أوصى رئيس الجمهورية السيد عبر العزيز بوتفليقة بضرورة إيلاء كل العناية للنهوض بالنقل الحضري، من خلال ''انجاز منشآت عصرية، وتطوير المؤسسات العمومية للنقل الحضري، وكذا تأطير وضبط تدخل المتعاملين الخواص''، يأتي هذا الحرص في وقت يعاني فيه المواطن الأمرّين جراء نقص وسائل النقل وسوء الخدمات. يعوّل المواطن كثيرا على المبادرة التي أطلقتها وزارة النقل مطلع السنة الجارية، والتي بموجبها تراجَع ملفات أصحاب خطوط النقل الخواص قبل نهاية السنة، في خطوة منها لتنظيم القطاع الذي تسوده فوضى عارمة يدفع ثمنها المواطن، ويأتي تشديد رئيس الجمهورية على ضرورة تطوير المؤسسات العمومية للنقل الحضري بمنشآت عصرية، للتخفيف من معاناة المواطن اليومية والتي ستبقى مستمرة حتى بعد تسليم مختلف المشاريع من ميترو وترامواي والنقل على السكك الحديدية، على اعتبار أن هذه الأخيرة لا تغطي كل الخطوط. كما أن توقيف القروض الموجّهة لاقتناء السيارات يُلزم وزارة النقل بضمان نقل حضري للمواطنين، الذين يشتكون يوميا من سوء الخدمات وعدم توفر وسائل النقل، وقضائهم وقتا طويلا بمحطات النقل التي تفتقد لأدنى الشروط. وعلى عكس النقل بالسكك الحديدية الذي سجل قفزة كبيرة خلال الأعوام الأخيرة، بفضل كهربة الخطوط واقتناء قاطرات جديدة تضمن نقلا محترما للمسافرين، فإن حافلات النقل للخواص لا تتوفر على أبسط الشروط، كما أن أصحابها يطبقون قانونهم الخاص، وقد ازدادت الأوضاع سوءا بالمحطات التي لا تضمن فيها مؤسسة النقل الحضري تغطية كل الخطوط، فبمحطة بن عكنون مثلا يقتصر النقل على الخطوط المؤدية لساحة أول ماي و ساحة الشهداء وساحة البريد المركزي، ويضمن الخواص تغطية الخطوط الأخرى. وعلى الأرجح، فإن الوصاية ستتدخل لتنظيم القطاع الذي يشهد فوضى عارمة خلال السنوات الأخيرة، لا سيما بسبب فرض الناقلين الخواص قانونهم الخاص على حساب المواطن الذي يدفع يوميا الثمن بتنقله في ظروف مأساوية. وعلاوة على المشكل المطروح بالنسبة للناقلين الخواص، ومحدودية تغطية الشركة الوطنية للنقل الحضري الوحيدة القادرة على وضع حد لتجاوزاتهم من خلال المنافسة، فإن سيارات نقل الأجرة كذلك تطرح مشكلا آخر، ذلك أنه رغم ارتفاع التسعيرة بنحو 150 بالمائة إلا أن الزبون ما يزال لا يذهب الى الوجهة التي يريد و إنما التي يختارها سائق السيارة. ويبقى الأمر الأكيد أن ملف النقل الحضري يتطلب تحركا سريعا من قبل الوصاية لتنظيم الفوضى التي تسوده، لا سيما بعدما شدد رئيس الجمهورية على ضرورة مواصلة تحسين الخدمة العمومية، من خلال إنجاز منشآت عصرية وتطوير المؤسسات العمومية للنقل الحضري، والأهم من ذلك تأطير ضبط تدخل المتعاملين الخواص في هذا المجال، سواء تعلق الأمر بخدمة سيارة الأجرة أو النقل الجماعي.