أكد وزير المجاهدين الطيب زيتوني، أن الملفات الخاصة باسترجاع جماجم الشهداء والمفقودين والتجارب النووية وكذا الأرشيف تسير ببطء نظرا لحساسية الملف وتتطلب صبرا، وحسبه لأول مرة في تاريخ الجزائر يتم تناول هذه الملفات بشفافية وبطلبات جريئة من الطرف الجزائري، مضيفا أنه من حقنا كجزائريين إيجاد الحلول النهائية لهذه الملفات العالقة للوفاء بعهد الشهداء. ذكر وزير المجاهدين، في تصريح للصحافة على هامش الندوة التاريخية التي نظمها المتحف الوطني للمجاهد، أمس، حول الذكرى 61 لإضراب الثمانية أيام التاريخي بقصر الثقافة مفدي زكرياء، أن الطرف الفرنسي بصدد التحضير لقوانين تخصهم فيما يتعلق بملف جماجم الشهداء التي لم يضبط عددها بعد، كما سيلتقي الطرف الجزائري مع نظيره الفرنسي لدراسة موضوع الأرشيف، مضيفا أن وزارة المجاهدين عقدت اجتماعا مع وزارة الخارجية فيما يخص ملف المفقودين، وهي بصدد التحضير لملف خاص باقتراحات تخص تعويضات التفجيرات النووية في الصحراء الجزائرية. في هذا السياق، أوضح زيتوني، أن دائرته الوزارية تسعى مع وزارة الخارجية للبحث من جديد في ملف التفجيرات النووية، كون الطرف الفرنسي اقترح قانون موران والذي لم يعط نتيجة للضحايا الجزائريين، مضيفا أن مطالب الطرف الجزائري المقترحة كانت واضحة فيما يخص تعويض الأفراد والجماعات الذين أصيبوا بالإشعاعات وكذلك بالنسبة للمحيط، وينتظر من الطرف الفرنسي إعطاء اقتراحاته، بحيث لم تجتمع اللجنة بعد. واستطرد قائلا:» وزارة المجاهدين بصدد تحضير اقتراحات أخرى منها قائمة الأمراض المعنية بدون أخذ بعين الاعتبار، الاقتراح الخاص بالطرف الفرنسي المتعلق بتطبيق قانون موران، الدليل على ذلك أن من الضحايا من لم يستفد من هذا القانون ولا يستطيع الاستفادة منه مستقبلا ولدينا اقتراحات أخرى على المستوى العالمي والدولي وستقدم للجانب الفرنسي وأشار الوزير إلى أن الأمور تسير ببطء نظرا لحساسية الملف وتتطلب صبرا، بحيث أنه لأول مرة في تاريخ الجزائر يتطرق إلى هذه الملفات بشفافية وإعلام ووضوح وبطلبات جريئة من الجانب الجزائري، قائلا:«سنواصل عملنا، حتى تأخذ الملفات الإجراءات القانونية الخاصة بها ومن حقنا كجزائريين إيجاد الحلول النهائية لهذه الملفات العالقة، حتى نستطيع القول إننا وفينا بعهد الشهداء». وفيما يتعلق بالذكرى 61 لإضراب الثمانية أيام التاريخ، قال زيتوني إن الاحتفال بهذه الذكرى الغالية يأتي تطبيقا لتعليمات رئيس الجمهورية، وبرنامج وزارة المجاهدين في شقه الخاص بكتابة التاريخ وتعليمه، معتبرا هذه الملتقيات والندوات المنظمة عبر الوطن وفي كل المحطات تساهم في كتابة تاريخنا بشكل صحيح وبالتالي تأدية الرسالة والأمانة. أبرز في هذا الشأن، أن الإضراب جسد قيمة الحنكة السياسية والقوة التنظيمية والتنسيق المحكم الذي قام به قادة الثورة وكشف استدمارية الاستعمار وتنكيله بالشعب الجزائري وتخريبه للممتلكات، مشيرا إلى أن هذه المحطات الخالدة تستوجب الوقوف والتأمل والتدبر في معانيها، كما أن هذا التاريخ يظهر التمسك بروح الوطنية واستخلاص العبر والقيم السامية من هذه المحطات، مثلما نص عليه رئيس الجمهورية في رسالته. وأضاف أن أبناء الجزائر سيظلون على مر الأجيال بالمعاهد العلمية، المراكز التكوينية، المدارس والثكنات العسكرية والأمنية يدرسون بافتخار واعتزاز تاريخ وطنهم برموزه وذكرياته. قال محيي الدين عميمور دبلوماسي ووزير سابق، إن إضراب الثمانية أيام أظهر للعالم أن الثورة لا يقودها مجموعة فلاقة كما يدعي الاستعمار الفرنسي، لكنها شعب أصر على انتزاع حريته، مضيفا أن قيادة الثورة أرادت القيام بعمل يتواكب مع العمل الثوري في الولايات، ومن هنا بدأ التفكير في تنظيم إضراب 28 جانفي 1957، لدعم المجموعة الإفريقية الآسيوية لتدوين القضية الجزائرية في الأممالمتحدة، مؤكدا أن الإضراب لم يكن إرتجاليا بل سبقه تحضيرات ليكون الشعب الجزائري مستعدا ويستطيع الاستمرار فيه خاصة العائلات، ولا يكون نقص في تزويدهم بالمؤونة. وفي هذه الشأن، نوه بالذين رفعوا صوتهم للدفاع عن القضية الجزائرية في أروقة الأممالمتحدة على رأسهم رئيس الوفد السعودي الفلسطيني أحمد الشقيري. من جهته، أكد الباحث والأستاذ يوسف تلمساني أن الإضراب مارسه الشعب الجزائري بأسلوب حضاري سلمي، ولم تمتد أيادي الجزائريين لسرقة ممتلكات إخوانهم، وبالمقابل الاستعمار الذي يدعي الحضارة كان همجيا في تصرفاته، بحيث قام بعملية التخريب ونهب الممتلكات، وهذا بشهادة الصحافة الأجنبية التي كانت حاضرة وصورت ووثقت كل ما رأته قائلة إن العنف وقع من طرف واحد وهو الجيش والمستوطنون الفرنسيون. وأبرز في هذا الإطار أن الإضراب كان تحديا كبيرا وما كان ليتقرر لولا ثقة قيادة جبهة التحرير الوطني في شعبها، وقيامها بتنظيم محكم وأخذ كل الاحتياطات اللازمة لتخفيف العبء عن الشعب الجزائري المسلم، مضيفا أن الهدف الأساسي من تنظيم إضراب ثمانية أيام هو إعطاء دفع قوي للعمل الدبلوماسي الذي كانت قيادة الثورة بحاجة ماسة إليه، وقصد إيصال صوتها لأصدقائها وأشقائها للدفاع عنها في أروقة الأممالمتحدة، كما أن اختيار توقيت تنظيم الإضراب تزامن مع انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة، مشيرا إلى أنه رغم وسائل القمع التي سخرتها الإدارة الاستعمارية واستخدام المناشير المغالطة وأدوات البث المزيفة للتشويش على قرارات جبهة التحرير الوطني، إلا أن ذلك لم يجد نفعا واستمر الإضراب ونجح في تحقيق هدفه. و تم بالمناسبة عرض شريط وثائقي حول إضراب الثمانية أيام، من إعداد مصلحة السمعي البصري للمتحف الوطني للمجاهد.