البروفسور روقي رئيس مصلحة طب العيون لجريدة «الشعب»: نجح فريق طبي شاب من مستشفى باتنة الجامعي الشهيد بن فليس التهامي، في إجراء أول عمليتي زراعة للقرينة في تاريخ الولاية والمستشفى، حيث يطمح المستشفى إلى جعل عمليات زراعة القرنية تقليدا بعد تكوين الأطباء المحليين في هذا المجال الدقيق والحساس من الطب، حسبما أفادت به الأستاذة بلغوار عتيقة المكلفة بالأعلام بالمستشفى، والتي أشادت بمجهودات الطاقم الطبي والإداري على رأسهم السيد بلقرون مسعود مدير المستشفى، في إنجاح أولى عمليات زراعة القرنية بباتنة. بعد النجاح الكبير الذي حقّقه أطباء مستشفى باتنة الجامعي في الريادة وطنيا في زراعة الكلى، ثم الكبد، ها هو اليوم يقطع أشواطا مهمة وتاريخية في زراعة القرنية بعد أن كان ذلك مجرّد حلم حقّقه البروفسور روقي محمد الفاتح بدعم إدارة المستشفى في مقدمتهم السيد بلقرون مسعود مدير المستشفى ومساهمة فريق طبي شاب وطموح من مختصين في التمريض والتحذير والصيدلة والإشعاعات.. إلخ، وحتى عمال النظافة والسائق الذي نقل أول قرنيتين من معهد باستور بالعاصمة إلى مستشفى باتنة في 2018 في الساعة منتصف الليل. تعتبر زراعة القرنية، حسب محمد الفاتح روقي، الطبيب رئيس مصلحة طب العيون بمستشفى باتنة الجامعي، خلال ندوة صحفية عقدها للكشف عن نجاح أولى عمليتي زراعة للقرنية بباتنة، من بين أهم العمليات الجراحية التي باتت مطلوبة بقوة بسبب تعرض الأشخاص لاضطرابات على مستوى العين يمكن تحسينها بالاستفادة من هذه العملية، وهو الطموح الذي راوده منذ سنة 2000 تاريخ التحاقه بالعمل لأول مرة بالمستشفى. وتشهد مصلحة طب العيون بالمستشفى تطورا كبيرا من حيث الإمكانيات المادية والكفاءات البشرية، حيث تمّ تقليص أجال كل العمليات الجراحية التي يقوم بها الأطباء بهذه المصلحة الحساسة، على غرار عمليات الماء الأبيض، والذي يسبب عتمة على عدسة العين التي تكون شفافة تماما في الأحوال الطبيعية ويؤدي إلى ضعف البصر بسبب فقدان الشفافية لعدسة العين وخاصة لدى كبار السن، حيث لا يتجاوز انتظار المرضى 4 أسابيع على أقصى تقدير بعدما كان سابقا يتجاوز ال5 أشهر كاملة وأكثر. ونفس الشيء بالنسبة لعمليات الماء الأزرق والتي أكد البروفسور روقي في تصريح لجريدة «الشعب» بأن مستشفى باتنة تحوّل بفضل ريادته لهذا النوع من العمليات الدقيقة إلى مركز جهوي لكل ولايات الشرق الجزائري، وذلك من سنة 2003 تاريخ إجراء أول عملية للماء الأزرق كللت بالنجاح، خاصة بعد التمكن من إجرائها للأطفال الصغار حديثي الولادة ، لم يتجاوز عمرهم اليومان وذلك بفضل مختصين أكفاء في التخذير بباتنة، وأضاف المتحدث بأنها موجودة بكثرة في منطقة الأوراس بحكم زواج الأقارب، وغيرها من العوامل الوراثية الأخرى. زراعة القرنية بباتنة.. مشروع صغير لحلم كبير أكد البروفسور روقي أن عملية زراعة القرنية بباتنة، بدأت كمشروع صغير لحلم كبير تحقق بفضل تضافر جهود الجميع، حيث أشار إلى أن التفكير في الزراعة بدأ سنة 2011، بعد نجاحها في مستشفيات العاصمة، وهران وعنابة، حيث قرّر مسؤولو مصلحة طب العيون بالتنسيق مع إدارة المستشفى وتوفير ما يلزم من إمكانيات، حيث أنجز ملف إداري وأخر تقني أرسل للوزارة الوصية للحصول على ترخيص، وهو ما حصل سنة 2014، بدعم من الأساتذة المختصين في طب العيون والذين درسوا سابقا البروفسور روقي، حيث زكوا الملف وأقنعوا الوزارة بأهمية خوض مستشفى باتنة لزراعة القرنية. وبعدها انطلقت أشغال إعادة تهيئة المصلحة التي تتوفر على 14 طبيبا مقيما من كل السنوات وأستاذ مساعد ومختصين في الصحة العمومية، والتي استمرت عاما ونصف، وتجهيز جناح إجراء العمليات، وتزويده ببعض الأجهزة الضرورية والحديثة، وبدأ الفريق الطبي في استقبال المرضى وتحضير قائمة المعنيين بالعمليات الأولى، والذين تمّ اختيارهم «طبيا» بعناية شديدة لضمان نجاح عملية الزرع من خلال اخذ المرضى الأقل خطرا والأكثر قبولا للقرنية. وأوضح روقي في نفس الإطار أن زراعة القرنية بالجزائر انطلقت منذ سبعينيات القرن الماضي، لكن إجراء هذه العملية في الوقت الحالي حسب المعايير المعمول بها عالميا يخضع