كشف مجلس الوزراء عن اقتناء 1200 حافلة لتزويد مؤسسات النقل الحضري ل 34 ولاية، من أجل تحسين وسائل وظروف نقل المواطنين داخل المدن. ويأتي هذا الإجراء في سياق رغبة الدولة في ضبط مجال النقل والمواصلات الذي بات في يد أفراد لا علاقة لهم بالحضارة وحياة المدينة، وتحولوا في ظرف قصير إلى مختصين في تعذيب المواطن من أجل نقله من مكان إلى مكان آخر، بالإضافة إلى السلوكات الهمجية والبربرية وعدم احترام المسافرين والانتظار لساعات طوال، وهو ما جعل قطاع النقل يصبح أسوأ قطاع في بلادنا. وتنشط في بلادنا أكثر من 120 ألف مركبة نقل عبر مختلف الولايات من أجل توفير الخدمة العمومية، غير أنها انقلبت على مهامها الأساسية وأصبحت تعمل كل شيء إلا ضمان النقل، فالفرد مثلا بين الشراقة والعاصمة قد يقطع المسافة التي تقدر ب 18 كلم في 3 ساعات وهي المدة التي تفصل بين الجزائر وسطيف حاليا مع فتح الطريق السيار شرق غرب، وهو ما يعكس المعاناة الكبيرة للمواطن الجزائري مع وسائل النقل في المدن الكبيرة وخاصة العاصمة. وتتحالف العديد من العوامل لتسويد وضعية النقل بالمدن فمن حالة الازدحام القياسية وتضاعف حظيرة السيارات، إلى ضيق الطرقات واهتراء حافلات الخواص وعدم احترامهم لمعايير ومقاييس السلامة، أدى إلى ارتفاع حوادث المرور وكثرة الضحايا في وسائل النقل الجماعية التابعة للخواص، ولم تنفع إجراءات الردع المتخذة لتحسين وضعية النقل وفرضت الفوضى سيطرتها وإحكام قبضتها على مجال النقل. ويأمل المواطن خاصة في العاصمة اتخاذ المزيد من الاجراءات على غرار منح خطوط النقل بين البلديات لمجموعات من الناقلين، حتى يوضع حدا للمنافسة غير الشريفة بين مختلف الناقلين حيث حولوا المسافرين إلى سلعة يتقاذفونها هنا وهناك. وتعرف مختلف المحطات البرية لنقل المسافرين فوضى عارمة وشجارات دائمة بين مختلف الناقلين، حتى الأعوان في محطات 2 مايو وبن عكنون وبومعطي يصطدمون بالكثير من المعضلات لوضع حد للفوضى. وتنص القوانين على أن يلتزم السائقون والقابضون بالعديد من الأخلاقيات على غرار الهندام المحترم واحترام الأخلاق والقيم وعدم استعمال الموسيقى ومنح تذاكر السفر بالتاريخ. ويستثمر مالكو وسائل النقل من الخواص في وضعيات الشباب المزرية، لتشغيلهم كسائقين وقباضين دون أدنى الحقوق وهو ما زاد من تعقد وضعية النقل في المدن. ويعاب على المؤسسة الوطنية للنقل شبه الحضري التي عادت من جديد بقوة عدم تخلصها من بعض السلوكات المشينة، على غرار إطلاق الحافلات بدون قابض وعدم فتح بعض الخطوط الجديدة التي طال انتظارها. ويعتبر قطاع النقل الشريان الحيوي للحكم على مدى تقدم وتأخر الدول وهو المجال الذي يجب على الجزائر أن تراجعه كثيرا لتصحيح الإختلالات ومنحه المكانة التي يستحق لتخليص المواطن من الاهانات الكثيرة التي يتعرض لها .