مسألة أثيرت أمس خلال الندوة الفكرية التي احتضنتها جريدة «الشعب» حول «يوم العلم.. والهوية الوطنية»، تتمثل في غياب شخصية فذة كالشيخ عبد الحميد ابن باديس والدور الكبير الذي لعبه في الحفاظ على الهوية الوطنية بأبعادها الثلاثة الإسلامية، العربية، والأمازيغية، في التظاهرة التي تشهدها الجزائر والمتمثلة في «تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية». وقد تأسف عدة فلاحي المكلف بالإعلام لدى وزارة الشؤون الدينية والأوقاف عن غياب شخصية بحجم الشيخ عبد الحميد بن باديس على الأقل من خلال شريط أو روبورتاج، بمناسبة هذه التظاهرة، واعتبر أن ذلك يترجم عدم الوفاء لهرم شامخ من العلم والعطاء الذي أفنى عمره وهو يلقن أبناء الشعب الجزائري كيفية التمسك بالهوية العربية والإسلامية، في الوقت الذي كان الاستعمار الفرنسي يعمل جاهدا على طمسهما. ورأى عدة فلاحي الذي نشط هذه الندوة الفكرية، انه من المفارقات أن يتلقى الشيخ عبد الحميد بن باديس بمناسبة ختمه لتفسير القرآن، هدية من مدينة تلمسان، ما يزال يحتفظ بها أخيه عبد الحق بن باديس الذي ذكر هذا التكريم ضمن الشهادات الحية التي قدمها عن أخيه الإمام ابن باديس، ولا يعرض خلال هذه التظاهرة العالمية ولو شريط وثائقي حول العلامة. وقد وجه ممثل وزارة الشؤون الدينية والأوقاف خلال الندوة رسالة فيها مرارة كبيرة لغياب شخصية بوزن العلامة ابن باديس على الأقل من خلال شريط أو روبورتاج، يتم من خلالها إبراز البعد التنويري والإصلاحي في الرسالة التعليمية التي أفنى عمره من اجلها، متأسفا عن الغياب الإعلامي الذي ضرب على مؤسس جمعية العلماء المسلمين التي كان لها دور كبير في نشر العلم في وقت كان الاستعمار الفرنسي يعمل جاهدا على تجهيل الشعب الجزائري، لتسهل عليه تنصيره وفرنسته. ومن جهته أكد وزير الشؤون الدينية الأسبق سعيد شيبان خلال تدخله في الندوة الفكرية، على الدور الذي لعبه الشيخ عبد الحميد ابن باديس في نشر فكرة القومية، وتحرير المواطن الجزائري بتلقينه تعليما يتعلق بالثورة حينما اندلعت الحرب العالمية الثانية. وذكر الدكتور سعيد شيبان انطلاقا من المعلومات المتوفرة لديه، ومن معلومات نشرت في كتاب عن مؤلفه «أندري مرسييه» حول القومية الإسلامية في الجزائر، تونس ومصر، الذي صدر 1913 وأهم ما جاء فيه «فعلينا أن نضمن الهيمنة الفكرية على المسلمين الجزائريين» كما تضمن كذلك «أن على فرنسا المحافظة على الجزائروتونس». وقد وجد المتحدث وثيقة سرية جدا، تضمنت معلومات عن اخطر الشخصيات على التواجد الفرنسي، فوجد أن الشيخ عبد الحميد بن باديس قد تصدر القائمة، وقد أشاد في سياق حديثه بالدور الذي لعبه العلامة من خلال الرسالة التعليمية في محاربة الخرافات والبدع التي عمدت فرنسا الاستعمارية نشرها في أوساط الشعب الجزائري.