أثار مشروع قانون البلدية المعروض للنقاش على البرلمان، جدلا واسعا وسط ممثلي الشعب، حيث اعتبر الكثير منهم أن التعديلات المدرجة عليه قضت على كل صلاحيات رؤساء البلديات ومنحتها للولاة ولم تترك للمير سوى مهمة حفر القبور، وتزويج الناس وهدم المباني، فيما اتهم البعض الآخر أحزاب التحالف بتفصيل مشروع القانون على المقاس للمحافظة على مصالحها في الاستحقاقات المقبلة. لم يرق مشروع قانون البلدية التي عجلت السلطات الوصية بإخراجه من أدراج مكاتبها بعد دعوات ملحة من طرف مختلف التشكيلات السياسية، إلى تطلعات نواب الغرفة السفلى للبرلمان، حيث شن الكثير منهم انتقادات لاذعة على معدي مشروع القانون واتهام الإدارة بمحاولة بسط نفوذها على منتخبي الشعب. وأقر رئيس اللجنة القانونية والإدارية والحريات والنائب عن حزب جبهة التحرير الوطني حسين خلدون، باستحالة إعادة النظر في قانون البلدية طالما لم يتم مراجعة قانون الولاية والانتخابات والجمعيات لأن المسألة مرتبطة بشروط ومواصفات لا بد أن يتمتع بها المنتخب، مشيرا إلى أن التعديل الذي أدخل على قانون البلدية هو «جزء وقد اعتمد على مقاربة التعديل التدريجي في انتظار الإصلاح الشامل». وأوضح خلدون، أن مشروع قانون البلدية جاء لمعالجة أهم الاختلالات التي أفرزتها التجربة الماضية، ومنها سحب الثقة التي تسببت في انسداد المجالس المنتخبة وتعطيل مصالح المنتخبين. وفي هذا السياق، أبرز أن التعديل الذي أدخلته اللجنة يقتضي تقديم طلب موقع من طرف ثلثي الأعضاء ولائحة تتضمن بيان الأسباب للوالي لسحب الثقة من رئيس البلدية على أن يكون لهذا الأخير الحق في اللجوء إلى العدالة لإبطال سحب الثقة. وشدد ذات المتحدث على ضرورة إعادة الاعتبار للمنتخب من خلال توسيع صلاحياته وتقليل عدد المداولات التي تخضع لسلطة الوالي. وعارضت لجنة الشؤون القانونية والإدارية والحريات بالمجلس الشعبي الوطني طريقة انتخاب رئيس البلدية وفق التعديل الجديد لمشروع القانون الذي ينص على ضرورة إجراء انتخابات بين أعضاء المجلس الشعبي البلدي لتعيين رئيس البلدية بدل الاحتكام للقائمة الفائزة بالأغلبية مثلما كان معمولا به، ورأت أنه من غير المنطقي أن تخضع القائمة التي تحصلت على الأغلبية المطلقة لانتخابات أعضاء مجلس البلدية مقترحة الإبقاء على الانتخابات للقوائم التي لم تتحصل على الأغلبية على أن يعين رئيس البلدية الفائز بثلثي أصوات أعضاء المجلس الشعبي البلدي وفي حالة تعادل الأصوات يعلن الفائز المتحصل على الأغلبية في الدور الثاني. بدورهم نواب حركة النهضة انتقدوا التعديلات المدرجة على قانون البلدية، لاسيما المواد التي حدت صلاحيات رئيس البلدية وتلك التي توضح طريقة انتخابه. وقال النائب أمحمد احديبي، أن مشروع القانون نزع كل صلاحيات المنتخب لصالح الولاة، بل لم يترك له شيئا باستثناء حفر القبور، وهدم المساكن والاهتمام بقنوات الصرف الصحي، في حين صلاحيات التشغيل، السكن، وضعت في أيدي الوالي حتى أن هذا الأخير ذكر في القانون -مع أنه يخص البلدية100 - مرة في حين ذكر رئيس البلدية 50 مرة وهو ما يعني حسبه وجود توجه لتكريس سلطة الإدارة على المنتخب. وذهب إلى أبعد من ذلك عندما اتهم أحزاب التحالف، بصياغة مشروع قانون على المقاس من أجل المحافظة على مصالحها في الانتخابات القادمة. ووصف مشروع القانون بالخطير والتعسفي داعيا إلى سحبه ومراجعته مع قانون الانتخابات والولاية والجمعيات، متسائلا عن مغزى إخراجه في هذا في هذا الظرف بالذات ولم تعد تفصلنا عن الانتخابات المحلية والتشريعية إلا شهورا. من جهته أوضح النائب عن حزب العمال رمضان تعزيبت أن مشروع قانون البلدية الذي يناقش حاليا يحد من صلاحيات المنتخب رغم أنه يعد ممثل الدولة على المستوى المحلي، مشيرا إلى أن الكثير من مواده تؤكد بوضوح أن الإدارة هي سلطة وصية أو سلطة موازية لرئيس البلدية وهو ما اعتبره مناقضا للديمقراطية التمثيلية. وأضاف أن مشروع هذا القانون يدعو إلى تكريس الديمقراطية التشاركية وهو ما يتناقض مع صلاحيات رئيس البلدية حيث يرى أنه غير مجبر على إشراك المواطن في مهامه.