أكد الوزير الأول, أحمد أويحيى اليوم الاثنين ان الجزائر تمكنت من الصمود في وجه الأزمة النفطية التي تسببت في تقليص مداخيلها بحوالي 70 بالمائة, وذلك بفضل مواردها المالية الخاصة و"إجراءات داخلية اتخذت بكل سيادة". وأوضح السيد أويحيى خلال عرضه لبيان السياسة العامة للحكومة أمام المجلس الشعبي الوطني بأن الجزائر "تمكنت من الصمود أمام تدهور أسعار النفط منذ سنة 2014 , بمواردها المالية الخاصة ومن مواصلة مسارها التنموي, حتى وإن شهد نوعا من التعطيل الظرفي الذي اجتزناه بفضل إجراءات مالية داخلية تم اتخاذها بكل سيادة". ولفت الوزير الأول إلى أنه في الوقت الذي واجهت فيه الجزائر هذه المرحلة بصمودي أدى تدهور أسعار الخام في عدد من الدول المنتجة للنفط إلى ركود اقتصادي وإلى الاستدانة الخارجية وبرامج إعادة هيكلة. كما قارن السيد أويحيى صمود الجزائر في الأزمة النفطية الاخيرة بتلك التي عاشتها البلاد سنة 1986 والتي تسببت -كما قال- في "توقف التنمية في بلدنا تلته استدانة خارجية خانقة أدت إلى تعديل هيكلي أليم". ويأتي هذا الصمود في مواجهة أزمة أسعار النفط مند 2014 بفضل التدابير المتخذة في السنوات التي سبقتها و التي ترمي إلى استرجاع الاستقلال المالي للبلاد. وفي هذا الإطاري ذكر الوزير الاول بأبعاد القرارات المتخذة والمتعلقة بالتسديد المسبق للديون الخارجية ووضع حد للاستدانة وتوخي الحذر في تسيير إحتياطي الصرف وكذا زيادة ادخار الخزينة العمومية. ولدى استعراضه للتطورات التي عرفها الاقتصاد الوطني خلال السنوات العشرين الأخيرة, ذكر السيد أويحيى بحجم الانجازات المحققة والتي تعد بمثابة "إعادة بناء وطني حقيقية" والذي ينتظر أن تتواصل نتائجها في المستقبل القريب. ففي المجال الفلاحي, بدأ برنامج الدعم العمومي "الهام" للاستثمارات وللمنتجات الاستراتيجية وكذا الري, يعطي نتائج "تبعث على الارتياح", يؤكد السيد أويحيى, مشيرا إلى ان الجزائر بدأت تحد تدريجيا من تبعيتها في مجال انتاج اللحوم والحليب والحبوب وهو "التحدي" الذي سيرفع في السنوات المقبلة. أما فيما يخص باقي المنتجات الفلاحية, شرعت الجزائر في تحقيق الاكتفاء الذاتي في عدة شعب مع تسجيل طاقات إنتاج إضافية موجهة للتصدير. كما مكنت المزايا التحفيزية على المستويين الجبائي وشبه الجبائي في مجال الصناعة والخدمات من تحقيق عشرات الآلاف من المشاريع لاسيما منها ذات الوطنية, حسب قول الوزير الأول. وإلى جانب ذلكي اعتبر بأن "ثقة الشركاء الأجانب في الاستقرار السياسي والقانوني ببلدنا تتزايد أيضا مما جعل المشاريع المشتركة الكبرى تتضاعف سنة بعد سنة". وكان عرض بيان السياسة العامة للحكومة فرصة لتسليط الضوء على "التقدم الملحوظ" الذي عرفه الاقتصاد الوطني حيث لفت السيد اويحيى إلى ان معدل النمو خارج المحروقات بلغ 4 بالمائة في العام 2018. كما ينتظر قطاع المحروقات الذي يخضع حاليا للتقويم -حسب السيد أويحيى- "مستقبلا واعدا, بفضل مراجعة القانون المتعلق به وتصدير الغاز الصخري وتطوير المنتجات البتروكيماوية". واعتبر بأن السنوات الخمس الأخيرة كانت "ثرية بالإصلاحات وغنية بالإنجازات" حيث تميزت بحصيلة "هائلة" تم تحقيقها بالرغم من انهيار أسعار النفط منذ 2014. وفي هذا الإطاري سجلت الوكالة الوطنية لدعم الاستثمار اكثر من 26 الف مشروع بقيمة تتجاوز 8 آلاف مليار دج في الفترة الممتدة ما بين 2014 و2018ي وفقا للأرقام التي عرضها الوزير الأول. كما تم إحصاء 67 الف مشروع فلاحي مدعم من طرف الدولة في هذه الفترة الخماسية بقيمة إجمالية بلغت 351 مليار دج, يضيف السيد أويحيى. يضاف إلى ذلك عدد كبير من الانجازات الاقتصادية والاجتماعية من بينها تسليم 1,2 مليون سكن وتوزيع شبكة الطرقات بأكثر من 3.500 كم. =الرفع من التنافسية الاقتصادية من أهم التحديات المستقبلية للجزائر= وحول الآفاق المستقبلية للتنمية بالجزائر, اعتبر السيد أويحيى أن رفع مستوى التنوع والتنافسية الاقتصاديين من أهم التحديات التي تواجه البلاد والتي تستدعي "مضاعفة جهود الاصلاحات والتحولات". واوضح بهذا الخصوص بأن التحديات الداخلية للجزائر تتثمل أيضا في "بلوغ مستوى حقيقي من التنوع والمنافسة في المجال الاقتصادي, مستوى يسمح لنا بخلق حجم كاف من مناصب الشغل لتغطية حاجيات شبابنا واقتصاد متنوع وقوي يمد الدولة أيضا بالموارد المالية الكافية لضمان ديمومة سياستنا في مجال العدالة الاجتماعية والتضامن الوطني". وتأتي هذه التحديات إلى جانب تلك المتعلقة بتبعات "التقدم المعتبر الذي عرفته البلاد وخاصة في مجال التنمية البشرية" و"بالطموحات المشروعة للأجيال الصاعدة", إضافة إلى التحديات الخارجية التي تتضمن "التقلبات والمخاطر التي تحوم بالاقتصاد العالمي وخاصة تلك الرهانات التي تثقل آفاق السوق العالمية للطاقة", حسب الوزير الأول. وأمام هذه التحديات -يضيف السيد أويحيى- يتأكد "واجب مضاعفة الاصلاحات والتحولات" وهو ما يتطلب أيضا "العمل على تضافر مثمر لطاقاتنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية في ظل احترام تعدد المشارب والمناهل".