنية على العمل بالملفات و التحقيقات، و "الهدف ويك اند " جاء كمكمل للعمل في الهدف الأسبوعي.
ماهي الذكرى التي تحتفظ بها من هذه التجربة ؟
التجربة كانت مفيدة على أكثر من صعيد، لقد اكتشفنا صعوبة العمل في أسبوعية نحن الذين ترعرعنا في يومية النصر، تفكيرنا كان أوسع في الأسبوعية، حيث كنا نحضر لأربعة اعداد في عدد واحد ، يعني أننا كنا نشتغل على العدد الذي يصدر في نهاية الأسبوع والعمل بالموازاة على الأعداد القادمة، من خلال ضبط برنامج عمل فيما يخص التحقيقات و الربورتاجات ، كان هاجسنا الدائم هو تقديم مادة إعلامية متميزة ونوعية للقراء.
ماهي أسباب اختفاء أسبوعية الهدف؟
بداية التسعينيات كانت قاسية على الجميع، فالظروف التي مرت بها البلاد في تلك الفترة أثرت على مبيعات الجريدة، في تلك الفترة كانت الأمور صعبة على كل الجرائد ، سيما الأسبوعيات المختصة، في مجلس ادراة الجريدة كانوا يطلبوا مني نتائج في وقت لم يكن المواطن يأمن فيه على حياته، ويجد صعوبات في شراء جريدة، حقيقة كان من الصعب إصدار اسبوعية رياضية في تلك الفترة.
كيف تنظر لواقع الإعلام الرياضي في الظرف الراهن؟
لكل جيل متطلباته و ظروفه، ولا يجب أن نقارن ما عشناه مع الوقت الحالي، أتذكر أنه قبل صدور جريدة الهداف، استأذن القائمون عليها بتسمية الجريدة بالهداف، فالجيل الحالي يريد أشياء أخرى تتماشى و عقليته و ظروفه، لقد عرفت هذه الجريدة كيف تخاطب القراء و الشباب على وجه الخصوص بلغة بسيطة، نحن كانت لغتنا كلاسيكية، كل جيل يعيش زمانه، كما أن التطور الكبير في المجال التكنولوجي، ساهم بشكل كبير في توفر المعلومة سواء الرياضية أو العامة.
بعد كل هذا العمر و التجربة هل هناك شيء تتأسف عليه؟
افتخر أنني ساهمت في إصدار جريدة ذات نوعية عالية، بأقلام جادة وذات كفاءة عالية كنا جريدة مرجعية، ما أتأسف عليه هو عدم الاعتراف بما قدمه جيل كبير من الصحافيين ، سواء من قبل وزارة الإعلام أو الشباب و الرياضة أو حتى من قبل الرابطات التي كنا من المدافعين عنها، شخصيا مازالت انتظر الحصول على ترخيص لإصدار يومية منذ 9سنوات ، فبعد أن قمت بكل الإجراءات الإدارية، تم رفض طلبي بحجة أن هناك قانون جديد، ويجب أن أعيد العملية من جديد .
لقد وقفت على حقيقة، أن من يوجد في الجزائر العاصمة له الافضلية و الأولوية في كل شيء عكس من يكون بعيدا عنها، وهذا مهما كانت تجربتك ، وقبل أن أختم هذا الحوار يجب أن أشيد بالأشخاص الذين دافعوا عن جريدة الهدف في وقت سعت جهات معينة لكسره ، سواء من خلال نقله إلى الجزائر العاصمة أو تعريبها، المشكلة لم تكن في اللغة و بين "معرب و مفرنس" وإنما في الإيمان بقدرة الجريدة على النجاح، ولأنها كذلك كانت مسألة مبدأ. حاوره: ع - قادوم
إعلاميون يتحدثون عن تجربتهم
نقص الإشهار و الصحفيين المتخصصين وراء فشل الأسبوعيات
قدّر بعض الاعلاميين تجربة الصحافة المتخصصة و بشكل خاص الأسبوعيات بالفاشلة فيما اعتبرها البعض الآخر بالمغامرة غير المدروسة و رأى آخرون أن الأسبوعيات الرياضية كانت أكثر حظا من غيرها من الجرائد المتخصصة. و عن واقع هذا النوع من الصحف في بلادنا يتحدث عدد من مدراء النشر و رؤساء التحرير ممن كانت لهم تجربة في هذا المجال.
الإعلامي و الكاتب محمد زتيلي
"جسور" تجربة "نضالية" تصدى لها التيار الظلامي
عندما أسأل عن تجربة النشرية المتخصصة جسور الثقافية التي قمت رفقة صديقي الأديب الكبير المرحوم مصطفى نطور بإصدارها والتي صدر عددها الأول في أكتوبر 1990 أجد نفسي محاصرا بذاكرة تضج بتساؤلات عديدة ترشح بالاعتزاز وبالأسى والحنين، حيث كانت تجربتنا مغامرة شبيهة بقفزة في ظلام المرحلة، وظلام المرحلة الذي غطى الجغرافيا ولوث مسيرة التاريخ لا يحتاج اليوم إلى مرافعة قوية للتدليل والبرهنة على ما سببه من كوارث نحتاج إلى عمر مضاعف لإزالة أثارها.
ظهرت جريدتنا جسور كأول عنوان مستقل ناطق باللغة العربية يصدر في الجزائر المستقلة، ومنذ البداية اخترنا أن تكون حاملة ومعبرة عن الهم الثقافي الذي كنا مسكونين به بشكل أو بآخر. ومنذ البداية لابد من التصريح بأن علاقتنا بالصحافة كانت من باب الكتابة الأدبية واهتمامنا بالإبداع والمبدعين، هذا أولا وثانيا كانت دوافع التجربة والمغامرة نضالية أكثر منها مهنية "بالنسبة لجسور"، وهو ما أوقعنا في مواجهة فكرية إيديولوجية مع التيار الظلامي المتطرف. هذه المواجهة لم يكن ميزان القوة فيها لصالحنا، حيث أن كل الناس الذين قاموا وقتئذ بمغامرات إعلامية اختاروا الاتكاء على الجانب القوي في تلك المرحلة لإنجاح تجاربهم ماليا ومعنويا، ولم يكن لديهم مشكل قناعات فكرية لأنها غير موجودة في ذواتهم وتاريخهم، ولا هم لهم سوى الشهرة والمال طالما أن تاريخهم يكتبونه كل يوم بشكل يتوازى مع منطق هو منطق المصلحة والتبعية العمياء.
كانت تجربة جسور إذن نضالية تفطن لها التيار الظلامي فتصدى لها وحاربها في إدارة التوزيع وفي الطباعة ولدى الرأي العام، واستخدمت حتى المساجد في الحرب عليها، وبعد عشرين عددا كان لا بد أن تلفظ أنفاسها، وليست هي الوحيدة التي اغتيلت، بل إن عشرية كاملة من القتل والذبح والحرق كادت أن تعدم شعبا كاملا ثار ضد المؤامرة و انتصر عليها وخرج مرفوع الرأس مستوعبا للدرس. فهل أقول لقد انهزمنا؟ أم أقول لقد انتصرنا في خوض تجربة، مجرد تجربة؟ بصراحة كبيرة لا تهمني الأسئلة هذه ولا الإجابات عنها.
الإعلامية نفيسة لحرش
"أنوثة"ضحية نقص الإشهار و الأسبوعيات نسخة عن اليوميات
كثرة الجرائد اليومية ساهم في اختفاء الأسبوعيات غير المتخصصة، و أثر أيضا على الأسبوعيات المتخصصة رغم قلتها لاحتكار اليوميات للإشهار. و لأن أكثر الأسبوعيات لم تتخلى عن قالب اليومية المصغرّة التي تصدر بعد أسبوع فإن عمرها أيضا كان صغيرا لغياب المتخصصين الذين يدركون جيّدا العبء الكبير الذي يقع على كاهلهم لإنجاح صحيفتهم من حسن انتقاء و تحليل و أنسنة المواضيع المناقشة و عدم التعامل معها كمعلومات مجرّدة أرقام جافة و إنما ضرورة الاستقصاء و البحث في الأغوار بعيدا عن السرد و إعادة نشر ما تم تناوله في اليوميات دون جديد يذكر. و هو ما حاولنا القيام به في مجلتنا المتخصصة في شؤون المرأة و التي واجهت مشكلة نقص الإشهار رغم كثرة المؤسسات المتخصصة في المنتجات الخاصة بحواء، غير أن طريقة تناولنا و جرأتنا في طرح قضايا و انشغالات المرأة لم يكن يعجب بعض المساهمين الذين حاولوا توجيهنا، و أمام رفضنا و إصرارنا على خطنا، حرمونا من الإشهار الذي يبقى أبينا أم كرهنا العامل الأساسي في استمرار أي صحيفة مهما كان نوعها يومية أم أسبوعية متخصصة أو إخبارية عامة. و لأن نسبة المقروئية من جهة و تراجع القدرة الشرائية غير المشجعة على اقتناء مجلات متخصصة من جهة ثانية، واجهنا الخسارة، علما و أن تكاليف طباعة النسخة الواحدة من أنوثة قدرت حينها ب130دج و نحن كنا مرغمين على خفض سعرها إلى 100دج لبيعها و هو ما جعل عمرها قصيرا، و تحدينا و إن استمر طويلا فإن لم يكن كافيا لاستمرار إصدارها رغم أنها كانت أول مجلة نسائية متخصصة في الجزائر. و أنا شخصيا لا أرى اليوم أسبوعيات متخصصة بقدر ما أرى أسبوعيات تجارية استهلاكية ينقصها العنصر و الكفاءة المتخصصة.
عبد الرفيق خنيفسة مدير نشر مجلة "إيتماغ"التكنولوجية
السلطات المعنية تجهل أهمية الإعلام المتخصص
نواجه مشاكل كبيرة لأن من يشرفون على القطاع لا يدركون أهمية الصحافة المتخصصة و بالأخص العلمية و التكنولوجية و نحن نتابع التوجه العالمي الحالي نحو الصحافة المتخصصة، فهم يولون اهتماما مبالغا بالصحف اليومية و يدعونها للتظاهرات العلمية و يتجاهلون الصحافة المتخصصة رغم وجودنا في الساحة الإعلامية و بنسب سحب معتبرة تكاد تنافس الكثير من الجرائد اليومية و لدينا قراء و متابعين دائمين سواء للنسخة الورقية أو الالكترونية. و لدينا مشاكل أخرى من نوع القرصنة المستمرة لمقالات خبرائنا في مجال التكنولوجيات الحديثة، لكن إيماننا بأهمية رسالتنا الإعلامية العلمية يمنحنا الإصرار على البقاء رغم الصعوبات الكثيرة التي نواجهها بدء بتكاليف كراء مقر الجريدة التي تعادل 10سنوات أجرة مقر جريدة يومية بدار الصحافة..و غيرها من المشاكل التي نتخطاها بمجرّد رؤية نسبة متابعة أخبارنا كل أسبوع داخل و خارج الوطن . و عند اتصال مختصين أجانب بنا لمعرفة المزيد عن أول أسبوعية متخصصة في التكنولوجيات العصرية في الوطن العربي و التي تعتمد على مادتها الإخبارية الأصلية و ليست ترجمة لمقالات جرائد غربية متخصصة، لذا فأنا متفائل بتغيّر الظروف مستقبلا. و نتمنى لو أننا نصل مرحلة اهتمام وزارة الثقافة مثلا بالصحافة المتخصصة و تحفز المشرفين على مكتبات مديرياتها بمختلف الولايات على الاشتراك في "إيتماغ"على سبيل المثال لا الحصر فإن ذلك سيساهم بشكل كبير في استمرار و تجاوز الإعلام المتخصص للمشاكل المادية التي غالبا ما تقصر عمر الصحف.
و أظن أن الأسبوعيات الرياضية كانت أكثر حظا من غيرها من الصحف المتخصصة الأخرى لاعتبارات كثيرة أهمها الاهتمام المبالغ للجمهور بكرة القدم.
المسؤولة التجارية بأسبوعية""إيبدو إيموبليي"
تجربتنا رائدة في الإعلام المتخصص
اعتبرت المسؤولة التجارية لأسبوعية "إيبدو إيموبليي"التي فضلت عدم نشر اسمها بأن تجربتهم في مجال الترويج للعقار بالجزائر كانت رائدة، مؤكدة عدم مواجهتهم لمشكلة الإشهار كباقي الأسبوعيات، مرجعة ذلك لخبرة الطاقم المتخصص في هذا المجال. و استرسلت محدثتنا في اتصال هاتفي بأن تعاملهم الكبير مع أصحاب الوكالات العقارية بمختلف مناطق الوطن ضمن استمرارهم، موضحة بأن عدد متابعيهم يتضاعف من سنة إلى أخرى سواء تعلّق الأمر بالنسخة الورقية أو الموقع الالكتروني. مريم/ب
نظرة المجتمع الجزائري للإعلامية
آباء و أزواج يلعبون دور المرافقين الليليين لحماية الصحفية من كلام الناس
لا يزال قطاع من المجتمع الجزائري لا يستسيغ أن تشتغل الزوجة أو إحدى بنات العائلة في الصحافة لاعتبارات كثيرة منها إعاقة هذا المجال الذي يعتبرونه تحرريا للمرأة و عدم السماح لها بتأسيس أسرة أو لعب دورها كأم و زوجة ، مما يجعل حظوظها في الزواج ضئيلة. و قد أكدت العديد من الصحفيات للأسف استمرار مطاردة هذه النظرة لهن رغم تضاعف عدد العنصر النسوي في الحقل الإعلامي بمختلف تخصصاته، و تجاوز عددهن ببعض المؤسسات ما يقارب نسبة ال 30بالمائة.
الصحفية مسيكة بن ناصف/الإذاعة الوطنية/ قالت أنها لم تواجه أي مشاكل ناجمة عن تأخرها خارج البيت ليلا، رغم اختيارها للعمل بالمناوبة الليلية طيلة شهور عديدة لتتمكن من مواصلة دراساتها العليا صباحا، لكنها أسرت بأنها لا تغفل أبدا جانب اختيار الشارع أو الحي السكني المناسب و الذي تعوّد سكانه على رؤية المرأة العاملة تتأخر في العودة لمنزلها، كالطبيبة المناوبة أو أي موظفة في قطاع يفرض المناوبات على العاملين به رجالا كانوا أو نساء.
و اعتبرت نفسها محظوظة كون زوجها بنفس المجال و عليه فهي لم تواجه مشكلة في عملها، و مع ذلك فقد أكدت اهتمامها بعدة عوامل قبل اختيار مكان كراء شقتها، و ليس بسبب خوفها من نظرة المجتمع أو كلام الجيران الذي أكدت بأنها لا توليه اهتماما بقدر خوفها من خطر الاعتداءات.
