أحدثت التكنولوجيات الحديثة في مجال الإعلام والاتصال ثورة حقيقية، حيث منحت المؤسسات الصحفية دفعا هائلا جعل البعض يتحدث عن ترقية الحق في الإعلام الذي تقرّه مختلف التشريعات العالمية والوطنية، حيث ارتفع سحب الصحف واستفادت من الألوان، الأمر الذي منحها شكلا جماليا وقدرة على جذب الإشهار ورفع أسعاره، ما مكنها من تحقيق مداخيل هامة ساعدتها على توسيع استثماراتها وتحسين أوضاعها ماديا وبشريا، لمواصلة مسيرة ضمان الحق في الإعلام وترقية حرية التعبير والصحافة. كما لا يخفى على أحد ما فعلته التكنولوجية الرقمية في الإعلام السمعي والسمعي البصري، حيث جعلت العالم كله تحت أعين الكاميرات وبات كل حدث قابل لتغطيته على المباشر، ولكن مع مرور الوقت تبين أن التكنولوجيات الحديثة قد انعكست سلبا على دول العالم الثالث التي تتعرض لحملات إعلامية غربية خطيرة، من خلال توجيه الأخبار لخدمة أغراضها والتشويش على التيارات الوطنية المدافعة عن الهويات الوطنية وحماية مصالح دول الجنوب، وما يحدث في إفريقيا وأفغانستان والعراق وفلسطين وأمريكا الجنوبية دليل على الهيمنة الأمريكية على كبرى وسائل الإعلام، سواء من خلال ملكيتها أو المساهمة فيها بواسطة الشركات المتعددة الجنسيات التي تتوغل عن طريق الإشهار والأسهم في مختلف مؤسسات الاتصال في العالم، وهو ما جعل الدول الغربية تستحوذ على أكثر من 95 ٪ من مصادر الأخبار في العالم. وتعكس العلاقات الدولية حاليا مكانة التكنولوجيات الحديثة من الأقمار الصناعية إلى الحواسيب المتطورة والكاميرات وآلالات التصوير الحديثة والهواتف النقالة وشبكة الأنترنت في تجسيد المخططات الجديدة للدول الكبرى، فالأنترنت مثلا بات مثلا للعولمة وللحكومة العالمية الموحدة، فالولاياتالمتحدةالأمريكية تجعل من هذه الوسيلة فضاءً مفتوحا لمختلف شعوب العالم، من أجل حرية التعبير وترقية الحق في الإعلام وإيصال مختلف الآراء، وتمكنت هذه الوسيلة من تغيير الحياة السياسية والديمقراطية في عديد البلدان، وكانت وراء الكثير من المشاكل بين بعض الحقوقيين وأنظمتهم وبين المعارضة وأنظمة الحكم في العديد من الدول، وما حدث في إيران منذ الانتخابات الرئاسية التي جرت في الصائفة الماضية من تشويش على السير الحسن لبلاد فارس يؤكد مدى خطورة التكنولوجيات الحديثة في مجال الإعلام والاتصال وقدرتها على تدمير الأنظمة واستقرار الدول في أوقات قصيرة جدا. ويظهر أن الدول الإفريقية بدورها تتعرض لهجمات إعلامية شرسة تسعى لإبقائها مخبرا لتجريب وتسويق الأسلحة ومسرحا للانقلابات العسكرية والحروب الأهلية والدعاية للجماعات الإرهابية الافتراضية، من أجل السماح للولايات المتحدةالأمريكية وأتباعها إنشاء قواعد عسكرية، وتأمين منابع الطاقة والنفط والمواد الأولية التي تعتبر إفريقيا والشرق الأوسط خزانها الأول. وتستثمر الدول الغربية في الفجوة الرقمية الموجودة بين الشمال والجنوب، وتقوم بتوجيه كل شيء لخدمة إيديولوجيات وتوجّهات معينة أثقلت كاهل القارة السمراء والدول العربية والإسلامية كثيرا. الجزائر تسعى لتدارك التأخر الرقمي تسعى الجزائر في السنوات الأخيرة إلى توسيع استثماراتها في مجال التكنولوجيات الحديثة في مجال الإعلام والاتصال، لتدارك التأخر وتقليص الفجوة