اعتبرت المقررة الخاصة للأمم المتحدة حول الحق في السكن اللائق راكيل رولنيك، أمس أن الجزائر تتوفر على وسائل للخروج من أزمة السكن وتحسين الإطار المعيشي لسكانها، داعية الحكومة إلى بذل المزيد من المجهودات في مجال تحديد سياسة الإسكان ووضع آليات لمراقبة تنفيذها وإشراك المواطنين في إعداد قوائم المستفيدين من السكنات الاجتماعية لوضع حد للاحتجاجات الشعبية المتكررة. ورأت الموفدة الأوروبية خلال تنشيطها ندوة صحفية بمقر مكتب الأممالمتحدة بالعاصمة، أن الجزائر عكس بلدان أخرى لها أفق وإمكانات للخروج من الأزمة الهيكلية الموروثة منذ العهد الاستعماري، حيث كان 10 بالمائة فقط من الجزائريين يقيمون في سكنات لائقة أثناء الفترة الاستعمارية، وهو العجز الذي قالت أنه استمر في سنوات الاستقلال بسبب الأزمة الاقتصادية التي عاشتها الجزائر سنوات الثمانيات والأزمة الأمنية في التسعينات. وأشارت رولنيك في تقريرها الأولي الذي توج زيارتها الميدانية لورشات السكن في الجزائر طيلة 11 يوما، إلى أن الدولة الجزائرية خلال هذه الفترة لم تكن تمتلك الوسائل لتمويل سياسية الإسكان مما ترتب عنه ظهور السكنات العشوائية والأكواخ القصديرية، وزيادة حدة هجرة السكان نحو المدن هروبا من العنف، وأضافت عاملا ثالثا هو تعرض الجزائر لكوارث طبيعية (زلازل، فيضانات)، إضافة إلى وجود 14 بالمئة من الحضيرة السكنية بدون مقيمين. وفي هذا السياق، شددت ذات المسؤولة على ضرورة إيجاد حل للأزمة السكن في الجزائر، خاصة وأن هذه الأزمة ولدت حسبها نزاعات اجتماعية بسبب التأخر في الاستجابة لطلبات المواطنين، وأفرزت العديد من المساكن القصديرية والعشوائية التي تفتقر لأدنى شروط المعيشة، إضافة إلى رواج المضاربة في أسعار الإيجار و استفحال ظاهرة الطرد، وتحول السكن المؤقت إلى سكن دائم بالنسبة للحالات الطارئة مثل المقيمين في البنايات الجاهزة (الشاليهات). ورغم أنها أشادت بالسياسة الحكومية المعتمدة في مجال السكن على غرار تنظيم جلسات العمران و المجتمع المدني إلا أنها اعتبرت تلك الإجراءات ناقصة لأنها لم تستشر المواطنين والمجتمع المدني في رسم وإدارة ومتابعة سياسة السكن والتخطيط العمراني. وحملت المقررة الأممية السلطات العمومية مسؤولية تأزم الوضع في قطاع السكن، حيث رأت في تقريرها أن الاستثمارات العمومية في مجال السكن تركزت في مجال بناء وحدات جديدة للسكن على أساس الكمية، دون أن تراعي الاحتياجات المختلفة للسكن في البلاد. وفي هذا السياق، دعت المقررة الأممية في أولى توصياتها الحكومة إلى تقييم الاحتياجات الموجودة في مجال السكن وتركيز سياستها على برامج أكثر تنوعا وسياسات أكثر سكنية تهدف إلى إدماج المجال الحضري، مقترحة إنشاء سجل وطني موحد لطلبات السكن المقدمة من قبل المواطنين مع تحديد النقاط الممنوحة لكل طالب بالسكن، كما اشترطت نشر القائمة لتكون في متناول الجميع عبر المواقع الالكترونية للسلطات المحلية سواء البلدية، الدائرة أو الولاية. من جهة أخرى، سجلت ذات المسؤولة ظاهرة انتشار طرد ملاك المنازل للمستأجرين وهي الظاهرة التي تزايدت حسبها منذ المصادقة على قانون الإجراءات المدنية في سنة 2008 والذي يحمي المالكين ضد المستأجرين، وتوقعت أن يصبح عدد هام من الأشخاص من دون مأوى. واقترحت في هذا السياق أن تقوم الدولة الجزائرية بتنظيم سوق الإيجار ووضع سقف لحقوق الكراء بالموازاة مع تقديم منح للسكنات الهشة وتحيين التشريعات بشكل يساعد على طرح الشقق غير المشغولة في السوق.