و تقاربت إجابات الكثير من الإعلاميات بشرق البلاد و بشكل خاص بقسنطينة من حيث استمرار رفض العائلة لعمل المرأة في الإعلام لأسباب أهمها الخوف من تأخرها خارج البيت و بالتالي مواجهة كلام الناس الذي لا يرحم ، مما يضطر الكثير من الآباء و الإخوة إلى مرافقة الإبنة أو الزوجة أو الشقيقة الصحفية في مهامها الليلية و لعب دور الحارس الشخصي عند تأخر عودتها مساء مثلما أردفت الصحفية المتقاعدة صفية بلغربي التي أكدت بأنه رغم الاحترام و التقدير الكبيرين الذين حظيت بهما طيلة مسارها المهني سواء في أوساط زملائها بالعمل أو المسؤولين و المواطنين الذين تعاملت معهم، و رغم بقاء مجال الإعلام من المهن المرغوبة ،إلا أنها لم تتخلّص كغيرها من الزميلات من الخوف من نظرة المجتمع و بشكل خاص رفض تأخر المرأة خارج البيت، الشيء الذي جعل زوجها يرافقها في بداية زواجهما في أول مهمة تكلّف خارج الولاية، رغم تفهمه لطبيعة عملها و دعمه الدائم لها، غير أن خشية كلام الناس دفعه لانتظارها و مرافقتها إلى البيت كلما استدعى الأمر تأخرها خارج المنزل، لرفضه فكرة عودتها مع السائق بسبب نظرة المجتمع دائما.
و استرسلت الإعلامية البارزة صفية بلغربي مفنّدة أن تكون العنوسة ضريبة العمل في المجال الإعلامي، موضحة بأنه لا علاقة لطبيعة العمل بتأخر زواج النساء لأن أغلب زميلاتها متزوجات و ربات بيوت ناجحات، مشيرة في سياق متصل إلى رسم الإعلاميات لبعض الحدود و الخطوط التي تفادينها خشية على سمعتهن و سمعة العائلة كمعالجة بعض الطابوهات التي لها علاقة بالدعارة و الجنس رغم مجازفتهن في مواضيع أكثر جرأة كتلك التي لها علاقة بالإرهاب.
و من جهتها ترى زليخة صحراوي/إعلامية سابقة بجريدة "أوريزون" ثم وكالة الأنباء الجزائرية/ بأن نظرة المجتمع الجزائري للمرأة الصحفية جد عادية و لا تختلف عن نظرته لباقي المهن، مؤكدة بأنها لم تشعر طيلة مشوارها المهني الذي زاد عن الثلاثين سنة بأي نوع من التمييز، بل بالعكس وجدت التشجيع و الثقة من قبل كل من تعاملت معهم من مسؤولين و مواطنين و موظفين في مختلف الأسلاك و القطاعات و ه ما حفزّها على الاستمرار في مجال اختارته عن قناعة.
و أردفت صحراوي أن أكثر المشاكل التي واجهتها في عملها كان سببها الغيرة المهنية ، لكنها لم تنف رفض عائلتها لتأخرها خارج البيت، آسرة بأن والدتها أغلقت عليها باب المنزل و لم تتركها تدخل قائلة لها بأنه ليس لديها بنات يتأخر خارج البيت، إشارة إلى خوف والدتها من تعليقات الجيران و نظراتهم.
الامتيازات و المكفآت للصحفي و الجهد و التعب للصحفية
الإعلامية و الأستاذة الجامعية شريفة ماشطي اعتبرت من وجهة نظرها أن الحديث عن نظرة المجتمع بخصوص عمل المرأة في مجال الإعلام لابد أن يبنى على المستويات التي تتواجد فيها المرأة الإعلامية، مؤكدة بأن المرأة تمكنت من تغيير النظرة الدونية للمجتمع لها بفرض نفسها في شتى المجالات التي كانت لوقت طويل حكرا على الرجل، و نفس الشيء بالنسبة للإعلام الذي كان عدد النساء الإعلاميات فيه يعد على أصابع اليد الواحدة.
و بقيت النظرة السائدة دائما كما في البيت الأخ، الزوج و الرجل عموما أولا ثم المرأة ثانيا، حيث أن الامتيازات و المكافآت تقدم للرجل قبل المرأة و ذلك في كل المجالات و دون استثناء ،لكن عندما يتعلّق الأمر بالجهود و العمل فهي تحتل المرتبة الأولى و يبقى ذلك راجع لمرجعيات دينية و عادات و تقاليد و أعراف حالت دون منح المرأة كل حقوقها و أبقتها رهينة أحكام بالية، ليس من السهل تغييرها، لأن كل المحاولات التي تقوم بها بعض الأسر لتغيير مثل تلك النظرة غير العادلة و المخطئة سرعان ما تصطدم بمجرّد خروج الأبناء للشارع بالذهنيات المتحجرّة ليبقى الأمل في الأجيال الصاعدة للحد من الأحكام المسبقة على مهن نبيلة أثبت العنصر النسوي كفاءته فيها و كسبن ثقة القراء و المشاهدين و المستمعين باحترافيتهن العالية و تفانيهم في أداء واجبهن.
أما عن تعرّض الصحفيات للتحرّش، فاعتبرت أن الصحفيات بشجاعتهن و جرأتهن و هن المتعوّدات عن الدفاع عن حقوق المظلومين قادرات على وضع حد لمثل هذه السلوكيات أكثر من غيرهن من الموظفات في قطاعات أخرى.
و أكدت بعض الصحفيات الشابات اللائي طلبن عدم ذكر أسمائهن لاعتبارات كثيرة بأنهن لم تنجحن بعد من التخلّص من عقدة كلام الناس و الجيران مما يضطررنهن لرفض تغطية الأحداث و التظاهرات الليلية مهما كان نوعها أو طلب مساعدة الزملاء الرجال في إفادتهن بالمعلومات الضرورية لتحرير مقالاتهن كلما استحال ترددهن على مكان معيّن خاص بالرجل فقط أو تطلب بقائهن خارج البيت لساعات متأخرة المساء.
مريم/ب
الإعلامي و المقرر السابق للجنة الثقافة و الاتصال بالبرلمان إبراهيم قار علي للنصر
التلفزيون العمومي سيكون المستفيد الأول من تحرير المجال السمعي البصري
يعتقد الإعلامي والمقرر السابق للجنة الثقافة والاتصال بالمجلس الشعبي الوطني التي تولت دراسة مشورع القانون العضوية للاعلام، أن دخول قنوات جديدة مفيد للتلفزيون العمومي، و يرى أن الانتقادات الموجهة لمشروع قانون السمعي البصري مبالغ فيها من منطق أن يكون للنشاط السمعي البصري قانون سيء أفضل من أن لا يكون له قانونا أصلا.
ما هي قراءتكم لمشروع قانون السمعي البصري؟
هذا المشروع قد أثار فيّ الكثير من القلق المشروع الذي قد أتقاسمه مع الكثير من الإعلاميين وقد أكون أكثر منهم قلقا عندما أجد المشروع يتناقض في الكثير مع القانون العضوي المتعلق بالإعلام ،حيث يجب أن لا تكون تشريعاتنا الإعلامية هي الأخرى تقوم على النسخ واللصق ولا يجب علينا أن نقلد غيرنا من الدول في الأسوأ من القوانين ذات الصلة بالتشريعات الإعلامية.
و لكن الأمر الإيجابي في مشروع القانون هو أنه يسعى إلى تنظيم القطاع السمعي البصري، والذي يضع الكثير من الضوابط التي قد تظهر في شكل قيود أو عراقيل لا تساعد على الانفتاح وتكرس المزيد من الانغلاق. أن يكون للنشاط السمعي البصري قانون سيء أفضل من أن لا يكون له قانون، بل الأسوأ من السيئ أن ينشط الصحفيون في المجال السمعي البصري بدون قانون ، مثلما أصبح عليه الأمر قبل أن يتوفر الإطار القانوني لممارسة النشاط السمعي البصري.
هناك من ينتقد النص ، لأنه يحد من حرية إنشاء القنوات ، من خلال التنصيص على إنشاء قنوات موضوعاتية ما رأيك؟
إن عدم الترخيص بالنشاط السمعي البصري للقنوات الخاصة بأن تكون عامة قد يعبر عن إجحاف ويخل من الناحية المبدئية بالمنافسة الحرة وبحرية الصحافة والحق في الإعلام، مثلما ينص على ذلك القانون العضوي المتعلق بالإعلام. ولكن يجب علينا أن لا ننظر إلى النصف الفارغة من الكأس بحيث أن مشروع القانون يسمح للقنوات الموضوعاتية بإدراج الحصص والبرامج الإخبارية .
غير أنني أعتقد أن مسألة الخدمة الموضوعاتية والعامة قد تجاوزها العصر، خاصة في خضم الثورة الإعلامية والمعلوماتية والتكنولوجية وما ترتب عنها من تطور في مجال الاتصال والتواصل ، بل إن النقاش الحقيقي يجب أن يكون حول الخدمة العمومية وضمان الحق في الإعلام والاتصال والتواصل. ولذلك فإني لا أعتقد أن هناك ما يعيق القنوات الموضوعاتية في أن تكون ذات مضامين عامة مثلما لا يوجد هناك أي عائق من أن تكون القنوات العامة ذات مضامين موضوعاتية.
منحت سلطة الضبط صلاحيات واسعة ، ألا تخشى أن يساء استغلال هذه الصلاحيات وخصوصا أنه لا يوجد من يحاسب هذه السلطة؟
ليست القضية في الصلاحيات الواسعة التي تتمتع بها سلطة ضبط النشاط السمعي البصري ، بل المشكلة في تركيبة هذه السلطة الضابطة للنشاط السمعي البصري، حيث ينص مشروع القانون على أنها تتشكل من تسعة أعضاء يعينون بمرسوم رئاسي ، يختار رئيس الجمهورية خمسة أعضاء من بينهم رئيس سلطة الضبط ، ومن أربعة أعضاء آخرين يقترح رئيس مجلس الأمة ورئيس المجلس الشعبي الوطني عضوين غير برلمانيين لكل منهما.
ولذلك أقول من غير المنطقي ومن غير المعقول، أن يكون كل أعضاء سلطة ضبط السمعي البصري معينين بينما نصف أعضاء سلطة ضبط الصحافة المكتوبة منتخبين مثلما ينص على ذلك القانون العضوي المتعلق بالإعلام والذي هو بمثابة القانون الإطار الذي يجب أن تتطابق معه أحكام القانون المتعلق بالنشاط السمعي البصري، بل إن سلطة ضبط السمعي البصري سوف تصبح مشكوكا في استقلاليتها ومصداقيتها خاصة عندما يتعلق الأمر بتسوية النزاعات .
وفي هذا الشأن فإنني ألح على أهمية انتخاب نصف أعضاء سلطة ضبط السمعي البصري، فسلطة ضبط السمعي البصري يجب أن تكون من حيث التركيبة البشرية والعددية مثل سلطة ضبط الصحافة المكتوبة والتي تتشكل من أربعة عشر عضوا يعينون بمرسوم رئاسي ، حيث يعين رئيس الجمهورية منهم ثلاثة أعضاء من بينهم رئيس سلطة الضبط ، بينما يقترح رئيس المجلس الشعبي الوطني عضوين غير برلمانيين ، وكذلك الأمر بالنسبة إلى رئيس مجلس الأمة الذي يقترح هو الآخر عضوين غير برلمانيين.
ألا تخشى من تكرار فوضى الصحف المكتوبة و التي أغلبيتها الساحقة لا يعرفها القارئ ؟
أعتقد أن تجربة التعددية الإعلامية على مستوى النشاط السمعي البصري تكون قد ولدت بطريقة قيصرية بل إنني أخشى أن تجهض التجربة قبل ميلادها أو أن تتعرض للوأد بعد أن تولد، و إني أذْكر وأتذكر أن تجربة التعددية الورقية قد كانت رائعة وثرية في بداياتها الأولى وقد كانت التجارب الأولى تعد على أصابع اليد الواحدة حيث أن الحقيقيين من أصحاب مهنة المتاعب هم الذين خرجت التعددية الإعلامية من أرحامهم ومعاناتهم خاصة في ذلك الزمن الرهيب الذي تحولت فيه الصحافة من مهنة المتاعب إلى مهنة الموت ، ولكن للأسف الشديد بعد عشرية تعددية إعلامية ثرية، انحرفت التجربة عن سكتها وعن مسارها بعدما تحولت الصحافة إلى مهنة من لا مهنة له حيث التحق بها المزيفون من أشباه الصحفيين وسيطر عليها المزيفون من رجال المال والأعمال.
و الملاحظة تجعلنا نقول إن الفوضى أو فيروس الفوضى الذي قد أصاب الصحافة المكتوبة قد انتقلت عدواه إلى الصحافة البصرية وكأننا قد انتقلنا من الجرائد الورقية إلى الفضائيات الورقية أو الوريقات الفضائية.
هل يوفر مشروع القانون المتعلق بالنشاط السمعي البصري الضمانات لظهور قنوات جزائرية تعرض برامج نوعية ؟
الإطار القانوني لا يعيق ظهور البرامج النوعية في القنوات التلفزيونية الخاصة بل يشجع على ذلك، وهو ما يجب أن تحرص عليه سلطة ضبط السمعي البصري والذي يدخل ضمن مهامها الرئيسية. بل إن الأمر يتصل بالأداء الإعلامي للقنوات التلفزيونية مهما كانت طبيعة ملكيتها سواء كانت خاصة أو عمومية.
إن الجودة المهنية هي التي تفرض نفسها بنفسها ، فلا شك أن القنوات الإعلامية أو البرامج التلفزيونية الجيدة هي التي تطرد السيئ والرديء من سوق المنافسة السمعية البصرية. وبالفعل فقد سبق لنا أن توقفنا على برامج ناجحة بكل المقاييس المهنية في بعض القنوات التلفزيونية لزملاء مهنيين على درجة عالية وعلى العكس من ذلك، فإن برامج أخرى أو قنوات أخرى طردت مشاهديها أو أن المشاهدين هم الذين طلقوا مثل تلك البرامج والقنوات السيئة والرديئة.
ما هو انعكاس ظهور قنوات جديدة على التلفزيون العمومي، وهل التلفزيون العمومي قادر على الاحتفاظ بمشاهديه ؟
يجب أن نؤكد أن المؤسسة الإعلامية التلفزيونية العمومية أكثر مهنية من غيرها مما يعرف بالقنوات الجديدة ، وإذا كان بعض الناقدين يتهمون التلفزيون العمومي بالرداءة فأقول إن مثل هذه القنوات التلفزيونية الخاصة لم تعد تنافس التلفزيون العمومي إلا على الرداءة .
وتطوير التلفزة العمومية يتوقف على الإرادة السياسية، وقد رأينا كيف أن التلفزيون الجزائري الرسمي تمكن من استقطاب الملايين من المشاهدين من داخل الجزائر ومن خارجها غداة الانفتاح السياسي والإعلامي الذي ترتب عن التعددية السياسية والإعلامية في مطلع تسعينيات القرن الماضي. و لم يقتصر الأمر على الأحداث الوطني وإنما قد تعدى الأمر إلى الأحداث الدولية وخاصة ما تعلق الأمر بحرب الخليج أو الحرب الأمريكية ضد العراق.
و أرى أن القطاع الإعلامي التلفزيوني العمومي هو المستفيد الأول وأكثر من غيرها من تحرير المجال السمعي البصري إذا عرف القطاع العام كيف يواجه التحديات ويواكب التطورات وذلك عندما يتحرر من العقليات والذهنيان السلبية والتي لم تسلم منها حتى القنوات التلفزيونية الخاصة.
أقرّ قانون السمعي البصري أحقية الدولة في مواصلة دعم التلفزيون الجزائري ما تفسيركم لهذه الخطوة ؟
من الطبيعي أن ينص القانون المتعلق بالنشاط السمعي البصري ومن قبله القانون العضوي المتعلق بالإعلام على دعم الإعلام العمومي ، والمعروف في أبجديات القطاع الإعلامي أن أصحاب المال من الأشخاص المعنويين والطبيعيين سواء تعلق الأمر بالهيئات العمومية أو بالمؤسسات أو الشركات التي تخضع للقانون الجزائري وخاصة القانون التجاري منه، هم الذين يمتلكون الخط الافتتاحي للمؤسسة الإعلامية بالنسبة إلى الجرائد الورقية أو القنوات التلفزيونية والإذاعية.
