تتوالى الأيام والأعوام على السياحة الجزائرية وهي في أسوء أحوالها حيث لم تخرج بعد من نطاق التروي والدعاية وكل وزير يأتي للقطاع إلا ويعجز عن وضع قطار السياحة على السكة الصحيحة التي تبنى على الاستثمار وتحسين الخدمات وولوج عالم المنافسة في عالم لا مجال فيه للخطابات والشعارات والتصريحات لأن مكانة السياحة الحقيقية تقيم بالعائدات بالعملة الصعبة والمساهمة في الناتج الداخلي الخام. انتهى الصالون الدولي للسياحة وانتهت معه الضجة التي صاحبته وعاد المشاركون إلى أوطانهم وولاياتهم وعاد المسؤولون إلى الوزارات والمدراء إلى إداراتهم لتترك المجال إلى الوجهات الأجنبية لقضاء احتفالات نهاية رأس السنة الميلادية حيث تعرض وجهات تونس والمغرب وتركيا أسعارا مغرية وعن طريق البر والجو لاستقطاب أكبر قدر ممكن من أعداد الجزائريين الذين يعتبرون من أحسن السياح في العالم لما يصرفونه طيلة عطلهم وسلوكهم الاجتماعي الذي يبعث النشاط في مختلف الدول التي يقصدها الجزائريون. وعرفت عروض هذه السنة انخفاضا قياسيا في الأسعار بسبب الأزمة العالمية وتدهور القدرة الشرائية في مختلف الدول حيث يتراوح قضاء أسبوع في تونس بين 17 و 25 ألف دينار وهو ما يعادل 200 اورو، وهو سعر معقول جدا بالمقارنة مع الأسعار المعروضة في الجزائر، حيث تعرف أسعار النقل الجوي والبري والفنادق غلاء فاحشا. ويرافق هذا الغلاء تدهور الخدمات وغياب الذهنية السياحية وهو ما يجعل بلادنا من أضعف المقاصد السياحية في العالم بالرغم من التنوع البيولوجي وتوفر مناطق سياحية كحظيرة الطاسيلي و متحف بني عباس وتاغيت وتميمون والأسكرام بتمنراست وغيرها من المناطق التي تفتقد للاستغلال العقلاني والكامل. وفي ظل عدم تجاوز عائدات السياحة ببلادنا 500 مليون دولار يبقى الجدل مستمرا حول الملفات التي لن تطوى للأبد ليبقى تطوير السياحة رهين الكلام والصالونات. وتحتاج السياحة في الجزائر إلى الاستنجاد بالكفاءات الأجنبية التي لها باع طويل فيها، وتعتبر الشراكة أحسن سبيل لتطوير الصناعات بدون دخان كما يطلق عليها لأن التسيير المحلي أثبت فشل وعدم قدرته على التأقلم مع التحولات. ولا تتجاوز قدرات الجزائر الفندقية 95 ألف سرير بينما فاقت في تونس 400 ألف والفرق يعتبر شاسعا كثيرا وحتى المشاريع التي كثر عنها الحديث من مختلف الشركات الدولية لم تظهر للعيان وبقيت السياحة في الجزائر بعيدة كل البعد عن التطلعات حيث وبالرغم من التحفيزات التي أقرها قانون المالية التكميلي ل 2009 والمالية 2011، بالإعفاء الضريبي من الاستثمار السياحي إلا أن طغيان عقلية الريع والاستيراد لم يجلب الاهتمام وبقيت الوكالات السياحة الوطنية تصدر السياح المحليين نحو الخارج حتى وصل بنا الأمر إلى إدماج وجهات السنغال والمكسيك في العروض لتتحطم كل الآمال في إنعاش السياحة المحلية. ويعكس ضعف الإقبال على الجنوب الجزائري في احتفالات رأس السنة الميلادية فشل مخططات إنعاش والترويج للسياحة الجزائرية التي يمكن أن تكون أفضل شريطة تغيير الذهنيات.