الرقمية، حيث شجعت استعمال الأنترنت وحسّنت من مستوى الخدمات لفك العزلة عن المناطق الداخلية، حيث مكّن انتشار الأنترنت المواطن الذي يقطن في الصحاري والمناطق الداخلية من الاطلاع على الصحف ومتابعة مختلف القنوات الإذاعية وحتى التلفزية، وبالتالي التخلص من مشكل عدم الإطلاع على الأخبار والمعلومات في نفس الوقت مع الشمال. ويذكر أن خدمة الأنترنت قد دخلت للجزائر في عام 1993 عن طريق مركز "سيريست" وهو مركز للأبحاث تابع للدولة، وبعد خمسة سنوات من البداية صدر المرسوم الوزاري 256 لعام 1998 الذى أنهى احتكار الخدمة من الدولة وسمح للشركات الخاصة بتقديم خدمات الإنترنت، والتي ساهمت بقسطٍ وافرٍ في تقليص الفجوة الرقمية، لكن العديد من المشاكل تعيق إرساء قاعدة رقمية تسمح للجزائريين باللحاق على الأقل بمعدل الاستفادة من التكنولوجية الرقمية بالدول العربية. ويؤثر تدني مستوى القدرة الشرائية في تحقيق مختلف البرامج التي سطرتها الدول، على غرار "أسرتك" الذي انطلق في 2005 ، لكن ضعف المتابعة ونقص التنسيق جعل المشروع يذهب سدى. ولحسن الحظ تستفيد الجزائر من خدمات 6000 مقهى أنترنت ساهمت بشكل وافر في تعزيز القدرة على ولوج الأنترنت، حيث يصل عدد الجزائريين المستعملين للأنترنت أكثر من 6 ملايين، في وقت لم يتعدى عدد المشتركين 4 بالمائة من مجموع الأسر الجزائرية، وهو ما يدعونا للعمل أكثر، لكن مع تشجيع الإنتاج الرقمي والمساهمة فيه وعدم الاكتفاء بالتلقي، وهذا من أجل تشجيع التفاعل الإيجابي. كما نصت القوانين الجزائرية المختلفة على حق المواطن في الإعلام من خلال ما نلتمسه في قانون إعلام 90 - ,07 حيث تضمنت المادة الثانية / الحق في الإعلام، يجسده حق المواطن في الإطلاع بكيفية كاملة وموضوعية على الوقائع والآراء التي تهم المجتمع على الصعيدين الوطني والدولي وحق مشاركته في الإعلام بممارسة الحريات الأساسية في التفكير والرأي والتعبير طبقا للمواد 40,39,36,35 من الدستور. واحتوت المادة الثالثة من نفس القانون/ يمارس الحق في الإعلام بحرية مع احترام كرامة الشخصية الإنسانية ومقتضيات السياسة الخارجية والدفاع الوطني، أما المادة الرابعة فأكدت/ يمارس الحق في الإعلام خصوصا من خلال عناوين الإعلام وأجهزته في القطاع العام والعناوين والأجهزة التي تمتلكها أو تنشئها الجمعيات ذات الطابع السياسي، والعناوين والأجهزة التي ينشئها الأشخاص الطبيعيون والمعنويون الخاضعون للقانون الجزائري، وقالت المادة الخامسة / تشارك عناوين الإعلام وأجهزته السابق ذكرها في ازدهار الثقافة الوطنية وفي توفير ما يحتاج إليه المواطن في مجال الإعلام والاطلاع على التطور التكنولوجي والثقافة والتربية والترفيه في إطار القيم الوطنية وترقية الحوار بين ثقافات العالم طبقا للمواد 9,3,2,8 من الدستور/. وتعتبر هذه المواد بالإضافة إلى المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي تتحدث عن / لكل شخص حق التمتع بحرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق حريته في اعتناق الآراء دون مضايقة، وفي إلتماس الأنباء والأفكار وتلقيها، ونقلها للآخرين بأية وسيلة ودون اعتبار للحدود/ أمرا هاما يعكس مدى ثراء التشريعات بالحق في الإعلام وإن كان مجال الممارسة هو الذي