بدأت إيران، أمس الثلاثاء، في تغذية مفاعل بوشهر بالوقود النووي اللازم لتشغيله بعد عقبات فنية أخرت إطلاقه قبل عدة أشهر، وسط تصريحات إيرانية تؤكد التمسك بالبرنامج النووي الذي وضعته طهران على رأس خططها الإستراتيجية. وكانت وسائل إعلام إيرانية قد نقلت يوم الاثنين عن رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني علاء الدين بروجردي تأكيده أن بلاده ستقوم، أمس الثلاثاء، بشحن مفاعل بوشهر بالوقود النووي، على الرغم من جهود الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي لفرض عقوبات على إيران لعرقلة برنامجها النووي. وفي هذا السياق قالت مصادر إيرانية: إن احتفالات رسمية ستقام بهذه المناسبة إيذانا بتشغيل المفاعل الذي تعتبره طهران ركنا أساسيا في توليد الطاقة الكهربائية، على أن يبدأ الإنتاج الفعلي أوائل العام المقبل. وافتتحتا إيرانوروسيا رسميا المحطة النووية في أوت الماضي، لكن العمل أرجئ لأسباب فنية قيل إنها تتعلق بفيروس أصاب أجهزة الحاسوب داخل المحطة. وكان مسؤولون إيرانيون قد أكدوا في وقت سابق أن فيروسا أصاب أجهزة بعض العاملين في المفاعل -الذي أنشأته إيران بالتعاون مع روسيا- لكنه لم يؤثر على النظم الأساسية، وسط تلميحات بأن يكون الهجوم الفيروسي عملا مدبرا ضد برنامج إيران النووي من قبل الولاياتالمتحدة وإسرائيل. علما بأن الولاياتالمتحدة لم تدرج مفاعل بوشهر على لائحة المواقع الإيرانية المشتبه في اشتراكها في برنامج عسكري مخصص لصنع أسلحة نووية، باعتبار أن تشغيل المحطة -التي قاربت كلفتها قرابة مليار دولار- لن يمكن طهران من صنع قنبلة نووية، لأن روسيا ستمدها باليورانيوم المخصب اللازم. وستسترجع الوقود المستنفد الذي يمكن استخدامه في إنتاج البلوتونيوم المؤهل لصنع أسلحة نووية. من جهة أخرى، رأى مسؤول إيراني رفيع المستوى أن اقتراح الممثلة العليا للشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون إجراء محادثات مع إيران يظهر أن الغرب أدرك عدم فعالية سياسة العصا والجزرة. وجاء ذلك على لسان الأمين العام للمجلس الإيراني الأعلى لحقوق الإنسان محمد جواد لاريجاني في تصريح له الاثنين، معلقا على اقتراح أشتون إجراء محادثات لمدة ثلاثة أيام بشأن البرنامج النووي الإيراني في منتصف نوفمبر المقبل بالعاصمة النمساوية فيينا. وقال لاريجاني -الذي يشغل أيضا منصب مساعد رئيس السلطة القضائية في الشؤون الدولية- إن هذا الطلب يظهر أن مجموعة 5+1 التي تضم الأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن بالإضافة إلى ألمانيا، قبلت بشروط إيران، مضيفا أن إيران بلد قوي في المنطقة يمتلك قدرة علمية وتقنية عالية لذا فإن الحوار معها هو الوسيلة الوحيدة أمام الغرب. وتأتي هذه التطورات بالتزامن مع تأكيدات إسرائيلية يوم الاثنين بأن وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان طلب من لجنة خاصة معنية بالشؤون الإستراتيجية وضع خطة للتعامل مع إيران كقوة نووية، في حال فشل العقوبات المفروضة عليها في وقف مساعيها النووية. وعلى الرغم من أن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو رفض التعليق على هذه الأنباء، فإن مسؤولا إسرائيليا قال لوكالة رويترز للأنباء: إن إسرائيل لا تزال على موقفها الداعي للقيام بكل ما يلزم لمنع إيران من الحصول على القوة النووية، في إشارة مبطنة إلى الخيار العسكري. ويشار هنا إلى أن المؤسسة العسكرية الإسرائيلية وضعت قائمة بأولوياتها الإستراتيجية التي تصدرتها مسألة تطوير الأنظمة الدفاعية، بما فيها شبكة من الصورايخ والملاجئ في موقف يعكس تصميما إسرائيليا على منع إيران من الحصول على طموحاتها النووية، واحتمال توجيه ضربة عسكرية لها.