كشف رئيس لجنة التحقيق البرلمانية حول ندرة و ارتفاع أسعار المواد الأساسية، كمال رزقي، عن اختلالات كبيرة في السوق الوطنية بسبب غياب رقابة داخلية لمسار التسويق من جهة، و بروز حالة سيطرة واضحة لأحد المتعاملين في مادتي الزيت والسكر من جهة أخرى، و هذا ما اثر على أسعار المواد الاستهلاكية، الذي افرز غضبا اجتماعيا أدى إلى الاحتجاجات التي عرفتها بعض ولايات الوطن مطلع السنة الجارية. أكد كمال رزقي أن اللجنة البرلمانية من خلال التحقيق الذي قامت به، تمكنت من معرفة أين تكمن مواطن الخلل وأسباب الاضطرابات التي ما تزال تشهدها السوق الوطنية بسبب الندرة و ارتفاع الأسعار، هذان العاملان المتلازمان، حسب ما أفاد به أمس خلال حصة (ضيف التحرير) للقناة الإذاعية الثالثة، هما نتاج نقص الرقابة على السوق الداخلية. وذكر المتحدث أنه كان لزاما على اللجنة استدعاء كل الأطراف ذات الصلة منهم متعاملين اقتصاديين، غير تجار الجملة لم يكونوا ضمن المشاركين لأسباب غير معروفة لدى المتحدث، بالرغم من أنهم يشكلون حلقة هامة في مسار التسويق، و هذا ما جعل اللجنة تقرر طلب استفسار لدى وزارة التجارة، و تنتظر الرد في اقرب الآجال، و أضاف المتحدث أن التحقيق كان ميدانيا، عن طريق المعاينة، و طلب الوثائق والمستندات و الاستماع إلى الخبراء. و يعتبر المتحدث أن الرقابة عامل أساسي للتحكم في السوق، و القوانين موجودة وواضحة إلا أنها غير مطبقة، وقد دعا في سياق متصل إلى تفعيل مجلس المنافسة الذي ظل مجمدا منذ 2008، هذه الهيئة المخولة قانونا لضبط السوق. و لكسر حالات السيطرة على السوق الذي يمارسها قلة من المتعاملين ، فقد طالب كمال رزقي بفتح مجال المنافسة، وتعد هذه الأخيرة أحد أهم العوامل المؤثرة على استقرار الأسعار، وفي سياق آخر، انتقد المتحدث إجراءات الدعم التي قدمتها الدولة للتحكم في أسعار المواد الأساسية و يقصد الزيت و السكر ، حيث ضخت ما قيمته 300 مليار دج لهذه المسالة ، غير أن الدعم لم يكن لصالح القدرة الشرائية، ولم يستفد منه المواطن البسيط ذا الدخل الضعيف، و إنما استفاد منه كذلك المتعاملون، مشيرا إلى أن عدد مستوردي المادتين قد تضاعف، نتيجة للتخفيضات الضريبية و الرسم على القيمة المضافة، و هذا أمر غير طبيعي على حد قوله و يحتاج إلى إعادة نظر، مشيرا إلى أن الدعم الاجتماعي كلف الخزينة العمومية ما قيمته 1500 مليار دج. ومقابل الدعم الذي ينبغي إعادة النظر في المستفيدين منه، لا بد من تعزيز آليات المراقبة، و اقترح كمال رزقي وضع بطاقية وطنية تحدد من يحتاج إلى الدعم، بالإضافة إلى ضرورة تسقيف المواد المستوردة حسب الحاجيات الوطنية، لأنه لا يعقل كما قال أن تضخ السلطات العمومية ما قيمته 50 مليار دولار من المداخيل العمومية لاستيراد المواد الأساسية بدون تنظيم و رقابة للسوق. و أكد في سياق متصل، على أن تكون هناك دراسة مستمرة لتقلبات السوق العالمية وتأثيراتها على الأسعار، لاقتناء المواد الأساسية عندما تكون في أدنى مستوياتها، حتى لا تتكبد الخزينة العمومية خسارة كبيرة من خلال الدعم الذي تقدمه في جميع الحالات.