أشعلت في الفاتح نوفمبر الزميلة جريدة الخبر شمعة جديدة في عمر التعددية الإعلامية، بانقضاء عقدين كاملين على ميلادها، عن الأشواط التي قطعتها وسقف الاحترافية المحقق وموقع الخبر من المنافسة الإعلامية التي اشتدت في السنوات الأخيرة بين الجرائد الناطقة باللغة العربية يتحدث شريف رزقي المدير العام مسؤول النشر مشرحا تحديات المشهد الإعلامي الراهن الذي مازال يتطلع لافتكاك مساحة اكبر من حرية التعبير، والمزيد من الاستقلالية في الوصول إلى مصادر المعلومة . @ الشعب: ينقضي عقدان كاملان من عمر التعددية الإعلامية في الجزائر، ومن عمر المولود الإعلامي الخبر الذي أطفأ في الفاتح نوفمبر شمعته ال 20 في ظل منافسة محسوسة بين عناوين الصحافة المكتوبة، ما رأيك في المسار الذي تم قطعه إلى حد الآن؟ @@ شريف رزقي المدير العام مسؤول نشر جريدة الخبر: أعتبر 20 سنة في حياة الأشخاص طويلة، وقصيرة إذا تعلق الأمر بعمر مؤسسة إعلامية، والأشواط المقطوعة رسمت معالم تجارب تحظى بالاهتمام والتقدير، وفي كل هذا لا يجب أن نكون جاحدين ونقر بأن الديمقراطية والتعددية التي افتكها الجزائريون في سنة 1990 وننعم بها اليوم يعود الفضل الأول والأخير فيها للمجتمع الجزائري بكل فعالياته، والصحافيين بدورهم ساهموا كونهم كانوا يمثلون النخبة في تحقيق المزيد من الحرية والمواطنة. ويشهد لمؤسسة الخبر أنها استطاعت بلوغ سقف معتبر من الاحترافية سمحت لها بكسب احترام الآخرين، ولا أخف عليك بأننا تفاجأنا لتصنيفنا من طرف موقع إعلامي أسترالي «فور أنترناشيونال ميديا» لا نعرفه ولم نتعامل معه من قبل، في المرتبة الثانية إفريقيا بعد جريدة الأهرام في سنة 2009، وفي المرتبة الثامنة خلال السنة الجارية، وصنفنا كذلك في المرتبة 122 على المستوى العالمي . وأعترف بأن أسرة الخبر لا تضم عباقرة بل هم صحافيون عاديون يلتزمون في مسارهم باحترام أخلاقيات المهنة وأداء الرسالة الإعلامية بصدق ومصداقية متحريين في ذلك كل الحقيقة. ولأننا حرصنا على تقديم جريدة محترمة ومتوازنة للقارئ لا تقصي أي تيار، ونؤمن في هذه المهنة التي نمارسها في إطار القانون انه ليس لدينا أعداء ولا أصدقاء، وقاموسنا يخلو من الانتقام وتصفية الحسابات لأننا مدرسة ونسعى أن تكون جد مفيدة . @ إذن، ما موقعكم في المنافسة الإعلامية، وفي سوق مفتوحة على كل المفاجآت؟ @@ المنافسة لا تخيفنا نحن نحترم قواعد السوق ونطبقها بحذافيرها، بالعكس المنافسة بالنسبة لنا حافز تشجيعي لأننا لا نلهث وراء السحب بقدر السعي والكد لتقديم جريدة محترمة متزنة لجميع فئات المجتمع من طبقة سياسية إلى بقية أفراد المجتمع، مبتعدين في كل ذلك عن الإثارة . وأوضح أن الجريدة لا تقاس بحجم سحبها بل بمدى تأثيرها وسط المجتمع لأن مبيعات أي جريدة غير ثابت بل يتغير يوميا ويكذب من يحدد سقفا واحدا ورقما مستقرا، على اعتبار أن المبيعات خلال أيام الأسبوع تختلف، فعلى سبيل المثال انه خلال يوم الأحد يرتفع الإقبال وترتفع المبيعات وفي