إفريقيا هذه الكتلة التي أثقلت الكرة الأرضية بهمومها وأوجاعها، هي أيضا جنة فوق الأرض نظرا لما تحويه من ثراء طبيعي متنوع، وما تمتلكه من رأسمال بشري متجدد، اضافة إلى تنوع مناخها وتضاريسها التي ساعدت على غزارة المحاصيل الزراعية، رغم كل فهي في ظل الازمات الخانقة المتعددة الاوجه والثالوث الخطر الذي يعصف بها وجعل الانسان الافريقي نهب الجوع والمرض والفقر والاوضاع الامنية كل ذلك ادى بقارة المحن والتخلف إلى البقاء في مؤخرة سفينة التطور والرقي الحضاري، وأضحت لقمة سائغة لدى قوى التسلط واستنزاف ثروات الشعوب. ولم تجن افريقيا من ثرواتها وميزاتها الطبيعية الا المزيد من تقهقر أوضاعها التنموية والصحية والسياسية، فأي معنى لكلمة ثقافة، وأي وجود لها في ظل واقع سياسي واقتصادي للقارة لا يمكنوصفه الابالكارثي، وكيف يمكن تحرير القارة من تبعيتها، وأي لغة يمكن ان تخاطب بها، أهي لغة السياسة أم الاقتصاد أم الامن، وما دور الثقافة في التعدد، وهل ثمة امكانية لوضع خطة للحد من مشكلة هجرة الأدمغة نحو الخارج، وما الدور الذي تلعبه المرأة الإفريقية في هذا المجال؟. ولاثراء الموضوع اقتربنا من بعض وزراء الثقافة الذين شاركوا في المؤتمر الذي جمع مؤخرا وزراء الثقافة الأفارقة بالجزائر . - وزير الثقافة السوداني محمد يوسف عبد الله: الثقافة توحد الأمم وتقرب وجهات نظر الشعوب هذا الموضوع قد تطرق إليه المؤتمرون خلال اجتماعهم هذا، بل هو أهم ما ورد في مواءمة السياسات الإفريقية، والثقافة حسب رأي محمد يوسف لها أهمية كبيرة وهي في مقدمة أولويات القارة والحكومات صرفا وعناية ولها دور معتبر في خلق أسس الاستقرار بين كافة المواطنين في كل بلدان القارة السوداء، لما للثقافة من دور فيما يتعلق بدفع عجلة النمو وتطويرها هذه الأخيرة يقول الوزير السوداني أصبحت تساهم في دعم الدخل القومي سنويا بنسبة لا تقل عن 11 بالمائة، موضحا أنه لا يمكن لنا تجاهل هذا الجانب الهام في حياة الشعوب الإفريقية، مشيرا إلى أن للثقافة دور فعال في تنمية الشعوب ورفع مستواها الفكري والحضاري وعليه يضيف ذات المتحدث أن طرح جريدة الحوار صحيحا حول دور الثقافة في التعدد حيث يجب علينا أن ندير هذا التعدد بشكل يعين على التفاهم على الحوار بدل من أن يؤدي إلى شقاق وفراق، وحول هجرة العقول النيرة والأدمغة المفكرة من إفريقيا اشار الوزير أن مشكلة هجرة الأدمغة نحو الخارج مسألة إقتصادية بحتة ولا ترتبط بالجانب الثقافي، مما يستوجب إعادة النظر في هذه الإشكالية وتوفير كل المستلزمات التي تجعل تلك العقول النيرة في خدمة إقتصاد بلدانها وتساهم في حل الأزمات التي تعصف بإفريقيا. - وزير الثقافة بغينا بيساو كارلوس مرينو: سبب هجرة الأدمغة من إفريقيا اقتصادي بحت إفريقيا أخذت حصة الأسد من المشاكل التي يعاني منها العالم، فهي الأكثر فقرا رغم زخمها الثقافي والحضاري المتجذر في تاريخ الإنسانية، ونحن كوزراء الثقافة وكصناع قرار نسعى دوما إلى تطوير وتدعيم سياسيات الثقافة الإفريقية من موقعنا وهذا المؤتمر سيعطي دفعا بلا شك في تفعيل الثقافة في قارة إفريقيا، أما فيما يخص هجرة الأدمغة من قارة افريقيا فحري بنا ان نبحث عما يمكن إرجاع تلك القوى التي هاجرت بلدها واستثمرت عقولها في بلدان اخرى ليست بلدانها، هذه المشكلة تفاقمت في القارة الإفريقية، فعلى السلطات المحلية لأي دولة أن تضع مخططا تنمويا شاملا لاحتواء الأزمة، فمن الأكيد أن صاحب الإختراع إن لم يجد ما يدعمه يلجأ إلى أي بلد يرى راحته فيه ويستقر فيه، أما ما يتعلق بدور الثقافة في لم شمل الأمم يرى كارلوس مورينو أن للثقافة دور فعال في عملية توحيد الأمم تحت راية واحدة كما انها كفيلة ببث وترسيخ روح الانتماء الحضاري والتصدي لفكر التصادم والتناحر من اجل العيش بسلام. - وزيرة الثقافة الأنغولية السيدة مارتناز: لقد أثبتت المرأة جدارتها في حل الأزمات في كثير من المواقع في العالم، ما مدى أهلية المرأة الافريقية في اداء دورها التنموي والحضاري إلى جانب الرجل؟ المرأة في منصبها السياسي في القارة الإفريقية قطعت شوطا كبيرا وساهمت في تفعيل وإرساء ثقافة الفعل السياسي في القارة السمراء وفي دول الشمال أيضا، وقد لوحظ ذلك في العديد من المواقع التي أظهرت فيه المرأة دورها كشريك في حل الأزمات السياسية والاقتصادية والثقافية في شتى نقاط من العالم لقد أثبتت المرأة جدارتها في تفعيل وحل الأزمات في كثير من المواقع في العالم، أما ما يتعلق بهجرة الأدمغة أرى أن هذه الإشكالية يجب علينا طرحها على مائدة السلطات المحلية للدول الإفريقية، والتي أتمنى أن تعرف هذه المسألة المعقدة طريقها إلى الحل، خاصة وأن إفريقيا قارة الخيرات.