تشهد الساحة السياسية هذه الأيام حراكا كبيرا تمهيدا لوضع اللمسات الأخيرة على الانتخابات التشريعية التي تحدث بلخادم عن إجرائها في الربيع القادم بين مارس وجوان لأن العهدة البرلمانية الحالية تنتهي في 17 ماي 2012 ويلاحظ على الديناميكية الساسية انتعاش نشاط المعارضة وارتفاع أصوات المهتمين بمراجعة الدستور. يواصل حزب جبهة التحرير الوطني حملته المطالبة بتعديل الدستور كتحصيل حاصل للتطورات التي تعرفها الجزائر. ويعود مطلب الحزب إلى سنة 2005، حيث أنشأ العديد من اللجان لتحضير قانون إعلام جديد وقانوني الانتخابات والأحزاب ولجنة تكفلت بمراجعة الدستور. غير أن الطابع المناسباتي لهذه المبادارات جعلها تتراجع في الكثير من المرات وتعود للظهور مرات أخرى مثلما يحدث هذه الأيام، حيث يطرح بلخادم الأمين العام للأفلان فكرة مراجعة الدستور تحسبا للمرحلة القادمة وتتويجا للمرحلة الحالية التي شهدت الكثير من قوانين الإصلاح التي تتطلب دستورا جديدا يتضمن جميع التعديلات التي عرفتها مختلف المجالات وهذا تفاديا لأي فراغ قانوني مستقبلا. ويحاول الحزب العتيد التمهيد لهذه الخطوة للبرلمان القادم الذي ستوكل له مهمة مناقشة الدستور الجديد. من جهته لم يحد التجمع الوطني الديمقراطي عن العادة من خلال مساندته المطلقة لبرنامج رئيس الجمهورية والتزامه بالصرامة والانضباط. ويبتعد (الأرندي) عن كل جدل عميق احتراما لمرجعيته ومواقفه الواضحة، وبالتالي تأمين جميع مشاريع الإصلاحات من أية مفاجآت غير سارة من خلال استغلال الأغلبية المطلقة التي يشكلها مع حزب جبهة التحرير الوطني في البرلمان. وبالمقابل، يظهر أن حركة مجتمع السلم التي تبحث عن استرجاع مجدها الضائع منذ سنوات طويلة لم تثبت على رأي حيث تتمسك بالتحالف تارة للحفاظ على بقائها وتتقمص لون المعارض في بعض الأحيان تمهبدا للاستحقاقات التشريعية. وتستغل حركة أبو جرة سلطاني بعض التحولات الغامضة في بلدان الجوار بوصول التيارات الإسلامية إلى الحكم لمحاولة استمالة القواعد الانتخابية من أجل منحها فرصة اعتلاء السلطة وتسيير أمور الدولة. ولم يخرج حزب العمال والجبهة الوطنية الجزائرية بدورهما عن القاعدة من خلال تبنيهما لمشاكل المجتمع واتخاذهما مواقف رديكالية تدعو لتوزيع الثروة العادل والحفاظ على سيادة الدولة والتحذير من اضطراب العلاقات الدولية وتوترها وانتشار الفساد. ويطالب الحزبان بقراءة ثانية للإصلاحات في خطاب يظهر أنه أكثر من مستهلك ويؤكد نية القيادات الحالية في البقاء على رأس الجمعيات ذات الطابع السياسي كما أسماها دستور 23 فيفري 1989 وخوض غمار الانتخابات حتى 2014. وتبقى الساحة السياسية في الجزائر بعيدة نوعا ما عن تطلعات الشعب، وتطغى عليها الصراعات الداخلية وغياب برامج سنوية واضحة مبنية على نظرة مستقبلية تأخذ بعين الاعتبار التحولات الداخلية والخارجية. وتحمل هذه الوضعية مخاوف من عزوف المواطنين عن الانتخابات المقبلة إذا ما ظل نفس الخطاب الحزبي يطغى على الساحة الوطنية .