صوت أمس نواب المجلس الشعبي الوطني بالأغلبية على نشر تقرير لجنة التحقيق البرلمانية حول ندرة وارتفاع أسعار بعض المواد الغذائية ذات الاستهلاك الواسع في السوق الوطنية في جلسة علنية غاب عنها نواب الأفانا والاحرار، وغادرها نواب الدعوة والتغيير المنشقين عن حركة مجتمع السلم، ورافع فيها كمال رزقي رئيس اللجنة عن مصداقية وأهمية النتائج المتوصل إليها بعد ستة أشهر من البحث والتشريح والتحقيق مع جميع الاطراف، واصفا التقرير بالموضوعي، مفندا الشكوك المروجة حوله من كونه جاء من أجل تصفية حسابات أو لتبييض صورة أطراف معينة. أسفر التقرير الذي عرض على المصادقة للنشر دون نقاش على تحديد النتائج وسلسلة من التوصيات كما تضمن تصريحات لوزراء ومسؤولين في مؤسسات الدولة لهم علاقة بإنتاج أو توزيع المواد وكذا متعاملين اقتصاديين وخبراء وتجار جملة وما إلى غير ذلك . وأرجع ذات التقرير أسباب نشوب الأزمة التي أدت إلى أحداث مأساوية شهر جانفي الفارط إلى مجموعة من العوامل يتصدرها ارتفاع اسعار المواد الواسعة الاستهلاك في السوق العالمية، وما أسمته بالهيمنة وظاهرة المضاربة التي عرفتها السوق الوطنية مع تسجيل ضعف في الإنتاج وكذا استيراد ما لا يقل عن 70 بالمائة من هذه المنتوجات والتهريب وضعف الرقابة وغياب مجلس المنافسة كآلية لضبط السوق . ولم يغفل التقرير في تسليطه الضوء على ان اختلالات التوزيع تتحمل نصيبها من المسؤولية، وشدد نفس التقرير على التعجيل بالإستثمار المحلي لتفادي نشوب أزمة مماثلة مستقبلا. وذهب تقرير اللجنة الى التأكيد أن الخبراء الذين استمعت إليهم اللجنة ارجعوا نشوبها إلى جمود العرض وفرض استعمال الصك في التعاملات، بينما أسباب الأزمة في عيون المتعاملين تركزت حول ارتفاع الأسعار في السوق الدولية، ومن جهته المتعامل سيفتال أوضح أن من مسببات الازمة افتقاد تجار الجملة لوضعيات صحيحة، بينما اللجنة على ضوء تحقيقها خلصت إلى التأكيد على محدودية ما أسمته بإستقبال وتخزين المواد بسبب نقص المخابر للتحليل، ووقفت كذلك على عدم التوقف في التوزيع لهذه المواد خلال الاضطرابات التي عرفتها البلاد، على ضوء سلسلة من التصريحات يتصدرها أصحاب ومسؤولو الملبنات لما روج حول اختلال في التوزيع والتمويل. وتوصل التقرير إلى تشريح الهيمنة على السوق حيث ذكر ان 5 متعاملين يسيطرون على سوق الزيت و3 على أسواق السكر ولم يخف هيمنة المتعامل سفيتال على مادتي السكر وزيت الطعام فيسيطر على تمويل مادة السكر بنسبة 83,93 بالمائة في سنة 2010 و67 بالمائة خلال السداسي الأول من السنة الجارية . أما حصة سيفتال من تمويل السوق الوطنية فناهزت سنة 2010 نسبة 59 وفي السداسي الأول من سنة 2011 نسبة 52 بالمائة . وأبرز ما تضمنته شهادات الوزراء تصريح وزير التجارة مصطفى بن بادة الذي ارجع اسباب الإرتفاع المفاجئ لاسعار المواد الواسعة الإستهلاك وعلى رأسها السكر والزيت حسب التقرير إلى عوامل داخلية من بينها لجوء المتعامل سيفتال إلى فرض اجراءات انفرادية تقضي بإرغام تجار الجملة والموزعين بالجملة على اثبات ايداع الحسابات الإجتماعية مع الزامية حضور صاحب السجل التجاري مع فرض التعامل بالصك، بالإضافة إلى ما اسماه باقتناء تجار الجملة لكميات كبيرة من الزيت والسكر قبل نهاية سنة 2010، وبيع التجار للمخزون القديم بأسعار مرتفعة، وشدد على ضرورة تفعيل مجلس المنافسة، اما وزير الفلاحة رشيد بن عيس أكد للجنة أن مادة الحليب لم تعرف أي ندرة والارتفاع عرفته اسعار مسحوق الحليب في الأسواق الدولية، والتزم وزير المالية كريم جودي بتبني اجرائين على رأسه الحفاظ على دعم القدرة الشرائية وكذا إجراء الإعفاءات الجمركية. واعترف وزير النقل عمار تو خلال التقرير بان مصاريف الميناء لم تسجل أي زيادة في التسعيرة . وجاءت تصريحات وزير الصناعة محمد بن مرادي لتكشف حقيقة أن الإنتاج لم يتوقف خلال شهر ديسمبر 2010 وارجع الأزمة إلى الاختلالات في شبكة التوزيع والتموين . وقال المسؤول الأول عن مجمع سفيتال أن المجمع غير مهتم بالاحتكار لأنه يحتاج إلى المنافسة . واستعرضت لجنة التحقيق توصياتها وتمحورت حول تفعيل مجلس المنافسة وتعزيز مصالح الرقابة وتنظيم السوق الوطنية وانشاء الفضاءات التجارية وأسواق الجملة وتحسين التنسيق بين القطاعات للحد من الهيمنة وتشجيع زراعة البذور الزيتية وقصب السكر مع تشجيع الاستثمار في هذا المجال.