يتزامن انعقاد المنتدى العربي الصّيني مع إحياء الذّكرى 60 للعلاقات الجزائرية الصّينية، علاقات ثنائية اتّسمت بتقاطع في المبادئ والمواقف حول مختلف القضايا الدولية، الشيء الذي ساهم في تطورها بهذا الشّكل اللاّفت، وهي الصين الشّريك التجاري الأول للجزائر اليوم،والحضور الكبير لشركاتها في الجزائر يعكس ذلك كما يعكسه عمال تلك الشّركات الذين يلقون كل الصّداقة والاحترام من الشّعب الجزائري أينما حلّوا، ويكفي أنّ مولودية العاصمة وهو أكبر وأعرق فريق جرائري لكرة القدم - يطلق على مشجّعيه اسم «الشناوة» أو الصينيين، وأي طريقة أبلغ من هذه للتعبير عن هذه الصداقة من وصف شعب لنفسه بشعب آخر؟ إنّ هذا الرّصيد الثنائي الحافل الذي استهل باعتراف جمهورية الصين الشعبية بالحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية سنة 1958 تتويجا للدعم الذي قدمته للثورة الجزائرية، من جهتها الجزائر لم تنسى ذلك الموقف النبيل من الشعب الصيني، وأبت إلا أن لتعيد المصعد - كما يقول المثل - وكان ذلك عبر دعمها المستميت لملف الصين في الأمم من أجل استرجاع مقعدها بمجلس الأمن الدولي سنة 1971. هاتان المحطّتان وإن كانتا مهمتان في تاريخ العلاقات بين البلدين، إلا أنه لا يمكنهما تلخيص علاقات أعمق وأمتن من ذلك بكثير عمرها أكثر من نصف قرن، فالجزائروالصين اللّتان باعدت بينهما الجغرافيا، جمعتهما المبادئ والقناعات ومواقفهما التي تصل الى حد التطابق أحيانا تثبت ذلك، فكلاهما ترفضان التدخل في الشؤون الداخلية للآخرين، وتفضلان الحلول السياسية السلمية للأزمات الدولية وفق القنوات الأممية المشروعة، وهذا الانسجام مستمر على مدار 60 عاما الى اليوم وموقف البلدين من الأزمة في ليبيا، سوريا ومالي...إلخ يدعم ذلك. إنّ درجة النضج والثقة المتبادلة التي بلغتها العلاقات بين البلدين الصديقين يرشّح الجزائر للعب دور محوري في التعاون العربي - الصيني، ويؤهّلها لتكون قاطرة رئيسية في هذا المسار، خاصة وأنها تحظى - في الوقت نفسه - باحترام وثقة الأشقّاء العرب والأصدقاء الصّينيّين، ممّا يسمح لها لعب دور محوري في تنسيق جهود الطرفين، وتقريب وجهات نظرهما حول تعاون، كل الظّروف مهيّأة له ليقفز إلى شراكة إستراتيجية في مختلف المجالات، تؤسّس لرفاه متقاسم ومنفعة متبادلة تتوّجان هذه الشّراكة المأمولة.