إن التلفزة العمومية هي الواجهة الإعلامية للدولة ، ومع ذلك يجب القول أن التلفزة العمومية ليست فقط الأخبار الرسمية ، ولكنها أيضا برامج وحصص أخرى تعلق بالإنتاج الإعلامي في مختلف المجالات الأخرى ، وعلى الرغم من أن النشاط الرسمي للحكومة يحظى بالأولوية فعلى ما أعتقد أن مثل هذا النشاط الرسمي لا يفوق نسبة العشرة بالمائة من نسبة البث على الرغم من أن التلفزيون يتمول من الحكومة أو من الخزينة العمومية للدولة وهي الخزينة نفسها التي تغترف منها القنوات التلفزيونية الخاصة بطرق غير شرعية وغير قانونية وغير أخلاقية.
توليت منصب مقرر لجنة الثقافة والاتصال وعند النظر في مشروع القانون العضوي المتعلق بالإعلام ، ما هي الحدود المتاحة أمام اللجنة و النواب لتعديل قانون السمعي البصري؟
إن لجنة الثقافة والاتصال بالبرلمان والتي تتكفل بمشروع القانون المتعلق بالنشاط السمعي البصري تستطيع أن تضع بصماتها على النص التشريعي المعروض عليها إذا ما قامت بتوسيع مجال الاستشارة والاستئناس بآراء رجال الإعلام من الصحفيين والأساتذة والخبراء في النشاط السمعي البصري. ولذلك أؤكد من منطلق تجربتي في المجال التشريعي وخاصة التشريع الإعلامي، أنه ليس هناك ما يحدّ من عمل لحنة الثقافة والاتصال وهي تدرس مشروع القانون المتعلق بالنشاط السمعي البصري ، بل إنها تستطيع أن تبادر وتدخل التعديلات الضرورية والجوهرية على مشروع القانون الذي هو بطبيعة الحال ليس بالنص المقدس الذي يحرم الاجتهاد فيه، ولذلك فإني أراهن على اجتهاد أعضاء اللجنة واجتهاد النواب من خارج اللجنة عند المناقشة والإثراء. جمال علي عمار
وصل عددها إلى 12 قناة و أخرى قيد التحضير
ظهور سريع لقنوات تلفزيونية خاصة قبل دخول القانون المنظم للقطاع حيز التنفيذ
شهدت الجزائر مباشرة بعد خطاب رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة في 15 أفريل 2011 الذي أعلن فيه عن فتح مجال السمعي البصري للخواص تسابقا كبيرا لفتح قنوات تلفزيونية خاصة لا تزال تبث من الخارج أغلبها من فرنسا ، الأردن ، سلطنة عمان ، البحرين، تونس وسويسرا وتعامل من طرف السلطات الجزائرية على أنها قنوات أجنبية و إن تمكن معظمها من الحصول على اعتماد فتح مكاتب لها في الجزائر من طرف وزارة الاتصال مثل الشروق ، النهار ، الجزائرية والهقار ، في حين لا تزال قنوات أخرى تعمل بدون اعتماد مكاتبها، وقد ظهرت هذه القنوات الخاصة في الجزائر كالفطريات رغم أن القانون المنظم للمهنة لا يزال لم يدخل حيز التنفيذ وتم تأجيل النظر فيه أمام البرلمان إلى دورة أخرى بعد عرضه أمام مجلس الوزراء الأخير ووصل عدد هذه القنوات حاليا إلى 12 قناة خاصة كلها تبث من الخارج .
كم أن قنوات خاصة أخرى قيد الإنشاء. وتجدر الإشارة إلى أن أول قناة تلفزيونية جزائرية خاصة هي القناة الإشهارية المسماة دزاير شوب والتي أطلقت من الأردن في أواخر سنة 2012 و وهذه القناة خاصة بنشر الإشهارات والإعلانات دون غيرها، ثم ظهرت بعدها قنوات ذات طابع إخباري وكانت أول قناة هي النهار وتلتها قناة الشروق ثم نوميديا وجاءت بعدها قنوات أخرى ظهرت في الأشهر الأخيرة منها «الأطلس»، «لندكس»، «دزاير». كما تميزت قنوات أخرى بالطابع الفني مثل «الجزائرية» التي استقطبت نسبة مشاهدة كبيرة في شهر رمضان الماضي بفضل أعمال فكاهية كانت تقدمها إلى جانب قناة «الهقار» التي تركز كثيرا على نقل أفلام غربية ، إلى جانب قناة «بربر موسيقى» التي تهتم بالموسيقى والفن الأمازيغي كما أنشأت قناة واحدة موجهة للأطفال وهي قناة «جرجرة» وقناة أخرى موجهة للمرأة وتهتم بالطبخ والموضة وهي قناة «سميرة». كما يعمل النائب في البرلمان السابق والصحفي بالتلفزيون الجزائري مراد بوطاجين على التحضير لإنشاء قناة تلفزيونية رياضية تحمل اسم «كواليس» ، وفي الوقت ذاته فإن أغلب هذه القنوات التي ظهرت في ظرف قصير تعمل بإمكانيات بسيطة ولا تتوفر على تجهيزات كبيرة ، إلى جانب ذلك فإن صحفييها غير مؤهلين للعمل في السمعي البصري وتم نقل أغلبهم من قاعات التحرير بالصحف إلى استوديوهات القنوات التلفزيونية بدون تكوين رغم الاختلافات الجوهرية في العمل بين السمعي البصري والصحافة المكتوبة
تسابق بين مسؤولي الصحف الخاصة على إنشاء قنوات تلفزيونية
المميز بالنسبة للقنوات الخاصة التي ظهرت في الجزائر هو تسابق مسؤولي الصحف الخاصة على إنشاء قنوات تلفزيونية، والتي حملت في أغلبها نفس أسماء الصحف وكانت البداية مع جريدة «النهار» التي أطلقت أول قناة تلفزيونية إخبارية خاصة حملت نفس تسمية الجريدة ثم أطلقت جريدة «الشروق اليومي» قناة تلفزيونية باسم نفس الصحيفة وأطلقت لاحقا قناة «لندكس» التي تتبع لصحيفة «المؤشر» . وفي السياق ذاته توجد قناة «الخبر» قيد التحضير وهي الأخرى تتبع لجريدة الخبر ، كما تحضر جريدة «الأجواء» لإطلاق قناة تلفزيونية بنفس التسمية والأمر ذاته بالنسبة لصحيفتي «السلام» و»الديار» بحيث تحضران لإنشاء قناتين خاصتين ،ورغم الاختلافات الموجودة بين العمل الصحفي في الصحف والقنوات التلفزيونية إلا أن أغلب هذه القنوات التي شرعت في البث اعتمدت على صحفييها في الصحافة المكتوبة لإطلاق هذه القنوات وتوفير المادة الإعلامية خاصة بالنسبة للمراسلين الصحفيين. وفي هذا الإطار يؤكد العديد من الصحفيين الذين تحدثت معهم النصر أنهم يقومون بعمل مزدوج بحيث تنشر المادة الإعلامية في الصحيفة والقناة و لا يتلقى الصحفي راتبه من العمل الثاني الذي ينشر في القناة وذلك على أساس أنه يعمل في مؤسسة واحدة تضم صحيفة وقناة تلفزيونية.
مراسلون يعملون مصورين وتقنيين في القنوات الخاصة
الانطلاقة السريعة التي ميزت هذه القنوات الخاصة في ظل غياب التحضير اللازم لإطلاقها جعلها تعمل بإمكانيات مادية بسيطة بحيث يتوفر بعضها على استوديوهات في فيلات وشقق، وأخرى تعمل في أقبية،إلى جانب غياب كاميرات التصوير ووسائل البث المتطورة و نقص التكوين لدى صحفييها. كل هذا جعلها تفتقد في الكثير من الحالات إلى الاحترافية والمهنية في بث برامجها، ما جعلها محل انتقاد الكثيرين خاصة المختصين منهم في ميدان السمعي البصري ، وفي الوقت ذاته استندت هذه القنوات على مراسليها في الصحف لجمع المادة الإعلامية خاصة فيما يتعلق ببث نشرات الأخبار أو بعض الحصص الأخرى ذات الطابع المحلي، كما أن هذا الظروف وخاصة غياب الوسائل المادية والبشرية لدى هذه القنوات فرض على المراسلين الصحفيين العمل مصورين وتقنيين في نفس الوقت بحيث يؤكد بعض المراسلين العاملين في هذه القنوات بأن قنواتهم زودتهم بكاميرات تصوير صغيرة الحجم يستعملونها في تصوير الأحداث، وتسجيل المداخلات ثم يقومون بكتابة التقرير ويرسل هذا العمل كله عبر الانترنت إلى الإدارة المركزية التي تقوم بعملية التركيب وبثه عبر القناة ، بحيث يؤكد أحد المراسلين العاملين في قناة خاصة أن العمل الصحفي في قناة يختلف كثيرا عن العمل في الصحافة المكتوبة بحيث لا يحتاج الصحفي في هذه الأخيرة لإمكانيات سوى الانترنت والهاتف أما في القناة الخاصة، فالأمر يتعلق بطاقم كامل يبدأ من السائق ثم الصحفي والمصور وتقني الصوت، لكن هذا غير موجود حسبه و المراسل يقوم بكل المهام بنفسه، ويضيف محدثنا بأنه لا يتلقى علاوات على هذا العمل الإضافي بحجة عمله في مؤسسة واحدة تملك صحيفة وقناة تلفزيونية، ومع توجه العديد من مسؤولي الصحافة المكتوبة نحو القنوات الخاصة حاول البعض منهم تطبيق نفس التجربة عليها، ويؤكد في هذا الإطار أحد الصحفيين العاملين في قناة تلفزيونية خاصة أن مسؤول في هذه القناة طلب منه إجراء روبورتاج تلفزيوني لمدة 50 دقيقة خلال يوم واحد، ولم يكن يعلم بأن الأمر يتطلب وقتا طويلا و إمكانيات كبيرة، على عكس الصحافة المكتوبة التي يمكن اجراء روبورتاج خلال يوم أو يومين. ويؤكد نفس المتحدث بأن نجاح القنوات الخاصة بالجزائر مرهون بطريقة عملها وكذا الاهتمام بالعنصر البشري وتكوين الصحفيين، مشيرا في الوقت ذاته إلى ظهور صراع بين مسيري هذه القنوات الذين يبقى بعضهم بعيدا عن القطاع والصحفيين العاملين فيها بحيث يفتقد هؤلاء المسيرون للمهنية ولهذا كثيرا ما يحدث التباين بين عمل الصحفي وما يريده مسير القناة.
رجال أعمال يدخلون على الخط وتخوف من تكرار سيناريو الصحافة المكتوبة
لم يتأخر رجال الأعمال بالجزائر عن ركوب قطاع السمعي البصري بعد تحريره، و رغم أن القانون الجديد للسمعي البصري لم تتحدد معالمه بالكامل لكن العديد من رجال المال قرروا إنشاء قنوات خاصة ويتقدمهم رجل الأعمال حداد الذي انشأ قناة باسم «دزاير» ، كما تحصل رجل الأعمال يسعد ربراب على أغلب أسهم القناة التلفزيونية الموسيقية التي تحمل اسم «بربر موسيقى» والمهتمة بنشر الفن والموسيقى الأمازيغية، وفي نفس السياق تحدثت بعض المصادر عن شروع رجل الأعمال المذكور في التحضير لإنشاء قناة تلفزيونية أخرى متنوعة وكلف أحد المخرجين بتحضير المشروع. كما ينوي رجل الأعمال مهري هو الآخر الاستثمار في هذا القطاع وفتح قناة خاصة، ومع هذه الموجة الجديدة لرجال الأعمال و اقتحامهم لقطاع السمعي البصري يتخوف الكثيرون من تكرار سيناريو الصحافة المكتوبة بعد تحريرها للخواص في بداية التسعينات و تحولت العديد من الصحف إلى قبضة رجال المال وغابت الاحترافية والمهنية عن بعضها، وأصبحت تخدم أجندة رجال المال الذين سيطروا عليها، لكن مع القانون الجديد للسمعي البصري يبدو أنه سيكبح الطموحات اللامحدودة لرجال الأعمال من خلال اشتراطه في أحد بنوده مساهمة الصحفيين المحترفين في رأسمال هذه القنوات الخاصة، وهو ما قد يعيد الاعتبار ولو جزئيا للصحفيين المحترفين ويجعل لهم مكانة في أعلى هرم هذه القنوات الخاصة، على عكس ما شهدته الصحافة المكتوبة بعد تحريرها للخواص مع بداية الانفتاح السياسي والإعلامي مع بداية التسعينات
الإشهار الخاص حاضر في هذه القنوات
رغم التجربة القصيرة لهذه القنوات الخاصة بحيث بعضها ظهر منذ أشهر فقط لكن الإشهار الخاص كان حاضرا في عدد من هذه القنوات خاصة التي استقطبت المشاهدين الجزائريين من حيث البرامج الإخبارية أو الحصص السياسية التي تبثها أو البرامج الفكاهية والدرامية، بحيث أغلب الشركات الوطنية الكبري المعروفة في الساحة الوطنية تبث ومضات إشهارية عبر عدد من القنوات الخاصة، ولعل هذه السرعة في استقطاب الإشهار الخاص جعلت أصحاب هذه القنوات يتحررون ماليا ولو جزئيا ، كما فتح ذلك المجال للعديد ممن يهتمون بالقطاع إلى التسابق نحو فتح قنوات جديدة
الأستاذ علي قسايسية :هذه القنوات نشاطها لا يختلف عن " الطرابنديست "
تهجم أستاذ علوم الإعلام والاتصال بجامعة الجزائر في اتصال هاتفي بالنصر على هذه القنوات، وقال بأن نشاطها لا يختلف عن نشاط « الطرابنديست « الذي يقوم به التجار غير الشرعيين، وأضاف بأن هذه القنوات ليس لها أي سند قانوني و تعمل بطريقة غير شرعية بالجزائر، مضيفا بأنها عبارة عن وحدات طرابنديست مثلها مثل باقي القطاعات التي تمارس فيها هذا النوع من التجارة ، وعن مسودة قانون السمعي البصري المنتظر تقديمه أمام غرفتي البرلمان، قال المتحدث ذاته أن هذا القانون هو الآخر يهدف إلى تحكم السلطة في القنوات الخاصة، مضيفا بأن تحرير السمعي البصري و استحداث قانون خاص ما هو إلا صيغة قانونية للتحكم أكثر في وسائل الإعلام في ظل هذا التطور الذي تعرفه وسائل الإعلام. نور الدين -ع
الصحافة العمومية :
بين " لغة الخشب " و " حمالات الحطب "
تتعرض مختلف وسائل الاعلام العمومية : مكتوبة ومسموعة ومرئية ( سيما التلفزيون ) منذ اقرار التعددية الاعلامية في الجزائر مع بداية التسعينات ، ودون توقف إلى قصف مكثف ، وانتقادات إلى حد التجريح أحيانا ، من أوصاف ومعرات على أن هذه الوسائل شواهد عن الرداءة ، والانحطاط ، والتخلف ، والعبء الثقيل الذي يجب التخلص من أثقاله ... بكلمة محددة : دعوات متواصلة بانهاء و ربما حل هذه المؤسسات التي ألحقت بها زورا ( ربما بقصد تعميق القناعة وتوسيعها لدى ما تبقى من المدافعين عن القطاع العام ) تهمة تبذير المال العام .