يحدث جدلا بين الإعلاميين والسلطات في ظل الاختلاف حول حدود وحرية ومسؤولية الإعلام. وعلقت الأستاذة نادية بوخرص المختصة في القانون بان القوانين الحالية بحاجة إلى تنقيح وتعديل، من خلال تكييفها مع التحولات العالمية، لأن الحق في الإعلام يتطور باستمرار من خلال تطور وسائل تجسيده، كما أن توضيح مفاهيم القذف والسب والشتم بحاجة إلى مراجعة لتطوير الممارسة الإعلامية وإزالة الرقابة الذاتية التي قد تجعل الصحفي يتغاضى عن بعض الملفات التي قد تكون عواقبها وخيمة على الدولة والمجتمع، كما أن مراجعة قانون عقوبات 2001 الخاص بتجريم القذف قد يجعل الحق في الإعلام يأخذ أبعادا واسعة، مع ضرورة رد الاعتبار لميثاق أخلاقيات المهنة الذي إذا وجد العناية والدعم الكافي فإنه سيقلل كثيرا من جنح الصحافة . وظل الجدل بين مختلف السلطات ومدراء النشر حول الممارسة الإعلامية قائما ومستمرا، وما زاد في حدته هو ظهور التكنولوجيات الحديثة ودخولها مختلف المؤسسات الإعلامية، ما جعل الممارسة المهنية تتطور أكثر خاصة على مستوى التقني، فدخلت الألوان والرقمية واستفادت المطابع من آلات رقمية رفعت من مستوى سحب الجرائد وفي ظرف قياسي، كما أحدثت الأنترنت ثورة في عالم الصحافة وخاصة المكتوبة منها التي تخلصت من هاجس الانتشار، وبات المواطن في تمنراست وتندوف وإليزي بفضل الأنترنت يطالع الجرائد في نفس الوقت الذي يطالع فيه مواطن العاصمة وقسنطينة ووهران، وهو ما جعل الحق في الإعلام ينتشر ويتوسع بصفة كبيرة. وتضم الجزائر حاليا أكثر من 300 عنوان إعلامي حسب وزارة الاتصال، وتهدف الدولة للاستجابة إلى حاجات السحب اليومي للجرائد إلى نشر المطابع في مختلف أقطار الجمهورية، فبعد مطبعة ورڤلة التي دعّمت مطابع وهران وقسنطينة والعاصمة التي تضمن لوحدها طبع 60 بالمائة من عدد سحب الصحافة المكتوبة الوطنية بعد تجهيزها بمعدات رقمية متطورة جدا. وفي انتظار تسلم مطبعة بشار التي كلفت خزينة الدولة 40 مليار سنتيم، ستساهم التكنولوجيات الحديثة في ميدان الإعلام والاتصال تغطية جميع تراب الجمهورية إعلاميا، من خلال التلفزيون والإذاعة التي قطعت أشواطا كبيرة لبلوغ تغطية محلية 100 بالمائة، فالإذاعات المحلية عكست بالفعل حق المواطن في الإعلام، وخاصة الجواري منه الذي يعتبر أهم معيار لتقييم حرية التعبير والصحافة. وكل هذه الأرقام في انتظار إطلاق قنوات تلفزيونية أخرى للتقليل من التبعية لوسائل الإعلام الأجنبية حيث بات الأمر جد مقلق . ولكن بمرور الوقت ظهرت العديد من الإشكاليات حول العلاقة بين المؤسسات الإعلامية، وخاصة الصحافة المكتوبة والتكنولوجيات الحديثة التي يعتبرها البعض أكبر مهدد للصحافة الورقية، حيث تشير العديد من الدراسات إلى إمكانية اندثار الصحافة المكتوبة، بينما يقلل البعض من خطر التكنولوجيات الحديثة وخاصة الأنترنت على مستقبل وسائل الإعلام، مثلما أكده الأستاذ مصطفى صحاري الذي استبعد أي خطر على مستقبل الصحافة المكتوبة الورقية. تنبؤات باندثار الصحافة المكتوبة أحدثت الأزمة المالية العالمية زلزالا عنيفا في أوساط المؤسسات الإعلامية، حيث عجّلت بغلق بعض الصحف خاصة في الولاياتالمتحدةالأمريكية، وهناك من باعت مقراتها لتسديد الديون العالقة وأخرى قامت بتسريح جزء كبير