شهر رمضان كذلك، لذا نعكف بصورة شهرية على ضبط الحصيلة وإجراء توقعات سنوية مع نهاية كل سنة تصيب في بعض أجزائها وتخطىء في البعض الآخر، وفوق هذا وذاك ندرس الأجندة الخاصة بالإشهار وكل الأحداث وما يتوقع منها . ولا أخف عليك أن المبيعات عندنا لا تتجاوز سقف 86 بالمائة والمرتجعات تناهز حدود 14 بالمائة، ورغم أن مصادر تمويلنا المبيعات والإشهار إلا أننا أحيانا نبيع بالخسائر لأن سعر الجريدة مازال زهيدا مقارنة بدول الجوار ولم يتم رفعه منذ سنة 1995 خاصة عندما نطبع جريدة ب 32 صفحة لذا لجأنا إلى حل وسط يتمثل في 28 صفحة وكنا المبادرين السباقين إلى ذلك . @ تلمحون إلى وجود نية في رفع مطلب الزيادة في تسعيرة الجرائد، أليس كذلك؟ @@ يوجد مشروع لرفع تسعيرة الجرائد، لكن يجب أن يتم الاتفاق مع أهل المهنة، لأن سعر الجريدة في تونس يقدر ب 33 دينار وفي المغرب ب 30 دينارا وفي الجزائر منذ 15 سنة لم يتغير حيث صارت المداخيل أحيانا لا تغطي النفقات، وجرت في الوقت الحالي سلسلة من الاجتماعات تبادل فيها المعنيون بالأمر وجهات النظر. @ يقال أنكم غامرتم فنجحتم، ما هي أسرار التميز وعوامل النجاح؟ @@ لم نبحث عن الشهرة لأننا كنا نسعى لتقديم جريدة مقبولة من طرف القارئ والمتعامل الاقتصادي على حد سواء، حيث كنا نحمل أفكارا جديدة، نسعى من خلالها لتجديد المشهد الإعلامي الجزائري بطرح جديد وجريء، ولغة هي الأخرى جديدة قريبة من المواطن، وتسييرنا اتسم بالكثير من العقلانية، ننصف الصحفي وكل من نتعامل معه عن طريق توفير جميع الشروط وتوفير ظروف العمل للصحافيين حتى يتسنى محاسبة من يقصر وإنصاف من يجتهد .
@ أثير خلال السنوات القليلة الماضية انه حدث عدم انسجام وشبه خلاف بين المساهمين أسفر عن تغيير المسؤولين مما أثر سلبا على مردودية ومقرؤية الجريدة، ولكن بعد ترجيح جناح معين استعادت الخبر استقرارها، ما صحة ما روج؟ @@ في مؤسسة الخبر الخلافات قائمة ومستمرة لأننا لسنا حزبا واحدا كل شخص لديه رؤيته ونظرته للأمور، لكنها خلافات منحصرة في الطرح وليست جذرية، وأحيانا يقنع بعضنا البعض والاختلاف يعد سنة ومفيد كثيرا، والمساهمون يسيرون الشركة والمؤسسة لديها الجمعية العامة السيدة في اتخاذ القرارات، وتحاسب المسير والمدير . @ توجه لكم اتهامات بأنكم تميلون لجانب المعارضة على خلفية ما كان ينشر في الخبر الأسبوعي الذي عرف رواجا لدى القراء وانحسارا لدى السلطات؟ @@ نحن جريدة معتدلة لا نقدم الهدايا لأحد لا للمعارضة ولا للسلطة من يصيب نثمن آداءه ومن يخطئ ننتقده، لا نجنح لأحد، ولسنا شعراء بلاط لأننا لا نتردد في تعرية النقائص لتداركها ونتوخى الموضوعية في الطرح، حيث نرفع شعار الصدق والمصداقية وواجبنا إعلام الرأي العام @ على ذكرك للموضوعية، مقص الرقابة متى يجنح له مدير نشر الخبر أو رئيس تحريرها؟ @@ ليس لدينا في قاعة التحرير مقص للرقابة وفوق هذا وذاك لا نتاجر بمقومات المجتمع الجزائري ومكوناته من عروبة وإسلام وأمازيغية ووطنية.
