يثير انتباه أي شخص يتابع قطاع الصحة بولاية تمنراست، الدهشة من الأرقام، خاصة ما تعلق الأمر بالطاقم الطبي وشبه الطبي المتوفر بأكبر ولاية من حيث المساحة بالوطن، إذ يشهد تأطيرا من طرف 97 أخصائيا في الصحة العمومية، بالإضافة إلى 139 طبيب عام و941 شبه طبي. طاقم طبي بهذا الكم الهائل، يجعل كل من يسمع به يتنفس الصعداء ويحلم بإنتهاء معاناة المواطن البسيط من التنقل إلى العاصمة أو الولايات المجاورة لتلقي العلاج، إلا أنه سرعان ما يتبخّر هذا الحلم، وهذا عند التوجه إلى أقرب مؤسسة إستشفائية عمومية على غرار مصباح بغدادي، الملجأ الوحيد لسكان عاصمة الأهقار، حيث يقف على تناقض يجعل المواطن في حيرة من وضعيته الكارثية. «الشعب» وفي خطوة منها للوقوف على الخدمات الصحية وواقع الإحصائيات المعلن عنها، توجهت إلى المؤسسة الإستشفائية العمومية مصباح بغدادي، حيث كانت البداية من واجهة أي مستشفى (مصلحة الإستعجالات)، أين وقفنا على الفوضى والإكتظاظ ، فقاعة الإنتظار لا تكاد تكفي المرضى لمعاينتهم من طرف الطبيب الوحيد المتواجد بالمصلحة، والذي لا يمكن أن يقدم خدمة صحية وعمومية في المستوى في ظل الضغط المفروض عليه، في الوقت الذي من المفترض أن يكون هناك طبيب ثانٍ إلا أن مكتبه كان مغلقا أمام المرضى. يحدث هذا في مصلحة تتطلّب أطباء عامون عادة، ما يجعل السؤال يتبادر للذهن ما حال المصالح التي تتطلب أطباء أخصائيين؟ الشيء الذي جعلنا نتوجه إلى مصلحة طب العيون، التي وجدناها هي الأخرى تعج بالمرضى. في هذا الصدد، صرّح لنا أحد المواطنين الذي كان رفقة أبيه الكبير في السن، أنّه تفاجأ من عدم وجود طبيب عيون الذي كان في وقت سابق قد حدد لوالده موعدا من أجل معاينته، ما جعله في حيرة من أمره، كون أن الدواء الذي يتناوله أبوه نفد له، وحتى الطبيب لا يمكنه أن يتابع حالة والده وعليه العودة إلى غاية نهاية السنة. وهو ما أكّده مريض آخر، حيث أن الطبيب الأخصائي في العيون ومنذ مدة لا وجود له كغيره من الأخصائيين الأخرين على غرار الطب الداخلي، طبيب مختص في السكري، طبيب تخذير، طبيب القلب، بالإضافة إلى عدم وجود طبيب جراحة الأوعية، و الذي غيابه يؤرق مرضى القلب المتزايد في الآونة الأخيرة، ما يجعلهم يتنقلون إلى خارج الولاية وعلى عاتقهم الشخصي، من أجل إجراء عملية «الوصلة الوريدية»، والمعروفة لدى المرضى ب «الساعة» التي تكلف في أحسن الحالات 03 ملايين سنتيم، دون احتساب تكاليف التنقل ومعاناة السفر. في نفس السياق، وعند حديثنا مع أحد الممرضين بالمؤسسة العمومية الإستشفائية، أكد أن حالة الفوضى التي يعيشها المستشفى الوحيد بعاصمة الاهقار أصبحت لا تبعث على الإرتياح، مؤكدا في هذا الصدد أنه تم في الآونة الأخيرة تدعيم المستشفى بثلاثة أطباء مختصين في المجالات التي تعرف نقصا منها مصلحة الأشعة، إلا أن الأطباء وبعد إمضائهم لعقود العمل لم يباشروا عملهم كغيرهم من الأطباء، الشيء نفسه يضيف المتحدث ينطبق على أطباء آخرين محسوبين على المستشفى ويتقاضون أجورهم بصفة عادية إلا أنهم غير متواجدين في مناصبهم. ويضيف المتحدث قي سياق متصل، أن المستشفى يعرف نقصا في شبه الطبي، إلا أن الإدارة منحت لأزيد من 60 شبه طبي رخصة انتداب ما زاد من تأزم حالة المشفى الوحيد، وجعله يعرف نقصا واضحا في هذا الاختصاص. ويضيف ممرض آخر في سياق متصل ل «الشعب»، أنه ورغم عمله بصفة منتظمة في المستشفى ومنذ سنوات، تفاجأ هو الآخر بالرقم الذي تم التصريح به بالنسبة لعدد الأطباء المختصين، متسائلا أين هم هؤلاء الأطباء؟! مؤكدا في هذا الصدد أنه لم يسبق وأن وقف على هذا العدد من الأخصائيين، مؤكدا أن عددهم وفي أحسن الحالات لا يتجاوز 30 طبيبا مختصا، والذين في حد ذاتهم يعمدون إلى برنامج خاص يمكنهم من أخذ عطلة تصل إلى 3 أشهر، وهذا بعد القيام بتجميع العطل الإستثنائية، وبعدها الخروج في عطلة طويلة المدى، ليصطدم المريض مع واقع مفروض يطالبه بعدم المرض إلى حين رجوع الطبيب أو التنقل إلى ولاية أخرى للعلاج. وفي سياق آخر، أكّد نفس المتحدث أن هذه الوضعية الكارثية في التسيير والفوضى التي يشهدها المشفى، جعلت غرفة العمليات الوحيدة بعاصمة الأهقار لا تستقبل المرضى لأزيد من 05 أشهر إلا في الحالات الإستعجالية، وهذا حسب رأي القائمين على المؤسسة الإستشفائية نظرا لنقص طاقم التخذير، الشيء الذي يؤرق المريض بشكل كبير. نفس الشيء ينطبق على المقاطعة الإدارية عين قزام الحدودية، 400 كلم عن عاصمة الولاية، والتي تحتوي على مؤسسة جوارية للصحة العمومية، تعاني هي الأخرى من نقص الأطباء خاصة الأخصائيين، وكذا القابلات حيث انه توجد ممرضة مكلفة واحدة بمصلحة التوليد تعمل 24/24 ساعة، وتشهد نقصا في التجهيزات الخاصة بالمخبر. هذا ومن أجل الوقوف على هذه الوضعية، قامت «الشعب» بالإتصال هاتفيا بمدير المؤسسة العمومية الإستشفائية عبد القادر بيكة، إلا أنه لم يرد على اتصالنا، ما جعلنا نتقرب من إدارة المؤسسة العمومية الإستشفائية مصباح بغدادي، لكن تم إبلاغنا من طرف أحد الموظفات بأمانته أنه لا يمكنه استقبالنا، فتركنا معلوماتنا الشخصية من أجل الإتصال بنا إلا أنّه لم يحدث ذلك.