حافظت الصين على مكانتها، كأول شريك اقتصادي أجنبي للجزائر، بمبادلات تجارية سنوية قدرها 8 مليار دولار، وأكدت أن الوضعية المالية الصعبة التي عرفتها بلادنا في السنوات الأخيرة لم تؤثر على الشراكة الاقتصادية، مبدية تفهما كبيرا للإجراءات المشدّدة التي اتخذتها الحكومة الجزائرية لتنظيم الواردات. لا ترى الصين في الجزائر، سوقا لمنتجاتها التجارية وإنما شريكا اقتصاديا استراتيجيا على المدى البعيد، وحليفا مهما على مستوى العلاقات الدولية من خلال تطابق وجهات النظر والجهود في عديد القضايا خاصة ما تعلّق بالسلم والأمن. هذا الالتزام الثاني، أكده سفير جمهورية الصين الشعبية لدى الجزائر، يانغ غوانغ يو، أمس، خلال محاضرة بجامعة الجزائر 3، بمناسبة الذكرى ال60 لإقامة العلاقات الدبلوماسية الجزائريةالصينية. ولفت السفير إلى أن الصين فخورة بكونها «أول بلد غير عربي يعترف بالحكومة الجزائرية المؤقتة»، مؤكدا أن بلاده «اعتبرت الجزائر دائما، دولة شقيقة وشريكا استراتيجيا، وعملنا على تقوية العلاقات من سنة إلى أخرى إلى أن ارتقت إلى الشراكة الاستراتيجية الشاملة». وأكد الدبلوماسي الصيني، على استناد العلاقات الثنائية إلى عامل «الثقة»، والذي يتجلى في تجانس المواقف الدولية تجاه القضايا الحيوية، «فالصين، مثل الجزائر، لا ترى في العمل العسكري وسيلة ناجعة لمكافحة الإرهاب، وتؤكد أن التنمية الاقتصادية ومحاربة الفقر كفيلة بالقضاء على التطرف وحماية الشباب من استغلال الجماعات الإرهابية». وتدافع بكين عن النظام الدولي، وفق مقاربة تقوم على تعدّد الأقطاب والحوار وحماية أهداف ومبادئ ميثاق الأممالمتحدة، وترفض احتكار القرارات الدولية من قبل بلدان معينة، واللجوء للحمائية الاقتصادية قصد معاقبة الدول المنافسة تجاريا مثلما يعكف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على فعله في الوقت الراهن. إجراءات الحكومة لم تؤثر على مستوى الشراكة على الصعيد الاقتصادي، قال يانغ غوانغ يو، أن مكانة الصين كأول شريك أجنبي للجزائر لم تتأثر أبدا بفعل الأزمة الاقتصادية الناجمة عن تراجع أسعار النفط في السوق الدولية منذ 4 سنوات، وأفاد بأن رقم المبادلات حافظ على استقرار ه في حدود 8 مليار دولار السنة الماضية. وساند السفير الصيني، خطة الحكومة الجزائرية للحفاظ على احتياطي الصرف من العملة الصعبة، والتي اعتمدت في الأساس على تشديد إجراءات الاستيراد، موضحا «أنه من حقّ الجزائر اتخاذ التدابير التي تراها مناسبة لمواجهة أزمة اقتصادية صعبة»، مضيفا «من الطبيعي أن تتخذ إجراءات صارمة للحفاظ على احتياطي الصرف». وأفاد أن الشراكة الاقتصادية بين البلدين لم تتأثر، «لأن المنتجات الصينية المصدرة نحو الجزائر، أثبتت أنها تنافسية وتلائم القدرة الشرائية للجزائريين». وأبدى المتحدث، تفاؤله بإمكانية تجاوز الجزائر للأزمة الاقتصادية الحالية، قائلا «نحن نثق في المستقبل الاقتصادي لبلادكم، لأن لديها إمكانيات طبيعية وبشرية هائلة لازالت غير مستغلة». ميناء الوسط وفي السياق الاقتصادي، أكد السفير الصيني، عزم بلاده على مواصلة الاستثمار في الجزائر في مختلف المجالات، مشيرا إلى أن حجم الاستثمارات الصينية في بلادنا ناهز ال216 مليار دولار. واعتبر المتحدث، أن «المشروع الضخم المتمثل في ميناء الوسط بتيبازة»، إنموذج حي للاستثمار بين البلدين، حيث ستلعب الصين دور المرافق للمبادرة التي أطلقتها الحكومة الجزائرية. وقال إن بناء ميناء الوسط «سيكون منشأة قاعدية استراتيجية جدا للجزائر على المدى البعيد، لأنه سيساهم بشكل فعال في تنويع اقتصاد البلاد، وجعلها قطبا اقتصاديا في المنطقة المتوسطة ويمكنها من ولوج السوق الإفريقية». واعتبر أن قدرة المشروع عند اكتماله باستيعاب من 3 إلى ملايين حاوية في السنة، مقارنة بقدرة الاستيعاب الحالية (800 ألف حاوية سنويا) تكفي لإبراز مدى أهميته. وسعيا لتقوية فرص التنمية الاقتصادية للبلدين وانصهارها في الدينامكية الدولية للتبادل التجاري، أعلن السفير الصيني عن توقيع مذكرة تفاهم مع الجزائر في قادم الأيام للانضمام إلى مشروع طرق الحرير الذي يربط القارات الثلاث (آسيا، إفريقيا وأوروبا). مركز ثقافي للشباب على الصعيد الثقافي، كشف السفير يانغ غوانغ يو، عن تحضير بلاده لبناء مركز ثقافي كبير بالعاصمة موجه لفئة الشباب، وقال «اكتملت لدينا فكرة إنشاء المركز خلال السنوات الثلاث المقبلة وسيكون على شكل هبة للجزائر كعربون اعتراف لها لما قدمته من دعم مستمر ودائم للصين». وأوضح أن فئة الشباب تطغى على المجتمع الجزائري بحوالي 70٪، «لذلك رأينا بأهمية تجسيد المبادرة لهذه الشريحة الحيوية، وسيضمن المركز عدة فروع تخصّ الثقافة والرياضة والترفيه». السفير الصيني ل«الشعب»: اللائحة الأممية حول الصحراء الغربية منحازة كشف سفير جمهورية الصين الشعبية لدى الجزائر، يانغ غوانغ يو، ل»الشعب»، أن سبب امتناع بلاده رفقة روسيا وإثيوبيا عن التصويت على لائحة مجلس الأمن رقم 2414، المتعلقة بتمديد مهمة بعثة المينورسو في الصحراء الغربية ب6 أشهر، يعود بالأساس إلى «رؤيتها بأن مضمونها لا يحتوي على انشغالات كافة الأعضاء من النزاع». وأكد أن البلدان الثلاثة اتخذت قرار الامتناع عن التصويت بعد تنسيق وتشاور كبيرين فيما بينها ومع الجزائر أيضا، حرصا على حماية مقررات الشرعية الدولية. وكشف أن الصينوروسيا (يملكان حق الفيتو)، لم يعترضا على اللائحة، لأنها تنص على تمديد عهدة المينورسو ب6 أشهر بدل السنة. وفسّر اعتماد مجلس الأمن قرار تقليص مهمة المينورسو، على أنه خطوة في اتجاه ممارسة ضغط أكبر نحو استئناف العملية التفاوضية بين جبهة البوليساريو والمغرب، وفق المبدأ الذي يتيح تمكين الشعب الصحراوي من تقرير مصيره.