رفع منح.. السياحة والحج والطلبة داخل وخارج الوطن    سيتم إرساء حوار وطني لتحصين الجزائر من التدخلات الأجنبية    الحوار الوطني الذي كان قد أعلن عنه سيكون نهاية 2025    إجمالي ودائع الصيرفة الإسلامية لدى البنوك يفوق 794 مليار دج    مطالبة أطراف فرنسية مراجعة اتفاق 1968 هو مجرد "شعار سياسي"    الشعب التونسي ينتخب رئيسه الجديد في ظروف استثنائية     القضية الفلسطينية تنتزع مكاسب قانونية تاريخية على درب الحرية والاستقلال    فتح التسجيلات اليوم وإلى 12 ديسمبر 2024    ارتفاع قياسي في درجات الحرارة بداية من نهار اليوم    خنشلة : فرقة مكافحة الجرائم الاقتصادية والمالية توقيف 04 أشخاص قاموا بتقليد أختام شركة    الاستلاب الثقافي والحضاري..!؟    تجارة: تنظيم 6 معارض خاصة بالمنتجات المحلية بالخارج خلال سنة 2025    تسجيل 87 قضية متعلقة بمكافحة التهريب والتجارة غير الشرعية العابرة للحدود خلال أسبوع    قرار المحكمة الأوروبية "خطوة تاريخية" منتصرة للشعب الصحراوي في كفاحه من أجل الاستقلال    مهرجان وهران الدولي للفيلم العربي: عرض أعمال تروي قصص لتجارب إنسانية متعددة    قرار محكمة العدل الأوروبية خطوة جديدة في كفاح الشعب الصحراوي من أجل الحرية والاستقلال    التشكيلي ناشي سيف الدين يعرض أعماله بالجزائر العاصمة    بجاية: مشاركة 9 فرق أجنبية في الطبعة ال13 للمهرجان الدولي للمسرح    رئيس الجمهورية يشدد على وجوب تطابق برامج المدارس الخاصة مع البرنامج الوطني للتربية الوطنية    رئيس الجمهورية يأمر بمتابعة حثيثة للوضعية الوبائية في الولايات الحدودية بأقصى الجنوب    رئيس الجمهورية يأمر برفع قيمة المنحة السياحية ومنحتي الحج والطلبة    الجائزة الدولية الكبرى لانغولا: فوز أسامة عبد الله ميموني    سياحة صحراوية: الديوان الوطني الجزائري للسياحة يطلق حملة لترقية وجهة الساورة    خلال تصفيات "كان" 2025 : بيتكوفيتش يسعى لتحقيق 3 أهداف في مباراتي توغو    الجزائر تعرب عن قلقها العميق    التوقيع على اتفاقية شراكة وتعاون بين جامعة غليزان والوكالة الوطنية لدعم وتطوير المقاولاتية    ما حقيقة توقيف إيمان خليف؟    افتتاح مهرجان وهران الدولي للفيلم العربي    السيتي: محرز ساحر العرب    إسقاط التطبيع واجب حتمي على كل الشعب    أسئلة سيواجهها المجتمع الدولي بعد أن ينقشع غبار الحرب    رئيس الجمهورية يترأس اجتماعا لمجلس الوزراء    المجلس الشعبي الوطني عضو ملاحظ دائم لدى برلمان عموم أمريكا اللاتينية والكاريبي "البرلاتينو"    المنافسات الافريقية للأندية (عملية القرعة): الاندية الجزائرية تتعرف على منافسيها في مرحلة المجموعات غدا الاثنين    انطلاق عملية التصويت للانتخابات الرئاسية في تونس    هادف : اللقاء الدوري لرئيس الجمهورية مع الصحافة حمل رؤية ومشروع مجتمعي للوصول إلى مصاف الدول الناشئة في غضون سنة 2030    أوبك: توقعات بزيادة الطلب العالمي على الطاقة ب 24 بالمائة بحلول 2050    الشروع في مراجعة اتفاق الشراكة بين الجزائر والاتحاد الأوربي السنة القادمة    مهرجان وهران الدولي للفيلم