هل فعلا هي كذلك ؟ . وهل هي زائدة دودية يجب قطعها ؟ . واقع وسائل الاعلام العمومية ، والصحافة المكتوبة العمومية على الخصوص يحتاج فعلا إلى تشخيص دقيق و إلى تشريح الأسباب التي أدت إلى هذه الوضعية . التشخيص لا بد أن ينطلق من سؤال كبير : هل فعلا لم نعد بحاجة إلى الصحف العمومية ؟ لأنها تدهورت وانحرفت ولم تعد تقوم بدورها الاعلامي على أحسن حال ، كأداة تعبير ومنبر لنقل انشغالات الناس والمواطنين القراء ، أي ابتعدت عن مهمة أداء الخدمة العمومية ؟ . وكلمة " لم تعد " يعني أنها كانت من قبل تقوم بهذا الدور بصورة أفضل حتى لا نقول على وجه كامل ، ومن ثمة ننجر إلى الجزء الثاني من السؤال السابق : لماذا لم تعد كذلك ؟ . أي ما أسباب تدهورها ؟ .
تأثير الجريدة المعيار الأول عند ايمار وأليكسا
الاستناد إلى لغة الأرقام ( سيما أرقام السحب والمبيعات والتوزيع ... ) قد يعطي المبررات الكافية ، ولا أقول الشرعية أو الحق الثابت للذين يقودون الحملات والاتهامات والقصف المتتالي ضد كل ما هو عمومي . صحيح أن التحدث بلغة السحب والمبيعات يستدعي " العموميين " إلى جهد أكبر ، لرفع المبيعات وأرقام السحب ، رغم أن الصحف العمومية لا تحتل المراتب الأخيرة ضمن أكثر من 140 نشرية وطنية . بل هي ضمن العشر الأوائل أي كوكبة المقدمة سحبا ومبيعات بنسب مقبولة ، وفي مقدمة الجرائد العمومية تأتي النصر التي تحتل الرتبة الأولى منذ سنوات . وحتى ما تعلق بجانب السحب فإن الأمر يحتاج إلى تدقيق . كثير من الجرائد لا تكشف عن نسبة المرتجعات . ولا تتحدث عن أطنان ما لا يباع فيسترجع بالشاحنات ليحول إلى مصانع الكرطون الموجه إلى تعليب البيض . أرقام السحب المرتفع أصبحت تستغل للترويج الاشهاري وفي عملية التأثير على المتعاملين الاشهاريين ، وفي استقطاب الرأي العام أي القراء ، دون أن يجعلنا لا نقر بنجاح بعض الصحف فعلا سحبا ومبيعات . و يجب أيضا أن نشير بأن أرقام السحب وفي غياب مراصد علمية حيادية وموضوعية دقيقة لم تعد وحدها المقياس الوحيد للحكم أو تقييم نجاح الجريدة أي جريدة . لذلك فإن المركز الأمريكي " اليكسا " أو المركز الفرنسي " ايمار " على سبيل المثال أعطيا الأولوية ، وأهمية أكبر لمدى وقع الجريدة . من ذلك فإن عملية السبر التي أجراها المركز الفرنسي " ايمار " خلال شهر أوت الماضي والخاصة بالصحافة الجزائرية ، رتب فيها الصحف من حيث التأثير في الرأي العام والوقع عند القراء ، وجاء الترتيب تباعا : الوطن ثم الخبر فالشروق ( صحف خاصة ) ثم النصر ( جريدة عمومية ) . في حين جاء ترتيب المركز الأمريكي لشهر جويلية على النحو التالي : الوطن ثم الخبر . واحتلت جريدة النصر الرتبة الثالثة بالنسبة لمركز " أليكسا " . أوردنا هذا السونداج للتأكيد بأن الخبراء لم يعودوا يولون الأهمية المطلقة لأرقام السحب التي دخلت هي الأخرى في لعبة التجارة ومنطق السوق كأية سلعة أخرى . هذا لا يعني أيضا بأن أرقام السحب لم تعد مهمة ، بل العكس تماما ، لأن انتشار الجريدة يقاس أيضا برقم سحبها ، شريطة أن يكون رقما دقيقا يرتبط فعلا بنسبة مرتجعات مقبولة ومؤكدة .
الصحافة كماء النهر لابد أن تتجدد باستمرار
يقول أستاذ الصحافة المعاصرة جوزيف بوليتزر ، " إن الصحافة كماء النهر الكبير ، تتجدد باستمرار . وأن الجريدة تولد كل يوم " . من هذا المنطلق ، نعتقد بأن الصحف العمومية هي الأخرى بحاجة إلى مشروع " مارشال " حقيقي لتطويرها وتحديثها حتى تنهض وتغير ما بنفسها . تغيير يتطلب شرطين أساسيين : الاحترافية والكفاءة ، دون أن ننسى توفر الوسائل والظروف الكفيلة باحداث تلك الانطلاقة . هل الصحف العمومية رديئة ومتخلفة إلى الدرجة التي تقدم بها إلى الرأي العام من قبل منافسيها الخواص ؟ . ثم إذا كانت على هذه الحالة فمن المفترض أن تخلفها هذا ووضعيتها السيئة والمتدهورة " تسعد وتفرح " الذين يتمنون اختفاءها ؟ ، فلماذا ينزعجون ويقلقون من وضعيتها ؟ .
الاشهار العمومي يذهب إلى الخواص بنسبة 88 بالمائة
واقع الصحف العمومية لا يلغي ارادة ورغبة وجهود وتضحيات المنتمين إليها ومسؤوليها في التطوير والعصرنة والاقلاع ... كما لا ينفي مدى ما تتوفر عليه هذه الجرائد من طاقات وأقلام وكفاءات صحفية شابة تتمتع برغبة وارادة البذل والتحسين وتقديم الاضافة والاستفادة مما يمكن أن نطلق عليه الممارسة والتجربة المتواصلة والمستدامة .
أولا ، إن الصحف العمومية لا تتعدى ست ( 06 ) صحف ضمن ما يفوق مئة وأربعين ( 140) صحيفة .. فلماذا تنصب الانتقادات عليها دون سواها ؟ . واذا كنا ربما قد نتفهم خلفيات الهجوم والحملات أو الاساءات المتكررة ضد التلفزيون والاذاعة ، دون تزكيتها أو مجاراتها ، بل نحن نرفضها أصلا ، بدعوى أن ميزانياتها من المال العام ، فالأمر ليس كذلك بالنسبة للصحف العمومية المكتوبة . فهي تعتمد أساسا وفقط على مبيعاتها ومداخيلها الاشهارية كمثيلاتها الخواص ، مع العلم أن نسبة استفادة كل الصحف العمومية مجتمعة من الاشهار العمومي لا تتعدى ( 22 في المئة ) وباقي الاشهار يوزع على الصحف الخاصة ( أي نسبة 88 في المئة ) ، فما هي الخلفيات الحقيقية لهذه المغالطة اذن ، بايهام الرأي العام على أن الصحف العمومية عالة وعبء على الدولة وأنها تصرف من " جيب الدولة ". نحن من الذين يرفضون جملة وتفصيلا ، التمييز والتفرقة بين القطاع العام والخاص . فكله قطاع وطني . ويفترض أن يتبنى أساسا الخدمة العمومية ، ويشترك أيضا في الدفاع عن هموم المواطنين وانشغالات الناس ومصالح الوطن .. ورأس المال سواء كان خاصا أو عاما ليس ولا يجب أن يكون معيارا لقياس أو تحديد نسبة الوطنية ، كما يسعى البعض إلى اقرار ذلك في الأذهان لظروف ما . إذا سلمنا تجاوزا بأن الصحافة العمومية " متخلفة " وعبء على الدولة وعلى الآخرين ، فلا بد أن هناك أسباب أدت إلى هذه الوضعية .
في بداية تحديد الأسباب ، علينا أن نعلم ونذكر الذين لا يعلمون أو يجهلون أو يتناسون متعمدين من باب التغليط ، بأن الصحافة العمومية متواجدة وناجحة حتى في الدول التي تتبنى أنظمة ليبرالية قصوى وأنظمة اقتصاد حر كبريطانيا وفرنسا وألمانيا ... وعلينا أيضا أن نقر بأن المكانة التي تحتلها الصحف العمومية حاليا بالامكان أن تكون أفضل وأكثر استقطابا للقراء والمشاهدين والمستمعين . الوضعية الحالية ناجمة أساسا عن جملة من الأسباب والظروف التي عطلت نموها ونهضتها واقلاعها . نحاول أن نحصرها في النقاط التالية :
الصحافة العمومية تدفع فاتورة أخطاء سياسية تقديرية
الصحف العمومية المكتوبة على الخصوص ، تدفع ثمن أخطاء سياسية تقديرية لحكومة السيد مولود حمروش تحديدا . لقد عمدت حكومة ما عرف ب " حكومة الاصلاحيين " إلى اقرار تعددية اعلامية أباحت فيها حياة ووجود و " رزق " الصحافة العمومية بتجريدها من مطابعها ومقراتها ومؤسسة توزيعها وكل ممتلكاتها وموارد رزقها ، ومن ثمة تسريح عمالها ، وتهجير كفاءاتها باغراءات ودعم غير محدود ، مالا وامكانيات مادية ( سيارات ومقرات وتجهيزات ...) لانشاء مؤسسات اعلامية خاصة . لم نكن ضد التعددية الاعلامية . بل كنا من المتبنين والمدافعين عن الانفتاح والاقتصاد الحر . لكن ما لم نفهمه إلى يومنا هذا : لماذا عمدت السلطة إلى تكسير القطاع العام لافساح المجال لانشاء الصحف الخاصة ؟ . من حق السلطة أن تختار توجهها في بداية التسعينات كيفما أرادت ، لكن لماذا اختارت منطق وأسلوب " تخريب " المؤسسات العمومية في مسعاها ؟ . الاقتصاد الحر يقوم أساسا على تكافؤ الفرص وتوازن الدعائم والمنطلقات ، ولا يقوم على منطق الالغاء . هل يمكن الحديث عن التنافس وتكافؤ الحظوظ والفرص بعد هذا التحطيم المتعمد مع سبق الاصرار والترصد ؟ .
الصحافة العمومية : أن تكون شريكا للسلطة وليس أداة
الصحافة العمومية تواجه يوميا متاعب أخرى مع السلطة ، وداخل أقسام التحرير بسبب جدلية تفسر وتفصل وفق كل طرف من الصحافي إلى رئيس القسم فرئيس التحرير إلى مسؤول النشر ، ومن رئيس البلدية إلى الوالي ، ومن الوالي إلى الوزير ، ومن كل مسؤول أزعجه مقال صحفي نشر اعتقد بأنه اساءة أو قذف ... جدلية : مفهوم الصحافة العمومية في أذهان الناس والمسؤولين على الخصوص الذين يعتقدون بأن الصحف العمومية جزء من السلطة والحكم ، لا يجوز لها نشر ما يزعج ولو كان موثقا وبأدلة قاطعة ؟ ، وحتى وإن نشرته الصحف الخاصة تزامنا فذلك غير مزعج ولا يكون مبعث احتجاج أو غضب المسؤول ؟ . القراء مازالوا يعتقدون بأن الصحف العمومية لا تتمتع بالحرية الكافية . فهي لا تقول أو تنشر الحقيقة . ولا تكتب إلا ما يرضي السلطة والمسؤولين . والسلطة أو كثير من المسؤولين على الأقل ، وفي مختلف المواقع لا يفرقون في أذهانهم وأحيانا في قناعاتهم بين صحافة الخدمة العمومية والصحافة الحكومية . فهذه الأخيرة هي أقرب إلى مفهوم الصحافة الحزبية . والخدمة العمومية من المفترض أن تكون مهمة ورسالة كل الصحافة الجزائرية خاصة وعامة على السواء . وتحضرني حادثة ، قبل سنوات في اجتماع رسمي ضم كل الزملاء مع وزير سابق للاتصال ، حول سبل النهوض بالصحافة العمومية لما قلت بأن الاصلاح يبدأ باصلاح المفاهيم أولا في أذهان المسؤولين المباشرين ، للفصل بين مفهوم الخدمة العمومية ( الصحافة العمومية ) والصحافة الحكومية التي هي أقرب إلى الحزب الحاكم .. معالي الوزير المحترم يومئذ لم يعجبه تدخلي وامتعض كثيرا ... أجاب " كيف ، كيف " ، أي هي نفسها . أعتقد بأن تحديد المفاهيم والمصطلحات في أية عملية اصلاحية هو الأساس لكل منطلق .
والمنطلق لا بد أن يستند إلى ارساء شراكة فعلية ، وتحديد وظيفة كل طرف وحمايته بقوة القانون والدستور : حق المواطن في اعلام محترف ، موضوعي ، مسؤول يقوم على مبدإ : الخبر مقدس والرأي حر . بعيدا عن القذف والتهريج والافتراء والتحريف ومنطق تصفية الحسابات . إذ لا بد أن يستقل الاعلام أيا كان خاصا أو عاما عن الصراعات وتجاذبات السياسيين و مجموعات الضغط ... بتعبير أدق أن لا يكون طرفا ، أن تكون طرفا فهذه مهمة وخصوصية الاعلام الحزبي والحكومي ، في دولة تعددية حقيقية . في الوقت الحالي لا لون للاعلام الجزائري . لقد انحرف انحرافا خطيرا عن مهمته الأساسية ، وأصبح الخصم والحكم ، هو المحقق ، وهو الواعظ ، وهو القاضي وهو الجاني ، وهو الضحية ،،، في انتظار فرز السوق وتحديد من هو الصحافي أولا ؟ قبل أن نتحدث عن دوره ووظيفته ؟ ، وقبل أن يوضع ميثاق أخلاق المهنة ، لتحديد ضوابط العمل والنشر الصحفي ... في انتظار ذلك فإن أول من يدفع فاتورة فوضى السوق هو الاعلام العام ، لأن دفع الضرائب وتأمين كل الصحافيين والمراسلين والمتعاونين ، وتطبيق اتفاقية الأجور الأخيرة ، ومسح مديونية المطابع " على آخر دورو " كما يقول المثل ،،، يبدو أن الصحف العمومية وحدها ملزمة به ، أو على الأقل في مقدمة تنفيذ هذا الواجب دون أدنى ضجيج وبكامل مسؤولية . ع / ونوغي
ابتعدت عن الاحتراف وسقطت في قبضة الاشاعات و" الجماعات "
السلطة الرابعة : الانحراف الكبير
حين ترتفع أصوات من " داخل الدار " نفسها ، تعلن غضبها وامتعاضها وانتقادها لما آلت إليه الصحافة الجزائرية من تدهور وانحراف وتقهقر وبريكولاج ... فهذا يعني أن صرخة من تبقى من أهل المهنة على قياس : " شهد شاهد من أهلها " ، تعكس بأن الوضعية لم تعد تطاق وأن واقع وأركان ما توصف مجازا بالسلطة الرابعة أصبحت في خطر ، ليس بسبب تدهورها الداخلي وانحرافها عن مثل وأسس ممارسة الصحافة ودورها الفاعل في الدفاع عن الحريات وفي عملية الاخبار ( بكسر الألف وتسكين الخاء ) بموضوعية ومسؤولية ونزاهة ، ودورها في بناء المجتمعات وتنويرها ، ولكن بسبب أخطر ، وهو تحولها إلى عامل هدم وزعزعة وتشهير وإشهار وقذف و إخلال بكل مكونات ومقومات المجتمع الهادئ ، نتيجة ابتعادها وانحرافها عن دورها الرئيسي الذي هي أصلا وجدت لأدائه : واجب الاعلام والدفاع عن حق المواطن في الاعلام والتعبير الحر بكل موضوعية واحترافية ومسؤولية ...