من عمالها وخفّضت كبرى الصحف المكتوبة عدد سحبها. وكشفت الأستاذة صفرة إلهام، المختصة في العلوم السياسية والعلاقات الدولية، أن دراسة قامت بها مؤخرا شركة /مايكروسوفت/ وصلت إلى نتائج تتحدث عن اندثار الصحافة المكتوبة في ,2018 وأضافت المتحدثة أن هذه الدراسة حتى وإن كانت صعبة التصديق، إلا أن النتائج تجعلنا ننظر للقضية من زوايا أخرى، فالاندثار ليس معناه الزوال ولكن قد يكون تأثير الصحافة المكتوبة ليس بالأثر الحالي، لأن طغيان التكنولوجيات الحديثة له أهداف محددة يجب أن نتوقف عندها وندرسها جيدا تفاديا لأية مفاجآت غير سارة مستقبلا، فالتوجهات العالمية تنبِئ بهيمنة غربية ومنه الاستحواذ على الرأي العام العالمي. واعتبرت في سياق آخر هذه الدراسة عن الصعوبات التي تنتظرنا نحن في التعامل مع التكنولوجيات الحديثة، حيث قلة إنتاجنا المعرفي كفيل بأن يجعلنا نندثر إعلاميا وفسح المجال للإعلام الأجنبي لتوجيه الرأي العام المحلي. وأشارت الأستاذة فندوشي ربيعة، مختصة في علوم الإعلام والاتصال بجامعة الدكتور يحيي فارس بالمدية، أن التطور التكنولوجي كان له أثر إيجابي في تطوير مضامين وجماليات الصحافة المكتوبة، من خلال تمكينها من الاستفادة من المعلومات أكثر، موضحة بأن المستقبل كله للتكنولوجيات الحديثة، وهو ما يجب التعامل من أجل فك العزلة وتمكين المجتمع من الوسائل الجديدة لمطالعة الأخبار التي تهمه والاطلاع على ما يجري في العالم، وعليه فاستعمال التكنولوجيات الحديثة بات أمرا لا يمكن الاستغناء عنه. التكنولوجيات الحديثة تعيد مشكل الرقابة اعتبر الإعلامي والأستاذ فيصل فرحي التكنولوجيات الحديثة عاملا لتطوير وسائل الإعلام، غير أنه حذر من الاستعمال المفرط للتكنولوجيات وخاصة الأنترنت، فهذه الوسيلة إذا ربطناها بالإعلام فقط فهذا خطأ جسيم، لأن المواطن الذي يجلس أمام الأنترنت لا يكون معرّضا فقط للرسائل الإعلامية، وبالتالي فالتأثير على العقول يكون كبيرا ويكون له انعكاس على سلوك الأفراد ومنه يجب أن نراقب ما لا يخدمنا. وأضاف نفس المتحدث أن الحرية المطلقة مفهوم يصعب تطبيقه في المجال الإعلامي، وهو مفهوم افتراضي، لأن الصحافة مهما كانت مهامّها يجب أن تكون لها حدود وضوابط، لأن أخطاء الصحافة واستغلالها سلبيا ممكن أن يحدث أزمات خطيرة تكون عواقبها وخيمة. ودعا زهير بوسيالة، الأستاذ في مجال الإعلام والاتصال، إلى أخذ التكنولوجيات الحديثة من باب توظيفها لترقية حق المواطن في الإعلام وتطوير ممارسة المهنة الإعلامية، لأنها فتحت مجالات واسعة للمواطنين لتلقي المعلومات والأخبار لم تكن متاحة من قبل. وأضاف المتحدث بأن توسيع استعمال الهاتف الثابت لتمكين المواطن من الأنترنت إجراء يجب أن يحظى بالأولوية لتوسيع عدد المشتركين، ومنه تدارك العجز في ضمان الحق في الإعلام بما أن ضمان وصول الجرائد إلى جميع المواطنين أمر مستحيل. ويذكر أن عدد المشتركين في الهاتف الثابت في بلادنا لا يتعدى 3 ملايين مشترك، أي حوالي 30 بالمائة من الأسر الجزائرية مربوطة بالهاتف الثابت، وهو ما جعل اتصالات الجزائر تعمل للوصول إلى 6 ملايين مشترك في غضون ,2014 وهو ما سيمكّن من رفع عدد المشتركين في شبكة الأنترنت. وفي هذا السياق، تحدثت أكدت الأستاذة هارون مليكة