لإجراء عدة تحاليل طبية قبل عملية الزرع لتأمين زرعها للشخص الذي هو في حاجة إليها. ويتولى معهد باستور مهمة الاستيراد مباشرة من البنوك الأمريكية لما تقدمه من امتيازات، لاسيما في مجال تأمين العضو ومدة صلاحيته التي تمتد إلى 14 يوما. مريضان يودّعان 5 سنوات من المعاناة بعد زراعة القرنية خلال شهر مارس المنصرم وبالتحديد يوم ال5 منه على الساعة الثامنة صباحا، كان مريضان على موعد مع «حياة جديدة»، من خلال توديعهما لمعاناة طويلة ومؤلمة دامت أكثر من 5 سنوات مع نقص حاد في البصر، كانوا يعانون في مشكل في القرنية والإبصار بشكل طبيعي، حيث جهز روقي شابين من ولاية باتنة يبلغان من العمر على التوالي 22 و36 سنة، لإجراء أول عمليتي زراعة للقرنية بتاريخ المستشفى والمنطقة ككل. وبخصوص تحضيرهما للعملية فأكد روقي عدم اتخاذهم لإجراءات استثنائية كون المعنيان من مرضى المصلحة، تمّ شرح كل خطوات العملية لهما بحضور طبيب نفسي، مشيرا إلى أنه من واجب الطبيب إجراء العملية ومن حقّ المريض معرفة تفاصيلها خاصة ما تعلّق بالخطر وحظوظ النجاح، التي كانت كبيرة جدا. وعند وصول المريضين إلى المستشفى لإجراء الجراحة، فإنه الطبيب المختص يستعمل بعض أنواع القطرات أو بعض الأدوية التى تساعده على الاسترخاء، كما أن الجراحة تكون غير مؤلمة وتجري تحت تأثير مخدر كامل وذلك حسب عمر المريض وحالته الطبية. انطلقت بعدها العملية تحت إشراف البروفسور روقي وبحضور أحد زملائه من مستشفى بني مسوس بالعاصمة وهو البروفسور بوعرفة عبد الرحمان، على مدار 50 دقيقة تمّ زرع قرنيتين تمّ استيرادهما من الولاياتالمتحدةالأمريكية عبر مطار باريس ثم تمّ وضعها في بنك معهد باستور إلى غاية نقلها منتصف الليل إلى المستشفى. وتماثل المريضان كليا للشفاء بعد خضوعهما لمتابعة من قبل الطاقم الطبي لمدة 7 أيام قبل وبعد إجراء العملية الجراحية، وسط فرحة كبيرة لعائلتيهما، حيث أوضح روقي ل»الشعب» أن القرنية هي الجزء الأمامي الشفاف من العين الذي يغطي قزحية العين أي الجزء الملون من العين وتقع بينهما الغرفة الأمامية للعين، ويتمّ إجراء عملية زرع القرنية باستبدال القرنية التالفة أو المريضة بأخرى سليمة، ويمكن استبدال القرنية بالكامل كما يمكن استبدال الأنسجة التالفة فقط من القرنية، والمختلف عن عمليات الزراعة الأخرى حسب روقي أن القرنية المتبرع بها تأخذ من شخص ميت حديثا، بشرط أن تكون القرنية سليمة وليس بها أي مرض أو عامل يؤثر عليها. 23 مريضا في قائمة الانتظار والحل تقنين التبرع بالأعضاء وأفاد المتحدث، بأن برنامج زرع قرنيات العين متواصل لفائدة المرضى، حيث ينتظر 23 مريضا من مختلف ولايات الوطن إجراءها بباتنة قريبا، حيث أضحت هذه العمليات بباتنة «حقيقة» بفضل القرنيات المستوردة والتي يوفرها معهد باستور مجانا، بالإضافة إلى الجهود المبذولة على مختلف المستويات، لتطوير برنامج زرع الأعضاء والأنسجة، التي ترمي الدولة من خلاله بالدرجة الأول إلى منح المرضى آفاقا جديدة للعلاج، والتحول إلى تقنيات علاج أكثر تقدما. وتكلف عملية استبدال قرنية مريضة بأخرى سليمة، حسب مصادر طبية 40 مليون سنتيم، حيث يعتبر توفير القرنية تحدي كبير يواجه الأطباء الذين يلحون في كل مناسبة على ضرورة تدخل الوزارة من خلال تعديل القوانين التي تحوّل دون نقل الأعضاء من الموتى لفائدة الأحياء بالجزائر، حيث أصبحت قضية تصطدم برغبة الأطباء وتحفظ الفقهاء وحيلولة القانون ورفض أهالي الميت نقل أعضائه. بدوره البروفسور روقي دافع بقوة على أهمية سنّ قانون خاص بنقل الأعضاء لوضع حدّ لمشاكل «نقص» القرنية التي تستورد غالبا من أمريكا، وبالرغم من استعدادهم في كل وقت لإجراء هذه العمليات، إلا أن انعدام ثقافة التبرع بالأعضاء في الجزائر تحوّل دون تحقيق المزيد من النجاحات في قطاع الصحة بالجزائر، خصوصا ما تعلّق بزراعة الأعضاء. وكان مدير مستشفى باتنة الجامعي بلقرون مسعود قد أكد ل»الشعب» تسخير كافة الإمكانيات اللازمة لنجاح العمليتين تحت إشراف طبي متخصص وشبه طبي ما شجّع على تسطير برنامج خلال السنة الجارية لتوفير القرنية لخفض عدد المسجلين في قائمة الانتظار.