أرجع الوزير الأول أحمد أويحيى، النهضة الوطنية التي شهدتها البلاد خلال العشريتين الأخيرتين إلى الاستمرارية، التي مكنت الجزائر من تجسيد إنجازات هامة في الميدان، مثلت قفزة نوعية في جميع المجالات، مؤكدا أن هذا الخيار توج بعملية بناء وطني حقيقي في بلد ضربته في ماض قريب أزمة اقتصادية خطيرة وعصفت به مأساة وطنية دامية. أويحيى استعرض، أمس، داخل قبة البرلمان، أمام نواب المجلس الشعبي الوطني، بيان السياسة العامة المتضمن لحصيلة عمله منذ 2017، معرجا خلالها على جملة من الملاحظات تدور حول محاور شملت تنفيذ البرنامج الرئاسي للفترة الممتدة من 2014 إلى 2018، المندرج ضمن عمل الحكومة الحالية، مذكرا بالتطورات الهائلة التي شهدتها الجزائر خلال العشرين سنة الأخيرة، بفضل استمرارية المسيرة تحت قيادة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، مقدما في الأخير نظرة استشرافية لمستقبل البلاد. بخصوص السياسة العامة قال الوزير الأول، إن الجزائر اليوم تعيش في كنف السلم والأمن بفضل يقظة عناصر الجيش الوطني الشعبي وقوات الأمن، وجهودها وتضحياتها الجسام، مكنت البلاد في العشريتين الأخيرتين من مواصلة مسار الإصلاحات لعصرنة قطاع العدالة الحكامة، وأيضا لتحسين الشبكة المالية ومناخ الاستثمار. واستطرد يؤكد في مداخلته أن الجزائر سجلت تقدما ملحوظا في المجال الاقتصادي، فعلى سبيل المثال يقول المسؤول الأول عن الجهاز التنفيذي «شهدت الفلاحة نسبة نمو قاربت 9 بالمائة، وتمكن قطاع الصناعة من تغطية الحاجيات الوطنية في العديد من المجالات وحتى من رفع حجم الصادرات خارج المحروقات». وكان النمو الاقتصادي قويا حسب تأكيدات الوزير الأول حيث قاربت حسبه ما نسبته 4 بالمائة خارج المحروقات في سنة 2018، وينتظر قطاع المحروقات الذي يخضع حاليا للتقويم، مستقبلا واعدا بفضل المراجعة التشريعية المقبلة، وإقدامه على تصدير الغاز الصخري وأيضا تطوير المنتوجات البتروكيماوية. وشهدت التنمية البشرية يضيف أويحيى، تقدما معتبرا في المنظومة التربوية وفي قطاعي الجامعة والتكوين المهني، وأيضا في مجال السكن وعبر تزويد المواطنين بالماء الشروب بالكهرباء والغاز. وأوضح أويحيى أن السياسة الاجتماعية قد استمرت بمستواها المعتبر رغم المصاعب المالية، مبرزا في هذا المقام التضامن الوطني القوي لفائدة الفئات المحرومة المسعفة، وتستمر منظومة الحماية الاجتماعية والتقاعد في تقديم خدمات هامة، ولاسيما بدعم من الدولة، كما تمثل التحويلات الاجتماعية أكثر من 1500 مليار دينار في السنة في حين استقرت البطالة في نسبة 11 بالمائة رغم ثقل الطلبات الجديدة عن الشغل. ويتواصل التكفل بالمجاهدين وذوي الحقوق ولاسيما في مجال تقدم المنح والتغطية الطبية فيما يتم صون ذاكرة ثورتنا المجيدة من خلال تدريسها وإنجاز المتاحف والتكفل بمقابر الشهداء وكذا كتابة التاريخ حسب تأكيدات أويحيى. الشباب في قلب انشغالات الحكومة ويظل الشباب في قلب انشغالات الحكومة على حد تأكيدات الوزير الأول، من خلال ضمان له التكوين والتفتح لاسيما من خلال النشاطات الترفيهية والرياضية وسبل الاندماج في المجتمع وخاصة في مجال الشغل. كما تحظي الهوية الوطنية باهتمام متميز، فترقية الإسلام، دين الدولة، يوضح الوزير الأول على أنها تتم على وجه الخصوص عبر تعزيز دور المساجد وتوحيد برامج التربية الإسلامية ونشر الثقافة الإسلامية، كما شهدت ترقية اللغة الامازيغية توسيع تدريسها إلى 44 ولاية، إضافة إلى إصدار القانون المتعلق بالمجمع الجزائري للغة الأمازيغية، الذي تم نشر تشكيلته، حيث يتم تنصيبها قريبا. وفيما يتعلق باللغة والثقافة العربيتين قال أويحيى، «إنهما تظلان في قلب اهتماماتنا من خلال منظومة التكوين وكذا الفضاء الثقافي والإعلامي»، فيما تحظى الجالية الوطنية بالمهجر باهتمام بالغ، فعلاوة على حمايتها وتسهيل التكفل بها قنصليا من خلال إصدار الوثائق الرقمية، تستفيد جالياتنا أيضا من إجراءات جديدة قررها رئيس الجمهورية منذ سنة. وتمت في هذا السياق معالجة 21000 ملف للاستفادة من سكن ترقوي، فيما تم استكمال أكثر من 900 ملف