العربي: فيلم "ميسي بغداد" يفتتح المسابقة الرسمية للأفلام الروائية الطويلة    انضمام الكونفدرالية الوطنية لأرباب العمل الجزائريين لمجلس التجديد الاقتصادي الجزائري    رئيس الجمهورية: متمسكون بالسياسة الاجتماعية للدولة    رئيس الجمهورية يؤكد أن الجزائر تواصل مسيرتها بثبات نحو آفاق واعدة    الكشف عن قميص "الخضر" الجديد    مهرجان وهران الدولي للفيلم العربي يعود بعد 6 سنوات من الغياب.. الفيلم الروائي الجزائري "عين لحجر" يفتتح الطبعة ال12    بيتكوفيتش يعلن القائمة النهائية المعنية بمواجهتي توغو : استدعاء إبراهيم مازا لأول مرة ..عودة بوعناني وغياب بلايلي    الرابطة الثانية هواة (مجموعة وسط-شرق): مستقبل الرويسات يواصل الزحف، مولودية قسنطينة ونجم التلاغمة في المطاردة    انطلاق الطبعة الثانية لحملة التنظيف الكبرى بالجزائر العاصمة    يوم إعلامي لمرافقة المرأة الماكثة في البيت    أسماء بنت يزيد.. الصحابية المجاهدة    دفتيريا وملاريا سايحي يشدد على ضرورة تلقيح كل القاطنين    بلمهدي يبرز بتيميمون امتداد الإشعاع العلمي لعلماء الجزائر في العمق الإفريقي والعالم    سايحي: الشروع قريبا في تجهيز مستشفى 60 سرير بولاية إن قزام    استئناف نشاط محطة الحامة    سايحي يشدد على ضرورة تلقيح كل قاطني المناطق التي شهدت حالات دفتيريا وملاريا بالجنوب    محارم المرأة بالعدّ والتحديد    خطيب المسجد النبوي: احفظوا ألسنتكم وأحسنوا الرفق    حق الله على العباد، وحق العباد على الله    عقوبة انتشار المعاصي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قصبات تنتظر من يهتم بترميمها والحفاظ عليها
نشر في الشعب يوم 24 - 02 - 2019

بمجرد الحديث عن القصبة، تتبادر إلى الذهن صور قصبة الجزائر العاصمة.. ولكن هل هذه القصبة هي الوحيدة وطنيا؟ وهل كانت دائما تسمى «القصبة»؟ وهل هي فعلا شاهد على الطراز العثماني؟ هي أسئلة أجابت عنها الأكاديمية ومحافظة التراث الثقافي، الباحثة فايزة ريّاش، حين نزولها ضيفة على جريدة «الشعب»، حيث تحدثت عن وجود عديد القصبات بالجزائر، عدد منها ما يزال ينتظر العناية والحماية.. كما تطرّقت إلى الأصول الأمازيغية لمعمار بعض منها، معمار شهد تمازجا نادرا أثر فيه تداول الحضارات والدول.
تشدّد فايزة رياش، الباحثة الجامعية ومحافظة التراث الثقافي، على تصحيح الفهم الخاطئ لكلمة القصبة ومفهومها، فالقصبة تعني القلعة أو الحصن، ومع مجيء الاستعمار الفرنسي أطلق هذا الاسم عليها واستعملت الكلمة التي أخذت من القصبات الموجودة في الدول المغاربية الأخرى وبشكل أخص المغرب، ونجد هذه الكلمة منتشرة في المغرب الكبير.
وتؤكد رياش أنه لم يكن أحد في الماضي يقول إنه يقطن في القصبة، أو يستعمل عبارة «أنا ابن القصبة»، فهذه الأخيرة كانت تنقسم إلى اللوطى (الأسفل) والجبل (الأعلى)، لذلك كان ساكن القصبة يقول إنه صاعد إلى الجبل أو نازل إلى «اللوطى». وهكذا فقد تردّدت أسماء أخرى مثل بني مزغنة، الجزاير، المحروسة.. وإذا كان العثمانيون قد أضافوا الجزء العلوي للقصبة، فإن القصبة السفلى قد بناها بولوكين بن زيري.
