أكد وزير الخارجية مراد مدلسي أن العلاقات الجزائرية المغربية تتجاوز بكثير الظروف التي تمر بها المنطقة وأن البلدين انطلاقا في تعاون جديد واسع. وفي ظل ما تشهده العلاقات ما بين الجارين من إشارات نحو التهدئة، دعا رئيس الدبلوماسية الجزائرية من موسكو إلى إيجاد الحل لكل المشاكل مع المغرب، كما حذر في سياق آخر، من خطورة الوضع في الساحل غداة أحداث ليبيا وانتشار الأطنان من الأسلحة المتطورة في كل بلدان المنطقة. تتواصل إشارات التهدئة المتبادلة في الآونة الأخيرة بين الجزائر والمغرب فبعد أقل من شهر على اللقاء الثنائي الذي جمع وزيرا خارجية البلدين الأول من نوعه منذ سنتين جاءت تصريحات رئيس الدبلوماسية الجزائرية من موسكو لتعزز هذا التوجه الإيجابي في العلاقات بين الجزائر والمغرب، حيث قال في رده على سؤال للقناة التلفزيونية »روسيا اليوم« التي أجرت معه حوارا بث أمس »إن العلاقات الجزائرية المغربية تتجاوز بكثير الظروف التي تمر بها المنطقة..وأن البلدين إنطلاقا في تعاون جديد واسع«. وعبر مدلسي بخصوص »مدى توجه صناع القرار في البلدين من أجل تطبيع العلاقات وفتح الحدود بين الجزائر والمغرب«، عن رغبة الجزائر في إيجاد الحل لكل المشاكل مع المغرب »بترتب حسب الظروف وحسب رغبتنا في انطلاقة متينة وواضحة جدا تعمل من أجل الشعبين والبلدين«. وبشأن مسألة المغرب العربي دفعت تصريحات مدلسي باتجاه التقارب بين الجزائر والمغرب خصوصا وباقي أقطار المغرب العربي بشكل عام حين تحدث عن زوال ظروف سياسية كانت تعطل الاتحاد المغاربي، موضحا »أن هذا الأمر بات أمل الجزائر وكل المغاربة بدون استثناء لكن التطورات التي لاحظناها -كما أشار- راجعة إلى »عدم التوافق ما بين سياسات اقتصادية كانت أو غيرها«، مذكرا بأنه »على سبيل المثال الجزائر كانت منذ 20 سنة تعمل على أساس نظامي ممركز في القطاع العام شبه محتكر للعلاقات الاقتصادية والإنتاج والمغرب كان آنذاك منفتح على الليبرالية«. أما على المستوى السياسي فأضاف الوزير، »أن الأنظمة آنذاك كانت مختلفة لكن بعد بعض التحولات بما فيها التحولات الحديثة وما جرى من أحداث في بلدان عربية أصبحت تلك الأنظمة شيئا فشيئا تتقارب سياسيا وتتقارب حول مشروع جمهوري واقع«. وأكد في ذات السياق أن التقارب الاقتصادي والتقارب الواضح على المستوى السياسي يدفع كل الأنظار للذهاب إلى الأمام وبصفة مستمرة وملموسة، قائلا بأن هذا الحلم »الذي نحلم به منذ زمن أصبح اليوم ضروري«، دون أن ننسى -كما أضاف- مواصلة مساندتها للأمين العام الأممي، كما أتمنى أن يلقى نداء ممثله الشخصي الذي وجهه إلى أعضاء مجلس الأمن آذانا صاغية من أجل »تعزيز أكثر للمفاوضات بين المغرب وجبهة البوليساريو« حول مسألة الصحراء الغربية. وبشأن مستقبل العلاقات الجزائرية الليبية بعد سقوط القذافي، أوضح مدلسي، أن العلاقات اليوم أصبحت شبه عادية، معلنا عن زيارات على مستويات بين البلدين في الأسابيع المقبلة ستسمح -على حد تعبير الوزير- بتقييم أوضاع البلدين » من زاوية جد أخوية وتضامنية وإيجايبية، والتصريحات التي تم تسجيلها للطرفين منذ أسابيع أو منذ شهور، تتركنا للتأمل. فنحن اليوم أمام شعب شقيق وجار ولا بد من التعاون معه في كل الميادين، بما فيها تلك الميادين التي لنا فيها تجربة، فلنا تجربة في المصالحة الوطنية ونحن نعتز بالمجهود الذي بذله الأخوة في ليبيا لوضع المصالحة الوطنية في ليبيا في صميم الأولويات المتاحة«. وتطرق مدلسي في محاضرة ألقاها أمام حضور من الدبلوماسيين والجامعيين والباحثين الروس، حيث كان ضيف المجلة الروسية »الحياة الدولية«، إلى الوضع الأمني الخطير الذي تشهده منطقة الساحل، محذرا من انتشار الأسلحة في المنطقة قائلا »أن الوضع في الساحل ازداد خطورة غداة أحداث ليبيا وانتشار الأطنان من الأسلحة المتطورة في كل بلدان المنطقة«. تحليله للوضع، مشيرا أن الوضع في الساحل الذي كان مبعثا للقلق مع آثار الفقر وتهريب الأسلحة والمخدرات زاد خطورة غداة أحداث ليبيا. وأوضح مدلسي أنه »ينبغي الاعتراف بأن منطقة الساحل تعاني من مشاكل التخلف واللاأمن التي يجب أن تحل بشكل جماعي وشامل لاسيما من خلال استقرار السكان المحليين وتحسين الظروف المعيشية«.