تحل غدا ذكرى تأميم المحروقات التي أعيدت الى ملكية الدولة في 24 فبراير 1971 من خلال القرارات التاريخية التي اتخذتها قيادة البلاد وأعلنها الرئيس الراحل هواري بومدين واضعا حدا لمسار غير طبيعي للشركات الفرنسية التي استنزفت موارد طبيعية وعارضت المعادلة السليمة للتاريخ التي تقتضي بسط السيادة الوطنية على الموارد الطبيعية وإقحامها في التنمية. ولا يزال قطاع المحروقات يلعب دورا متقدما في التنمية الوطنية بفضل ما يحققه من موارد مالية تتطلبها حركية المشاريع ويتضاعف دوره أكثر أمام قوة المتطلبات التي تتزايد بشكل طبيعي في مجتمع ناشئ ويتطلع بشكل مشروع لأوضاع متطورة باستمرار وهو ما تؤكده برامج التنمية ذات الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية العريضة التي تستدعي في هذا الظرف بالذات مزيدا من إجراءات التدقيق والتاطير تفاديا لاتساع رقعة الفساد الذي ينبغي أن يتوقف ويكافح بكافة الأدوات القانونية والقضائية حتى لا يعطل عجلة النمو بما في ذلك ما يخص مؤسسات قطاع المحروقات التي لا يعقل أن يستمر البعض في اعتبارها بقرة حلوب قبل أن يجف الضرع. وتأتي هذه الذكرى التاريخية التي تثير جدلا مقبولا من حيث الميكانيزمات والنتائج في وقت لا تزال تطفو فيه على السطح ملفات تثير تساؤلات حول المسببات والخلفيات والأبعاد بشان ما يعرف بقضايا فساد تكون قد طالت القطاع مسببة له ضررا كبيرا ولم تكشف عن كل أسرارها. وليس بدعة مثلا ان تخضع ام الشركات سوناطراك الى تشخيص وتدقيق بهدف مراجعة اجراءات عملها وتقييم فاتورة تسييرها واحاطة مواردها المالية بالشفافية المطلوبة بما يعطي لقطاع المحروقات نفسا جديدا بفضل ادخال معيار التسيير الراشد الى كافة مفاصل اتخاذ القرار المرتبط بدواليب عمل الشركة باعتبارها رئة الاقتصاد الوطني ومن ثمة الانتقال الى تعميق مقاربة تسير الشؤون المالية ومعالجة الصفقات المحلية والخارجية وتسطير البرامج اخذا في البعد مقتضيات الاسهام بفعالية في الاستجابة للمتطلبات الاجتماعية وابرزها توفير مناصب عمل عبر الانتشار الاقليمي لمؤسسات القطاع وفروعها وفقا لمفهوم المؤسسة المواطنية التي لا تقتصر على تمويل تشكيلة جمعيات معينة او تمويل نشاطات بعينها. وبمرور اربعين سنة تقريبا على استرجاع الدولة الجزائرية لكنز تأمل الاجيال ان لا ينضب تواصل المحروقات وغيرها من الموارد الطبيعية الثمينة الاخرى تحمل واجب تمويل التنمية الى حين ان تساعد في انتاج مصادر تمويل خارج المحروقات وهو التحدي الذي ينبغي ان يتم رفعه بمضاعفة الجهد على كافة المستويات وبنفس القوة الدفع بمكافحة الفساد وتهريب المال العام الى الخارج في شكل شراء عقارات هنا وهناك بينما تتحمل الدولة مسؤولية النهوض باوضاع البلاد بكل تفاصيلها الامر الذي يطرح اهمية ان يجيب كل متورط في عملية فساد على سؤال من اين لك هذا الذي غالبا ما يحرج الكثيرين ولكنه المفتاح الاوحد لحفظ المال العام.