شكل الصالون الوطني لإنجازات ذوي الإعاقة برياض الفتح في العاصمة فرصة سانحة للاطلاع على قدرات فئة المعوقين التي أثبتت أنها تمتلك مواهب متعددة على غرار الأشخاص العاديين بل تجاوزتهم أحيانا. )وكشفت عن تحدي الإعاقة من خلال ما عرضته في الصالون الذي اختتمت فعالياته أمس بعد 3 أيام من النشاط. والمتجول في أروقة الصالون لا يكاد يصدق أن ما يعرض من مواد ومنتجات وحرف تقليدية وعصرية هي من صنع أشخاص يعانون من إعاقة بصرية أو ذهنية أو حركية خاصة أن ما أنجز يحتاج لدورات تكوينية في أي تخصص. وأثناء جولتنا بمختلف أجنحة المعرض وتقربنا من العارضين القادمين من مختلف ولايات الوطن، تيزي وزو، بجاية، الجافة، المسيلة، البويرة، تيسمسيلت، العاصمة وغيرها رصدت «الشعب» إصرارا كبيرا لدى الشباب العارض في ولوج عالم الشغل وعدم الاستسلام لإعاقتهم، معتبرين إياها محفزا لدحر كل المعوقات التي تحول دون تحقيق أحلامهم ومشاريعهم الاستثمارية. ولم يخف المعاقون الذين تحدثنا إليهم بعين المكان الدور الذي لعبته الآليات المستحدثة في إيصالهم لهذا الموقع قائلين: «أن الخطوة الأولى كانت بالاعتماد على الآلية التي أوجدتها الدولة لإنشاء مؤسساتهم المصغرة والمتمثلة في الوكالة الوطنية لتسيير القرض المصغر التابعة لوزارة التضامن الوطني والأسر» . وأشاروا في هذا السياق إلى أن أهم ما حفزهم هو أن القروض الممنوحة هي سلف دون فوائد قصد شراء المواد الأولوية الخاصة بالنشاط المراد مزاولته. وعرض لنا زقير نور الدين (42 سنة) معاق بصريا وهو أحد العارضين أنه كان شابا بطالا ولا يملك دخلا مضمونا إلا أنه يمتلك موهبة في صنع الفخار، وبعد أن علم بآلية القرض المصغر التحق بالوكالة وطرح فكرته وحصل على دعم مالي مهم بكل سهولة ساعده في شراء المواد الأولية وممارسة حرفته بالبيت منذ 5 سنوات. وأشار زقير إلى استفادته من فوائد أخرى بعد طرقه لأبواب الوكالة حيث تلقى كل الدعم والنصائح والمرافقة في إنجاز نشاطه، بالإضافة إلى قيامه بتكوين في صناعة الفخار أين اطلع على الطرق العصرية التي ساهمت في إبداعه لتحف فخارية تستعمل للتزيين بطريقة جديدة. وهو ما يفسر التوافد الكبير على جناحه والإعجاب الذي لمسناه لدى زائريه بل حتى عند ممثلي الإعلام الذين لم يصدقوا أنها من إبداع أنامله سيما وأن سعر أكبر تحفة لا يتجاوز أربعة آلاف دينار جزائري. هو نفس الإبداع والإرادة لمسناهما عند بوعلام القادم من بجاية وهو الحرفي الذي امتهن صنع بواخر الزينة بدقة وجمال خارقين للعادة، فرغم إعاقته الحركية إلا أن موهبته تؤكد أن أنامل بوعلام من ذهب، فكان هو الآخر أحد المستفيدين من القرض المصغر ما ساعده على شراء المواد الأولية والانطلاق في مزاولة نشاطه بكل ثقة. هي شهادات واعترافات كل من تحدثنا إليه من العارضين الذين يحترفون نشاطات مختلفة خياطة، صناعة الحلي، الفخار، الحياكة، الحلوى، الأليمنيوم، صناعة السروج الجلدية وغيرها، بأن الوكالة الوطنية لتسيير القرض المصغر ساهمت في إخراج مواهبهم وسمحت لهم بصقلها. وفي نفس السياق، ثمن الحرفيون المشاركون تنظيم مثل هذا الصالون الذي مثل لهم فضاءا مفتوحا للتعريف بمنتوجاتهم وعرضها على الجمهور الذي أثبت أنه تواق لمثل هذه المعروضات المصنوعة محليا ذات النوعية والجودة بشهادة الزوار الذين توافدوا بكثرة سيما في اليوم الثاني والثالث لتزامنهما مع العطلة الأسبوعية. من جهة أخرى، تحدث لنا العارضون المشاركون عن جملة من المشاكل والعراقيل التي يعاني منها المعوقون الذين يديرون مشاريع مصغرة والتي تتمثل في صعوبة تسويق منتجاتهم خاصة وأن أغلبهم يمارسون نشاطاتهم بالبيت، فهم يفتقدون لمحلات تجارية بالأسواق أو بالواجهات التجارية التي تعرف إقبالا كبيرا من الناس. يضاف إلى ذلك نقص تنظيم المعارض والصالونات التي في غالب الأحيان تكون موسمية، متمنين أن يتم إدراجهم في التظاهرات الاقتصادية الكبيرة التي تعرفها الجزائر للتعريف بالمنتوج المحلي. من جهة أخرى، تطرقت نعيمة ممثلة جمعية المعوقين وأصدقائهم من دائرة بوزقن إلى جملة من المشاكل اليومية التي يعاني منها المعوقون التي تستقطبهم الجمعية حيث تضم هذه الأخيرة مركزا للمعوقين يضم 24 معوقا ذهنيا تتراوح أعمارهم بين 6 سنوات إلى 27 سنة. ويتكفل هذا المركز بمنح تكفل تربوي وبيداغوجي للأطفال، أما الكبار فيتكفل بهم مهنيا عبر ثلاث ورشات متخصصة في البستنة وصناعة المكانس وتصليح الأحذية. وحسب نعيمة فإن المشكل المطروح بالنسبة للمعوقين هو نقص النقل والمواصلات إذا علمنا أن معظمهم يقطعون حوالي 15 كلم للوصول إلى المركز، بالإضافة إلى أنهم ينحدرون من عائلات فقيرة لا تستطيع التكفل بمصاريفهم . وبالنسبة للذين يتلقون تكوينا مهنيا فهم يعانون من صعوبة في تسويق المنتوجات، وعدم امتلاكهم لمحلات تسمح لهم بمزاولة نشاطهم خارج المركز سيما بالنسبة للمصابين بإعاقة ذهنية 100 ٪، علما أن الجمعية لا يمكنها أن تحصل على قرض مصغر لتساعدهم، فالقانون لا يجيز ذلك فهو موجه للأشخاص الطبيعيين لا الاعتباريين. وفيما يتعلق بالبستنة يفتقد المركز أيضا لأرضية لوضع بيت بلاستكي، وبالتالي تمارس في حدود الإمكانيات المتوفرة، متمنية أن تنظر السلطات المحلية بعين الاهتمام لهذا المركز الذي يلقى إقبالا كبيرا رغم قلة الموارد والمؤطرين الذين يشتغلون في إطار عقود ما قبل التشغيل.