الثقافة هي القاسم المشترك بين شعوب العالم، من خلالها يمكن التعبير عن أشياء ليست بالضرورة من قضايانا، بهذه النظرة أطلت علينا المخرجة المسرحية الفرنسية''جيرالدين بينيشو'' في عمل فني، اجتمع فيه الغناء والسرد المسرحي بالموسيقى الجزائرية الأصيلة لإيصال رسالة هادفة. عن عملها هذا وعلاقتها بالجزائر، تتحدث لنا في هذا الحوار الشيق الذي جمعنا بها على هامش تقديم عرضها بالمركز الثقافي الفرنسي للجزائر العاصمة . ̄ ممكن تقديم نفسك للقراء؟ ̄ ̄ جيرالدين بينيشو، من مواليد مدينة ليون وبالضبط في عام 1974 مخرجة مسرحية بمسرح''غرابيج'' الذي أسسته رفقة ''لونسيلو هاملان'' في 1996 أجدادي عاشو في تلمسان ثم انتقلوا إلى فرنسا قبل الاستقلال درست الفلسفة وقمت بتكوين في الإخراج المسرحي، أخرجت عدة أعمال اغلبها تعتمد على نصوص أدبية يجتمع فيها الحديث بالغناء والموسيقى. ̄ ''ضع حقيبتك'' هو عنوان عملك الذي عرض ببجاية وتيزي وزو ثم العاصمة هلا حدثتينا عنه وعن اختيار هذا العنوان بالذات؟ ̄ ̄ ''ضع حقيبتك'' هو عمل من إنتاج مسرح''غرابيج'' من طرف موسيقيين ومغنيين وكتاب، والذي عرض في ليون والعديد من المدن الفرنسية منذ 2007، يتحدث عن الهجرة والمنفى ووقع اختيارنا على العنصر النسوي في التعبير عن الأحاسيس والمعاناة التي تعترض كل مهاجر، هذه الأحاسيس لا تتعلق بالمهاجر من بلد لأخر فقط، بل تشمل الفرد الذي يغير مكان إقامته أو يرحل لمكان جديد ليجد نفسه أمام واقع غير الواقع الذي كان يعيشه في حيه أو بلدته. هذا العمل انطلقنا فيه منذ مدة وفي كل مدينة يحط فيها عرضنا إلا وكان هناك مجموعة جديدة ومختلفة من الفتيات والنساء، يعبرن عن ما في وجدانهن عن الغربة يقدمن شهادتهن عن الأحداث التي صاحبت رحلتهن إلى عالم جديد ليس بالضرورة أجنبيات فقد يكنن فرنسيات غيرنا الإقامة فتتغير حياتهن بسبب ذلك، وفي المجموع جمعنا 80 فتاة في فرنسا. وفي إطار نفس العمل التقيت بالمغني صالح غاوا منذ سنتين بليون وطرحت عليه فكرة جمع فتيات وموسيقيين في الجزائر لتقديم العمل على الجمهور الجزائري فاختار غاوا أغاني من التراث الشعبي والقبائلي لمغنيين منهم من عاش في الغربة كحنيفة وسليمان عازم والشيخ الحسناوي وآخرين وجمعنا 13 فتاة من بجاية وفتح لنا مسرح بجاية أبوابه وانطلقنا في العمل بأغاني عربية أمازيغية وحديث مسرحي بالفرنسية. ̄ما هو الهدف من هذا العمل المشترك؟ ̄ ̄ هو قبل كل شيء الإشادة والتذكير بهؤلاء المغنيين الذين عانوا في الغربة وماتوا بعيدين عن الوطن وأيضا لإعطاء الحرية للمغتربات للحديث والتعبير عن ما بداخلهن من شعور بالنقص او الحنين وبالتالي تقاسم الأفكار والعواطف والأحاسيس للتقريب بين الشعوب ومعرفة ما معنى الإنسانية، العذاب والفرح في حياة المهاجرة وأنا هنا اشعر بالسعادة لاجتماع جزائريين وفرنسيين في عمل واحد خاصة وأننا نعلم التاريخ الحافل بالهجرة بين البلدين. ̄ الملاحظ انكِ مرتبطة كثيرا بالجزائر وبفنها إلى ماذا يعود الأمر ياترى وهل هذه أول زيارة لكم للجزائر؟ ̄ ̄ أنا أحب الجزائر كثيرا وثقافتها المتنوعة، وهذه الزيارة ليست الأولى إذ كانت أول زيارة لي للجزائر في 2006 لتقديم عرض عمل غنائي مسرحي بالمسرح الوطني ثم بوهران، بجاية وسطيف وفي 2008 قدمنا عرض بعنوان ''آنا وأخواتها''بالعاصمة وتلمسان وفي 2009 قدمنا عمل مقتبس من أعمال مولود فرعون وكما تلاحظون كلها أعمال مقتبسة من نصوص أدبية ولقاءاتنا هنا بالجزائر ساهمت في التقريب بين الفنانين الفرنسيين والجزائريين جمعهم حوار ولقاءات مفيدة فمثلا الأغاني الأمازيغية والعربية تعلمها الفرنسيون وأصبحوا يأدونها بشكل ممتاز بل وحاول الكثير منهم تعلمها وهذا شيء جميل فأنا مثلا رغم أني لا أتقن العربية إلا أنني تعلمت أغاني كثيرة جزائرية. ̄ ماهي أهم مشاريعك والأهداف المستقبلية؟ ̄ ̄ أهم هدف أعمل من أجله مستقبلا هو جمع فتيات فرنسيات وجزائريات في عروض مشتركة كأخر محطة من عمل ''ضع حقيبتك'' نقدمها بمدن جزائرية وفرنسية ثم سأعمل بعدها على إنتاج عمل أخر عن الهجرة أيضا لتغيير نظرة الفرنسيين للمهاجر المرتبطة أساسا بالخوف من هذه الفئة لأن وسائل الإعلام الفرنسية ساهمت في خلق هذه النظرة السلبية عن المهاجرين حديثها عنهم يجعلك تنفر منهم وتٌستعمل أيضا سياسيا بطريقة غير لائقة كما أن هذه الأعمال تفسح المجال للمهاجرين للحديث والتعبير بحرية عن ما بداخلهم دون تردد وخوف للتعريف بهم وتصوير الحقائق بايجابية فالمهاجرين والمهاجرات هم عباد مثل الآخرين يعيشون الفرح والحزن وعلى فرنسا أن تغير نظرتها نحو هذه الفئة ونحن انطلاقا من دورنا كفنانين ودور الموسيقى والغناء والمسرح في تغيير الأشياء حاولنا أن نقدم هذه الفئة لمختلف المجتمعات بايجابية . ̄ ما هي الرسالة التي تريدين ربما تقديمها في ختام هذا الحوار؟ ̄ ̄ الرسالة التي أحاول دائما إيصالها في أعمالي وفي خرجاتي هي الحوار، التعارف والمحبة بين الجميع لأن أهم شيء هو اللقاء والتواصل بغض النظر عن أصولنا وانتماءاتنا وثقافتنا فالإنسانية تتقاسم أشياء كثيرة هذه القواسم المشتركة علينا استغلالها للتقريب بين الشعوب فالثقافة لها دور في جمع الأفراد، هذا المبتغى النبيل الذي نطمح له جميعا وشكرا لجريدكم على إعطائي هذه الفرصة.