المعلومة المغلوطة أو»الفايك نيوز» التي أصبحت أهم عقبة أمام المتلقي الذي دخل في دوامة «من يكذب على من؟» خاصة وأنها اليوم إحدى الوسائل المهمة في صناعة الرأي العام أوتحريكه نحو اتجاه معين يخدم مصلحة أوإستراتيجية جهة بعينها، ولعل ما نراه ونسمعه هنا وهناك خير دليل على ذلك. بين ذهب ونحاس ضاعت الحقيقة التي تحولت إلى نقطة استفهام كبيرة تتعارض في جوهرها مع اختلاف الوسيلة الإعلامية التي تنشرها أوتستعملها، في فرنسا جعلت الهبة الإعلامية التي أعقبت مطالبة البرلماني اليميني جوليان أودول بنزع حجاب مواطنة ترافق أطفالا -من بينهم ابنها- لاجتماع إحدى المجالس المحلية ليضيع الفرنسي بين قطعة قماش توضع على الرأس عند المسلمين ورمز من رموز الإسلام السياسي السلفي، طبعا الإستراتيجية التي تحرك مثل هذه السلوكيات المعادية لكل ما هو فرنسي ذو أصول إسلامية معروف حتى أن أحد المتدخلين في إحدى ندوات النقاش قال إن فرنسا تواجه هجمة لتغيير بنيتها الاجتماعية بجعلها ذات هوية مغاربية (إشارة إلى دول المغرب العربي). الإستراتيجية نفسها مستعملة في ضرب أساسات المجتمع الجزائري الذي يتلقى ضربات إعلامية متتالية تعمل في جوهرها على تشويه كل ما هو وطني وجزائري، في عملية تفكيك ممنهج أهم أداة يستعملها القائمون عليها المعلومة المغلوطة «فايك نيوز» التي ساعدتها سرعة انتشارها عبر مختلف وسائل التواصل الاجتماعي لتعمل على جزئية الشحن العاطفي للرأي العام ليصبح في دقائق معدودة الحقيقة الوحيدة الموجودة على أرض الواقع وإن كانت «معلومة خاطئة». رغم أن الحقيقة تقول إنها خاطئة ومستحيلة التحقيق على أرض الواقع إلا أننا اليوم أمام معادلة صعبة نجحت في إثبات نفسها جعلت من الوهم بفضل التطور التكنولوجي السبيل الأنجع لإنجاح الاستراتيجيات والأسهل لصناعة الحروب والصراعات والطريق الأقصر لضرب استقرار وأمن الدول تستعملها اللوبيات العالمية لبيع سلعهم سواء كانت أسلحة أو دواء أوغذاء بل حتى الأمل في غد أفضل، فهي من جعلت الاستعمار يستنزف الثروات تحت تدخل عسكري لإنقاذ المدنيين، هي من حولت الإسلام إلى دين إرهاب وموت وهي نفسها التي سمحت بتحويل القومي إلى خائن والخائن إلى بطل عظيم. المعلومة الوهمية أحجية اللاعب فيها يبحث عن مصلحته والملعوب به يتلاعب بنفسه وبمستقبله دون وعي منه لأنه صدق الوهم وترك الحقيقة وجعل نفسه لقمة سائغة في فم اللاعب الذي كثيرا ما يكون خفيا لا يُظهر للعيان سوى من يريد تحطيمه أو تكسيره، هي اللعبة التي جعلت الكثير منا مجرد حجر شطرنج نتحرك في مربع محدد المعالم نظن أنفسنا نملك إرادة التحرك لكننا في الحقيقة مسلوبو الإرادة يملك حريتها ذلك اللاعب الخفي. «الفايك نيوز» معلومة تغذيها الوسائط التي تنعدم فيها الثقة ولعل ما نعيشه اليوم في الجزائر من حرب غير معلنة للأخبار المغلوطة ما خلق علاقة هجينة تتغذى من الريبة والشك خير دليل ما تقوم به هذه الأخبار الخاطئة والمدسوسة لا تتضح معالم خيوط حبكتها السياسية إلا بعد مرور عقود من الزمن لتفهم الأجيال القادمة أن من سبقوهم كانوا بلا ذكاء كاف لكشف نوايا حولتهم إلى مجرد دمى صدقت أخبارا كاذبة.