لقد باتت الصحافة الوطنية تتبنى أدوارا و " مهمات " في كثير من الأحيان والأحداث " قذرة " حادت بها عن نبل المهنة والتزاماتها ، وزجت بنفسها في مواقع ومستنقعات تقوم على صراعات العصب والجماعات ، سواء كانت لوبيات مالية مافيوية أو لحسابات تموقعية ...
من وظيفة الشاهد إلى .. صفة الطرف
انحراف أخرجها من صفة " الشاهد " إلى طرف فاعل يزج به لتصفية حسابات ولاخراج ملفات ... في غالب الأحيان تسرب إلى " كتاب " ولا أقول صحافيين ، لتلك المنابر الاعلامية معلومات بالمقاس ، منقحة ، معدلة بحسب الغرض والطلب ... وأحيانا أخرى يملى على بعضهم ما تجب كتابته دون زيادة أو نقصان ، حتى وإن تم الاخراج تحت صياغة : ( مصادر موثوقة ، مصدر مؤكد ، مصادر مقربة من هذه المؤسسة أو الهيئة السامية ، أو الجنرال اكس ...) . وضع يجعل كاتب الموضوع أو المقال أو صاحب التقرير والملف أو التعليق في حالة تشبه " شاهد ما شافش حاجة " ، لأنه ببساطة لا يملك من تفاصيل وخلفيات الموضوع والمعلومات التي سربت إليه ومعلومات الملف الذي يحمل توقيعه واسمه ، سوى ما قدم إليه في الخفاء ، أو تحت الطاولة ، أو في مطعم ، أو في حانة ، أو حتى بمناسبة عرس ... بعد ذلك ينشر الخبر بصورة واخراج على أنه سبق صحفي .. سرعان ما تذروه الرياح كما يقول المثل ، أو يسقط من تلقاء نفسه لمجرد تصريح رسمي أو وثيقة تؤكد العكس تماما ... وحتى في حالة عدم الرد ، فإنه مع مرور الأيام ينجلي الوهم ، ويسقط الافتراء ، فتنكشف المغالطة .. لكن صحيح أيضا بأن كثيرا من المغالطات والافتراءات وحتى وإن أتبعت بالاستدراك والتصحيح لاحقا ، وأحيانا بالاعتذار للمعني فإنها لا تمحي الضرر الناجم عما نشر أول مرة من أذهان الناس ولو كان افتراء وكذبا وتلفيقا .
حدود الخبر وحدود التعليق
من أبجديات الصحافة : الخبر مقدس والتعليق حر . لكن هذا المفهوم لم يعد يعمل به لدى الكثير من الوافدين على الصحافة ، تفاديا لكلمة الدخلاء . إذ لم يعد يفصل بين حدود الخبر وحدود التعليق . بل الأسوأ ، هو أن بعض وسائل الاعلام لم تعد تنشر الخبر أصلا ، أو على الأقل تنشره مشوها وغير مستوف لعناصره المتعارف عليها ، ومن ثمة تكتفي بالتعليق والأحكام على خبر مجهول .
الخبر الصحفي ينتزع ولا يمنح كالصدقة الجارية
خبراء المهنة وروادها ، الذين لم تدركهم قبضة " الجماعات " ولم يتأثروا بالمساومات والاغراءات ، يجزمون بأن الأخبار الصحفية كالحرية تنتزع ولا يجب انتظارها أو تعطى بصفة " الصدقة الجارية " . ولعل أوجينيو سكالفاري ( مؤسس صحيفة الجمهورية الايطالية ) كان مصيبا إلى أبعد الحدود حين نبه عام ألفين ( 2000 ) خلال المنتدى الدولي ببولونيا الايطالية إلى خطر الاتكالية التي باتت تميز الأجيال الجديدة من الصحفيين والناشرين الذين باتوا " ينتظرون " الأخبار في مكاتبهم ، وتخلوا عن مهامهم كصحافيين ، باحثين ومنقبين عن الأخبار . ووصف الأمر بظاهرة الكسل التي باتت تطبع وتميز شريحة واسعة من الصحافيين وهم بذلك لا ينقلون الحقائق إلى قرائهم ومشاهديهم ولكن ما يعتقدون أنه الحقيقة . لأنهم ينقلون أخبارا وصورا لم يستنبطوها بأنفسهم ولكن من خلال ما نقل إليهم لأغراض هم يجهلون خلفياتها ودقائقها ، أي ما سرب إليهم لأغراض هم يجهلون مراميها عند النشر .. وإذا تفطنوا بعد ذلك إلى أنهم أخطأوا أو أنها أخبار مغلوطة أو " مفبركة" يكون التصويب والاستدراك في الوقت بدل الضائع ضعيف التأثير والوقع ، قياسا بما نشر لأول مرة ..
إلى جانب جماعات المال وسلطة الاشهار وضعف التكوين وكابوس البطالة الذي حول مهنة الصحافة والصحفي إلى ما يشبه المهن الأخرى أي ككل وظيفة أو خدمة في أي مؤسسة توفر أجرا لتوفير الخبز وبناء أسرة وتوفير سيارة ومسكن وبعض الامتيازات التي قد لا توفرها وظائف أخرى ، من أجل استقرار وعيش كريم .. إضافة إلى ما سبق ، فإن الخطر يتأتى أيضا - على الأقل بالنسبة للصحافة المكتوبة – من تراجع المقروئية بفعل أسباب وعوامل عديدة ، أبرزها تكنولوجيات الاتصال الحديثة ( الانترنيت على الخصوص ) ، وبفعل أوضاع مختلفة : سياسية واجتماعية ومهنية ...كلها عوامل أدت إلى انزلاق الصحافيين وصحفهم إلى الذاتية والاثارة والابتعاد عن المهنية والاحتراف .. ولم تعد قيمة الجريدة فيما تنشره ، أو تستمد فعاليتها ونجاحها من نوعية الأسماء التي تكتب على صفحاتها ، أو من مدى قوة المواضيع و مصداقية الملفات التي تنشرها ، ولكن بقياس ولاءاتها واثاراتها ، ومن عدد صفحاتها الاشهارية ( ........ ) . لذلك فلا غرابة أن يتزايد عدد الصحف والمنشورات في بلادنا لتتعدى 140 نشرية ، غالبها لا يسحب يوميا أكثر من 1000 نسخة ، متسببة في أزمات تقنية لدى مختلف المطابع ، لأن تلك الكميات تترك أكداسا عند باب المطابع ، وما يهم أصحابها ليس أن توزع ولكن نسبة الاشهار فيها .. دون أن نشير إلى محتوياتها وما تنشره من حشو وسطو وسرقات من المواقع الالكترونية ومن مختلف المواقع الاخبارية دون أن تشير إلى المصدر على الأقل من باب المسؤولية الأخلاقية ... لذلك أصبح القارئ متعودا على مطالعة أخبار سبق نشرها في منابر أخرى أو مواقع الكترونية ... ثم أعيد نشرها من باب الحشو وملء المساحات وصفحات الجريدة ..
الانترنيت هي أبلغ انتقام للقراء من الصحافة المكتوبة
مدير جريدة لوموند كان صرح قبل أعوام مستشعرا هذا الخطر : " ... الموضوعية ليست أكثر من طموح ورغبة ، وليست واقعا ، ونحن الصحافيين لسنا مسلحين سوى بالانطباعية والأحكام الفردية .. " . وهو نفس ما ذهب إليه مدير أسبوعية لوبوان الفرنسية حين صرح : " ... النظام الاعلامي لم يبلغ بعد النضج المطلوب ، ووسائل الاعلام لم تبلغ سوى جزءا من الواقع والحقيقة ... وحتى وإن كانت في بعض الأحيان لم تتعمد المغالطة والافتراء ، فالنتيجة واحدة .. والاحترافية مازالت بعيدة المنال ..." . واقع وتخوفات حسمها مسؤول نشر صحيفة الوقت الألمانية بالجزم : " ... لقد ابتعد الصحافيون كثيرا عن الواقعية والاحترافية ، بل ابتعدوا أكثر عن الطموحات والانشغالات الحقيقية لقرائهم ومشاهديهم ... وأضاف " أن الانترنيت هي أبلغ صورة عن انتقام القراء والمجتمعات المدنية من وسائل الاعلام المعهودة ... " . يقاربه موقف الفيلسوف الكندي بيار لوفي الذي اعتبر بأن الانترنيت تسمح بفضاء تعبير أكثر حرية ، وأن المواقع الاجتماعية ( الفايس بوك وتويتر ...) هي مواقع التعبير الأكثر مصداقية وقربا من الناس ...يقول أهل الاختصاص والمهنة بأن الانحراف الذي تشهده الصحافة في بلادنا يورط الجميع دون استثناء . أي أن المسؤولية مشتركة . تبدأ من خرق القانون الذي حصر تأسيس الجرائد في أهل الاختصاص ، اذ يعطي الامتياز والحق للصحافيين المحترفين دون سواهم في تأسيس الجرائد ، لكن رغم وضوح هذا المعيار أو القانون فلم يعد يؤخذ به . قد يصبح مسؤولا للنشر أيا كان : زلابجي ، أو فلاح ، أو خباز ، أو تاجر ما ، أو مقاول ...نحن ندرك بأن من حق أصحاب المال وذوي النفوذ انشاء جريدة أو أية وسيلة اعلامية أخرى كفتح قناة تلفزيونية ، لكن لا يجب أن يتعدى ذلك الجانب المالي أي التمويل ، لأن مسؤولية النشر والتحرير مقيدة قانونا بالصحافيين المحترفين دون غيرهم . السؤال : هل هذا الالزام مطبق ومعمول به ؟ . الجواب علمه عند الجميع .عدم الالتزام بتطبيق القانون ، أفضى إلى كارثة أخرى ، حيث أصبحت الساحة الاعلامية في واقع وصورة تشبه " السوق " . لقد فتح الدخلاء على المهنة أبواب التوظيف والتعاون وممارسة المهنة أمام من هب ودب . وصار كل من يكتب " حرفا " صحفيا ...القطاع بحاجة إلى غربلة حقيقية ، وإلى فرز بين الصحافي وغير الصحافي .. حين يتم الفصل في هذا السؤال يمكننا أن نفتح النقاش الواسع حول منطلقات وشروط الاحتراف الحقيقي .. في الوقت الراهن عمليات الدوس على مهنة الصحافة ، و " اهانتها " من طرف سلطة المال وجماعات الذين اندسوا داخل المؤسسات الاعلامية بأموالهم وأتباعهم من حاملي شهادات الميلاد كديبلوم وحيد ، أو على الأقل بعضهم هم الذين ينشئون الصحف ويفتحون القنوات في غياب الصحافيين الذين أصبحت كل أحلامهم وآمالهم وأقصى مطالبهم : أجر محترم وتصريح لدى الضمان الاجتماعي ، .. في انتظار ثبوت الرؤية ، أجر غالبية الصحافيين والمراسلين على الخصوص في ما نعتبره تجاوزا جرائد ، أو ما يشبه مؤسسة اعلامية ، أجر هؤلاء على الله . ع/ ونوغي
فيما تملأ الصحفيات أغلب قاعات التحرير
الرجال يستحوذون على مناصب المسؤولية و اتخاذ القرار مقابل نسبة محدودة من النساء
يقابل الارتفاع المتزايد في أعداد النساء الصحفيات ببلادنا ،نقصا بل ندرة ملفتة في عدد اللائي فزن منهن بمناصب المسؤولية و اتخاذ القرار على رأس وسائل الإعلام سواء المكتوبة أو السمعية أو المرئية الخاصة منها و العمومية و لا يمكن أن يفسر ذلك بعدم كفاءتهن و افتقادهن للخبرة و الأقدمية، بدليل أن الكثير من الصحفيات أحلن على التقاعد بعد عشريتين أو ثلاث من العمل و المثابرة وهن لم يتجاوزن رتبة محررات للصحافة.
فالواقع يقول بأن القلة القليلة من محترفات مهنة المتاعب فرضن أنفسهن و اجتهدن و ثابرن و رفعن كل التحديات لانتزاع هذه المناصب عن جدارة فشرفن المهنة .أما البقية و هي أقل بكثير فقد تم تعيينهن لاعتبارات أخرى لها علاقة بالمسيرين أو الجهات الأخرى المخولة لذلك كالوراثة و حيازة أسهم و علاقات شخصية أو عائلية،في حين تضطر الكثيرات لكبح طموحاتهن و الاقتناع بنفس الرتبة بعد الزواج و الإنجاب و تراكم الواجبات.
لتسليط الضوء أكثر على هذا الموضوع اتصلت النصر بعينة من المسؤولات و المسؤولين بوسائل الاعلام المكتوبة فرصدت هذه التجارب و الآراء. رصدتها إلهام.ط
أمينة دباش الرئيسة مسؤولة النشر لجريدة الشعب
قطاع الاتصال سيؤنث بالجزائر
لا يمكن أن أتحدث عن منصبي الحالي دون أن أعود بذاكرتي إلى بداياتي. لقد درست الاعلام و العلوم السياسية و بدأت مساري بالعمل في الاذاعة الوطنية آنذاك وجدت صحفية واحدة هي نوارة جعفر و البقية رجال. ونظرا لظروف شخصية برزت بعد زواجي، انتقلت للعمل كرئيسة مصلحة التوثيق و الاعلام بمؤسسة للبناء و أنشأت مجلة باللغتين العربية و الفرنسية عنوانها "عمران".عينت بعد ذلك بين سنتي 1981و 1984كأول امرأة جزائرية مكلفة بالاتصال بوزارة التكوين المهني و العمل ثم رئيسة مكتب الاعلام برئاسة الجمهورية.و عدت إلى المحطة الأولى و هي الاذاعة و تم تعييني كأول مديرة لإذاعة محلية هي إذاعة متيجة بين سنتي 1991 و 1992 و حققت رواجا واسعا، جعل أعداء النجاح يمطرونني بوابل من الاتهامات فقررت العودة إلى قلمي و التخلي عن المسؤولية.قضيت أربع سنوات رائعة في كتابة و تقديم تعاليق تبث مباشرة عبر الاذاعة في ركن "أحداث اليوم"في سنوات ساخنة و دامية في تاريخ بلادنا و كانت محطتي التالية بين سنتي 2000 و 2001 هي إدارة كنال ألجيري و رصع أخيرا مساري الطويل بالانتماء لجريدة الشعب رمز الجزائر السيدة، لأنها أنشئت في فجر الاستقلال و أنا فخورة بذلك. تضم الجريدة طاقات هائلة من الشابات و الشبان لا فرق بينهم بالنسبة إلي سوى بالعمل و حب الوطن حتى من لا يملك الكفاءة المهنية بينهم لديه الاستعداد النفسي للعمل و هذا مهم جدا . جميعهم فرحون بي و لا يهتمون لكوني امرأة أو رجل مادمت أقوم بعملي على أحسن وجه.أشير هنا إلى أن 50 بالمائة من الصحفيين بالجريدة من الجنس اللطيف و توجد بينهن خمس رئيسات أقسام جديرات بهذه المناصب و ليس لأنهن نساء مثلي.أنا من النوع "اللي يخلع و يمنع" في العمل أي أنني صارمة في المواقف التي تتطلب ذلك و لا أتردد في تقديم الملاحظات و التوبيخ اذا تطلب الأمر دون أن أهتم بجنس الموظف. في ذات السياق أود أن أشير إلى أنني أجريت دراسة حول الاعلاميات ببلادنا و طرحت سؤالا مفاده إذا كان قطاع الاتصال سيؤنث مثل قطاعي الصحة والعدالة فاستخلصت من نتائج الدراسة بأنه فعلا سيؤنث بدليل التزايد المطرد في أعدادهن بمدرجات معاهد علوم الاتصال و بوسائل الاعلام بالقطاعين العام و الخاص و مدى قربهن و غوصهن في أعماق المجتمع.
