أكد وزير الشؤون الخارجية السيد مراد مدلسي أمس بموسكو أن الجزائر تبذل جهودا متواصلة لترقية السلم والتنمية في محيطها الافريقي والعربي والمتوسطي. وأوضح الوزير أمام جمع من الوزراء والباحثين والجامعيين الروس قائلا «إن بلدي يبذل جهودا متواصلة لترقية السلم والتضامن والتنمية في محيطه الافريقي والعربي والمتوسطي ويعمل جاهدا على استبدال مناخ اللاأمن والتهميش بعالم يسوده التضامن والعدالة». وفي ندوة نظمتها مجلة «الحياة الدولية» الروسية اعتبر الوزير أن الوضع في الشرق الأوسط يستوقف العالم بأكمله بالنظر إلى المخاطر التي قد يخلفها والتي قد تحدق بالسلام والأمن». وتأسف السيد مدلسي لكون «المنطقة برمتها رهينة السياسة العدوانية والحربية التي تمارسها اسرائيل والتي تعرض الشعبين الفلسطيني واللبناني لأقسى أنواع المعاناة» موضحا أن هذه المنطقة لن تعيش في كنف السلام والاستقرار إلا بعد إجلاء الأراضي العربية المحتلة بفلسطين ولبنان وسوريا. وفي هذا السياق أشاد السيد مدلسي بالدور «المتوازن والبناء» الذي تلعبه روسيا في الأممالمتحدة وفي إطار اللجنة الرباعية لبعث مسار السلام والتوصل إلى حل دائم يتوافق والشرعية الدولية. وبخصوص الأزمة في سوريا ذكر الوزير بدور الجزائر ضمن الجامعة العربية معتبرا أنها في وضع يمكنها «من ممارسة الضغط الإيجابي والأخوي على الحكومة السورية بيد واحدة ومد اليد الأخرى لنفس الحكومة وللمعارضة في وقت واحد لاستحداث الظروف الملائمة لحوار بناء». كما ألح على ضرورة «تشكيل لجنة تتكون من أعضاء من الجامعة العربية والمجتمع المدني تنتقل إلى عين المكان وتلاحظ ما يجري لإعادة الأمور إلى مجاريها». وأعرب مدلسي عن امله في أن يتوجه الشعب العراقي صوب مستقبله بسكينة في كنف السلم والوحدة مع الانسحاب قريبا للقوات الأجنبية . كما تطرق السيد مدلسي إلى ملف اتحاد المغرب العربي حيث صرح بأن الجزائر تبقى أكثر من أي وقت مضى متمسكة ببناء صرح اقتصادي مندمج من خلال هذا الاتحاد. وقال في هذا الصدد «هناك قناعة كبيرة وخيار استراتيجي تواصل الجزائر مساندتها له دون غموض» دون أن ننسى كما أضاف مواصلة مساندتها للأمين العام الأممي «كما أتمنى أن يلقى نداء ممثله الشخصي الذي وجهه إلى أعضاء مجلس الأمن آذانا صاغية من أجل تعزيز اكثر للمفاوضات بين المغرب وجبهة البوليزاريو حول مسألة الصحراء الغربية». كما قدم الوزير عرضا عن التنمية والإصلاحات التي تمت مباشرتها بالجزائر والتي أتت خاصة «بحرية أكثر والشفافية في مجال مشاركة المرأة في المجالس المنتخبة وتفتح اكبر على الصعيدين السياسي والاقتصادي». وذكر السيد مدلسي في هذا الصدد ببرنامج انجاز منشآت اجتماعية واقتصادية والتي خصص لها ما قيمته 286 مليار دج في إطار المخطط 2010 2014. وأضاف أنه بفضل السياسة الاقتصادية الشاملة الطموحة أصبح مستوى ديون الجزائر شبه منعدم حيث تقدر بنسبة 0،3 بالمائة من الناتج الداخلي الخام كما قدر التضخم بأقل من 4 بالمائة مشيرا إلى