أن التكنولوجيات الحديثة ساهمت في تطوير الإنتاج المعرفي الإلكتروني في الجزائر، حيث باتت الصحف الورقية تهتم بصناعة مواقع خاصة بها وساهمت في تشجيع الإنتاج الإلكتروني، ومنه تمكين أكبر قدر ممكن من الجماهير من الإطلاع على المعلومات والأخبار. وبعد أن ركزت على الموقع الالكتروني لجريدة الخبر، أشارت الأستاذة هارون مليكة إلى مساحات التعليق الموجهة للقارئ، وهو أمر إيجابي جدا من شأنه التشجيع على الإقبال على التكنولوجيات الحديثة وتسخيرها في خدمة الديمقراطية وتحسين الحق في الإعلام، من خلال التفاعل. وأضاف الأستاذ العيدي موسى المختص في علوم الإعلام والاتصال أن التكنولوجيات الحديثة في وسائل الإعلام قد ساهمت في نشر الديمقراطية، خاصة من خلال فتح المجال للمعارضة من أجل نشر مواقفها وآرائها، وكذا لمختلف التوجهات والإيديولوجيات من نشر أفكارها وإثراء التنوع الفكري والفلسفي ومنه المساهمة في نشر الرأي الآخر والمخالف. وأشار الأستاذ بوشاقور جمال أن التكنولوجيات الحديثة قد أعطت بعدا عالميا للصحافة الوطنية المكتوبة خاصة، فقد تمكنت جاليتنا في الخارج من مسايرة ما يجري في الوطن، من خلال الإطلاع على مختلف الصحف الوطنية في الأنترنت، وهو ما جعلها قريبة من كل شيء وبات تأثيرها وصوتها كبير جدا. ودعا نفس المتحدث إلى الاستثمار في التكنولوجيات الحديثة والاستفادة من قدرات الجالية الجزائرية في الخارج وإدماجها في سياق جلب القيم المضافة لبلادنا. وبالمقابل، قال الأستاذ منادلي محمد أن التكنولوجيات الحديثة قد ساهمت في تشجيع التنمية المحلية، من خلال نقل مشاكل المواطنين والمساهمة في حل العديد من القضايا التي كانت تؤرق المواطن، ولم يعد يخفى على أحد مساهمة التكنولوجيات الحديثة في وسائل الإعلام في توفير مناصب العمل وتحسين مستوى الاتصال ونقل الأخبار وتلقيها في وقت قياسي، وهو ما من شأنه تعزيز ثقافة ممارسة واحترام حقوق الإنسان وفك العزلة والتقريب بين الشعوب والدول. إفريقيا القارة الأكثر حرمانا من الأنترنت اختتمت القمة ال 14 للاتحاد الإفريقي بأديس أبابا، وتوصّل القادة والرؤساء إلى قناعة تؤكد أهمية منح الأولوية لتكنولوجيات وسائل الإعلام والاتصال من أجل تفعيل التنمية المستدامة في القارة وإنجاح مبادرات ''النيباد''. وافترق الأفارقة على توصيات تؤكد على نشر التكنولوجيات الحديثة في مجالات الإعلام والاتصال، وهذا لفتح المجال أمام الشعوب الإفريقية من أجل ترقية وممارسة حقها في المعرفة والإعلام والتنمية المستدامة وهي حقوق مترابطة جدا. ويظهر أن الشعوب الإفريقية ومن خلال التكنولوجيات الحديثة تكون قد تحسنت أوضاعها كثيرا، من خلال تبليغ انشغالاتها والاطلاع على مختلف التطورات والتحولات العالمية. غير أن زرع التكنولوجيات الحديثة في إفريقيا قد يكون لأغراض غير بريئة من قبل الغرب، لأن المطلع على طرق استغلال شبكات الأنترنت يظهر بأنه لإدارة الحروب والأزمات والقارة الإفريقية، بحكم تقاليدها وبيئتها التي مازالت مخبرا للتجارب، وبعد الأساليب الغربية القذرة في إثارة المشاكل والانقلابات بالقارة، وبالتالي قد يكون نشر التكنولوجيات الجديدة للإعلام والاتصال سلاحا ذو حدّين، لأن الغرب بقيادة الولاياتالمتحدةالأمريكية يرغب في تقريب القارة