@ ما هو تصوركم لتنظيم قطاع الإعلام في ظل الفوضى التي يشهدها؟ @@ مستعدون لتأييد ودعم المساعي، ونرى ضرورة تطبيق قواعد السوق حتى ينتظم المشهد الإعلامي بتلقائية وبشكل جيد . @ هل توجد إمكانية تجسيد تكامل بين القطاع العام والخاص؟ @@ ليس لدينا أي عقدة، لاننا ندرك ان الصحافة في الجزائر ملك لجميع الجزائريين فلا يهمنا إن كان رأس المال عموميا او خاصا أو مشتركا ونحن متفتحون على جميع مكونات المجتمع ومستعدون للتعاون، وإذا كان لأي طرف مشروع او فكرة سندرسها @ ما رأيك في الهامش الذي قطعته حرية التعبير في الجزائر؟ @@ رغم أننا فرضنا حرية التعبير وكرسنا الكثير من الأهداف، حيث الصحافي يكتب وأمام المحتج تحريك دعوى قضائية، إلا أن مصادر الخبر مازالت مغلقة، لأنه عند تلقي معلومة لا تجد من يؤكدها أو يفندها، لكننا تعلمنا في كل هذا كيف نتعامل مع هذا الوضع . @ وفي ظل قانون العقوبات الذي يجرم الصحفي ويرمي به داخل أسوار المحاكم، كيف تتظافر الجهود لرفع التهديدات عن رجل مهنة المتاعب؟ @@ نقف ضد عقوبة الصحافي، ولن نتخلى عن المطالبة برفعها . @ وماذا عن وضعيته المهنية والإجتماعية المحرجة؟ @@ نحن حريصون على توفير جميع ظروف العمل للصحافي في جريدة الخبر حتى يتسنى لنا محاسبته على مردوده، وخلال الشهر الفارط أدرجنا زيادات لفائدة الصحافيين قدرت ب 33 بالمائة بالإضافة إلى المنح التي يتقاضونها على السبق الصحفي والأخبار اليومية التي تنشر في سوق الكلام . ونسعى في تكوين صحافيي جريدتنا وعندما تتوفر فرص التعاون مع هيئات أجنبية نكون صحافيين من مختلف العناويين الوطنية الخاصة والعمومية، لأن ما يهمنا أن المستفيد في كل هذا الصحافي الجزائري بغض النظر عن المؤسسة التي ينتمي إليها . @ لماذا الصوت النقابي غير موحد وغير فعال للدفاع عن حقوق الصحافي؟ @@ عندما يتحسس رجل الإعلام المصداقية في أي تنظيم نقابي فإنه لن يتردد في الإقبال اما عندما تغيب الثقة يفضل البقاء بعيدا، وأرى هنا أهمية ميلاد نقابة خاصة بالناشريين وحان الوقت لترى النور. @ كيف تقيمون الأشواط التي قطعتها الصحافة المكتوبة خاصة على صعيد الاحترافية؟ @@ تحقق الكثير بفضل النضال ومازالت هناك طموحات وأمور كثيرة تحتاج إلى نضال واستماتة اكبر على غرار التخلص من الضغط، وافتكاك المزيد من الحريات الفردية والمواطنة والتي لن تتجسد إلا بقطع شوط آخر نرى أنه مازال طويلا .. @ الصحافي الحقيقي في تقديرك؟ @@ الصحافي الحقيقي يجب أن يبتعد عن الغرور ويتحلى بروح التحليل، والجدية. @ وماذا عن أحسن الأقلام التي أنجبها الفضاء الإعلامي في الجزائر من الجيلين؟ @@ هناك كفاءات كثيرة تكونت في مدرسة المشهد الإعلامي الجزائري وأقلام نجحت داخل وخارج الوطن، وأفضل عدم ذكر الأسماء وتحديد الأشخاص . @ في ختام حديثنا، وقبل أن نفترق، نترك لك مساحة بيضاء تقول فيها ما تشاء .. @@ يجب أن أؤكد أن الجزائر تبنى بجهود وسواعد جميع الجزائريين، وأتمنى أن تنعم بلادي بالرخاء والكثير من الاستقرار والمزيد من الديمقراطية ومساحة أوسع وأعمق لحرية التعبير واستقلالية العدالة لأنها أساس بناء المجتمع . وفي كل هذا نحن فخورون بالصحافيين الجزائريين الذين سجلوا حضورا متميزا في الملتقيات والمحافل الدولية خاصة على الصعيد العربي كاشفين عن الوجه الآخر للانفتاح والديمقراطية بعيدا عن التعصب والإرهاب.