أثار حضور سمير القنطار، في ندوة «الشعب» أمس حول موضوع الأسرى، حراكا سياسيا وجدلا كبيرا بين المعارضين والمؤيدين السوريين لنظام بشار الأسد، كاد أن يطغى على مجريات الندوة، خاصة وأن كل طرف حاول أن يعلو صوته على صوت الطرف الآخر في مواقفه تجاه ما يحدث في سوريا. حضور سوري قوي شهده مركز «الشعب» للدراسات الاستراتيجية جاؤوا في الظاهر للمشاركة في الندوة الفكرية، لكن ما إن انتهى عميد الأسرى العرب من مداخلته التمهيدية قبل إحالة الكلمة إلى القاعة للمناقشة، حتى بدأ التنافس على الميكروفون من قبل الإخوة السوريين، الكل يريد التدخل، ليس من أجل إثراء موضوع الندوة وإنما للحديث عما يجري في سوريا من حراك سياسي تارة وآخر دموي تارة أخرى، بعد أن رفع السلاح عاليا وأصبح لغة التخاطب بين أطياف المجتمع السوري. الموالون للنظام السوري، جاؤوا بكثافة وحاولوا ملء الفراغ الذي تركوه في ندوة سابقة احتضنتها نفس القاعة قبل أسبوع فقط، عندما وجدت المعارضة ضالتها لتتحدث لوحدها عما يدور في سوريا من وجهة نظر واحدة فقط. ولكن مع الحضور القوي أمس للرأي الآخر أي المساند للرئيس الأسد قال هؤلاء كلمتهم واعتبروا أن المعارضة السورية لا تمثل الشعب السوري وأنهم يرفضون الزج ببلدهم في متاهات غير محمودة العواقب، معتبرين أن ما تتعرض له سوريا يعدّ جزء من المؤامرة التي لا تحاك على بلدهم فقط، وإنما على كل المنطقة والمستهدف في الأخير يبقى الموقف السوري المؤيد للمقاومة في لبنان وفلسطين. جاء هذا الموقف في سياق مداخلة القنطار الذي اعتبر من جهته، أن إضعاف سوريا يراد من وراءه القضاء على كل أشكال المقاومة المسلحة، منددا بتلك الثورات العربية التي نادت بالتدخل الخارجي على غرار ما حدث في ليبيا على الأخص، حيث أشار في هذا الصدد، إلى أن ليبيا تعدّ نموذجا خطيرا لاحتواء الحراك الشعبي، وأن الناتو لم يأت لتحريرها مثلما يدعي المجلس الإنتقالي، وإنما ستؤول إلى دمار وخراب على غرار ما حدث في العراق وأفغانستان، مؤكدا أن التغيير يكون بقوّة الشعب الذاتية وليس عن طريق الاستعانة بالاستعمار وبالدول التي تدعم الكيان الصهيوني أو تلك التي وضعت نفسها تحت تصرف مخططات تخريب المنطقة العربية، ويقصد بذلك بعض الدول الخليجية. لم يرق للمعارضة السورية، تصريح سمير القنطار، بأن سوريا اليوم تجاوزت المحنة التي تعرضت لها، وأن دورها أساسي في التصدي لكل المحاولات الرامية إلى كسر شوكة المقاومة في المنطقة، رافضا كل أشكال التدخل الخارجي من قبل الدول الغربية، التي كانت في السابق تدعم من تصفهم اليوم، بالديكتاتوريين، معتبرا أن ما تشهده البلاد العربية لا يمكن وصفه بالربيع العربي.