كما تركز رياش على الخطأ الشائع باعتبار القصبة شاهدا على المعمار العثماني، وتقول: «لا يوجد بيت في تركيا ككل يشبه بيوت القصبة، ومعمار هذه الأخيرة مستمد من القصور الأمازيغية القديمة مثل بوسمغون والغاسول وغيرها وفيها وسط الدار والسقيفة وغيرها».
قلاع محصنة.. ومراكز سياسة وقرار
والقصبة عموما هي عبارة عن مجموعة حضرية، إضافة إلى مركز الحاكم أو دار السلطان. وفي عهد المرابطين كانت القصبة مع التجّمعات السكانية والمنازل، كما أن من ميزات القصبة بأبراج دفاعية وأسوار وأبواب.
أول قصبة انفصلت عن التجمعات السكانية هي قصبة تيهرت بانفصال الرستميين عن الحكم العباسي، وكان سبب ذلك الخوف من النزاعات، فدار الحاكم يجب أن تكون بعيدة نوعا ما عن ضغط الرعية وبشكل أخص ضغط الجيش، لأن الجيش في حال عدم دفع الرواتب يثور ويضغط على الحاكم، لذا فلأسباب أمنية تكون القصبة بعيدة نوعا ما عن الرعية. وقصبة تيهرت ذات شكل مستطيل مستنبط من الطراز البيزنطي، تقول فايزة رياش. من جهة أخرى، ذكرت محدّثتنا قصبة أشير بالمدية، وهي الآن موقع أثري مهمل، وقد بنيت في 1007 وهي على شكل مضلع، وكانت في منطقة منيعة.
وأضافت رياش أن القصبات المفصولة عن تجمعات سكانية عادة ما تكون في أماكن جبلية مرتفعة، على غرار قصبة الجزائر، وساهمت الحملات الأجنبية في ذلك بشكل كبير، وفي هذا السياق تمّ تغيير مكان الحاكم علي خوجة من دار السلطان إلى باب جديد: «الحي السياسي والعسكري في تلمسان والحي الشعبي في أغادير مثالان آخران عن فصل مكان الحاكم والرعية»، تقول رياش.
على أنقاض الفينيقيين والرومان
وتواصل رياش: «هناك قصبات عديدة من أهمها قصبة ميلة، وأهم القصبات مبنية فوق مواقع رومانية التي بدورها بنيت فوق مواقع فينيقية»، وهذا راجع حسبها إلى اهتمام الرومان بالزراعة، وكان يتمّ استغلال البنايات المكتملة أو يتم هدم جزء منها وإعادة بنائها.
ولم يكن ذلك حكرا على الرومان فقط، بل عملت كل حضارة على استغلال للبنايات الموجودة أصلا، وكمثال على ذلك ميلة التي كان اسمها ميلاف بمعنى ألف ينبوع، ولما جاء أبو المهاجر دينار سميت ميلاح. وهذه القصبة فيها مسجد سيدي غانم الذي بناه أبو المهاجر دينار، وهو ثاني أقدم مسجد في شمال أفريقيا بعد مسجد القيروان.
قصبة أخرى حدثتنا عنها فايزة رياش هي قصبة بجاية، «القصبة المنيعة» كما قالت، وكان مركز الحماديين في قلعة بني حماد بالمسيلة، وتركوا المنطقة لمعركة بينهم وبين أولاد نايل، فيما يرى الباحث رشيد بورويبة أن السبب كان السعي إلى التوسع للوصول إلى المهدية، فيما تميل رياش للطرح الأول.
وبجاية بدأت مدينة فينيقية «صلداي»، ثم رومانية، ثم إسلامية، وقد تمّ البناء قرب المرافئ الرومانية لتسهيل التجارة مع روما. وبجاية حصن طبيعي وبناء القصبة كان أمرا سهلا، جهة قبالة البحر وأخرى قبالة الجبل، وهذا ما ساعدهم في صراعاتهم مع الحفصيين.
فيما تقول مصادر أخرى إن الموحدين أضافوا تغييرات على قصبة بجاية، ثم الحفصيين بعد ذلك، وقد حطمت سنة 1510 على يد بيدرو نافارو في حملته ضد بجاية، في إطار مشروع تمسيح كل المنطقة، قبل أن يستعيد صالح رايس فتحها سنة 1555.