للاستفادة من قروض مصغرة لصالح الشباب وتعالج الوكالة الوطنية لتطوير الاستثمار عشرات المشاريع لأعضاء جاليتنا بالمهجر، في حين سيفتح فرع لبنك جزائري بفرنسا في السنة الجارية. وفي مداخلته الثانية المرتكزة على تنفيذ برنامج الرئيس للفترة الممتدة من 2014 إلى 2018، قال أويحيى إنها كانت فترة غنية بالإنجازات حيث شهدت تعديلا دستوريا أحيط باستشارة واسعة للطبقة السياسية وللحركة الجمعوية، تعديل كلله تقدم هام في مجالات عديدة وتجسد كذلك من خلال تحين العديد من القوانين. واستكملت العدالة يؤكد أويحيى، نشر شبكة واسعة من الهياكل القضائية عبر كافة الولايات، ويستمر مسار إصلاح التشريع خاصة لفائدة المتقاضين ولاسيما تبني نظام التقاضي على درجتين في مجال الجنائي وإحداث الدفع بعدم دستورية القوانين أمام المجلس الدستوري. وباتت الإدارة تتقدم في عصرنتها وخاصة بتعزيز هياكلها الإقليمية في الجنوب وبالمدن الكبرى، وكذا من خلال التقدم المعتبر في رقمنة العقود والإجراءات والوثائق وأيضا مع لامركزية القرارات في عدة مجالات لفائدة الولايات. وفي المجال الاقتصادي استفاد الاستثمار يبرز أحمد أويحيى من تسهيلات إضافية ولاسيما من خلال لامركزية الإجراءات وعرض أوفر للعقار الصناعي و اتخاذ إجراءات هامة في المجال الجبائي، وتخفيض نسب الفوائد على القروض البنكية وكذا دعم الصادرات خارج المحروقات. وفيما يتعلق بالإنجازات،تميزت السنوات الخمس الأخيرة بحصيلة هائلة تحققت رغم انهيار أسعار النفط منذ سنة 2014 والذي تسبب في تقليص المداخيل الخارجية لبلدنا بنسبة 70 بالمائة مرحلة بقيادة الرئيس بوتفليقة كانت يقول أويحيى ثرية بالإصلاحات والإنجازات سمحت للجزائر بتجسيد تقدم ملحوظ في جميع المجالات. ليفسح المجال بعد هذا الشق للوزير الأول للتطرق لمختلف المكتسبات التي حققتها الجزائر منذ 1999 بفضل خيار الإستمرارية تحت قيادة رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، مبرزا خلالها حجم البرامج التي لا تزال قيد الانجاز والتي تبشر باستلام مرافق عديدة أخرى في السنوات المقبلة. وعرض في هذا الصدد أويحيى، ثلاثة أمثلة تعكس أهمية المسافة التي تم قطعها منذ 1999 والمتعلقة بكل من استعادة السلم كلية وتحقيق المصالحة الوطنية، مصالحة أصبحت بها الجزائر مرجعا عالميا، استرجاع الاستقلال المالي حيث مكنت الاستمرارية من التسديد المسبق لأزيد من 25 مليار دولار ووضع حد للاستدانة الخارجية وتوخي الحذر في تسيير احتياط الصرف و ادخار هام لدى الخزينة العمومية إجراءات مكنت من مواجهة انهيار أسعار النفط منذ 2014، مبرزا في مثاله الثالث، التحولات العميقة التي عرفتها الجزائر منذ 1999،مجال التنمية الاقتصادية والصناعة والخدمات و الفلاحية التي أعطت نتائج تبعث على الارتياح. إنجازات أكد من خلالها أحمد أويحيى على أنها مصدر إلهام وشحذ للعزائم أمام كل التحديات المتبقية في نهج بناء الجزائر، تحديات شكلت المحور الأخير في مداخلته أمام نواب المجلس الشعبي الوطني، الذي دعا من خلاله إلى ضرورة الوعي والتبصر لإدراك تحديات الغد التي تكمن في الطموحات المشروعة لأجيالنا الصاعدة وتجسيد كل متطلبات دولة الحق والقانون وكذا نظام الديمقراطية التعددية. أويحيى يرى من خلال نظرة استشرافية أهمية المضي لبلوغ مستوى حقيقي من التنوع والمنافسة في المجال الاقتصادي، مستوى يسمح بخلق حجم كاف من مناصب الشغل لتغطية حاجيات الشباب وتحقيق اقتصاد متنوع وقوي يمد الدولة بالموارد الكافية لضمان ديمومة سياستنا في مجال العدالة الاجتماعية والتضامن الوطني. تحديات كبيرة تواجهنا على الصعيدين الداخلي والخارجي على الصعيد الخارجي قال الوزير الأول إن تحديات كبيرة تواجهنا لا تقل أهمية وخطورة، بالنظر إلى المخاطر التي تهدد جوارنا والمخاطر التي تحوم بالاقتصاد العالمي والرهانات التي تثقل آفاق السوق العالمية. وأمام هذه التحديات والرهانات، يتأكد علينا يؤكد أويحيى قائلا» واجب مضاعفة الإصلاحات والتحولات وتضافر مثمر لطاقاتنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية في ظل احترام تعدد المشارب والمناهل».