بالنسبة للزوجة و الأم أمينة دباش أقول بأنني عملت طوال حياتي و تعودت على ريتم معين لا أستطيع تغييره و تأتي مسؤولياتي المهنية في الصدارة دائما لدرجة أنني قد أنسى نفسي.
نعمة عباس مسؤولة النشر لجريدة المجاهد
المجتمع لم يواكب تطور المرأة الصحفية
لا أعتقد أنني سأبالغ إذا قلت بأنني أول امرأة عينت في 1994 على رأس جريدة في فترة الارهاب الدامية.اقترحني لهذا المنصب الوزير الأسبق لمين بشيشي،آنذاك خفت من حجم المسؤولية الكبيرة الملقاة على عاتقي فقد بدأت أعمل كرئيسة تحرير لجريدة "أوريزون"في سنة 1990 في وسط رجالي أساسا و كان وراء تعييني لمنصب مديرة رجل منحني ثقته .هذه الثقة جعلتني أثق بنفسي أكثر و أرفع التحدي رغم أن الحضور النسوي في القطاع لم يكن كبيرا.بدأت العمل و الكفاح من أجل البقاء و الاستمرارية و الديموقرطية في مرحلة كان الموت يتربص فيها يوميا بكل صحفي يحمل قلما .لم يكن الأمر سهلا لكن عندما نحب شيئا نتمسك به و نحارب من أجله و نتقبل كل ما فيه حتى أننا لا نفكر في الأبعاد. المرأة عموما متعودة على تحمل التحديات.
أعترف بأنني عملت منذ البداية مع فريق محترف جمعتنا مهنة لا تعترف بالحواجز و الفروق مهما كان نوعها و المعيار الوحيد هو العمل النوعي و الالتزام بأخلاقيات المهنة.لا يهم إذا تعلق الأمر بامرأة أو رجل فالأهم مدى قدرة هذا الشخص على التسيير و الادارة و وضعه في المكان المناسب و الكثير من الرجال لا يستطيعون ذلك.أعتقد بأن سر استمراري هو ترفعي بطبعي عن الأمور التافهة و الكلام غير المجدي و انهماكي في العمل واضعة أمام عيني هدفا واحدا و هو أن أسير بشكل عادل و صارم المؤسسة التي أديرها طبقت ذلك في جريدة "أوريزون"ثم في جريدة "المجاهد"و أنا راضية عن النتائج.حاليا اكتسحت النساء وسائل الاعلام و أصبحن كثيرات حيث تشكل الاعلاميات حاليا أكثر من 50 بالمائة من أسرة تحرير المجاهد على سبيل المثال .و رغم أن العديد من الاعلاميات أثبتن كفاءتهن و قدراتهن الهائلة على تحمل المسؤوليات ،إلا أن المجتمع لم يواكب تطور المرأة الزوجة و الأم و تظل تعاني من صعوبة الظروف بمجرد تعدد مهامها بعد الزواج و الانجاب.
حدة حزام مديرة جريدة الفجر
الزواج يقضي على طموحات الاعلاميات
تتكون أسرة تحرير الفجر من 80 بالمائة تقريبا من الصحفيات و عينت في رئاسة التحرير امرأة لكنها انسحبت من المنصب لأنها لم تستطع تحمل ثقل المسؤولية الملقاة على عاتقها .و نفس الشيء بالنسبة لسكرتيرة التحرير،فالنساء المتزوجات و الأمهات يرفضن غالبا تحمل المسؤوليات المهنية التي تتطلب جهدا و تركيزا إلى جانب البقاء في المكتب إلى غاية السابعة أو الثامنة ليلا و يبدو ذلك جليا في الصحف المعربة حيث تجدهن يمتنعن عن الظهور في الواجهة.قبل الزواج تجد أمامك إعلاميات نشطات متحمسات لديهن طموحات كبيرة لكنها تتقلص بعد الزواج و الانجاب و يصبحن ينظرن إلى المهنة كراتب لا غير و يفضلن تكريس معظم وقتهن و جهدهن لمسؤولياتهن العائلية و راحة أزواجهن و أبنائهن.
رغم كل ذلك هناك كفاءات و أقلام نسائية في المستوى تتفوق في معظم الأحيان على الرجال و الأمر لا يتعلق بالصحافة وحدها بل بمختلف القطاعات الأخرى و تجدهن يشكلن الأغلبية بالجامعات بعزيمتهن و اصرارهن.قبل أن أنشئ "الفجر"كنت صحفية تعشق العمل الميداني و ترفض المسؤولية .لكنها فرضت علي كاملة بمجرد أن رأت النور جريدتي قبل 13 عاما.تسلحت بمبادئي و أخلاقيات مهنتي و عملت و ثابرت لكي أنقش اسم الفجر في الساحة الاعلامية الجزائرية و تحصل على مكانها المناسب.القضية بالنسبة إلي ليست استثمارا بل قضية انسان يحمل قلما و يعمل بشرف و اقتناع دون توجيه أو تحريك من جهة أو لصالح فلان أو علان بالرغم من أن العديد من الجرائد التي تنجح يساندها مسؤولون ....صادفت الكثير من العراقيل و المطبات و واجهتها باحترافية و فرضت نفسي كقلم قبل كل شيء و فزت باحترام زملائي و قرائي وهذا هو المهم.
عبروس أوتودرت مدير النشر ومسير جريدة ليبيرتي
الكفاءة هي المعيار الأساسي
معظم المسؤولين في أقسام التحرير و التصوير و التوزيع و التقني و أمانة التحرير في جريدة ليبيرتي نساء و معيار تعيينهن هو الكفاءة و الاستحقاق .و قد كانت رئيسة تحرير الجريدة طيلة 8 سنوات امرأة و هي الاعلامية المعروفة غنية خليفي لكنها استقالت و هاجرت و اضطررنا لتعويضها برجل و أنا شخصيا لست ضد فكرة تعيين رئيسة تحرير مجددا إذا توفرت فيها الشروط المطلوبة فالمهم هو السير الحسن للعمل و تقديم النوعية المطلوبة و لا يهم جنس المسؤول. علما بأن الجريدة تضم عددا معتبرا من الصحفيات و أنا أب لأربع بنات.
عبد الرحمان تيقان مسؤول النشر لجريدة المساء
لا للمسؤولات اللائي يطالبن بمعاملة خاصة
أبدأ بالتساؤل ماذا يفعل الشاب الذي ينخرط في سلك الجيش في وقت السلم هل ينعزل أو يهرب إذا تعرضت بلاده لمكروه أم يبقى في الميدان؟نفس الشيء بالنسبة للمرأة التي تختار العمل كصحفية و تسند لها مهام أو مسؤوليات أعتقد أنه ليس من العدل و القسطاس أن تطلب أن تعامل معاملة خاصة و تقدم لها تسهيلات على حساب سير العمل و نوعيته يمكن أن نساعدها في أمور بسيطة ممكنة من حين لآخر لكن ليس بشكل دائم. معيار إسناد مناصب المسؤولية و اتخاذ القرار بالنسبة إلي هو الكفاءة المهنية و الأخلاق و لو توفرت الكفاءة دون أخلاق فلن يشرف الإعلامي مؤسسته. أنا أساند بقوة كل من يتحكم في زمام الأمور و يقدم عملا جيدا و يتحلى بمكارم الأخلاق و لا يهم إن كان رجلا أو امرأة فقد تغيرت النظرة إلى المرأة و فرضت و جودها مهنيا و اجتماعيا بعيدا عن مقاييس العادات و التقاليد و نوعية اللباس و المظهر..تضم أسرة تحرير المساء أكثر من 50 بالمائة من الجنس اللطيف و لدينا نساء مسؤولات عن مصلحة تسيير الموارد البشرية و الوسائل العامة و رئيسات أقسام بالتحرير.
الصحافة العمومية المكتوبة..
هل هي مقصّرة عاجزة أم ضحية ثقافة رفض كل ما يأتي من الدولة؟
في عهد التعددية الإعلامية والسياسية تحمّل الصحافة العمومية ما لا طاقة لها به من التهم.. بعضها يمكن قبوله والبعض الآخر يبدو مغاليا ومبالغ فيه..فهي بعدما كانت الوحيدة على ملعب الكلمة قبل سنة 1990 أصبحت اليوم تنعت بصحافة النظام، ومرادفا للغة الخشب و"للرأي والرأي المطابق" .. لا أثر فيها للنقد ولا وجود للحقيقة والمهنية على صفحاتها يقول البعض ..لكن هل هذه الصورة حقيقية عن الصحافة العمومية؟ أم أن في هذه الصحافة من يبدل جهودا يجب على الجميع الاعتراف بها والالتفات إليها؟ كما يجب عدم وضع الجميع في سلة واحدة.
لكن على العموم أصبحت للصحافة العمومية مند بداية التسعينات صورة نمطية موحدة في مخيال الكثير من القراء وحتى في مخيال زملاء المهنة تتلخص في أنها صحافة النظام ..صحافة لا تنتقد ولا تباع ولا تقرأ..ونسي البعض أن هناك عوامل موضوعية ربما ساهمت في تقهقر الصحافة العمومية أمام الصحافة الخاصة بعض الشيء على الأقل في وقت ما .. منها على سبيل المثال أن الصحافة العمومية أهملت إهمالا كبيرا وتركت لحالها بعد اعتماد التعددية الإعلامية بداية من سنة 1991 ولسنوات عديدة.. كما أنها استنزفت من طرف الصحافة الخاصة إذ أن اغلب مديري الصحف الخاصة وإطاراتها خرجوا من صلب الصحافة العمومية.
ورغم ذلك يقول كثيرون أن للصحافة العمومية اليوم من الوسائل ما يجعلها قادرة على رفع التحدي من جديد والقفز إلى الريادة على غرار ما هو موجود في الكثير من البلدان التي نجد فيها الصحافة الحكومية في المقدمة ومرجعا للجميع..فهل تنقص المهنية والاحتراف صحافتنا العمومية أم أن التسيير هو الذي ينقصها؟ أم أن الوصاية هي التي تريدها على هذه الشاكلة؟.
مديرو صحف عمومية يرفضون جملة وتفصيلا القول أن هذه الأخيرة لا تباع ولا تقدم أخبارا ولا تقرأ كما يدعي البعض، ويوضحّون أن المنافسين من القطاع الخاص هم من يروجون لذلك في إطار منطق التنافس، لكن الحقيقة شيء آخر لأنه لا توجد مؤسسات ذات مصداقية خاصة بسبر الآراء في بلادنا يمكن الوثوق في ما تقوله ويعتبرون أن مشكل الصحافة العمومية اليوم هو التوزيع وتحديد مهمتها بالضبط، "النصر" استطلعت أراء مسؤولين على صحف عمومية حول التهم التي تلاحقها والتي تتلخص في أنها صحافة السلطان ..صحافة غير مقروءة وبعيدة عن المهنية وعن تقديم الحقيقة والانتقاد، فكانت الاجابات التالية:
نعمة عباس مديرة نشر جريدة "المجاهد"
من يدعي أن الصحافة العمومية غير مقروءة عليه تقديم الدلائل
من يدعي أن الصحافة العمومية لا تقدم أخبارا ولا تباع ولا تقرأ عليه تقديم الدلائل الملموسة..هم في الحقيقة زملاء يتكلمون من منطق تنافسي، لكن هل تعني الصحافة القذف والسب والشتم كل يوم؟ والاطلاع على ما يؤلم القلب كل صباح؟ هل هذه هي مهمة الصحافة؟ لقد تعلمنا في الجامعة أن مهمة الصحافة نقل الأخبار وتقديمها للمواطن.
صحيح أن مهمة الصحافة العمومية تختلف عن مهمة الصحافة الخاصة لكن هناك بعض الزملاء يرفضون الحديث عن كل ما هو تغطية مؤسساتية باسم حرية الصحافة؟ لكن حرية الصحافة ليست كذلك..نحن نعمل على نقل الحقيقة كما هي سواء أكانت حلوة أو مرة.
بالنسبة للنقائص كل صحافتنا عمومية أو خاصة لها نقائص لذلك لابد أن نتوقف عن التركيز فقط على العمومية منها..أكيد أن للصحافة العمومية نقائص.. فنحن بحاجة إلى المزيد من التطور والتحسن دائما..بحاجة للتكيف مع تكنولوجيات الإعلام والاتصال الحديثة والجديدة و على صحفيينا أن يتقنوها، وكذلك الأمر بالنسبة للتكوين.. لقد قمنا في المدة الأخيرة بخطوة ايجابية تتمثل في رفع رواتب الصحفيين وهو شيء جيد.
إذن علينا اليوم أن نضع الأشياء في مكانها الطبيعي أنا لا اعتقد أن مهمة الصحافة هي الانتقاد والنقد فقط، الصحافة هي اخذ المعلومة وإيصالها للقارئ وهو من يختار في الأخير، لو لم تكن الصحافة العمومية جيدة وايجابية لما كان اغلب مديري الصحافة الخاصة قد خرجوا من صلبها..أنا شخصيا فخورة بالانتماء للقطاع العام وأدافع عنه وسأبقى أدافع عنه ولست بحاجة إلى دروس من المنافسين.
اعتقد أن الصحافة العمومية بحاجة إلى بعض التحسينات، لكن لها مكانتها في المشهد الإعلامي الوطني ومن يعتقد عكس ذلك فهو على خطأ، أما بالنسبة لموضوع الحرية فأنا اتمتع بحرية في الصحافة العمومية بل لدي هامش اكبر من البعض في الصحافة الخاصة لأن الوقوع تحت سلطة المال والسياسة خطير جدا بالنسبة للصحافة.
أمينة دباش مديرة نشر جريدة "الشعب":
أكبر مشكلة تواجه الصحافة العمومية هي التوزيع وهناك ثقافة رفض كل ما يأتي من الدولة
الصحافة العمومية التي يكثر الحديث عنها أدت واجبها على مر السنين وواكبت كل المراحل التي مرت بها البلاد..لكن نلاحظ أن بعض الأصابع تمتد إليها رغم أننا مثلا في الصحافة المكتوبة لا نتعدى ست جرائد من أصل 145 عنوان وهذا عدد قليل جدا.