ان البنوك الجزائرية سليمة وتسجل نموا في القرض ب 15 بالمائة سنويا وقد تعرف هذه السنة نموا ب 4 بالمائة باحتياط صرف يعادل أربع سنوات من الاستيراد. وفيما يتعلق بالحياة السياسية أكد السيد مدلسي أن هذه الأخيرة مفتوحة على جميع التيارات والقوى المعروفة قانونا من بينها 21 حزبا ممثلا حاليا بالبرلمان كما أن هناك 90000 جمعية ذات طابع غير سياسي تنشط في جميع القطاعات. الوضع في الساحل ازداد خطورة غداة أحداث ليبيا من جانب آخر أكد وزير الشؤون الخارجية السيد مراد مدلسي أن الوضع في الساحل ازداد خطورة غداة أحداث ليبيا وانتشار الأطنان من الأسلحة المتطورة في كل بلدان المنطقة. وصرح أمام حضور من الدبلوماسيين والجامعيين والباحثين الروس أن «الوضع في الساحل الذي كان مبعثا للقلق مع آثار الفقر وتهريب الأسلحة والمخدرات زاد خطورة غداة أحداث ليبيا وانتشار الأطنان من الأسلحة المتطورة في كل بلدان المنطقة». وأكد مدلسي في هذا الصدد «أن منطقة الساحل تعاني من مشاكل التخلف واللا أمن التي يجب أن تحل بشكل جماعي وشامل لا سيما من خلال استقرار السكان المحليين وتحسين الظروف المعيشية». وأوضح انه «ينبغي الاعتراف بأن منطقة الساحل تعاني من مشاكل التخلف واللاأمن التي يجب أن تحل بشكل جماعي وشامل لاسيما من خلال استقرار السكان المحليين وتحسين الظروف المعيشية». وأشار في هذا الصدد إلى مساهمة الجزائر لا سيما من خلال إنجاز مشروع الاندماج شبه الإقليمي للطريق العابر للصحراء الذي تقدمت نسبة إنجازه بأكثر من 80 بالمائة وكذا الإنجاز المباشر لمشاريع تنموية بالنسبة للبلدان المعنية. وأوضح في نفس السياق أن بلدان الساحل نظمت نفسها بمشاركة فعالة من الجزائر حتى يتسنى لها التكفل بنفسها بمسائل الأمن. ومع ذلك لاحظ الوزير انه إذا كانت بلدان الساحل معنية مباشرة بمستقبلها من حيث الأمن والتنمية فان ذلك لا يقصي التعاون مع بلدان أخرى عندما تتجلى ضرورة ذلك. وأوضح من جهة أخرى أن الجزائروروسيا تحاربان اليوم الإرهاب الدولي وتسجلان يوما بعد يوم تطورا معتبرا من أجل القضاء على هذه «الآفة» وحماية «أمن بلداننا وأمن مجموع المجتمع الدولي». وذكر مدلسي في هذا الصدد بان الإرهاب عابر للأوطان وأن أهدافه ووسائله تكتسي بعدا دوليا داعيا إلى مسعى جماعي ومتضامن وعملي من كافة البلدان مع دعم من المنظمات الدولية والإقليمية كما قال. وبالرغم من الجهود المبذولة في هذا الاتجاه تطرق الوزير إلى مشكل دفع الفدية للإرهابيين الذي يعد كما قال من المظاهر «الخطيرة واللاأخلاقية» بحيث ينبغي الكف عن دفعها باسم احترام حقوق الإنسان المستهدفة ب «الأسلحة والمتفجرات التي تشترى بأموال هذه الفديات». وفي هذا الإطار اشاد السيد مدلسي بانعقاد المنتدى الدولي للأعمال «روسيا إفريقيا» في أديس أبابا. وخلص الوزير إلى القول «نحن على يقين من أن إفريقيا ستعرف كيف تكتسب التزام روسيا من أجل السلام والأمن والاستعداد الذي تم التأكيد عليه من قبل المؤسسات الروسية