مرت 58 سنة على واحدة من أكبر الجرائم الاستعمارية الفرنسية في الجزائر. ففي مثل هذا اليوم من سنة 1960، نفذ أول تفجير نووي في رڤان تحت مسمى «اليربوع الأزرق»؛ جريمة لم تفلح العبارات الطنانة والمصطلحات المهذبة من إخفاء وحشيتها وأهوالها. فاليربوع كائن أليف ومسالم يعيش في جنوبنا الكبير يأبى أن يكون عنوان جريمة كهذه التي توصف خطأ ب «التجربة»، بينما كان برنامجا لسلسلة تفجيرات نووية متلاحقة فوق الأرض وتحتها، أهلكت الحرث والنسل. تفجيرات «رڤان» و»إينكر» وغيرها... لم تكن كغيرها من الجرائم الاستعمارية الأخرى المرتكبة في حق الشعب الجزائري، لأنها جرائم إبادة مستدامة تخطت الزمان والمكان، فأثارها لاتزال ماثلة. ويكفي أن المواليد مازالوا يخرجون من بطون أمهاتهم بتشوهات خِلقية في كل المناطق التي طالها التلوث النووي. في حين لم تعد أخرى وعلى مئات الكيلومترات من مركز التفجيرات صالحة للحياة بسبب تلك الإشعاعات التي أدّت إلى اختفاء كائنات نباتية وحيوانية بأكملها. فاق تفجير «اليربوع الأزرق» قنبلة هيروشيما ب70 ضعفا، ما يؤكد هول الجريمة. اليوم، وبعدد مرور 60 عاما، لازالت فرنسا تتملص من مسؤوليتها المادية والأخلاقية تجاه ماضيها الاستعماري في الجزائر . في حين لم يبق أمامها إلا الاعتراف بجرائمها وتعويض ضحايا تجاربها النووية في الصحراء الجزائرية وإزالة المخلفات القاتلة والاعتذار من الشعب الجزائري عن كل جرائمها على مدار 132 سنة من التقتيل والإبادة، ناهيك عن النهب والاستغلال.