طرحت اشكالية التنمية والامن في افريقيا المهمومة المغلوبة على امرها وهي قارة لم تنجح بعد في كسر التبعية للخارج المستمرة تحت اشكال اخرى. وأظهرت الندوة الفكرية بمركز الشعب للدراسات الاستراتيجية، كم هي كبيرة الهوة بين القارة السمراء والقارات الاخرى التي قطعت اشواطا في البناء والانماء، وتعرض نماذج في الخروج من التخلف باقصى مسافة واقل كلفة. وحدها القارة السمراء مستمرة في تبعيتها للخارج الذي يرى فيها مجرد مصدر للثروة وسوقا لتفريغ صناعاته. ورغم الاعتراف بدور الخارج في الابقاء على الوضع المتأزم في افريقيا واستمرار بلدانها تحت تآكل نيران الحروب الاهلية والتقتيل الجماعي، الا ان العامل الداخلي موجود في تمادي الحالة السوداوية. فلم تتمكن الانظمة الافريقية من ارساء معالم نظام ديمقراطي يكون فيه التداول على الحكم قاعدة متبعة لا تقبل الاختراق والمساس. ويفرض فيه الجدل بالتي هي احسن بعيدا عن القاعدة السلبية المنتهجة من قبل حكام يقولون لاخماد الصوت النقيض الرأي الآخر «أنا الدولة والدولة أنا». وعلى هذا الاساس، ولدت شرارة الضغينة والحقد، ونمت الكراهية وصارت الدول الافريقية تسقط في الحروب الاثنية مضربة المثل في فشل المشاريع الانمائية والاستقرار وكم هي مكلفة هذه الحروب التي تتمادى في الصومال، ودول اخرى فعلت كل شيء عدا تضميد الجراح وتسوية نزاعاتها بالتسامح والتصالح عبر حوار لا يقصي أحدا. كم الضريبة ثقيلة دفعت القارة التي تقبلت وصفات الآخر واملاءاته للنهوض بالذات لكن فشلت كلها، لانها لم تستمد من الواقع المعيشي، ولم تكن المبادرة ابنة القارة ومن تربيتها. لقد وضع د. ساحل مخلوف استاذ العلوم السياسية في النقاش الاصابع على الجرح، واكد كيف ان افريقيا لم تقو على بناء المشروع القاري، بسبب تبعية الحكام للقوى الخارجية، التي تستعملهم بيادق لخدمة مصصالحها. واعترف اكثر من متدخل في النقاش، بالجهود التي بذلت من الدول الافريقية وقالوا ان هناك نماذج متعددة، ومبادرات من كل جهة لكن لم تبلغ المنى، ولم تخرج القارة من وضعها المهتز الضعيف، ولم تغير صورتها البائسة والكليشيهات الملصقة في الاذهان بان القارة السمراء قارة الانقلابات والظاهرة العسكرياتية. واعترف آخرون بان القارة السمراء بقدر ما هي فشلت في بعث مشاريع انمائية تملك مقومات الاقلاع واصلاح الوضع، واجدر لها ان تأخذ مبادرة «النيباد» مأخذ جد لانها الوصفة العلاجية الممكنة لامراض كثيرة من غياب الديمقراطية والرشادة السياسية، وتقاسم الحكم والثروة. وكلها مسائل رافعت من اجلها الجزائر ضمن الدول العضوة في «النيباد» بمختلف قمم مجموعة ال 8 وغيرها من المنابر، وهي مسائل مدرجة في توصيات قمة الجزائر 2003، الافريقية التي طرحت بجرأة مقاربة حول كيفية اخراج افريقيا المثقلة بالازمات والمشبعة بالحروب والتوتر حتى الثمالة الى بر الآمان.