من أجل الاستثمار في القارة». العلاقات الجزائرية المغربية تتجاوز بكثير الظروف التي تمر بها المنطقة وعلى صعيد آخر بخصوص العلاقات الجزائرية المغربية أوضح أنها تتجاوز بكثير الظروف التي تمر بها المنطقة وأن البلدين إنطلقا في تعاون جديد واسع . وفي رده على سؤال للقناة التلفزيونية «روسيا اليوم» «نحن نأمل في أن نجد الحل لكل المشاكل مع المغرب بترتب حسب الظروف وحسب رغبتنا في انطلاقة متينة وواضحة جدا تعمل من أجل الشعبين والبلدين» . أما بالنسبة لمسألة اتحاد المغرب العربي فالأمر بات أمل الجزائر وكل المغاربة بدون استثناء لكن التطورات التي لاحظناها كما أشار راجعة إلى «عدم التوافق ما بين سياسات إقتصادية كانت أو غيرها» مذكرا بأنه «على سبيل المثال الجزائر كانت منذ 20 سنة تعمل على أساس نظامي ممركز في القطاع العام شبه محتكر للعلاقات الإقتصادية والإنتاج والمغرب كان أنذاك منفتح على اللبيرالية». أما على المستوى السياسي فأضاف الوزير أن الأنظمة أنذاك كانت مختلفة لكن بعد بعض التحولات بما فيها التحولات الحديثة وما جرى من أحداث في بلدان عربية أصبحت تلك الأنظمة شيئا فشيئا تتقارب سياسيا وتتقارب حول مشروع جمهوري واقع» . العلاقات الجزائرية الروسية تستفيد من القدرات الهائلة التي يوفرها اقتصادا البلدين
وحول العلاقات مع روسيا أكد أنه بإمكان العلاقات بين الجزائر وموسكو أن تتعزز وتستفيد من القدرات الهائلة التي يوفرها اقتصادا البلدين، في ضوء استراتيجية الشراكة منذ 2011. وأعرب السيد مدلسي عن ارتياحه «للتقدم المحقق في إطار التعاون الثنائي من خلال عقد الدورة الخامسة للجنة المختلطة للتعاون الاقتصادي والعلمي والتقني الأسبوع الماضي إلى جانب تنظيم المنتدى الثاني للمؤسسات الروسية بالجزائر في أكتوبر 2011». وأشار إلى أن الجزائر تلاحظ «باهتمام بالغ» مخطط العصرنة الذي بادرت به روسيا، وصرح قائلا: «نقدر كثيرا دقة دراستكم والأولوية التي تم إيلائها للتكنولوجيات الحديثة والمشروع المهم المتعلق باستحداث مدينة سيليكون فالي روسية مخصصة للإبتكار بسكولكوفو» . وأضاف مدلسي أن الجزائر تتابع باهتمام الجهود «المتواصلة» التي تبذلها روسيا على الساحة الاقتصادية العالمية لا سيما إصلاح النظام المالي الدولي وإزالة شبح أزمة عالمية جديدة. ولدى تطرقه إلى المستوى الدولي أوضح مدلسي أن الجزائر تقدر كثيرا الدور الإيجابي والمتوازن للدبلوماسية الروسية مشددا على استعداد هذا البلد الكبير للقيام بعمل من الدرجة الأولى لفائدة العلاقات الدولية في إطار الشرعية الدولية والاستقرار والازدهار المتبادل. وأشاد في هذا السياق بعزم روسيا على تنظيم ندوة بموسكو حول الشرق الأوسط بغية إضفاء الحيوية والمتانة على مسار السلام وترقية مناخ ملائم للحوار والتقارب. كما تطرق وزير الشؤون الخارجية بهذه المناسبة إلى الأزمة السورية مشيدا بالموقف الروسي ومساندته لدعوته إلى «إيجاد حل سلمي ودائم من قبل كل الأطراف من أجل مصلحة كل المنطقة».