نستطيع القول بأن إقامة مجتمع يعتمد على المعرفة في حياته، يُعد هدفاً تسعى إليه مجهودات الدول التي تتبنى استراتيجيات تطوير شاملة على نطاق الحكومة أو الاقتصاد الوطني وكذلك منظمات المجتمع المدني. وهي في مسعاها هذا تمتلك خياراً وطنياً يوفر لها فرص استثمار معطيات التطورات العلمية والتكنولوجية بما يحقّق مصالحها المشروعة. وعليه، فإن مجهودات تأهيل منظماتها ونظمها على وفق خصائص معاصرة أمر لا يقبل التردد إلا على حساب تخلفها وما ستواجه من مشكلات قد لا تجد حلولها ميسرة لاحقاً. يعد مفهوم مشاركة المعرفة من أكثر المفاهيم الفلسفية والفكرية الرائدة التي استحوذت على الاهتمام الواسع من قبل الباحثين والممارسين لإدارة المعرفة والذين يعملون بشكل خاص على تطوير وتحسين أداء المنظمات؛ فمنذ بداية التسعينات بدأ الباحثين بإجراء دراساتهم عن إدارة المعرفة وكيفية تطبيق آليات لمشاركة المعرفة في بيئات مختلفة. من المهم النظر بعين الاعتبار إلى مفهوم مشاركة المعرفة لأن هذا المفهوم يشكّل الأساس الذي يضمن نجاح المنظمات ويدعم الإبداع مما يؤدي إلى توليد معرفة جديدة، وعلى الرغم أنه من الصعب أحياناً تشجيع المشاركة الطوعية في المعرفة من قبل المستخدمين، إلا أن للمشاركة أهمية فهناك حاجة لنقل المعرفة، ونشرها، والتشارك فيها في مختلف أنحاء المنظمة، ً أن التفاعل بين التكنولوجيات، والتقنيات، والأفراد له أثره الايجابي المباشر في فعالية توزيع المعرفة ويؤكد أن ما يجب على المنظمات القيام به في هذا المجال هو إيجاد بنية منظمية أفقية تتبع سياسة الباب المفتوح، مما يمكن من تدفق المعرفة من مخازن المعرفة المنتشرة في المنظمة ويدعم البيئة التعاونية التي تعتبر من العناصر الأساسية في عملية التشارك كما يدعم العمل بروح الفريق ويساهم في زيادة فرص والتعلم والتدريب. من هنا، نجد أن مشاركة المعرفة هي شيء ضروري وهو جانب أساسي في المنظمات الدائمة التعلم، حيث تدعم هذه المنظمات المشاركة وإعادة استخدام معرفة الأفراد أو معرفة المنظمات وذلك من خلال تكنولوجيا معلومات ومن خلال ادوات (Tools) مثل نظام إدارة الوثائق، وجماعات العمل، والإيميل، وقواعد البيانات المختلفة التي تكون تاريخيا نظام مشاركة معرفة الذي يجب بدوره أن يتكامل مع اضافات الأفراد والفرق الذين يستعملون هذا النظام. ويمكن القول، بأن أهم عناصر النجاح في تبني نظم إدارة المعرفة وتحقيقه لأهداف منظمات الأعمال هو نجاح الجزء المتعلق بمشاركة المعرفة. وتحتاج منظمات الأعمال في تحقيق مفهوم مشاركة المعرفة إلى مناخ تنظيمي داعم، حيث أثبتت بعض الدراسات أنه من المستحيل تطبيق مشاركة المعرفة في منظمة ما من دون تغير بعض السلوكيات لدى الأفراد العاملين والرؤساء. كما أن هناك دراسات أخرى ركزت على أن نجاح مشاركة المعرفة يعتمد على دعم الإدارة العليا ومشاركة العاملين وتدريبهم واستخدام طرق وأساليب مناسبة لمشاركة المعرفة بما يلائم المنظمة وثقافتها. خبير متخصص في البحث العلمي والدراسات العليا