اعترف الصحفيون الجزائريون بإهمال أقسام الأخبار الدولية في صحفهم حيث يقتصر عمل صحفيي الأقسام الدولية على نسخ ولصق الأخبار من مختلف وكالات الأنباء العالمية ومواقع الأنترنت للفضائيات وهو ما يعني تسليم الرأي العام الوطني على طبق لسموم وحرب الدعاية للإعلام الأجنبي الذي تمكن من لفت أنظارنا عن قضية الساحل الإفريقي وتقسيم السودان الذي لم يحظ بأية تغطية إعلامية في المستوى تجعلنا نوفي حقه وحق الأمة العربية والإسلامية من خلال الدفاع عن وحدتها، ويظهر أن الإعلام العربي والإسلامي قد انهار أمام زحف الدعاية الغربية التي تمكنت من تمهيد الطريق للولايات المتحدةالأمريكية وإسرائيل وفرنسا وبريطانيا من احتلال العراق وأفغانستان وفلسطين وتفكيك اندونيسيا ويوغسلافيا وتعتيم الحقائق في الصحراء الغربية والساحل الصحراوي الذي يوشك على الانفجار. ويأتي اعتراف السلطة الرابعة الجزائرية بخسارة جبهة الأخبار الدولية والاستسلام للآلاف من الرسائل المضللة في وقت تمر فيه العلاقات الدولية بمرحلة توترات كبيرة مع انتشار بؤر التوتر في أكثر من 30 بالمائة من مساحة العالم. وحتى وان كانت المبررات بضعف التكوين وغياب الإمكانيات المادية لفتح مكاتب ومراسلين في مختلف دول العالم على شاكلة وكالات الأنباء الأجنبية إلا أن الأمر يتطلب تحركا من قبل مسؤولي وسائل الإعلام لضبط الاختلالات وإيجاد حلولا عاجلة حتى لا نؤيد الدعاية الأجنبية المضللة ونقدم رأينا العام الوطني على طبق لوسائل الإعلام الغربية. ويذكر أن وكالة رويتر تملك أكثر من 170 مراسلا بينما يعمل أكثر من 100 مكتب لوكالة الأنباء الفرنسية ووكالة الأنباء الروسية ناهيك عن الأسوسيتد براس الأمريكية ووكالة شينخاوا الصينية التي دخلت العالمية واخطر ما في أخبار هذه الوكالات أنها تترجم الأخبار إلى العربية وهو ما يزيد من تبعيتنا لهم لأنهم يدركون الوهن الذي أصابنا . الإعلام يتفرج على تقسيم السودان تأسف فيصل مطاوي صحفي بجريدة «الوطن» على وضع الأقسام الدولية في وسائل إعلامنا مؤكدا أن عملية النسخ واللصق قد أخذت أبعادا خطيرة حيث أصبحنا بوقا لمختلف القوى الإعلامية العظمى دون أن نشعر وضرب نفس المتحدث ل «الشعب» التعاطي الإعلامي مع ما يحدث في السودان سيبقى وصمة عار في جبيننا فكيف يعقل لبلد عربي يعيش ويلات التقسيم دون أن نتحرك فماذا يمنعنا من زيارة السودان واستقصاء الواقع هناك. إن المنطقة هناك تحت رحمة وكالات الأنباء العالمية التي تتفنن في تقديم إحصائيات مغلوطة لتسويد الوضع وأشار مطاوي إلى وكالة الأنباء الفرنسية التي تضاعف عدد القتلى واللاجئين حتى يخيل للفرد أنه أمام مأساة إنسانية وهو ما نجحوا فيه وبتنا نتحدث عن دارفور وكأنه بؤرة توتر حقيقية بينما الواقع يثبت عكس ذلك. وتحدث نفس المصدر عن تناول القضية العراقية في مختلف وسائل الإعلام فبين الحديث عن الاحتلال ونشر الديمقراطية والمقاومة فروق شاسعة يجب التوقف عندها وإدراكها من قبل الصحفي عند بث أو نشر الأخبار الدولية وفي سياق متصل تساءل محدثنا عن كسل الصحفيين وعدم الاجتهاد في البحث عن مصادر الخبر التي تتماشى وتوجهاتنا في الجرائد الإلكترونية والمدونات وبعض الفضائيات. وأشار إلى إمكانية أن يصبح إعلامنا مصدرا في قضية الساحل الصحراوي التي تعرف تطورات خطيرة وعدم ترك المجال لوكالات الأنباء العالمية. فبحكم قربنا من الحدث وقدرات المناورة تجعلنا لا نتوقف عن تقديم التغطيات لتوجيه الرأي العام وفقا لمنظورنا. وعاتب مطاوي خبراء العلاقات الدولية والمثقفين على عدم الكتابة والتخلف عن مواكبة الأحداث وهو ما زاد من إضعاف قوة أخبارنا الدولية وتوجيهها وفقا لما يخدم مصالحنا . ونبه بالمقابل اختراق الدعاية الأجنبية لإعلامنا في تناول الصراع الإيراني الغربي وتمريره لما يرغب الترويج له وهو تهديد أمن إسرائيل والتيار المحافظ وغيرها من الكلمات لتي تسيء لإيران وتبرر التحرش الدولي بها. ودعا صحفي جريدة ''الوطن'' إلى التقارب بين وزارة الخارجية والإعلاميين لخدمة وتعزيز مواقف الجزائر في القضايا الدولية والإقليمية من خلال اجتماعات دورية. وقال في سياق آخر أن تكوين الصحفيين وإتقانه للغات الأجنبية سيساعد على فك شفرات الأخبار الملغمة والدعاية المغرضة وتكييفها مع مواقف الجزائر، ويرى بأن توسيع الثقافة العامة للصحفيين وان أمكن فتح مكاتب مراسلين من مختلف مناطق العالم حتى نصبح مصدرا للأخبار. ضعف تغطية الداخل