حقيقة هناك نقائص في الاعتناء بالصحافة العمومية كما ينبغي من طرف الجميع لكن المشكل الكبير الذي تعاني منه الصحافة العمومية هو مشكل التوزيع، نحن نريد أن تصل صحفنا إلى جميع أرجاء الوطن في الشرق والغرب والشمال والجنوب لكنها لا تصل حتى إلى بعض الولايات الداخلية القريبة، الجميع يدرك مسألة التوزيع وتعقيداتها، الدولة من خلال مؤسسة كانت قائمة في وقت سابق لم تستطع التغلب عليه فماذا تفعل الجرائد لوحدها إذن؟ لابد أن يكون تكاثف بين الصحف والسلطات العمومية للتغلب على هذه الإشكالية.
البعض يعيب علينا عدم الانفتاح بالنسبة للخط الافتتاحي هذا الأمر فيه ما يقال، نحن نرى مثلا صحف خاصة وصلت بخطها الافتتاحي إلى درجة سب الرموز الوطنية ورموز الدولة من أعلى إلى أسفل، وقد رأينا أيضا رسومات كاريكاتورية تهين العلم الوطني هل هذا هو الانفتاح؟.
مهما قلنا لابد أن لا نغفل حقيقة وهي أن الصحف العمومية لصيقة بالدولة والنظام والحكومة وهناك ثقافة انتشرت بقوة هي عدم قبول وكره كل ما يأتي من الدولة، لكن اعتقد انه مع مرور الوقت اكتشف القراء أن بعض الصحف التي تقدم عناوين مثيرة على صدر صفحاتها الأولى لا تعطي أي تفاصيل بعد ذلك في الداخل، وفي اغلب الأحيان تنشر أخبارا تأتي من ورائها تكذيبات هل هذا هو الخط الافتتاحي؟ صحيح يجب الاعتراف بنقائصنا مثل نقص الإخبار الجوارية لكن لا ينبغي أن نركز فقط على الإثارة التي نجحت فيها ربما بعض الصحف الخاصة التي تستطيع نشر ما تريد لكن نحن في الصحف العمومية لا يمكننا نشر أي خبر، نحن ننشر الأخبار كما هي وفقط، نحن مع حرية التعبير والتنوع والمنافسة لكن لا نقبل حرية الصحافة التي تدمر البلاد.
إلياس جرعود مدير تحرير جريدة "أوريزون"
يجب إعادة هيكلة الصحف العمومية وتحديد مهمتها بدقة
نحن أيضا لا نعرف ما يباع من الصحافة الخاصة في غياب مؤسسات مختصة في سبر الآراء
أولا لابد أن ننطلق من قاعدة وهي انه لا توجد صحافة تنتقد وأخرى لا تنتقد، هناك صحافة تقدم أخبارا ومعلومات، أنا شخصيا لست من أنصار صحافة السب والشتم، نحن نقدم أخبارا متزنة كما هي، أما للرد على من يدعون أن الصحافة العمومية لا تقرأ ولا تباع فأقول لا توجد عندنا مؤسسات مختصة في سبر الآراء يمكن الوثوق في ما تقوم به وما تقدمه من أرقام حول هذه القضية، أنا لا اتفق مع من يقول أن الصحافة العمومية لا تقرأ ولا تباع ، لأني لا اعرف بالضبط ما يباع من الصحافة الخاصة وما الحجم الحقيقي لمقروئيتها وما يرتجع منها، كل ما نسمعه عن هذه المسألة مجرد كلام.
بالنسبة للصحافة العمومية لابد أن لا ننسى انه بداية من سنة 1991 تاريخ انطلاق التعددية الإعلامية تركت الصحافة العمومية لحالها وأهملت وهي لذلك تعاني اليوم برأيي من ثلاثة مشاكل رئيسة ولابد لها من ثلاثة حلول هي إعادة هيكلتها وتحديد دورها ومهمتها بدقة، وثانيا التكوين لأن هناك عجز في هذا الميدان وأخيرا لابد من إيجاد حل حقيقي لمشكل التوزيع، فضلا عن أن الصحافة العمومية وجدت نفسها أيضا ضحية لثقافة انتشرت مند سنة 1991 هي رفض كل ما يأتي من الدولة ومؤسساتها واعتباره غير صالح.
وأعتقد أن الصحافة المستقلة "بدعة" و"هرطقة" لأنه بالنسبة للصحافة الخاصة أصحاب الأموال هم من يفرضون الخط الافتتاحي، وفي الصحافة العمومية يحدد هذا الخط من طبيعة النظام الجمهوري ومؤسسات الدولة، انطلاقا من هذا لا اعتقد بوجود صحافة تنتقد وأخرى لا تنتقد بل توجد صحافة تقدم معلومات وأخبارا للقارئ، وبعدها لكل واحد خطه وتصوره حول طريقة تقديمها، لكن أنا لا أومن بصحافة الفضائح، ثم هل نحن هنا للانتقاد أم للإعلام؟ نحن لسنا أحزابا سياسية نحن جرائد تقدم معلومات وأخبار. جمعها محمد عدنان
أسبوعية " العناب " مدرسة عبدت الطريق لباقي التجارب
عنابة " الولاية النموذج " في تجربة الصحافة المحلية و الإعلام الجواري
تعد عنابة " الولاية النموذج " في تجربة الصحافة المحلية على الصعيد الوطني، كونها عرفت طفرة إعلامية لم تشهدها معظم ولايات الوطن، في ظل وجود العديد من العناوين التي تتخذ من مدينة " بونة " مقرا لتحريرها المركزي، و التركيز بالأساس في المادة الصحفية على الأخبار الجوارية و التنمية المحلية بولاية عنابة و الولايات المجاورة، الأمر الذي أعطى أغلب الصحف الصادرة من هذه الولاية الطابع الجهوي في عهد تشبعت فيه الساحة الإعلامية الوطنية بالعشرات من العناوين الصحفية.
و مع ذلك فإن النماذج الحية تؤكد على أن الصحافة الجوارية لها مكانة مرموقة في خدمة التنمية المحلية و نقل انشغالات المواطنين عن كثب في كل شبر من أرجاء الجزائر العميقة، و بالتالي إماطة اللثام عن معاناة جزائريين لم يحلموا يوما بنشر موضوع صحفي عن الظروف القاسية التي يعيشون فيها، أو عن المشاكل التي يكابدونها، لكن التعددية الإعلامية التي تعرفها ولاية عنابة جعلت الإقليم الممتد بين ولايات عنابة، قالمة، الطارف و سوق أهراس الأكثر تغطية من طرف الزملاء في مهنة المتاعب عبر صفحات جرائد باللغتين العربية و الفرنسية. فالحديث عن تجربة الصحافة المحلية في ولاية عنابة يعيد إلى القراء ذكريات أسبوعية " العناب " التي صدرت عن المؤسسة الأم " النصر " و هي تجربة يجمع أهل بونة على أنها كانت ناجحة بكل المقاييس، لأن هذه الأسبوعية كانت لها مكانة مميزة في الساحة الإعلامية على الصعيد المحلي، و الكل كان ينتظر صدور أعدادها بفارغ الصبر لتصفح المواضيع التي كانت ترتكز بالأساس على أخبار جهوية من ولايات قالمة، عنابة و الطارف، من دون تخصص، لأن الأسبوعية كانت شاملة و تغطي الأخبار المحلية بنقل انشغالات المواطنين، فضلا عن تخصيص صفحات للجانبين الثقافي و الرياضي، إلى درجة أن الكل في عنابة يجمع على أن تجربة أسبوعية " العناب " تبقى رائدة و متميزة في الساحة الإعلامية المحلية، لأن هذه الأسبوعية و رغم مرور قرابة عشريتين من الزمن عن اختفائها و احتجابها عن الصدور، فإنها لا تزال على لسان سكان الولاية، و الكل يتذكر تسمية " العناب " بمجرد صدور أي مولود إعلامي جديد، حيث تكون الآمال معلقة على الصحف المحلية للسير على خطا الأسبوعية الأولى بالولاية.
إلى ذلك فإن أسبوعية " العناب " تعد بمثابة المدرسة التي تتلمذ فيها أعمدة الساحة الإعلامية بعنابة، الأمر الذي أعطى الولاية روح المبادرة إلى إصدار الكثير من العناوين في عهد " التعددية " و ذلك على يد " النخبة " التي تعلمت أبجديات الصحافة في " العناب "، مادامت الولاية كانت تتوفر على مجموعة من المواهب التي شقت طريقها في المجال الإعلامي، كون الأسبوعية " النموذج " على الصعيد المحلي كانت المدرسة التي فتحت أبوابها لمجموعة من الصحافيين الشبان من أبناء الولاية للتدرب و التتلمذ و كسب خبرة أولية في العمل الصحفي، فكانت تجربة " الشرق الجمهوري " الأولى في عنابة، بإصدار يومية باللغة الفرنسية تركز في مادتها المقدمة للقراء على أخبار ولاية عنابة و حتى بعض الولايات المجاورة، قبل أن توسع دائرة تركيزها إلى كامل ولايات الشرق الجزائري تجسيدا للتسمية التي تم اعتمادها، و لو أن الخبرة التي اكتبسها الطاقم الذي أسس هذه اليومية دفعته إلى التفكير في إصدار يومية باللغة العربية، فتم رسم خارطة الطريق لمشروع جريدة " آخر ساعة " التي رأت النور في أكتوبر 2000، في تجربة كانت بدايتها صعبة، و اصطدمت في أولى مراحلها بإشكالية الطباعة و التوزيع، فضلا عن افتقار طاقمها الصحفي للخبرة و التجربة، لأن المراهنة كانت على وجوه شابة تقتحم عالم الصحافة الميدانية لأول مرة، لكن الزملاء في هذه الصحيفة رفعوا التحدي و كسبوا مكانة في الساحة الإعلامية، بتركيزهم على الأخبار المحلية و العمل الجواري.
هذا و قد شهدت ولاية عنابة في السنوات الخمس الأخيرة قفزة عملاقة من حيث عدد العناوين الصحفية التي تصدر على مستواها، لأن تشبع الساحة بالعناوين على الصعيد الوطني إنعكس بصورة جلية على الوضع الإعلامي بالولاية، فكثرت المبادرات لإصدار صحف يومية و حتى أسبوعية، رغم أن بعض التجارب كانت فاشلة و لم تعمر طويلا بسبب عدم النجاح في الحصول على الإشهار، خاصة بالنسبة للأسبوعيات، لكن المشهد الإعلامي في عنابة بلغ مرحلة التشبع خلال السنتين الماضيتين، كونه تدعم بخمسة عناوين جديدة، ثلاثة منها باللغة العربية و هي " الصقر"، إيدوغ نيوز " و " أخبار الشرق " و إثنتان بالفرنسية، و بتعلق الأمر بكل من " سيبوس تايمز " و " بريفانسيال "، و هي جرائد يرأس طواقمها زملاء كسبوا الخبرة في التحرير في باقي اليوميات الوطنية، و تركز أهم مادتها على الأخبار الجوارية، و تتصدر صفحاتها الرئيسية الأخبار المثيرة المرتبطة بالحدث على الصعيد المحلي، فضلا عن تخصيص حيز كبير لانشغالات المواطنين بمختلف بلديات الولاية.من هذا المنطلق، يمكن القول بأن ولاية عنابة تبقى نموذجا استثنائيا لتجربة الصحافة المحلية على الصعيد الوطني، لأن الصحف التي تصدر على مستواها حققت الاكتفاء " الذاتي " في الإعلامي الجواري، و كل يومية لها طريقتها في التعامل مع الحدث المحلي، بحثا عن مكانة في أوساط القراء، وفق خطها الافتتاحي، لكن تعدد العناوين يضع الكثير من الخيارات أمام القارئ، بصرف النظر عن الصعوبات التي يواجهها الزملاء في الوصول إلى مصدر الخبر، لأن هذه المكانة لم تسايرها قفزة مماثلة بخصوص مصادر الأخبار، لتبقى المعاناة متعددة الأوجه بالنسبة للصحافيين، و لو أن ذكريات أسبوعية " العناب " تبقى راسخة في ذهن كل من تصفحها، لأن الجميع في عنابة يؤكد على أنها أحسن نموذج في الصحافة المحلية بالولاية، كونها التجربة الأولى و رسمت الطريق أمام نهضة إعلامية غير مسبوقة بعنابة. صالح فرطاس
بسبب ضغوط العمل و التوتر الشديد
الضغط و السكري في مقدمة أمراض الصحافيين
كشفت الدكتورة آمال سفسوف، الطبيبة الرئيسية المتخصصة في طب العمل بالمؤسسة العمومية للصحة الجوارية العربي بن مهيدي بحي فيلالي بقسنطينة،بأن ارتفاع الضغط الدموي يأتي في المرتبة الأولى و يليه السكري في قائمة الأمراض المزمنة التي سجلتها لدى الصحفيين الذين يخضعون لفحوص دورية بمصلحة طب العمل التي تشرف عليها، خاصة في منتصف العمر و مرد ذلك أساسا نمط المعيشة و التوتر المستمر و الضغوط الشديدة الناجمة عن مزاولتهم لمهنة المتاعب، مشيرة إلى أن الجدول الوطني للأمراض المهنية لا يتضمن أمراضا مهنية مرتبطة بطبيعة و خصائص هذه المهنة و بالتالي كل الأمراض التي يصاب بها الصحفيون يمكن أن يصاب بها غيرهم من المستخدمين في قطاعات أخرى.
الطبيبة أوضحت للنصر ،بأن مصلحتها أبرمت اتفاقيات منذ سنوات مع العديد من المؤسسات الاعلامية العمومية و الخاصة بولاية قسنطينة من أجل اخضاع صحفييها و موظفيها لمعاينات و فحوص دورية و من بينها محطة قسنطينة الجهوية للتليفزيون و إذاعة سيرتا أف.أم الجهوية و صحيفتي النصر و الخبر ، و بالرغم من أن العديد من المستخدمين لا يحضرون إلا نادرا للمصلحة إلا أنها و زملاؤها سجلوا إصابة نسبة معتبرة من الصحفيين بالمؤسسات المذكورة بارتفاع الضغط الدموي و السكري و الغالبية العظمى منهم يبلغون الأربعين من العمر و أكثر و سجلت نسبة أكبر بكثير من الاصابات لدى رجال الأمن كما تسجل لدى هؤلاء حالات كثيرة من الانهيارات العصبية تقدر ب 50 بالمائة من عددهم الاجمالي مما يتطلب اخضاعهم للعلاج المتخصص .
محدثتنا أشارت إلى إن متاعب الشغل المختلفة لا تؤدي وحدها للشعور المزمن بالقلق و التوتر و الأمراض،بل هناك أيضا طبيعة العصر السريع التغير و التطور و التحولات السريعة التي يشهدها المجتمع و مشاكل الحياة اليومية و نمط المعيشة غير الصحي و التدخين و الاكثار من المنبهات و الجلوس لفترة طويلة في نفس الوضعية و الركود لهذا تنصح الصحفيين بمحاربة التوتر و الوقاية من الانفعالات و الاضطرابات و الأمراض بالحركة و النشاط الجسدي و لما لا تخصيص الوقت الكافي لممارسة رياضة جماعية و أضعف الايمان المشي و لو لنصف ساعة يوميا.
وتدعوهم الأخصائية إلى الحرص على الغذاء الصحي المتوازن و النوم الكافي و أفضل ما يمكن أن يفعلوه هو النوم مبكرا و الاستيقاظ مبكرا، لأن الهرمونات تفرز في الصباح الباكر لتساعدهم على بلوغ ذروة النشاط و الحيوية.و أضافت بأنه لا يوجد أفضل من ديناميكية الجماعة لمحاربة الملل و التوتر و المقصود بها تقسيم المهام و العمل الجماعي في أجواء مريحة و حيوية و تجنب النزاعات و الصراعات و سوء الفهم . و شددت بأنه من الضروري بالنسبة للصحفيين و غيرهم الخضوع لفحوصات طب العمل الدورية التي تساعدهم على التشخيص المبكر لأي اضطراب و معالجته قبل أن تتفاقم الأعراض .