وتواصل فايزة رياش جولتها وتتوقف عند قصبة تنس تسمى أكثر «تنس الحضر»، والتي يمكن اعتبارها قصبة، وكان اسمها سابقا كارتيناز وهي مرفأ فينيقي ثم موقع روماني. وميزتها هي أنها تختلف بطابعها المعماري، فقد دخلها الأندلسيون كثيرا وكانت تربط الطرق التجارية من وهران وتلمسان، ورغم أنها منطقة أمازيغية فإننا نجد فيها نسبة كبيرة من الأندلسيين وذلك قبل سقوط الأندلس، ونجد فيها البصمة الرستمية والموحدية والعثمانية، وهي التي تأسست في القرن 9 ميلادي.
تشابه.. واختلاف
ومن التشابهات بين مختلف القصبات ذكرت رياش وجود السور، الذي يكون عاليا، إضافة إلى الأبراج وحتى الأبواب، وإذا كانت قصبة الجزائر تحتوي سبعة أبواب، فإن قصبة دلس مثلا فيها أربعة أبواب، وقد تعرضت قصبة دلس إلى كثير من الأضرار خصوصا بعد زلزال 2003: «كانت تحتوي قصبة دلس على قرابة 250 بيتا، وهي من أجمل القصبات، ولكن يكاد لا يتبقى منها شيء»، تقول رياش.
وتضيف باحثة الآثار، أن كل قلعة أو كل قصبة لها شكل مختلف، مثلا فإن قصبة الجزائر على شكل مثلث، فيما بنيت قصبة أشير في شكل مضلع، وكذلك بجاية، أما قصبة تيهرت فهي على شكل مستطيل، وهناك عوامل تلعب دورا في هذا الصدد، منها ما يبنى في هذه القصبات من مساجد وعيون وحمامات ومنازل. كما أن أغلب القصبات نجد فيها أضرحة وزوايا، تقول.
من جهة أخرى، فإن كل القصبات نجد في بيوتها السقيفة، ولكن وإن كانت القصبات تتشابه فإن الطراز المعماري يختلف من حضارة إلى أخرى، ومن دولة أخرى، من خلال المئذنة وقاعة الصلاة إلى غير ذلك.. مثلا، في الفن المعماري المرابطي نجد الأقواس المنكسرة على غرار ما نلاحظه في دار عزيزة. كما أن المنطقة الجغرافية تلعب دورا هي الأخرى.
معمار أمازيغي عريق
ومن المعالم التي كشفت عنها رياش، قصبة درب التبانة التي هي قصبة عثمانية مائة بالمائة، أما تاجديت فهي أمازيغية وهي أقدم من سابقتها، وكلاهما في مستغانم.
أما الأولى فقد بني جامعها في القرن 14 الميلادي، وبها بعض المعالم الزيانية والموحدية، وفيها دار المفتي ودار القايد والحمامات وبرج المحال الذي بناه المرابطون، وبنى من أعقبهم على أنقاضه. وأما قصبة تاجديت فلم يكن فيها مساجد وبنيت بعد دخول الإسلام، تقول فايزة ريّاش. توقفنا هنا عند مسألة وجود القصبة في منطقة من المناطق حتى قبل دخول الإسلام، فيما ارتبط هذا المفهوم لدى الناس بالفترة الإسلامية، بل وبالمراحل الزمنية المتأخرة منها. واعتبرت رياش أن الرستميين لما تبنوا المذهب الإباضي كانت لديهم المدينة حتى قبل الإسلام، وهذا أمر بديهي، كما نجد الطراز المعماري حاضرا في المدينة القديمة، والسقيفة الموجودة في العمارة الإسلامية كانت موجودة أيضا في المعمار الروماني والبيزنطي، وكذلك الأقواس والحمامات.
وذهبت رياش إلى الجمع في هذه النقطة، أي مسألة القِدم، بين القصبة والقصر، وقالت إنه حتى قانونيا، فإن كلا من القصر أو القصبة يعتبران قطاعا محفوظا، والقصور في الصحراء تعود إلى القرن 11 و12 و13 ميلادي وسكانها أمازيغ، ما يعني أن هنالك ارتباطا وثيقا بين هذا النوع من العمران والأمازيغ.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.