بدا الصحفي رياض بوخدشة من يومية ''الأحداث'' متشاءما من توجهات وسائل الإعلام الوطنية مؤكدا بأن المادة الإعلامية الرديئة المقدمة حول الأحداث الوطنية تعكس فشلنا في تقديم أخبار دولية في مستوى القضايا وتطلعات الشعوب العربية والإسلامية وحتى الإفريقية. وقال نفس الصحفي أن العمل في جل الأقسام الدولية بوسائل إعلامنا مرادفا للراحة والكسل والاستنجاد بالنسخ واللصق وهو ما يجعلنا تابعين تبعية خطيرة للخارج في هذا المجال موضحا بأن ركود الساحة السياسية وعدم إقبال المختصين في العلاقات الدولية زاد من تدهور الأوضاع. واعتبر في سياق متصل قضية الصحراء الغربية مثالا في نجاح الإعلام الجزائري في هذا الجانب حيث أصبحنا مرجعا وبوابة للقضية بفضل قربنا والمجهودات الجبارة التي نبذلها لمساندة القضية الصحراوية بينما تغيب الرغبة في التعامل مع الملفات الأخرى فيما يعرف الحروب الإعلامية التي خسرناها كلها في ظل زحف وقوة الإعلام الغربي الذي يسيطر على كل شيء. ودعا في ختام حديثه عن ضرورة تقارب السلطة والإعلام لتشكيل رأي عام وطني و دولي من خلال توحيد وجهات النظر وتسطير إستراتيجية تجمع كل الفعاليات لمنح القوة اللازمة لمواقف الجزائر تجاه مختلف القضايا والملفات العالمية . مسؤولو وكالات الأنباء العالمية يعينون من دوائر صنع القرار حذر الصحفي عمار رافع من يومية «لاتريبين» من نقل المعلومات طبقا لما ينشر في وكالات الأنباء العالمية لأن ما تنشره مختلف وكالات الأنباء العالمية ليس بريئا فمثلا وكالة الأنباء الفرنسية مديرها العام يعين من الاليزيه وهو ما يحمل الكثير من الدلالات التي يجب أن نراعيها. فالوكالات تعمل على نشر مواقف وآراء بلدانها وبطرق أو بأخرى تخفي الحقائق وراء الكثير من التعاليق وما بين الأسطر وتشكل رأيا عاما خفيا بعد تطور الأحداث وهو ما يصعب من عملية تعديله أو تغييره فيما بعد وما يحدث في القضية الصحراوية والساحل الصحراوي من تعتيم وتضليل فرنسي يجب التصدي له بإعلام جزائري واعي. وعاد المتحدث في حديث ل''الشعب'' بمقر دار الصحافة بساحة أول ماي للإرهاب الذي رفضت الكثير من القوى العظمى وضع تعريف له والتفريق بينه وبين المقاومة المشروعة ومكافحة الاحتلال، حيث في ظل زحف الدعاية الغربية وتضخيمها لملف الإرهاب أدمجت تنظيمات مقاومة في قوائم المنظمات الإرهابية مع تغطيات إعلامية مضللة مهدت الطريق لكسب الرأي العام حولها. وقال في سياق متصل، أن الإعلام العالمي حاليا يعرف احتكارا كبيرا في مجال المعلومة الدولية وهو ما يصعب تجاوزه في الوقت الراهن مستبعدا في الوقت ذاته عن إمكانية تغيير أو وقف زحف الدعاية الغربية بالنظر لضعف إمكانياتنا ونقص التكوين والعديد من الأسباب الأخرى التي تبقى خارج نطاق الصحفيين. عظيمي يوجه اللوم لوسائل الإعلام عاتب أحمد عظيمي، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة الجزائر 3، وسائل الإعلام الوطنية وخاصة المكتوبة منها على عدم تثمين مساهمات المثقفين وخبراء السياسة حيث لا تبادر الصحف بإبرام عقود مع خبراء العلاقات الدولية للوصول إلى تقديم مضامين إعلامية تتماشى ومصالح ومواقف الجزائر وهو ما يجعل المثقفين لا يتحمسون للكتابة في وسائل الإعلام. وعمم المتحدث في سياق متصل ضعف الأقسام الدولية في الصحف على معظم الأقطار العربية التي تفتقد إمكانيات تعيين مراسلين من مختلف مناطق العالم بينما استثنى الإذاعات في الجزائر من هذا النقص وقال بأنها تملك شبكة مراسلين مهمة من مختلف أصقاع العالم. وتأسف نفس المصدر في حديث ل''الشعب'' عن عدم الاهتمام بمختلف القضايا العربية بشكل أفقدها الكثير من الدعم على غرار السودان الذي نتفرج جميعا على إجراءات تقسيمه وكأن الأمر لا يعنينا. وأضاف أن ما حدث للسودان حاليا شبيه باستعمار الجزائر في 1830 حيث سقطت الدول العربية والإسلامية تباعا وهو ما يجعلنا نتخوف من مرحلة ما بعد تقسيم السودان حيث سيكون جميعنا معرضا للتقسيم في سياق العولمة والتربص بالأمة العربية.