أهمية ديناميكية الجماعة و تحسين ظروف العمل
زميلتها المتخصصة في علم نفس العمل أشارت إلى أن دراسات تثبت بأن المردودية في العمل تنخفض إلى 20 بالمائة في حالة الشعور بالتوتر و ترتفع إلى 80 بالمائة لدى توفر ديناميكية الجماعة. وهنا يكمن سر تخصيص قاعات كبيرة و مفتوحة للتحرير تجمع الصحفيين و تمنح لهم فرص تبادل الآراء و الخبرات و ترسخ روح الجماعة و التفاهم و الانسجام و تقسيم المهام و العلاقات الطيبة في أجواء مرحة منفتحة على المحيط .و شددت النفسانية على أهمية "الأرغونوميا" و هي الدراسة العلمية للعلاقة بين الانسان و وسائل و أدوات العمل في الوسط المهني و كلما كانت الوسائل مدروسة بعناية و الوسط المهني صحي و يتوافق مع المعايير العلمية التي ينص عليها كل من علم النفس الصناعي و طب العمل و تسيير الموارد البشرية ارتفعت المردودية و تشكل جدار واق أمام المشاكل بأنواعها .و تنصح محدثتنا باختيار الاضاءة المناسبة في أماكن العمل و كذا توفير التهوئة و النظافة و الأجهزة و التجهيزات المناسبة و تهيئة المحيط و اختيار الديكور المريح . مشيرة إلى أن أفضل طلاء للجدران بأماكن العمل هو الأخضر و الأزرق و الأصفر.
الدكتورة سفسوف حذرت من جهة أخرى الصحفيين الذين يقضون ساعات طويلة أمام الكمبيوتر لكتابة مقالاتهم أو الابحار عبر مواقع الشبكة العنكبوتية لمتابعة آخر الأخبار،بأخذ قسط من الراحة ربع ساعة كل ساعتين كأن يمارس نشاطا آخر أو يركز نظره على مكان بعيد.و ذلك للوقاية من ضغط عضلات الرقبة و الصداع و التوتر و ضعف البصر.و الجدير بالذكر أن البروفيسور مصطفى حداد رئيس أطباء مصلحة طب العمل بالمستشفى الجامعي بن باديس و عضو اللجنة الوطنية للأمراض المهنية .
قد كشف للنصر مؤخرا بأن دراسة تجرى حاليا بذات المصلحة حول المشاكل الصحية و الاضطرابات العضلية و الفقرية المرتبطة بالموظفين الذين تفرض عليهم مهامهم و طبيعة عملهم الجلوس لمدة طويلة أمام أجهزة الكمبيوتر، مشددا بدوره بأن لا وجود لأمراض مهنية لحد اليوم ضمن الجدول الوطني خاصة بالصحفيين و كل أمراضهم مشتركة مع بقية المواطنين و المستخدمين بمجالات أخرى و كذا معاناتهم من الضغوط النفسية و القلق و التوتر. إلهام.ط
إذاعة باتنة 19 سنة
توثيق التراث الأمازيغي و إسماع صوت الأوراس
رفعت إذاعة باتنة الجهوية التحدي منذ تدشينها وانطلاقها في البث بصفة رسمية في 29 ديسمبر 1994 بتغطيتها لنطاق جغرافي واسع لولايات الأوراس المتمثلة في باتنة وخنشلة وأم البواقي، وذلك بإمكانيات بسيطة وبطاقم إعلامي يتكون آنذاك من 03 صحفيين و03 تقنيين فقط إلى جانب منشطتين، وعملت إذاعة الأوراس قبل أن تتحول تسميتها لإذاعة باتنة بعد تقلص نطاق تغطيتها على مدار 19 سنة من الخدمة، على نقل انشغالات سكان الأوراس بالدرجة الأولى بالغوص في القرى والمداشر ورفعت بذلك تحديا كبيرا خصوصا وأن المنطقة ريفية جبلية بحتة، ويرى مدير الإذاعة الحالي عبد الحميد عويطي وهو ابن المنطقة بأن تجربة إذاعة باتنة طيلة السنوات الماضية تستحق التشجيع وتعد بمثابة نموذج عن المؤسسة الإعلامية المحلية الناجحة في أداء الخدمة العمومية.
من 03 إلى 10 صحفيين ومن 04 إلى 13 ساعة بث
خطت إذاعة باتنة الجهوية، أو إذاعة الأوراس كما كانت ولا تزال تعرف وفق التسمية التي أطلقت عليها في بادئ الأمر خطوات هامة على مدار 19 سنة من البث الإذاعي، حيث عرفت تطورا ملحوظا من حيث الإمكانيات سواء فيما يتعلق بطاقمها البشري أو المادي، وبالموازاة مع ذلك ارتفعت عدد ساعات بثها فقد انطلقت في البث في السنوات الأولى بأربع ساعات فقط وكانت آنذاك المهمة صعبة بالنظر لكون التجربة حديثة والإمكانيات بسيطة، حيث قدر عدد الصحفيين مباشرة بعد تدشين الإذاعة المحلية بثلاثة صحفيين ومعهم ثلاثة تقنيين إضافة لمنشطتين. وبالرغم من الإمكانيات البسيطة فقد رفعت إذاعة الأوراس بطاقمها التحدي من أجل إسماع أنين وآهات المواطن من عمق الأوراس عبر عدة ولايات، حيث لم يكن يقتصر عملها على تغطية ولاية باتنة التي يتواجد بها مقرها، وإنما تعداه لكل من ولايتي أم البواقي وخنشلة المجاورتين لولاية باتنة وهي الولايات التي تتميز بصعوبة التضاريس حتى أن بثّ الإذاعة لم يكن يصل عديد المناطق التي تعرف تقنيا بمواقع الظل نظرا لصعوبة وصول الأثير إليها وهو ما شكل رهانا آخر بالنسبة للإذاعة على مر السنين من أجل أن يصل أثير الإذاعة للمواطن الذي يعيش في القرى والمداشر، وحتى بعد أن استفادت كل من ولايتي خنشلة وأم البواقي من إذاعة لكل منهما، إلا أن إذاعة باتنة واصلت السير على نفس النهج عبر إقليم الولاية التي تتربع على مساحة واسعة تضم 61 بلدية منها 44 ذات طابع ريفي ما يعني أن التحدي الذي ينتظر الإذاعة كان مستمرا في تغطية هذه المناطق، ونقل انشغالات سكانها وهو ما تراهن عليه اليوم بطاقمها الذي يتكون من 50 موظفا منهم 10 صحفيين و06 تقنيين، و05 منشطين بالإضافة للعتاد والتجهيزات المتطورة التي أصبحت تتوفر عليها.
برامج تفاعلية منوعة والهدف الأول الخدمة العمومية
أوضح مدير إذاعة باتنة ل "النصر" فيما يخص البرامج المقترحة للبث، أن الإذاعة تتقيد فقط بتوجيهات المديرية العامة فيما يخص الشبكتين العادية والصيفية في رسم الخطوط العريضة، مؤكدا بأن المهمة الكبيرة ملقاة على عاتق الإذاعة وطاقمها الذي يتمتع بالحرية في إعداد البرامج انطلاقا من تسميتها وصولا إلى مضمونها. وفي هذا الصدد أكد محدثنا سهر طاقم الإذاعة على إنجاح برامج الشبكة العادية الحالية التي انطلقت موازاة مع الدخول الاجتماعي لهذه السنة والمراهنة بصفة خاصة على تلك التي تهدف لرأب الصدع بين المواطن والإدارة بالإضافة للبرامج التي تُعنى بمختلف مجالات الحياة لإشباع حاجة المواطن لتجسيد عمل جواري فعال وخدمة عمومية هادفة، وفي هذا الإطار كشف مدير إذاعة باتنة عن تقسيم برامج الشبكة بما نسبته 32.77 بالمائة من البث الإذاعي للبرامج الإخبارية والرياضية، و 31.77 بالمئة للترفيه والمنوعات، و20.89 بالمئة للبرامج الاجتماعية والتربوية، و15.01 بالمئة للبرامج الثقافية والتاريخية والدينية، ومن بين البرامج الإخبارية الهامة التي أطلقتها إذاعة باتنة وتراهن عليها في استقطاب المستمعين يضيف المدير برنامج "فوروم الإذاعة" الأسبوعي الذي يُعنى بالحراك التنموي بالولاية في شتى المجالات ويشارك فيه الإعلاميون من ممثلي مختلف الصحف الوطنية بالولاية في طرح الأسئلة على ضيف الإذاعة من المدارء التنفيذيين لإحدى القطاعات، وبرنامج "أضواء على البلديات" وهو برنامج أسبوعي أيضا يدوم ساعتين وينقسم لجزئين بحيث يخصص جزء للتنمية والجزء الآخر للفلاحة، وهذا بحكم أن أغلب البلديات ريفية وذات طابع فلاحي وهي البلديات التي تتنقل إليها الإذاعة من أجل البث المباشر، وفي نفس السياق تبث الإذاعة في إطار شبكتها العادية برنامج إخباري آخر يصل الإدارة بالمواطن عنوانه "بين الإدارة والمواطن"، ويكمن الفرق بينه وبين برنامج على البلديات في كون الأخير يستقبل المنتخبين في حين أن برنامج "بين الإدارة والمواطن" يستقبل رؤساء الدوائر، ويعنى برنامج إخباري تحت عنوان "الريفية" بشؤون المرأة الريفية إضافة لبرامج أخرى متنوعة أشار المدير بأنها تفاعلية ومباشرة تضمن حرية التعبير والموضوعية على غرار "الصحة تكلمكم"، "في رحاب القانون"، "إيكو أف أم"، وبرنامج "حوار في الرياضة" الذي يسلط الضوء على مختلف الأندية والفرق الرياضية .
إذاعة باتنة وسيلة للتوثيق والحفاظ على الأمازيغية
كشف مدير إذاعة باتنة ل"النصر" عن تخصيص ما نسبته 34 بالمائة من البث عبر أمواج الإذاعة باللغة الأمازيغية وهي النسبة التي أشار بأنها ارتفعت عما كانت عليه في وقت سابق ويندرج هذا التطور حسبه في إطار الحفاظ على الموروث الثقافي الأمازيغي بالمنطقة من خلال عديد البرامج الهامة منها برنامج "تقليعث" الذي يعني الدشرة وهو فضاء أثيري يُعرف بمعالم الحضارة الأمازيغية، وبرنامج "ثاسيلي" وهو فضاء ترفيهي تفاعلي يعتمد على البحث في الموروث الشفوي الأمازيغي، وبرنامج "ثاغمة نتسيرث" الذي يفتح المجال للتفاعل بين إذاعات ولايات الأوراس، وبرنامج "أوال ذونزروب" الإبداعي وكلها برامج هادفة تتيح التوثيق للتراث اللامادي الأمازيغي بمنطقة الأوراس.
جهود توجت إذاعة باتنة بميكروفونات ذهبية
توجت إذاعة باتنة الجهوية في مناسبتين بنيل الميكروفون الذهبي عن أحسن برامج إذاعية وكان التتويج الأول سنة 2008 لأحسن برنامج منوعات تحت عنوان "أنغام وموسيقى من العالم" وفي سنة 2009 الموالية انتزع برنامج "ثاقليعث" الذي يبث باللغة الأمازيغية الميكروفون الذهبي لأفضل برنامج ثقافي. وكان مدير الإذاعة الحالي عبد الحميد عويطي قد مثل الجزائر في سنة 2012 ضمن لجنة التحكيم للمهرجان العربي للإذاعة والتلفزيون في طبعته الخامسة عشر، حيث ترأس لجنة التحكيم للبرامج والأخبار في المهرجان المقام بتونس والذي فازت فيه الجزائر بميدالية ذهبية عن برامج الشباب التي عادت لإذاعة جيجل وميدالية فضية لبرامج الأطفال الذي عاد لإذاعة تلمسان.
مشروع محطة بث وإرسال وآخر لإنجاز مقر جديد للإذاعة مستقبلا
استفادت إذاعة باتنة الجهوية من مشروعين هامين تم تسجيلهما من أجل الإنجاز مستقبلا حسبما كشف عنه مديرها عبد الحميد عويطي ل"النصر" ويتمثل المشروع الأول في محطة بث وإرسال لضمان تغطية كاملة لإقليم الولاية وحتى خارجها وهي المحطة التي تعمل بالموجات المتوسطة AM التي ستقضي على ما يعرف بمناطق الظل التي لا يصلها أثير الإذاعة، حيث أقر المدير بأنه لحد اليوم توجد مناطق لا يصلها الأثير وذلك راجع يضيف المتحدث لطبيعة التضاريس الصعبة التي تقف عائقا أمام وصول موجات الأثير، كاشفا أيضا في سياق آخر عن استفادة الإذاعة حسب ما أكده الوالي من مشروع إنجاز مقر جديد للإذاعة بدل المقر الحالي الذي كان يمثل ملحقا للمصلحة الحالة المدنية لبلدية باتنة ورغم موقعه بوسط المدينة إلا أنه حسب المدير يبقى يفتقد لعديد الضروريات من بينها حظيرة لركن السيارات مضيفا بأن مشروع المقر الجديد لا يزال محل دراسة من طرف السلطات المحلية التي تبحث عن أرضية ملائمة لإنجازه عليها.
الإذاعة جهاز مستقل غير خاضع للهيئة التنفيذية
أكد مدير إذاعة باتنة الجهوية عبد الحميد عويطي ل" النصر" بأنه ومنذ تعيينه شهر مارس من سنة 2012 مديرا على رأس الإذاعة وهو يعمل جاهدا بالدرجة الأولى على الارتقاء وترقية الخدمة العمومية من خلال تسطير برامج منوعة وهادفة مثمنا تجربة الإذاعة على مدار السنوات الماضية التي تداول عليها 08 مدراء خصوصا وأنه ابن المنطقة وابن الإذاعة، مشيرا لتجربته بعد أن التحق بإذاعة باتنة من محطة التلفزيون بقسنطينة كمنشط صحفي من سنة 1999 إلى غاية 2007 قبل أن يغادرها للقناة الوطنية الأولى ويعود لإذاعة باتنة مجددا كمدير لها سنة 2012. وأقر محدثنا بصعوبة الرهان في نجاح العمل الإعلامي الإذاعي والقدرة على التميز في ظل اتساع نطاق انتشار الإذاعات المحلية وهي التجربة التي ثمنها أيضا. ورفض مدير إذاعة باتنة رفضا باتا الطرح المتداول لدى البعض بأن الإذاعة خاضعة للسلطة التنفيذية مضيفا في هذا الصدد بأن" الإذاعة جسر بطريق مزدوج ينقل انشغالات المواطنين قصد إسماعها للسلطات من أجل التكفل بها وإيجاد حلول لها، و في الوقت نفسه تنقل الرسائل التنظيمية من السلطات إلى المواطنين" وأكد عبد الحميد عويطي بأنه وبفضل البرامج التفاعلية المباشرة حول مواضيع التنمية مكنت الإذاعة في عدة مرات من الوصول إلى حلول لانشغالات المواطنين بتدخل السلطات لحلها. ياسين عبوبو


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.