التزم رئيس لجنة التحقيق البرلمانية في أسباب ارتفاع أسعار وندرة بعض المواد في السوق الوطنية خلال شهر جانفي الماضي، بأن تكون النتائج النهائية »موضوعية ودقيقة«، وأكثر من ذلك فإنه أوضح أن اللجنة ستقوم بتحديد المسؤوليات من دون السعي إلى »تصفية حسابات« أو »تبييض بعض الأشخاص«، وردّ على الذين يُشكّكون في مصداقيتها بالقول: »انتظروا النتائج ثم احكموا على عملنا«. اعتبر الدكتور محمد كمال رزقي، رئيس لجنة التحقيق البرلمانية حول ارتفاع أسعار وندرة بعض المواد ذات الاستهلاك الواسع، أن المعطيات الأولّية التي توصلت إليها اللجنة بعد الاستماع إلى عدد من المسؤولين والمتعاملين الاقتصاديين وكذا إجراء زيارات ميدانية شملت عشر ولايات، سمحت الوقوف على الكثير من الحقائق وراء الاختلالات التي عرفتها السوق الوطنية في بداية شهر جانفي من هذا العام. وأكد رزقي الذي كان يتحدّث في تصريح خصّ به »صوت الأحرار« بأن الاجتماع الذي انعقد قبل يومين مع رئيس المجلس الشعبي الوطني، عبد العزيز زياري، جاء من أجل إطلاع الأخير على حصيلة العمل التي قام بها أعضاء اللجنة منذ بداية شهر ماي المنصرم، مشيرا إلى عقد »لقاءات ماراطونية «طيلة الفترة الماضية من أجل جمع أكبر قدر ممكن من المعلومات والمعطيات بشأن ما حصل قبل أكثر من ستة أشهر. وعندما سألت »صوت الأحرار« الدكتور رزقي عن النتائج الأوّلية التي توصلّت إليها لجنة التحقيق التي يترأسها أجاب بأنه »من السابق لأوانه عرض هذه النتائج«، وأضاف في سياق ردّه: »المؤكد هو أن هذه فرصة مواتية لأن هذه اللجنة ستؤدي إلى نتائج فعلية ودقيقة«، منتقدا بعض التقارير التي أعدّت في السابق حول ملف الارتفاع المفاجئ لأسعار بعض المواد وندرة مواد أخرى »منها من بقي حبيسة الأدراج لأسباب لا نعرفها، ومنها ما لم يظهر عنها أيّ أثر حتى الآن..«. ورغم بعض التحفّظ الذي لازم رئيس اللجنة من منطلق عدم استباق الأمور، فإنه أورد في تصريحه أن هناك أسبابا موضوعية وقفت وراء ما حصل في جانفي الماضي من خلال عدم استقرار البورصة العالمية فيما يتعلق بعض المواد الغذائية مثل الحبوب الزيتية والقصب نظرا لارتفاع الطلب ونقص العرض بسبب تحويل هذه المواد إلى صناعات أخرى مثل المحروقات، وهو ما كان له أثر مباشر على وفرة مسحوق الحليب وحتى السكر »ما أدى في النهاية إلى الندرة وارتفاع الأسعار«. ومع ذلك أوضح أيضا أن هذا الوضع دفع بظهور بعض الممارسات من طرف المضاربين، وهو الأمر الذي دفع به إلى مطالبة الحكومة بضرورة اتخاذ التدابير الضرورية في المستقبل على الصعيد المحلي من أجل ضمان الوفرة ومن ثم قطع الطريق أمام المضاربين. دون أن يفوّت الفرصة من أجل الإشادة بالإجراءات التي اتخذتها السلطات العمومية التي تدخلت قصد دعم المواد ذات الاستهلاك الواسع »وهو ما ساهم في عودة الاستقرار إلى السوق بشكل سريع« على حدّ تعبيره. ولم يتوان المتحدّث، من جهة أخرى، في الإشارة إلى وجود بعض المشكّكين في عمل هذه اللجنة، حيث ردّ عليهم بكثير من الثقة: »سنعمل بكل موضوعية من أجل تحديد المسؤوليات، وردّا على من يتهموننا أقول إن هذه اللجنة ليست لتصفية الحسابات ولا لتبييض صورة بعض الأشخاص..«، وتابع في هذا السياق: »نحن نقول لهؤلاء أيضا انتظروا النتائج ثم احكموا علينا«. ويُنتظر أن تستأنف لجنة التحقيق عملها من جديد شهر سبتمبر المقبل بإجراء آخر الزيارات إلى بعض المناطق بهدف جمع مزيد من المعلومات وتحليلها قبل الوصول إلى صياغة التقرير النهائي الذي سيكون جاهزا في نوفمبر القادم على أقصى تقدير. وبحسب المعطيات التي أفاد بها محمد كمال رزقي فإن الزيارات التي قام بها أعضاء اللجنة إلى عدد من الولايات خاصة التي تتواجد بها الموانئ، وكذا تفقّد وحدات صناعية عمومية وخاصة في السكر والحليب وكذا بعض المطاحن، »أفادتنا كثيرا في مهمتنا من أجل تشخيص الوضع وفهم أسباب الاختلالات التي حصلت بداية هذا العام..«. وتوقع أن تكون النتائج التي ستتوصل إليها اللجنة »عملية ومفيدة في تحديد المسؤوليات من جهة، ومن ثمّ تقديم العلاج والحلول المناسبة لتفادي تكرار ما حصل وما نجم عنه من أحداث مؤلمة..«. وبالعودة إلى التقييم الذي قدّمه الدكتور رزقي استنادا على حصيلة اللجنة طيلة ما يزيد عن الشهرين من العمل، فإن كل المؤشرات تؤكد بأن أسعار المواد ذات الاستهلاك الواسع تتجه نحو الاستقرار خلال شهر رمضان المقبل، وخصّ بالذكر مواد مثل السكر والحليب والسميد والزيت وغيرها بحكم تواصل دعم الدولة لها، لكنه لفت إلى ضرورة أن يكون المواطنون يقظين أمام احتمال تزايد نشاط المضاربين، حيث دعاهم إلى التبليغ في حال وقفوا على بعض التجاوزات.