حينما تستوقفنا كلمة رڤان تذهب بنا الذاكرة مباشرة إلى أحداث مأساوية عرفتها تلك المنطقة في العهد الإستعماري وبقيت أثارها إلى يومنا هذا. فرنسا الإستدمارية بنت مجدها العلمي على أنقاض وأشلاء أبناء شعبنا وازدهر إقتصادها بخيرات أرضنا وبنت مؤسساتها ومصانعها ومدنها بسواعد أبنائنا وحررت أرضها وصانت عرضها بأرواح الآلاف من الجزائريين ممن تم تجنيدهم في صفوف القوات الفرنسية خلال الحروب المختلفة وكانت المكافأة الأولى مجازر 8 ماي 1945 وبعد حرب التحرير الكبرى وحينما أدركت بأن النصر للجزائريين وأن الحرية لم تعد المطلب بل هي المكسب للثوار وأنه لابقاء لها على أرض رويت بدماء مليون ونصف من الشهداء دبرت وفكرت وأنجزت مشروعا سخيفا ومخيفا. فرنسا العدالة والحرية وحقوق الإنسان شعارات في الواجهة تخفيها أسرار الحقد الدفين والهمجية اللا محدودة وحينما أرادت أن تدخل في مصاف الدول الكبرى من بوابة ضرورة إمتلاكها للسلاح النووي وجدت في منطقة رڤان بالجنوب الجزائري مكانها المفضل لإطلاق تجاربها النووية وجعلت من سكانها فئران تجارب والمهم آنذاك هو تواجدها كقوة عظمى. تجارب أهلكت النسل والحرث برڤان القنبلة والسنبلة بعد قرابة نصف قرن من إسترجاع السيادة الوطنية ونحن نحتفل بذكرى عيدي الإستقلال والشباب انتقلنا إلى رڤان عبر رحلة برية وقطعنا أكثر من ثلاثة آلاف كيلومتر ذهابا وإيابا من أجل البحث عن حقيقة ما جرى ونقل شهادات حية لأناس عاصروا تلك الفترة وعاشوا أحداثها وشاهدوا بأنفسهم هول التجربة وعاينوا حجم الكارثة وأردنا كذلك معرفة أرائهم في المزايدات التي ظهرت مؤخرا على الساحة الوطنية لشخصيات سياسية تريد ركوب موجة المطالبة بالتعويض والإستفادة من ريعه هؤلاء لايعرف الكثير منهم رڤان ولم تطأ أقدام العديد منهم أرض توات الظاهرة مارد أهل رڤان عنهم؟ وماهي مطالبهم الأساسية؟ أسئلة كثيرة حاولنا البحث عن إجاباتها من المعنيين مباشرة فكانت زيارتنا للتحقيق والإستماع وكانت أيضا للإستمتاع بكرم أهلها والوقوف على طقوس واحتفالات القصور والزوايا هناك. قامت فرنسا الإستعمارية بأربع تجارب نووية برڤان هي اليربوع الأزرق في 1960/02/13 واليربوع الأبيض في الفاتح من أفريل من نفس السنة واليربوع الأحمر في 27 ديسمبر 1960 واليربوع الأخضر في 1961/4/25. وتعد عملية اليربوع الأزرق الأكثر وقعا وحدّة حيث فاقت قوتها 70 ك طن وخلفت ضحايا من أبناء المنطقة ومن اللفيف الأجنبي وأحرقت الحيوانات والنباتات انطلقت من منطقة طامانڤو أو منطقة الصفر كما تسمى وهي بعيدة عن حمودية التي توجد بها قاعدة الحياة الفرنسية ب 20 كلم وعن رڤان ب 60 كلم. وحسب الجنرال لافو فإن إختيار رڤان لاجراء تجربة القنبلة الذرية كان في سنة 1957 وأن عدد الموجودين آنذاك أكثر من 6 آلاف فرنسي وأجنبي وحوالي أربعة آلاف جزائري من سكان المنطقة وعن تكاليفها فقد فاقت المليار و260 مليون فرنك فرنسي تحصلت عليها فرنسا بعد إبرامها لاتفاقية في المجال النووي مع إسرائيل. ويعتقد العديد من الباحثين بأن سكان هذه المنطقة سيعانون لفترة تزيد عن الأربعة آلاف سنة من وقع إشعاعاتها النووية وتعد قنبلة رڤان أول قنبلة ذرية سطحية بقوة ثلاثة أضعاف قنبلة هيروشيما باليابان سنة 1945. هذه شهادات حية لسكان رڤان المضيافة.