بالتكنولوجيات الحديثة لإستغلالها في مخططاتهم وإثارة الشعوب حول الحكام الأفارقة إذا لم يتقبلوا القرارات الخاصة الأفريكوم والساحل الصحراوي وتقسيم السودان وإبقاء الصومال على ما هو عليه، وبالتالي ضرورة مرافقة التكنولوجيات الحديثة والشركات المتعددة الجنسيات المشرفة عليها لتفادي عمليات الاختراق والجوسسة والسيطرة على الساحات الإعلامية والسياسية خاصة تلك المتعلقة بالمعارضة. ويعكس ضعف الاستفادة من الأنترنت في إفريقيا تأخر الاستفادة من الحق في الإعلام، في ظل ضعف انتشار الشبكات والقنوات التلفزيوينة، وكذا انعدام إمكانيات توفير العدد الكافي من الصحافة المكتوبة، وهي المشاكل التي يمكن أن نحلها بتوسيع الاستفادة من خدمات الأنترنت التي توفر إمكانية الاطلاع على مختلف وسائل الإعلام في وقت قياسي وبأقل المصاريف وتعرف القارة السمراء تظافرت التكنولوجيات الحديثة في جميع أنحاء القارة الإفريقية، مع العادات والتقاليد المحلية من أجل تعزيز البنية الأساسية والاقتصاد في القارة السوداء. وحسب ما قالت /سالا باترسون/ المحللة السياسية بمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ومقرها في باريس، فإنه باستخدام تكنولوجيات الاتصالات والمعلومات مثل أجهزة الهواتف النقالة وشبكة الإنترنت، وجَد الأفارقة أن المشروعات التجارية والتجارة أصبحت أكثر سهولة وأنهم أكثر قدرة على تحمّل نفقاتها. وأضاف خبراء أمريكان في موقع وزارة الخارجية الأمريكية أن إفريقيا التي كانت شبكات الاتصالات فيها محدودة وغير متقنة، بدأت تشهد تغييرا حسب دراسة أجريت في .2009 فتكنولوجيات المعلومات والاتصالات الجديدة مثل الرسائل القصيرة عبر الهواتف المحمولة، تفوقت على شبكات الاتصال القديمة في إفريقيا، التي تعوقها الجغرافيا والسياسة. فتكنولوجيات المعلومات والاتصالات الجديدة تمكن الأفارقة من الحصول على معلومات عن الصحة والزراعة والخدمات مثل إجراء العمليات المصرفية على الإنترنت، والاتصال بفاعلية أكبر مع بقية العالم. وأخذت الشركات الأوروبية تركز اهتمامها على السوق الإفريقية، حيث يمتلك 40 % فحسب من الأفارقة أجهزة الهاتف النقال. وعلى نقيض ذلك، فإن استخدام النقال في أوروبا تصل نسبته إلى 100 % تقريبا، حسبما تقول لورا ريكوورتو فيرتو، الخبيرة الاقتصادية في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. ويذكر أن شركات نوكيا وإنتل ومايكروسوفت تستثمر أيضا في تكنولوجيات الاتصال والمعلومات الجديدة. وما زالت إفريقيا تواجه تحديات فيما يتعلق بالحصول على خدمات الأنترنت والبنية الأساسية للتكنولوجيا. وحسبما قالت اللجنة، فإن أقل من 7 % من الأفارقة هم الذين تُتاح لهم فرصة استخدام الأنترنت، وحتى خدمة الأنترنت المتاحة لهم ما زالت غير مريحة ومزعجة ومكلفة، ويمكن الحصول عليها فقط في منطقة وجود خطوط الألياف الضوئية الممتدة الساحل الغربي لإفريقيا أو عبر الأقمار الصناعية. وأضافت اللجنة أن المصادر المحدودة للحصول على خدمة الأنترنت وقلة المنافسة بين الجهات المقدمة للخدمة أدى إلى ارتفاع التكلفة إلى حد مفرط. غير أن باترسون أشار إلى أن خطوط الاتصال السريع بالأنترنت ستصبح منتشرة على نطاق واسع في إفريقيا مع إتساع نطاق البنية الأساسية. ومن المأمول أن