أضحت أكوام النفايات المنزلية والأوساخ المتراكمة ترسم المشهد العام لمعسكر عبر كامل ترابها، وهو مشهد بيئي متردي يتكرر في المدن والتجمعات الحضرية والشبه الحضرية، كما هو الوضع عليه في المناطق والبلديات الريفية،وحتى تلك المدن النموذجية التي كان يضرب بها المثل في نظافة المحيط، وتحول الوضع البيئي العام بإقليم ولاية معسكر إلى هاجس يشكل نقطة تلاقي هموم الإدارة و المواطن على حد سواء، في وقت كف فيه الطرفان عن تراشق المسؤولية، ما يعتبر عموما ورغم حجم الضرر البالغ والمتوقع – الناجم عن مشكل النظافة بمعسكر – معضلة محمودة. يعود انفلات الوضع البيئي من قبضة السلطات المحلية لمعسكر، إلى نحو ثلاث سنوات من تاريخ الإعلان عن إفلاس المؤسسة العمومية لرفع وتسيير النفايات المنزلية بعد عام من تأسيسها، حيث لم تجدي كل محاولات إنقاذ المؤسسة من الغرق في مشاكلها المالية وديونها المتراكمة لدى مؤسسات وهيئات عمومية على غرار صندوق الضمان الاجتماعي والممولين الخواص بمختلف المواد والمستلزمات من حاويات جمع النفايات، مواد تنظيف، محروقات، قطع غيار وغيرها. ومن ذاك التاريخ بقي مشكل النظافة المشهد الوحيد الذي يصور يوميات معسكر - بدون مبالغة ولا تضخيم للواقع - بشهادة الولاة الذين تداولوا على تسيير الولاية منذ 2015، والذين عمدوا إلى تخصيص جزء من اجتماعاتهم اليومية لقضية النظافة الموكلة إلى مؤسسة عمومية أنشأت سنة 2014. ومن أجل تدارك الوضعية البيئية التي آلت إليها بلديات ولاية معسكر خصوصا خلال الأشهر الماضية، عملت السلطات الولائية الحالية على وضع خريطة عمل لتحسين الوضع البيئي وإعادة إنعاش المؤسسة العمومية من خلال اتخاذ جملة من القرارات والإجراءات التي من المفروض أن تصحح الصورة السوداء لمدن الولاية، وتضمن استمرارية رفع النفايات المنزلية من خلال تحسين الوضعية المالية للمؤسسة ومساعدتها على تحصيل مستحقاتها لسنة 2018 العالقة على عاتق البلديات، عملا على انتظام صب أجور عمال النظافة. كما توجّهت السلطات الولائية قصد تصحيح الوضع، نحو إبرام عقود عمل لجمع النفايات والتنظيف بين المؤسسة العمومية والبلديات للولاية لسنة 2019، وهي عقود عمل تلزم المجالس البلدية على دفع مستحقات المؤسسة العمومية للنظافة من خلال تخصيص القيم المالية المستحقة ضمن ميزانيات البلديات، في المقابل تمّ إطلاق عملية لاقتناء 35 شاحنة لرفع النفايات بإعانة مالية خصّصتها وزارة الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية لدعم المؤسسة العمومية للنظافة بمعسكر. بالموازاة مع ذلك، سمحت السلطات الولائية لبعض البلديات بشراء شاحنات ضاغطة وحاويات لتجميع النفايات المنزلية، وبرمجة عمليات استدراكية بمختلف الأحياء والتجمعات السكانية للقضاء على الحشائش الضارة وعمليات تطوعية بالتنسيق مع جمعيات الأحياء في مجال نظافة المحيط، لاسيما وأن العديد من الاحياء السكنية بمعسكر وباقي المدن والمناطق الحضرية قد سجّل ظهور مبكر للحشرات الضارة، واجتياح مقلق للجرذان والقوارض السامة في الوسط الحضري نتيجة انتشار القمامة المنزلية.