تصبح هناك شبكة من كوابل الألياف الضوئية القادرة على ربط كل مناطق العواصم الكبرى الرئيسية بالقارة الإفريقية بحلول العام .2012 وصنف تقرير صادر عن المنتدى العالمي لدافوس حول توفر البنية التحتية للتكنولوجيات الحديثة للاتصال في 2009 تونس في المرتبة الأولى مغاربيا وإفريقيا للسنة الثالثة على التوالي، والمرتبة 38 عالميا من أصل 134 دولة. وتحافظ تونس على نفس التقييم في حدود 34ر4 مقارنة بالتقرير السابق، لتبقى في ذات الترتيب إقليميا، باعتبار أن عدد البلدان المصنفة قد ازداد بإدراج 12 بلدا إضافيا إلى الترتيب مقارنة بالتقرير السابق .122 ويعد هذا التقرير مرجعا في مجال الاستثمار في تكنولوجيات الإعلام والاتصال. وهو يعتمد في تصنيفه ثلاثة عناصر رئيسية تتمثل في المناخ السياسي والاقتصادي للبلاد ومستوى تطورها تكنولوجيّا، ودرجة استعمال التكنولوجيات الحديثة للمعلومات والاتصال. وتتقدم تونس بفضل ترتيبها هذا على عدد من البلدان الأوروبية، على غرار المجر المرتبة 41 وايطاليا 5 4 واليونان 55 ورومانيا 58 وتركيا 61 وبولونيا 69 وعلى دول أخرى مثل البرازيل 59 . وتواصل تونس إفريقيا ريادتها، إذ أنها تسبق كلا من مصر 76 والمغرب 86 وإفريقيا الجنوبية 52 وتأتي تونس في العالم العربي مباشرة بعد الإمارات العربية المتحدة 27 وقطر 29 والبحرين 37 الصحافة الجزائرية تعترف بقصورها اعترف الصحافيون الجزائريون وخاصة العاملون في الصحافة المكتوبة بقصورهم في توظيف التكنولوجيات الحديثة، حيث وفي الإعلام المتعلق بالملفات الدولية يتم الاعتماد بصفة كبيرة على وكالات الأنباء الأجنبية التي تضمن تغطية 59 % من الأخبار في مختلف دول العالم، وهو ما يعكس الهيمنة على المعلومات الموجهة للإعلام. وأكدت الصحفية فضيلة دفوس، المختصة في الإعلام الدولي، أن جل الأخبار المنشورة في جرائدنا نستقيها من وكالات أنباء أجنبية، وهذا ما يعكس ضعفنا في هذا الجانب فالإعلام في الدول الغربية متطور، حيث يستغلون التكنولوجيات لضمان التغطية الإعلامية لمعظم دول العالم، فمثلا فرنسا تسيطر بفضل شبكتها الإعلامية الضخمة على مصادر المعلومات في إفريقيا، حيث تبسط سيطرتها على معظم المستعمرات القديمة وهو ما يجعلنا رهائن الشبكات الفرنسية. ولحسن الحظ تمكننا التجربة من توجيه المعلومات بدورنا وفقا لما يخدم توجه سياسة البلاد تجاه القضايا الدولية. وتأسّفت في سياق متصل لانعدام مراسلين جزائريين في مختلف دول العالم، وهو الأمر الذي من شأنه أن يطور إعلامنا ويمنحنا قيمة مضافة بدلا من ترك المجال للأجانب، وقالت بأن وكالة الأنباء الجزائرية هي أحسن مؤسسة قادرة على توسيع شبكات مراسليها في العالم لتدارك الفجوة الإعلامية التي تفصلنا عن الغرب لخدمة القضية العادلة. وأشارت في ختام حديثها على ضرورة استغلال التكنولوجيات الحديثة لتقوية مواقفنا ومحاربة التضليل الإعلامي الذي يمارسه الغرب، والذي لمسنا خطورته في العدوان على العراق وغزة وأفغانستان وغيرها من بؤر التوتر في العالم. وعليه يجب الوقوف مطولا عند الثورة التكنولوجية الحديثة والتي تعتبر سلاحا خطيرا يجب تحديد الإيجابيات والنقائص وتقويم الإعوجاج، لأن ترك الأمور على ما هي عليه سيهددنا بالعزلة أكثر فأكثر استطلاع: بوغرارة عبد الحكيم